الدور التدميري لبني إسرائيل في ضياع العلوم والمعارف على مر العصور
تاريخ النشر: 30th, June 2025 GMT
في زمنٍ تتسابق فيه الأمم إلى قمم التقدُّم العلمي وتباهي الحضارة، تتهاوى القيم من عليائها، كأوراق خريفٍ أكلها الجفاف، وتتصدّع المبادئ في داخل أروقة الجامعات والمختبرات، كما تتشقق الصخور تحت وطأة الرياح العاتية. هذا هو المشهد العالمي كما صوّره الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي – رضوان الله عليه، لا بعيون السياسيين، بل ببصيرة الهُداة الربانيين الذين ينفذون إلى جوهر الأشياء لا إلى مظاهرها.
لقد امتلكت كثيرٌ من الدول علومًا باهرة، ومعارف متقدمة، واحتضنت في ساحاتها علماء ومفكرين، لكن ما كان مصيرها؟ أكانت تلك الحضارات زهراتٍ تتفتح في بستان الإنسانية؟ كلا، بل أضحت رمادًا يُذرّى في مهب الريح، لأنها قامت على أساسٍ مائل، لا يستقيم، وتحرّكت دون مرشدٍ من الله يهديها سواء السبيل.
يشخّص الشهيد القائد ببراعةٍ نادرة المرض الحقيقي الذي يفتك بالجسد الحضاري: إنهم بنو إسرائيل، أولئك الذين حرفوا الرسالات، وحرّفوا الكتب، وقتلوا الأنبياء، هم أنفسهم من يسيطرون اليوم على مفاصل القرار، ويقودون دفة العالم نحو الخراب، لا بالسلاح وحده، بل بما هو أخطر: بالعلم الموجَّه، والمعرفة المُسيَّسة، التي تُسخّر لهدم الأمم لا بنائها.
بنو إسرائيل لم يتركوا أداة إلا وحرّفوها، ولم يمسكوا علمًا إلا وسمّموه، فجعلوا من الجامعات مصانع لتخريج أدواتهم، ومن مراكز الأبحاث ساحاتٍ لصياغة خطط التدمير، ومن العلماء خدَماً لأهوائهم، وإن لبسوا ثياب النبل والزهد. ضُربت المصالح، وضُربت المؤسسات، وضُربت الأمم، لأن زمام المعرفة أُعطي لأعداء الهداية، ومَن خانوا العهد مع الله.
فما قيمة حضارةٍ لا تقوم على التقوى؟ وما جدوى العلم إن لم يُقِم للحق ميزانًا؟ العلم بغير هدى كسيفٍ في يد سكران، يضرب في كل اتجاه، ولا يُبقي ولا يذر، وقد رأينا كيف تسير اليوم الأمم إلى الحروب كما يسير النائم إلى هاويته، لا يدري أين المفرّ ولا أين المآل.
ويا للعجب! الذين يتقدّمون في التكنولوجيا هم أنفسهم يغرقون في مستنقع الانهيار الأخلاقي، والذين يرفعون راية “الحرية” يقيّدون العالم بأغلال التبعية. فهل هذه حضارة، أم أنها عودة إلى جاهليةٍ جديدةٍ ترتدي ثياب الحداثة؟! إن الشهيد القائد كشف القناع عن الوجوه، وقالها بوضوح: الذين دمّروا الحضارات السابقة هم أنفسهم اليوم من يُديرون لعبة العالم.
ولم يكن هذا التشخيص إلا امتدادًا لنور القرآن، الذي أخبرنا عن مكائد بني إسرائيل، وألاعيبهم التي لا تنتهي، فهم حيثما حلّوا، زرعوا الفتنة، وأحرقوا الزرع، ولوّثوا النبع، ولا عجب أن يواصلوا ذات الدور بأساليب أكثر خبثًا، وبوسائل تبدو براقة لكنها مدمّرة في جوهرها.
إن الضمانة التي تحفظ العلم من التحريف، والحضارة من السقوط، ليست في كثرة الجوائز ولا في عدد المختبرات، بل في أن يُربط العلم بالله، وأن يُهتدى به لا أن يُضل به، لأن الهُدى هو الميزان، وبدونه يصبح العقل عدوًا لنفسه، والمعرفة سلاحًا يرتد على صدور الأمم.
