وكالات

مع اشتعال التوترات الإقليمية وتفاقم الأزمات الاقتصادية في الشرق الأوسط، يتوقع محللون أن تشهد أسعار السلع والغذاء ارتفاعات كبيرة خاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي يحل بعد نحو 40 يوما.

ورغم تباين الأوضاع الاقتصادية بين الدول العربية، وتأثيرات ما يحدث في المنطقة عليها، إلا أن هناك تخوف من “أسعار ملتهبة” في رمضان المقبل، وفق ما أكد محللون وخبراء اقتصاديون تحدثوا لـ “الحرة”.

ويشير محللون إلى أن أسباب ارتفاع السلع والغذاء في الدول العربية، محلية بسبب وجود احتكارات وهيمنة وشح السلع في بعض الأسواق أو لزيادة الطلب عليها، أو أسباب مستوردة، بسبب ارتفاع أسعار السلع في مصدرها أو زيادة تكاليف نقلها بسبب التوترات التي تحصل في المنطقة.

ويشن الحوثيون في اليمن منذ نوفمبر الماضي هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها، بحجة التضامن مع قطاع غزة الذي يشهد حربا بين حركة حماس وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر.

وتعيق هجمات الحوثيين حركة الملاحة في البحر الأحمر الذي يمر عبره 12 في المئة من التجارة العالمية، وتسببت بمضاعفة كلفة النقل، نتيجة تحويل شركات الشحن مسار سفنها إلى رأس الرجاء الصالح، في أقصى جنوب إفريقيا الذي يطيل الرحلة بين آسيا وأوروبا.

وشنت إسرائيل الحرب بعد هجوم غير مسبوق نفذته حماس في 7 أكتوبر في إسرائيل وأدى إلى مقتل نحو 1140 شخصا معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.

وتأتي هذه التحديات الجديدة في أعقاب جائحة كوفيد-19 وأزمة التضخم التي تفاقمت بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، وأدت إلى تعطيل سلاسل الإنتاج والتوريد بشكل كبير في جميع أنحاء العالم.

ويخشى رجال الأعمال أن يسبب ذلك ضغوطا تضخمية في بلد كان يتوقع أن يصل فيه التضخم إلى مستوى منخفض يبلغ 2.6 بالمئة هذا العام، وفقا لوكالة رويترز.

كبير المحللين في مجموعة “سي أف أي” المالية، مهند عريقات يقلل من المخاوف من ارتفاع أسعار الغذاء خلال الفترة القليلة المقبلة، مشيرا إلى أن أسعار الغذاء بحسب منظمة الغذاء العالمية “فاو” تراجعت لأدنى مستوياتها في ثلاثة أعوام.

وقال في رد على استفسارات موقع “الحرة” أن ما يحدث في البحر الأحمر “يخلق ضغوطا تضخمية خاصة للدول العربية التي تعتمد على تزوديها بشحنات السلع عبر سفن الشحن، والتي زادت تكاليفها بأكثر من 150 في المئة في بعض الحالات”.

ولا يتوقع عريقات “أن تشهد الأسواق العربية ارتفاعات كبيرة وواضحة على معدلات التضخم، وخاصة أن أسعار النفط أيضا تواصل تراجعها المستمر، وبالتالي يتوقع استقرار الأسعار باستثناء الارتفاع المعتاد في بداية كل رمضان بسبب زيادة الطلب المفاجيء”.

أسعار المحروقات في رمضان

الخبير في قطاع النفط، عامر الشوبكي قال إن هناك مخاطر “جيوسياسية جديدة في المنطقة، والتي تهدد بالمزيد من الضغوط التضخمية على الاقتصادات العربية، حيث تحجم حاليا 12 شركة شحن بعضها متخصص بنقل النفط عن عبور البحر الأحمر”.

وأضاف أن التأثير حتى الآن “لا يزال محدودا إذ لم تتأثر أسعار النفط إلا بشكل طفيف، رغم ارتفاع المخاطر في البحر الأحمر، ولكن هناك تخوف من اتساع رقعة الصراع، خاصة إذا استهدف مضيق هرمز أو مناطق إنتاج النفط”.

