الإدمان والجريمة والاقتصاد العربى
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
أصبحت قضية إدمان المخدرات المنتشرة على نطاق واسع فى العالم العربى مسألة مثيرة للقلق، لا سيما بسبب آثارها الاجتماعية والاقتصادية العميقة. هذه الظاهرة، التى تتصاعد بشكل ملحوظ بين الشباب، لم تعد مرتبطة بزيادة معدلات الجريمة فحسب، بل تنذر بتفكك البنية الأسرية وتهدم دعائم الاستقرار الاجتماعى والتنمية الاقتصادية والنمو على المستوى الوطنى.
وكانت الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات قد أشارت فى عام 2019 إلى الحجم المذهل لتجارة المخدرات العالمية، الذى تجاوز 800 مليار دولار سنوياً، وأنه تم غسل ما يقرب من 120 مليار دولار عبر الأسواق المالية العالمية والبنوك الكبرى. وتنوه التقارير العالمية بأن الدول العربية أصبحت بسبب موقعها الجغرافى الاستراتيجى، قناة مهمة فى هذه التجارة غير المشروعة، وأن معدلات الإدمان فيها ارتفعت إلى نحو 7-10%، غالبيتهم من الفئة الديموغرافية الشبابية. ويوضح المختصون أن تفاقم هذا الوضع ترجع أسبابه إلى التحولات الاجتماعية والظروف الاقتصادية الأخيرة التى أعادت تشكيل نسيج المجتمعات العربية، بما فى ذلك تآكل الأدوار العائلية التقليدية وانتشار الوصول غير المنظم إلى الإنترنت والقنوات الفضائية بين الأجيال الشابة.
فى منطقة الخليج العربى، وصلت معدلات استهلاك المخدرات إلى نسبة مثيرة للقلق بلغت 4.6%، متجاوزة تلك الموجودة فى الولايات المتحدة (2.2%) ودول أمريكا الجنوبية (2.5%). ويتبين أن الصراعات وعدم الاستقرار الاجتماعى والسياسى، وخاصة فى بلدان مثل العراق، أدى إلى زيادة تهريب المخدرات وتعاطيها. وتشير تقارير وزارة الصحة العراقية إلى ارتفاع معدلات الإدمان بشكل مثير للقلق بين الشباب، حيث يصل عدد المدمنين من ثلاثة إلى أربعة من بين كل عشرة ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا.
لا شك أن تأثير هذه التحديات على الاقتصادات الوطنية متعدد الأوجه. فاستنزاف موارد الصحة العامة، وفقدان الإنتاجية، وتحويل الأموال إلى أنشطة غير مشروعة، كلها عوامل تسهم فى زعزعة الاستقرار الاقتصادى. بالإضافة إلى ذلك، التكاليف الاجتماعية، بما فى ذلك زيادة معدلات الجريمة وتآكل الهياكل الأسرية، لها آثار طويلة المدى على تحقيق مستهدفات التنمية الاقتصادية المستدامة.
تتطلب المعالجة الفعالة لهذه المسألة استراتيجيات وطنية شاملة. ويعد التثقيف والتوعية بمخاطر إدمان المخدرات خطوات أولى مهمة. ولا بد للمؤسسات الأسرية والتعليمية أن تلعب دورها فى التدخل المبكر والوقاية. كما لا بد للخطط الوطنية أن تستثمر فى البنى التحتية وآليات التكيف الصحية مثل الأنشطة البدنية، والاستشارات، وممارسة الهوايات، كبدائل أساسية لتعاطى المخدرات.
كما يتعين على هذه الخطط مراعاة تنفيذ استراتيجيات قصيرة وطويلة الأجل، تشمل الإصلاحات التعليمية، وتكثيف الحملات الإعلامية، والتأكد من كفاية التدابير القانونية ضد الاتجار بالمخدرات واستخدامها. وينبغى أن تهدف هذه الاستراتيجيات أيضاً إلى تعزيز الروابط الأسرية ودعم الهياكل الأسرية المستقرة كحائط صد فعال ضد الإدمان والأمراض الاجتماعية المرتبطة به.
ختاماً، التفاعل بين الإدمان والجريمة والتفكك الأسرى فى العالم العربى يفرض تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة من انخفاض الإنتاجية، وزيادة تكاليف الرعاية الصحية، وتحويل الموارد الوطنية لمكافحة تهريب المخدرات والجريمة. الاستراتيجيات الوطنية يجب ألا تصمم للحد من الأزمة المباشرة فقط، بل إلى استقرار البيئة الوطنية الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإدمان والجريمة الاقتصاد العربى معدلات الجريمة
إقرأ أيضاً:
الإمارات تشارك في معرض «جيتكس أوروبا- برلين 2025»
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةتشارك دولة الإمارات في معرض «جيتكس أوروبا- برلين 2025» بوفد تترأسه معالي علياء بنت عبدالله المزروعي، وزيرة دولة لريادة الأعمال.
يقام المعرض في العاصمة الألمانية خلال الفترة من 21 إلى 23 مايو الجاري، بمشاركة نخبة من قادة الأعمال وصناع القرار ورواد التكنولوجيا من مختلف أنحاء العالم، حيث يُمثل منصة عالمية لاستعراض الحلول التكنولوجية المبتكرة، وبحث فرص التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الخضراء والاقتصاد الرقمي.
ويضم وفد الدولة 38 مشاركاً من ممثلي الجهات الحكومية المعنية بريادة الأعمال وتنمية قطاعات الاقتصاد الجديد، وأكثر من 21 من الشركات الإماراتية الناشئة ورواد الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة في الدولة، التي تعمل في مجالات الابتكار والتكنولوجيا والاقتصاد الأخضر، يستعرضون أبرز الحلول المبتكرة والمشاريع الريادية التي تسهم في تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، ودعم جهود التنمية المستدامة.
ويتضمن برنامج الزيارة، مشاركة معالي علياء المزروعي في الجلسة الافتتاحية للمعرض، إلى جانب سلسلة من اللقاءات الثنائية مع كبار المسؤولين في الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى لقاءات مع مجتمع ريادة الأعمال والتكنولوجيا الألماني، وجلسات نقاشية حول تعزيز بيئة ريادة الأعمال ودعم قطاعات التكنولوجيا والابتكار والاقتصاد الجديد.
آفاق جديدة
تأتي المشاركة في إطار جهود دولة الإمارات لتعزيز مكانتها العالمية في مجالات ريادة الأعمال والاقتصاد الرقمي والتقنيات المستقبلية، وفتح آفاق جديدة للتعاون مع شركائها في القارة الأوروبية، بما يدعم مستهدفات رؤية «نحن الإمارات 2031»، ويعزز دور الدولة كمركز عالمي للابتكار وريادة الأعمال. ومن المقرر أن تشهد الزيارة عدداً من الأنشطة البارزة، في مقدمتها استعراض مشاريع إماراتية مبتكرة، والمشاركة في جلسات نقاشية وورش عمل حول أحدث التقنيات، وبناء العلاقات والشراكة مع مجتمعات ريادة الأعمال الأوروبية، بالإضافة إلى زيارات ميدانية لأهم مراكز الابتكار في برلين، بهدف تعزيز التعاون الدولي وتبادل المعرفة ودعم ريادة الأعمال الإماراتية على المستوى العالمي.