أيكون صعبا أن نوازن بين ثلاثة حقول من المعرفة؛ فنغترف ما نشتهيه من الأدب والعلم والفلسفة دون أن ينازع أحدهما الآخر أم لابد لأحدهما أن يطغى ليبقى مهيمنا بسبب حضوره التخصصي مستغلا المعارف الأخرى يغترف من معين ثمارها المعرفية؟ اكتساب معارف وحيازتها مثل الأدب والفلسفة في مقابل هيمنة العلم -العلوم الطبيعية، وأبرزها الهندسة- وقوة قبضته المهنية تدريسا وبحثا - مثل حالة كاتب هذه السطور- لا يتحقق فيه التكافؤ في الاغتراف المتساوي بالقدر الذي يتساوَى فيه الشغف؛ فمع هيمنة العلم وسطوته عبر أخذه الكثير من الوقت جعل كلا من الفلسفة والأدب أدوات لخدمته دون فقدان عنصر العلاقة المستقلة -التي تسير بالعقل في كل من الحقلين بشكل مستقل- مع هذين الحقلين المعرفيين؛ إذ من السهل أن تجد نفسك تخوض مغامرة مع الفلسفة التي لا مبالغة إن قلنا إنها مهدّت الطريق إلى كشف ماهية العلم وبِنيته النسبية، وأما عن التجربة مع الأدب -الأدب العربي-؛ فتلك متعة تُكسب قربا من العربية وجمالها، وتعزز من سريان الأفكار وتواردها، وتزدحم بوجودها الألفاظ ازدحاما محمودا يوسّع من فُوَّهة المعنى وبلاغته.
أتوجد علاقة تصل بين الأدب والعلم والفلسفة؛ فتجعلهما في بَوْتَقَة واحدة أو تُجيز تمازجهما المُفضي إلى الاسْتِفَاضَة المعرفية؟ لا عجب أن تتداخل المعارف فيما بينها، وتجد نفسك بين محطاتها متنقلا، وحين تغادر واحدة يُكسبك الحنينُ رغبةَ الرجوعِ إليها؛ فتتداعى الأفكار سيّالةً ترشدك إلى مكامن الانسجام حيثُ الشعورُ الموحّد الذي يجعل من هذه المحطات الثلاث بَوْتَقَة واحدة في تأثيرها المعرفي والبنيوي. ليعذرني أهل الأدب والفلسفة إن لم أصلْ إلى وصفٍ يليق بمقام هذه الحقول المعرفية؛ فلستُ إلا شغوفا -لا متخصصا- يفتشُ عن ما يُسعِف بنات الأفكار التي تنبع من أسئلة العلم -الطبيعي- المتعلقة ببنية الوجود وقوانينه؛ حيث إن الفلسفةَ تعين على تجاوز المألوف من قوانين العلم وثوابته؛ لتحيل اليقين إلى منطقة الشك الأولى؛ فتتبدد الحتمية المطلقة بفعل مبدأ النسبية الذي يتناول المسألة العلمية ومشكلتها تناولا يأخذ منطلقاته من المنطق وأسئلة العقل المفتوحة غير المقيّدة بقوانين العلم الثابتة؛ فنرى مذهب أبي حامد الغزالي القائم على مبدأ الشك المنهجي الذي حاكم بواسطته حتمية المعرفة والعقل؛ ليهزم الفلسفة بمعيارها المنطقي -الذي بناه ليهدم به شكوكه؛ فيعلن عن فشل الفلسفة وعدم صلاحيتها-، ويتجاوزها إلى التصوّف الذي زهّده في الفلسفة، وتابع ديكارت هذا المنهج؛ فيكتب مقاله عن المنهج؛ حيث يشق بعصى الفلسفة بحر شكوكه التي لم تفضِ به إلى مغادرة