وذكر أن التأثير قد يطال شحنات السلع التي زادت تكاليف شحنها أو أنها ستتأخر بسبب تغيير مسارها، أو بسبب تغير أساليب الشحن ليتم نقل الشحنات عبر البر والتي ستمر العديد من الدول قبل وصولها.


وتحدث الشوبكي عن عدة سيناريوهات قد تطال أسعار النفط خلال الفترة المقبلة أو خلال رمضان “ففي حال لم نر ردا من الحوثيين على الضربات الغربية سيكون هناك تهدئة واستقرار في أسعار النفط، أو قد نشهد زيادة كبيرة في الأسعار ما إذا استهدف الحوثيون منشأت النفط في الخليج، أو إصابة سفن في مضيق هرمز أو منع دخول السفن عبر مضيق باب المندب”.

ويبدو أن الضغوط التضخمية ستطال العديد من المناطق حول العالم بسبب ما يحصل من توترات في الشرق الأوسط.

وحذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد في تصريحات مؤخرا من أن التوتر في الشرق الأوسط واضطراب الملاحة في البحر الأحمر يمكن أن يؤديا إلى رفع معدلات التضخم مجددا.

وقالت للصحفيين في فرانكفورت إن “المخاطر التي قد تؤدي إلى زيادة التضخم تشمل ارتفاع منسوب التوترات الجيوسياسية خصوصا في الشرق الأوسط والتي قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة وتكاليف الشحن في الأمد القريب وتعرقل التجارة العالمية”.

وكان وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير قد حذر من “الخطر الاقتصادي الأول” في العالم وهو “جيوسياسي”، مسلطا الضوء على “عودة الحرب في مناطق العالم وعلى الأراضي الأوروبية”، بحسب وكالة فرانس برس.

بعد مرور ما يقرب من عامين على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، يشهد الشرق الأوسط تضاعف مناطق التوتر في سياق الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة.

وحذر الوزير من أن “الصراع في الشرق الأوسط، وتزايد انعدام الأمن في الممر الملاحي في البحر الأحمر، ووقوع حادث في مضيق تايوان، من شأنه أن يثير تساؤلات حول الاستقرار الدولي ويكون له تأثير دائم على التجارة العالمية”.

وكانت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي قد حذرت أواخر العام الماضي أنه اشتدت الحرب في الشرق الأوسط واتسعت رقعتها، فإن تأثير انتقالها على الاقتصاد العالمي قد يكون بشكل رئيسي من خلال أسعار النفط والغاز.

وأشارت إلى أن ارتفاع سعر البرميل بمقدار 10 دولارات قد يؤدي إلى زيادة التضخم العالمي 0.2 نقطة في العام الأول وانخفاض النمو 0.1 نقطة.

وأضافت أن التجارة قد تتأثر بشكل كبير بسبب وجود طريقين تجاريين دوليين في منطقة الصراع هما مضيق هرمز وقناة السويس.

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: فی الشرق الأوسط فی البحر الأحمر أسعار النفط

إقرأ أيضاً:

خبير اقتصادي: التصعيد بين إسرائيل وإيران يرفع أسعار الذهب والنفط والغاز

قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية، بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن استمرار موجة التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران ينذر بعواقب وخيمة تطال الأسواق الإقليمية والعالمية ويهدد الاقتصاد والاستقرار المالي لدول منطقة الشرق الأوسط.

وأوضح الخبير الاقتصادي ، أنه خلال أول يوم من بدء ضرب الكيان الصهيوني لإيران ثم الرد الإيراني عليها ، قد قفزت أسعار الذهب والنفط والغاز قفزة كبيرة، موضحا أن استمرار التصاعد بينهما يؤثر مباشرة على حركة رؤوس الأموال خاصة في الأسواق الناشئة ودول الشرق الأوسط, لأن الاستثمارات الأجنبية تعتمد بالأساس على الاستقرار السياسي والأمني وهي أهم شروط النمو الاقتصادي واستقرار أسواق المال .

