زعيم الحوثيين يؤكد استمرار العمليات البحرية
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
يمن مونيتور/ قسم الأخبار
أكد عبد الملك الحوثي زعيم جماعة الحوثي، الخميس، استمرار العمليات العسكرية لجماعته في البحر الأحمر، مشيراً إلى أن الضربات “الأميركية – البريطانية” لا تأثير لها وستدفع جماعته إلى تطوير قدراتها العسكرية.
وقال في كلمة متلفزة للحوثي، بثتها قناة المسيرة الفضائية التابعة للجماعة: إن “الضربات الأمريكية والبريطانية على اليمن فاشلة ولا تأثير لها، ولن تحدّ من قدراتنا العسكرية”.
وأشار إلى أن من “علامات الفشل الأمريكي والبريطاني في مهمة البحر الأحمر محاولة أمريكا طلب مساعدة الصين للتوسط وإقناعنا بوقف عملياتنا (هجمات البحر الأحمر وخليج عدن)”.
وأضاف أن “الصيني يدرك مصلحته أنها ليست في أن يسير تبعا للأمريكي، ويعرف ما يفعله الأمريكي في تايوان”، في إشارة إلى الخلاف بين واشنطن وبكين بشأن تايبيه.
وتابع: “على بريطانيا أن تأخذ الدرس من سفينتها التي احترقت من الليل إلى الليل وسيلحق بنفسها وباقتصادها الضرر من دون نتيجة”.
ومنذ 12 يناير الماضي، يشن تحالف تقوده الولايات المتحدة غارات يقول إنها تستهدف “مواقع للحوثيين” في مناطق مختلفة من اليمن، ردا على هجماتها في البحر الأحمر.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: البحر الأحمر اليمن زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
بين السويس وباب المندب: هل تسهم الدبلوماسية المصرية في استقرار اليمن؟
كتب / السفير الدكتور محمد قُباطي
في ظل التحولات المتسارعة في المحاور الإقليمية، تمتلك مصر فرصة تاريخية لإعادة صياغة استراتيجيتها في البحر الأحمر: من إدارة التهديدات إلى صناعة الاستقرار. وقد يكون اليمن أول اختبار حقيقي لهذا التحول.
*من التهديد إلى المبادرة*
يُعد البحر الأحمر اليوم أحد أكثر الممرات اضطراباً في الجغرافيا السياسية العالمية، ما يفرض على مصر ضرورة تبنّي استراتيجية استباقية وجريئة. فمصالحها واضحة: تأمين قناة السويس، حماية التجارة البحرية، وضمان استقرار الجناح الجنوبي للدولة. ورغم أن اليمن هو المسرح الرئيسي لتجليات انعدام الأمن في البحر الأحمر، إلا أن القاهرة نادراً ما تعاملت معه كساحة لمبادرات استراتيجية فعالة.
لسنوات طويلة، تذبذبت السياسة المصرية تجاه اليمن بين الحذر والانكفاء، متأثرةً بتجربة الستينيات القاسية، وصراعات المحاور الإقليمية، وتعقيدات التوازنات الخليجية. لكن الجمود لم يعد خياراً ممكناً. فمع تصاعد أدوار اللاعبين الإقليميين وهشاشة النظام الداخلي في اليمن، باتت أمن مصر القومي مرتبطاً ارتباطاً مباشراً بما يجري في محيط باب المندب.
*ضامن للاندماج المشروط*
تتمتع مصر بموقع فريد يمكّنها من أداء دور بنّاء في اليمن، لا من خلال الانحياز لطرف دون آخر في صراع متعدد الأوجه، بل عبر تبني نموذج جديد من الدبلوماسية العربية. فالكثير من القوى الوطنية اليمنية تخشى أن تبتلعها مشاريع إقليمية كبرى تطمس حدود السيادة وتضعف القرار المستقل. وهنا يمكن لمصر، بتاريخها العريق في بناء الدولة وممارسة الدبلوماسية، أن تطرح نموذجاً مغايراً قائماً على “الاندماج المشروط” بدلاً من التحالفات المفتوحة على المجهول.
ويعني ذلك دعم إعادة اندماج اليمن في المنظومة الخليجية السياسية والاقتصادية، دون التفريط بكرامة اليمنيين وحقهم في تقرير المصير. بوسع القاهرة أن تكون الضامن لأن لا تتحول شراكات الإقليم إلى تبعية، ولا الاندماج إلى إلغاء للهوية. مصداقية مصر التاريخية تمنحها القدرة على ترسيخ إطار يحفظ السيادة ويعمّق التعاون في آن واحد.
*قيود واقعية، وفرص استراتيجية*
لا شك أن مصر تواجه تحديات كبيرة: من ضغوط اقتصادية، إلى انشغالات ملحة في غزة والسودان، إلى ضعف تأثيرها المباشر على الأطراف اليمنية المتنازعة. ومع ذلك، فإن هذه القيود لا تعني غياب الخيارات الذكية.
يمكن لمصر تفعيل أدوات الدبلوماسية متعددة الأطراف، وإحياء آليات الجامعة العربية، والتنسيق مع عمان والأردن، وبناء جسور تعاون فعالة مع الشركاء الخليجيين. كما تستطيع توظيف قوتها الناعمة—من تدريب الكوادر الدبلوماسية، إلى مشاريع البنية التحتية، والتنسيق البحري—بدلاً من الانخراط العسكري أو المالي المباشر.
حتى المبادرات الرمزية—كاستضافة حوارات يمنية أو تسهيل فك الاشتباك البحري—يمكن أن تنقل الدور المصري من هامش الغياب إلى قلب الفعل.
*إعادة تخيّل الدبلوماسية*
المطلوب اليوم ليس فقط تعديل التكتيك، بل تغيير كامل في زاوية الرؤية. على مصر أن تعيد تموضعها لا كمراقب ساحلي، بل كقوة بحر أحمر لها مصالحها وحلولها. عليها الانتقال من ردود الفعل الظرفية إلى مبادرات هيكلية، تربط استراتيجيتها في البحر الأحمر بانخراط أعمق في إفريقيا، وبحماية قناة السويس، وبدور أكثر فعالية في صياغة النظام الإقليمي العربي.
وفي هذا السياق، لا ينبغي النظر إلى اليمن كملف معزول. بل هو معيار حاسم لقدرة مصر على استعادة دورها كقوة استقرار عربية في مواجهة انهيار الدول وتبدل التحالفات. فبمساعدة اليمن على أن يصبح شريكاً لا مجرد ساحة صراع، يمكن لمصر أن تحقق مصالحها وتستعيد موقعها القيادي، انطلاقاً من التوازن والسيادة والأمن الإقليمي.
*خاتمة: نافذة استراتيجية أمام القاهرة*
السؤال اليوم ليس ما إذا كانت مصر يجب أن تتحرك في الملف اليمني، بل ما إذا كانت ستغتنم هذه النافذة الاستراتيجية قبل أن يسبقها الآخرون في رسم معالم المرحلة المقبلة. مصر المترددة قد تُقصى، أما مصر المبادِرة فلها أن تصوغ النغمة وتحدد الاتجاه.
القاهرة أمام فرصة حقيقية لتحويل اضطراب البحر الأحمر إلى ميدان اختبار دبلوماسي. لكن ذلك يتطلب وضوحاً في الرؤية، وشجاعة في اتخاذ القرار، وقيادة تنبع من المبدأ لا من القرب الجغرافي فقط.
من السويس إلى باب المندب، قد تكون المياه مضطربة—لكنها، إن أحسنت مصر الإبحار، قد تقودها إلى تجديد دورها الاستراتيجي بامتياز.