الفلسفة -كما فعلت بالغزالي- بل آلت إلى وضع مبدأ «الضمان الإلهي»؛ ليكون معيارا للشك المنهجي وصِمَامَ أمان للمبدأ الإيماني؛ ليقررَ المنهج الديكارتي ثنائية العقل والجسد، وكذلك كانط ومثاليته المغلّفة بغطاء العقلانية والتجريبية التي أقام عليها معيار «الإيمان»؛ مما حدا بالفلسفة أن تتصالح مع الدين وأن تقيم حدا لصراع العقلانية والتجريبية، وهذا ما يمكّن الفلسفة أن تتداخل مع أيّ قضية وفكرة بما في ذلك قضايا العلم وأسئلته؛ فالسؤال الذي يولّده العقل الفلسفي في قضايا العلم الطبيعي يشعل شرارة تحترق بواسطتها عزيمة مستجدة للعلم وتفسيراته؛ فلولا الفلسفة وأسئلتها لما تحررت أفكار نيوتن وقوانينه في الحركة، ولولا الفلسفة لما تشكّل الخيال العلمي الذي انتهى -تدرجا- إلى واقع علمي ملموس، ولنا مثال واقع في الآلة وتطويراتها الرقمية التي آلت إلى ذكاء رقمي يفوق- في كثير من وظائفه- ذكاء الإنسان التي عبَرت من عتبة باب العقل الفلسفي الحالم المدجج بالأسئلة.
إن اِنْجَلَى ما بين العلم والفلسفة من اتصال وتمازج؛ فأين تصب مصلحة الأدب في ثنائية العلم والفلسفة؟ لا ينفصل الأدب عن خط العلم والفلسفة إن كان تدفقُ المعرفة وسريانه غاية؛ إذ يُحدثُ الأدب تأثيره في العقل العلمي والفلسفي من حيث قدرته على صناعة الاستفاضة اللغوية المُعبّرة عن مكنونات معارف العلم والفلسفة؛ ليخضعَ العلمَ والفلسفةَ إلى مسار تتوافد إليه مشاعرُ الأديب الناطق بعذب الكلام وأبلغه حتى بلوغ نشوة التجانس بين هذه المعارف كلها، وجاذبية الأدب العربي قديمه وحديثه تتعدى وصف الأستاذ شفيق جبري بأنه -مجرّد- «أُلهيَّة شريفة»؛ مما استدعى دفاع الأدباء عن الأدب وغاياته التي تتعدى الإلهاء -حتى لو كان إلهاءً شريفا- كما فعل الأستاذ علي الطنطاوي الذي فنّد هذا الوصف الذي يجعل من الأدب فاقدا لمعانيه السامية التي تتجاوز المتعة والتسلية، ويضاف إلى انتصار الطنطاوي للأدب وبيان أثره إسهامات عملاقة الأدب العربي وإبرازهم لمعاني الأدب العربي وعمقه البلاغي مثل عميد الأدب العربي طه حسين والرافعي والعقّاد والزيات ومحمد حسين هيكل وكرد علي عبر روائعهم الأدبية التي بمجرد أن تلجأ إليها فإنك تعيش تجربة خاصة من الممكن أن تُؤْدي بك إلى حدِّ إدمان هذه الروائع، ولا أنكر ما يمكن أن تُحدثه مؤلفات مثل مؤلفات الطنطاوي والرافعي والمنفلوطي والعقّاد وقبلهما الجاحظ -رغم كثرة الاستطرادات في أدب الجاحظ التي تُبعد اللبَ عن النُّجعة- من إدمان الرجوع إليها -بعد قراءتها- مرارا وتكرارا لما تحويه من جزالة في اللفظ والمعنى ولطافة في السرد الذي يصرف الملل.