ومن هنا، نُدرك المعنى العميق في قول الشهيد القائد: إن من أعظم الضمانات لاستمرار الحضارات هو الهُدى الإلهي، الذي يربط العلم بالحق، ويربط التقدّم بروح الإنسان، ويمنع المعارف من أن تتحول إلى مطايا للطغاة، أو أدوات بيد بني إسرائيل، ينفثون من خلالها سمومهم في جسد العالم.
فمن اتّخذ الهدى سراجًا، أفلح وأشرق، ومن أعرض عنه، فمهما بلغ من التطور، فمصيره كمن بنى قصرًا على كثيب، لا يلبث أن ينهار إذا عصفت به رياح بني إسرائيل، أولئك الذين كانوا وما زالوا خنجرًا مسمومًا في خاصرة الحضارات.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
تظاهرات في تعز وصنعاء تنديدا باغتيال الشهيد أنس الشريف ورفاقه
احتشد آلاف اليمنيين، الأربعاء، في مدينتي تعز وصنعاء في تظاهرات رفضا للإبادة الجماعية المتواصلة في قطاع غزة، وتنديدا باغتيال إسرائيل لمراسل قناة "الجزيرة" أنس الشريف، ورفاقه.
وشارك آلاف الطلبة والأكاديميين، في مظاهرة حاشدة بجامعة صنعاء، أكبر جامعات البلاد، تنديدا باغتيال إسرائيل الشريف، ورفاقه، ورفضا للإبادة الجماعية المتواصلة في غزة، وفقا لوكالة الأناضول.
ونظمت المظاهرة، التي جاءت تحت شعار "مستمرون في إسناد غزة" رئاسة الجامعة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين منذ 2014، والتي تعتبر أهم جامعات البلاد.
كما رفع المشاركون الأعلام الفلسطينية واليمنية ولافتات تستنكر مجازر الإبادة الجماعية، مرددين الهتافات والشعارات المنددة بسياسة التجويع الإسرائيلية بحق سكان غزة، على مرأى ومسع العالم.
وذكر بيان عن الجهة المنظمة للمظاهرة، أن "استهداف العدو الصهيوني للصحفيين هي محاولة فاشلة لتغطية جرائمه الشنيعة في حق الأبرياء على مرأى ومسع العالم".
وحذر البيان الذي تمت تلاوته خلال المظاهرة، "ما يُحضر له العدو الصهيوني من توسيع عدوانه على قطاع غزة، واستمرار حصاره وإبادته وجرائمه الوحشية بحق مليوني إنسان".
وفي مدينة تعز، خرجت مسيرة حاشدة تنديدا باستمرار الإبادة الجماعية والتجويع وقتل الصحفيين في قطاع غزة.
وشارك مئات اليمنيين في مسيرة جابت شارع جمال أكبر شوارع مدينة تعز الواقعة تحت سلطة الحكومة المعترف بها دوليا، بتنظيم من الهيئة الشعبية لنصرة قضية فلسطين.
كما رفع المتظاهرون الأعلام اليمنية والفلسطينية وصور أنس الشريف وزملائه، وتندد بمخططات احتلال غزة.
وردد المتظاهرون هتافات "غزة يا رمز العزة.. بالروح بالدم نفديك يا أقصى.. بالروح بالدم نفديك يا فلسطين".
وقال بيان صادر عن المسيرة إن" الجرائم الإسرائيلية الأخيرة، ومن بينها اغتيال أربعة صحفيين فلسطينيين في غزة، تفضح زيف الشعارات الغربية حول حقوق الإنسان، وتكشف انحدارا أخلاقيا خطيرا لدى الحكومات التي تدعم الكيان الصهيوني بالمال والسلاح" وفق وكالة الأناضول.
وأضاف أن "هذه الممارسات تمثل تهديدا للقيم الإنسانية، وتعكس عقلية أدمنت القتل ونشر الفوضى"، داعيا "الحكومات العربية إلى استمرار دعمها للشعب الفلسطيني و تبني قضيته في المحافل الدولية".
وبدعم أمريكي، ترتكب دولة الاحتلال منذ السابع تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و722 شهيدا و154 ألفا و525 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 235 شخصا، بينهم 106 أطفال.