وأوضح غراب، أن التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران أدى إلى ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 12% ليكسر حاجز 75 دولارا للبرميل ، وتوقعات بأن يصل إلى أكثر من 100 دولار إذا استمر التصعيد في ظل مخاوف من تعطل الإمدادات أو تعرض منشأت الطاقة لهجمات محتملة، كما قفزت أسعار الذهب ليبلغ 3438  دولار للأوقية وقد يصل إلى 3500 دولار خلال أيام قليلة، موضحا أن تصاعد الحرب بين الجانبين يؤثر على حركة الملاحة في مضيق هرمز الذي يمر منه نحو 20% من صادرات النفط العالمية، ومضيق باب المندب الذي يمر منه نحو 6 مليون برميل نفط وغاز يوميا، والذي إذا تعرض الممرين الملاحيين للإغلاق سيصيب حركة التجارة العالمية بشلل تام وسيرفع من تكلفة النفط والغاز والشحن والتأمين لمستويات غير مسبوقة .

وأشار غراب، إلى أن التصعيد العسكري بين الجانبين سيؤدي إلى اضطراب في سلاسل الإمداد وحركة التجارة العالمية ورفع تكاليف الشحن والتأمين ما يؤدي إلى رفع تكلفة التجارة العالمية والتجارة في الشرق الأوسط ورفع أسعار السلع الأساسية الاستراتيجية والخدمات وزيادة الضغوط التضخمية, خاصة في الدول المستوردة للطاقة والسلع الغذائية.

ولفت إلى أن التذبذب الحاد في الأسواق يؤثر مباشرة بالضرر على الأسهم العالمية لعدم استقرار عملية التسعير, كما أن استمرار التصعيد يؤثر بلا شك على قرارات البنوك المركزية في تحديد سعر الفائدة خلال الفترة المقبلة .

وتابع غراب، أن تصاعد هذه الحرب ستؤثر تداعياتها الاقتصادية مباشرة على الدول المستوردة في ظل زيادة الاضطرابات المحتملة في أسعار النفط والغاز خلال الفترة القادمة، إضافة إلى تأثيره الجزئي بالسلب على حركة الوفود السياحية بمنطقة الشرق الأوسط، وزيادة الضغط على العملات المحلية، في ظل اتجاه المستثمرين إلى الاستثمار في الملاذات الآمنة في الذهب والدولار والين الياباني وغيرها.

ونوه أن هذه التوترات الجيوسياسية تؤدي لتراجع مصادر العملة الصعبة في دول الشرق الأوسط ، ما يؤدي لتراجع العملات المحلية ما يؤثر على تراجع حجم وارداتها والاستيراد بتكلفة أعلى ، وبالتالي زيادة في سعر السلع بالأسواق وزيادة الضغوط التضخمية.

طباعة شارك الذهب النفط التوترات العالمية

مقالات مشابهة

  • تصعيد يهدد الاقتصاد العالمي.. أسعار النفط والغذاء إلى ارتفاع وتضخم عالمي وشيك
  • توترات الشرق الأوسط تهزّ الأسواق.. ارتفاع النفط وهبوط الذهب قرب القمم التاريخية
  • بريطانيا تترقب ارتفاعًا في أسعار الوقود بسبب التصعيد الإسرائيلي ـ الإيراني
  • ارتفاع أسعار الغاز الأوروبية مع تصاعد الصراع في الشرق الأوسط
  • منطقة الشرق الأوسط تشتعل.. والذهب يعيد تشكيل خريطة الأسواق العالمية والمحلية
  • ارتفاع أسعار السلع والطاقة.. تقرير برلماني يكشف تأثر الاقتصاد المصري بالأحداث العالمية
  • مخاوف بين المستثمرين من تصعيد في الشرق الأوسط تعيد الدولار كملاذ آمن
  • خبير اقتصادي: التصعيد بين إسرائيل وإيران يرفع أسعار الذهب والنفط والغاز
  • الذهب يرتفع 3.7% بسبب توترات الشرق الأوسط
  • مع تواصل التوترات في الشرق الأوسط… استمرار ارتفاع أسعار النفط العالمية