ليس في الإقرار من بدّ لما يمكن أن يُحدثه تأثير الأدب العربي في عقل العامل في الحقل الأكاديمي خصوصا ذلك الذي يمتهن العلم تدريسا وبحثا؛ إذ سبق أن تحدثت عن أهمية رفد اللغة العربية في الحقل العلمي وتوسعة رقعتها التفاعلية التي تشمل المناهج والكتابة والتحدث في مقال سابق نُشر في جريدة «عُمان»، ومن البَدَهِيّ أن يُبقي الأدب العربي وعبر مطالعته المستمرة أثره العميق في العقل العلمي المدعوم بالتفكير الفلسفي، وهذا ما نجده واقعا في بعض الشخصيات العلمية العربية -الأكاديمية وغير الأكاديمية- التي لم تفقدْ حضورها اللغوي البعيد عن عُجْمَة اللفظ البارز للفصاحة الذي يعكس عمق المطالعة للغة وأدبها مع حضورها العلمي المتميز الذي لم يغبْ عن مفاصله المنهج الفلسفي الذي يبرز عبر عمق السؤال وغزارة الإنتاج العلمي، ونجد في المقابل من هم عكس ذلك بسبب التركيز المعرفي الأحادي اليتيم الذي أفقد صاحبها قدرات تفاعلية تمنحه القدرة في النهوض باللغة العربية وإعادة تأثيرها في الحقل العلمي، لا أعتبر هذا الطرح طلبا أدفع به جميع المتخصصين في الحقل العلمي ليسلكوه؛ فهناك من يرى كفايته بالعلوم الطبيعية بجانب معارف أخرى تستهوي شغفه، ولكن أرى حكم «فرض الكفاية» -استعمال هذا الحكم في هذا الموضع مجازا- في اجتماع الحقل العلمي والفلسفي والأدبي وتزاوجهما في العقل العربي ضرورة تؤدي مفعولها داخل المجتمعات، وما أحوجنا -نحن العرب- أن نرى العالِم الفليسوف الأديب موجودا في حضور معرفي واحد يسعى في نهضة مجتمعه وأمته يسير بها نحو الرفعة والتقدم.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الأدب العربی فی الحقل التی ت
إقرأ أيضاً:
عبد السلام فاروق يكتب: بين شك طه حسين وخيال عمار علي حسن.. هل يحتاج اليقين إلى أعداء؟
لو عاد طه حسين إلى الحياة اليوم، لوجد أن الحجر الذي ألقاه في بركة اليقين الراكدة قبل قرن من الزمان، لم يحدث دوائر مائية فحسب، بل فجر سلسلة من التسونامي الفكرية التي تتوالى حتى الآن. وعمار علي حسن هو أحد الذين التقطوا هذه الموجة، لكنه حولها إلى إعصار من الأسئلة الجديدة، التي تذكرنا بأن المعركة ذاتها تتجدد، لكن بسيوف مختلفة.
الخيال السياسي
في كتابه "الخيال السياسي"، يقدم عمار علي حسن فكرة تبدو للوهلة الأولى متناقضة: كيف يمكن للخيال – ذلك العالم الهش الذي ننسبه عادة إلى الأدباء والشعراء – أن يكون سلاحًا في مواجهة أزماتنا السياسية والاجتماعية؟ الجواب عنده بسيط في ظاهره، عميق في جوهره: "المجتمعات التي تفقد قدرتها على التخيل، تتحول إلى متاحف للماضي". هنا يلتقي مع طه حسين في الجوهر، وإن اختلفت الأدوات. فالأوّل شكك في الماضي لتحرير الحاضر، والثاني يدعو إلى تخيل المستقبل لإنقاذ الحاضر من سجن الماضي.
والسؤال الذي يفرض نفسه: هل يمكن أن ننظر إلى الخيال ليس كمجرد هروب من الواقع، بل كوسيلة لفهمه؟ التاريخ يكتب بأقلام المنتصرين، لكن الخيال يعيد كتابته بأقلام المهمشين. وهذا بالضبط ما فعله حسن في روايات مثل "جبل الطير"، حيث حول التاريخ المصري إلى لوحة سريالية تتداخل فيها العصور، وكأنه يقول: "الهوية ليست نصبًا تذكاريًا، بل نهرًا يجرف معه كل المحاولات لتجميده".
الواقعية السحرية
ما يفعله عمار علي حسن في أدبه هو إعادة تعريف العلاقة بين الواقع والمقدس. ففي "حكاية شمردل"، يدمج الأسطورة بالتاريخ، ليكشف أن ما نعتبره "حقائق مطلقة" هو في النهاية سردياتٌ تمت هندستها لخدمة سلطة ما. وهذا ليس بعيدًا عن مشروع طه حسين النقدي، لكنه يضيف بعدًا جديدًا: فإذا كان طه حسين قد كشف زيف بعض الروايات التاريخية، فإن حسن يظهر كيف تختلق الروايات البديلة وتوظف لصنع تابوهات جديدة.
وهنا نصل إلى مفارقة لافتة: في عصرنا الرقمي، حيث يفترض أن تنفتح الآفاق أمام حرية الفكر، نجد أن التابوهات لم تختف، بل تغيرت أشكالها. فـ"الكفر" صار يدعى "تطرفًا"، و"الحرية" صارت "تبعية للغرب". وفي هذا السياق، يصبح الأدب – كما يراه حسن – "مشرطًا" لا يكشف عن الأوهام فحسب، بل يشرح آليات صناعتها.
المثقف العضوي
عمار علي حسن، مثل طه حسين من قبله، يرفض أن يكون المثقف مجرد ناقل للمعارف، بل يرى فيه "حارسًا للحقيقة" في زمن التزييف. لكن الفارق الجوهري بينهما هو أن حسن يعيش في عصر أصبحت فيه "الحقيقة" سلعة قابلة للتشويه والإعادة، بفضل وسائل التواصل الاجتماعي والأجندات السياسية. في سيرته "مكان وسط الزحام"، يروي كيف تحول من أكاديمي هادئ إلى كاتب يخوض معارك فكرية شرسة، وكأنه يعيد إنتاج صراع طه حسين مع المؤسسة الأزهرية، لكن في سياقٍ أكثر تعقيدًا: فعدو الفكر اليوم ليس مؤسسة واحدة، بل شبكة من الخطابات المتصارعة التي تلبس ثياب الحرية وهي تقمعها.
التابوهات الجديدة
في كتابه "التنشئة السياسية للطرق الصوفية"، يكشف عمار علي حسن عن آليات صناعة التابوهات في العصر الحديث. فإذا كان طه حسين قد حارب تابوهات الماضي الدينية والتاريخية، فإن حسن يظهر كيف تستبدل هذه التابوهات بأخرى جديدة: "الخط الأحمر" لم يعد فقط الدين أو التاريخ، بل صار "الأمن القومي" أو "الاستقرار" أو حتى "الحداثة" نفسها!
وهنا يبرز سؤال مركزي: هل ننتقد الماضي بينما نقدس حاضرنا؟ يبدو أن بعض النخب العربية، بعد أن حررت نفسها من تابوهات الدين، وقعت في فخ تبجيل "الحداثة" كدين جديد، حيث يرفض أي نقد لها تحت شعار "معاداة التقدم". وهذا بالضبط ما يحذر منه حسن حين يقول: "الثقافة الحية هي التي تشكك حتى في أدوات تشكيكها".
الأدب بين كسر التابوت وبناء العالم
إذا كان طه حسين قد علمنا أن نشك، فإن عمار علي حسن يعلمنا أن نتخيل. المشروعان ليسا متناقضين، بل هما وجهان لعملة واحدة: عملة التحرر الفكري. الفرق هو أن طه حسين حطم الأصنام القديمة بأدوات النقد التاريخي، بينما حسن يعيد تشكيل العالم بأدوات الخيال والسرد.
يبقى السؤال الذي يلاحقنا: هل يمكن أن نصنع يقينًا جديدًا قائمًا على قبول الأسئلة، بدلًا من البحث عن إجابات جاهزة؟ ربما تكون الإجابة في مقولة لعمار علي حسن نفسه: "الثقافةُ الحقيقية هي التي تتحول فيها الأسئلة إلى أصدقاء، لا إلى أعداء". وهذا، في رأيي، هو الإرث الحقيقي لطه حسين الذي استأنفه حسن ببراعة: أن نعيش في حالة من اللايقين الخلاق، دون أن نيأس من إمكانية الفهم.
فهل نحن مستعدون لهذه الرحلة؟ التاريخ – أو بالأحرى، خيالنا عن التاريخ – سيحكم.
الخيال وتشكيل الوعي الجمعي
في عالم عربي تغلب عليه الخطابات الجاهزة واليقينيات المغلقة، يأتي مشروع عمار علي حسن ليقول: "لا خلاص من أزماتنا إلا بإطلاق العنان للخيال". لكن هذا الخيال ليس هروبا من الواقع، بل هو تمرد على التفسيرات الأحادية التي تختزل فيها الحقائق إلى شعارات. ففي روايته "جبل الطير"، لا يكتفي الكاتب بإسقاط التاريخ القديم على الحاضر، بل يخلق حوارا بين العصور، وكأنه يذكرنا بأن مشكلاتنا ليست وليدة اليوم، بل هي حلقة في سلسلة من الصراعات المتجددة على السلطة والمعنى.
الأدب وسؤال الهوية
إذا كان طه حسين قد طرح سؤال الهوية عبر نقض الروايات التاريخية (كما في "في الشعر الجاهلي")، فإن عمار علي حسن يعيد صياغة السؤال نفسه بطريقة وجودية: "من نكون؟" ليست إجابة جاهزة في كتب الماضي، بل هي رحلة نصنعها يوميا عبر السرد. في "باب رزق"، يصوغ الكاتب هوية المهمشين ليس كضحايا، بل كأبطال لحكاياتهم الخاصة. هنا، يصبح الأدب فضاء للانتماء المتخيل، حيث تبنى الهوية من الأسفل، لا من فوق.
وهذا يذكرنا بمقولة إدوارد سعيد: "الهوية ليست شيئا نكتشفه، بل شيئا نبتكره". لكن عمار علي حسن يذهب أبعد من ذلك ليقول: "الهوية ساحة معركة"، حيث تختزل أحيانا إلى أيديولوجيا، أو تستخدم كسلاح سياسي. ففي العالم العربي، حيث تحتكر "العروبة" أو "الإسلام" من قبل خطابات رسمية، يصبح الأدب وسيلة لاستعادة هذه المفاهيم من براثن التسييس.
المثقف في عصر السوشيال ميديا
في زمن "التريندات" و"الإعجابات"، يطرح سؤال وجودي عن دور المثقف. عمار علي حسن، في "مكان وسط الزحام"، يقدم نموذجا للمثقف العضوي الذي لا ينعزل في أبراج عاجية، لكنه أيضا لا يذوب في ضجيج السوشيال ميديا. الكتابة عنده فعل مقاومة ضد الابتذال، لكنها أيضا محاولة لفهم التحولات الجذرية في طبيعة المعرفة والسلطة.
فإذا كان المثقف التقليدي (كما في عصر طه حسين) يواجه سلطة الدولة أو المؤسسة الدينية، فإن مثقف اليوم يواجه سلطة الخوارزميات التي تتحكم في ما نقرأ ونرى. وهنا، يصبح دور الأدب أكثر تعقيدا: ليس فقط كشف الزيف، بل اختراق فقاعات التلقين الرقمي.
هل نحن أمام مشروع ثقافي جديد
المشروع الفكري لـ عمار علي حسن لا يقتصر على النقد أو الإبداع، بل هو محاولة لصنع لغة ثالثة تتجاوز الثنائيات البالية: تراث/حداثة، دين/علمانية، محلي/عالمي. لغته تذكرنا بأن الأدب ليس ترفا، بل ضرورة للبقاء في عالم يزداد تعقيدا.
وفي النهاية، يلخص الدكتور عمار علي حسن رؤيته بمقولة عميقة: "لا نقد بلا خيال، ولا خيال بلا شجاعة". ربما هذا هو الدرس الأكبر الذي يقدمه لنا: أن النقد الحقيقي يبدأ عندما نجرؤ على تخيل عالم مختلف، لا عندما نكتفي بهدم العالم القديم.
فهل نجرؤ؟