منع رَدِّ الأيدي في الأفواه.. في كرة القدم!!
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
بعدَ مباراةِ ناديي النَّصر السعوديِّ، وإنتر ميامي الأمريكيِّ، التي جرتْ ليلة الخميسِ الماضي، توجَّه لاعبُ إنتر ميامي الإسبانيِّ سيرجيو بوسكيتس إلى حَكَمَةِ المباراةِ السويسريَّة أستير تسوبلي، رادًّا يدَهُ في فِيهِ، ومُتفوِّهًا لها ببعضِ الكلامِ؛ ليأتِيَ مدرِّبُه الأرجنتينيُّ جيرارد مارتينيو ويدفعهُ، ويتكلَّم مع الحَكَمَة مُعتذِرًا لها، ومُحتجًّا على ما يبدُو على إشهارِهَا لبطاقةِ الإنذارِ الصَّفراء لبوسكيتس، بعدَ شجارِهِ مع لاعبِ النَّصر نوَّاف بوشل خلال المباراةِ!.
وعندمَا يردُّ اللَّاعبُون أيديَهم في أفواهِهِم أثناءَ حديثِهم مع بعضِهم بعضًا، سواءً كانُوا زملاءً أو خصومًا، أو أثناءَ حديثِهِم مع الحُكَّام، هو مقصودٌ وله مغزَى، إذْ يعرفُونَ أنَّ الكاميراتِ تُصوِّرهم، وهناك مَن لا يسمعُهم خارجَ الملعبِ، ولكنْ يُقرأ شفاههم من المسؤولِينَ عن المبارياتِ، فإذَا مَا تطاولُوا باللَّفظِ على خصومِهِم وعلى الحُكَّامِ، أو شتمُوهم، فسيُعاقبُونَ على سوءِ السُّلوكِ، بما فيهِ من غراماتٍ ماليَّةٍ أو إيقافاتٍ، ولهذَا يردُّون أيديَهم في أفواهِهم بغرضِ الوقايةِ، التي هي خيرٌ من العلاجِ.
لكنْ يا تُرَى، ما الَّذي تفوَّه بهِ هذا البوسكيتس الذي هُزِمَ ناديه من النَّصر بنصفِ درزنٍ من الأهدافِ، رغمَ وجودِ الأسطورةِ «ميسي» معَهُ؟، هل قال لهَا: أنتِ مكانكِ ليس في ملاعب كرة القدم؟ أم أنتِ مِن سويسرا الجميلةِ لكنَّكِ قبيحةٌ؟، أو: أنتِ عمركِ ٤٤ سنةً، فاذهبي وارعي أحفادَكِ بدلًا من تحكيمِ مبارياتِ الرِّجالِ؟، لا أعلمُ، والعلمُ عندَ اللهِ، ثمَّ عندَ حضرةِ الحَكَمَةِ التي اقتحمتْ عالمَ الرِّجالِ في زمنِ المساواةِ الكاملةِ بين الرَّجلِ والمرأةِ!.وبعيدًا عن المباراة، فإنَّ ردَّ الأيدي في الأفواه مذكورٌ في القرآن الكريم باللفظ الكامل، وكان الكفَّار يفعلونه عندما يعظهم ويدعوهم أنبياؤهم إلى الإسلام والإيمان، فيعضون أناملهم من شدَّة غيظهم وحنقهم على الأنبياء، ويتفوَّهون بما لا يرضي الله؛ الذي يعلم سرَّهم ونجواهم، وهمسهم وجهرهم، ولهذا فهو، أي رد الأيدي في الأفواه، فعل ممقوت، ولا يُقصدُ به شيءٌ حسنٌ، وأقترح منعه في ملاعبنا، بل في كلِّ ملاعبِ العالم، فلعبةُ كرةِ القدمِ لعبةٌ مفتوحةٌ وواضحةٌ، وهذا هو سرُّ جمالِهَا، واللَّاعب، أو المدرِّب الذي لا يستطيعُ ضبطَ مشاعرِهِ وتصرُّفاتِهِ ولسانِهِ ليس بمحترفٍ، وليس مؤهَّلًا للبطولاتِ، وهو جبانٌ وليسَ شهمًا، ويُخفي ما يتفوَّه به للانتقامِ؛ مع ضمانِ النَّجاةِ من العقابِ!.
محمد طلال القشقري – جريدة المدينة
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الليل الذي لا ينام في غزة.. رعب وخوف وندوب نفسية لا تنمحي
الثورة /وكالات
لا الليل ولا النهار في غزة يمكن أن يحتويا على لحظة من أمن أو راحة، وسط حرب الإبادة الصهيونية المستمرة على قطاع غزة منذ ما يقرب من عشرين شهراً.
ورغم أن شبح القتل يحوم فوق غزة ليل نهار، إلا أن انهيار ضوء النهار معلناً عن بدء ظلمة الليل، تعد بداية كابوس أصعب وأشد على الغزيين الرازحين تحت حمم الموت، فوساوس القتل وخيالات الرعب تلاحق الآباء والأمهات وحتى الأطفال، ما يجعل ساعات الليل أشد وطأة وأبطأ مسيراً.
كل هذا خلف آثاراً نفسية صعبة على الأهالي والأطفال في قطاع غزة، تظهر أعراضها ومؤشراتها بوضوح، حيث يمكن ملاحظتها في كل مكان في قطاع غزة.
الحصول على مياه آمنة للشرب في غزة مهمة شبه مستحيلة
الظلام واستيقاظ الخوف
“نحن لا ننام الليل، نحن نتظاهر بالنوم، بينما آذاننا ترقب كل صوت لطائرة استطلاع أو أخرى حربية، أو صوت إطلاق نار أو قذيفة أو قصف من طيران حربي، نحن نغلق أعيننا بينما في الحقيقة قلوبنا وآذاننا ووعينا مستيقظ تماما رغم الإرهاق والتعب الجسدي والعقلي”، هكذا وصفت الأم “أم رامي” حالها مع الليل في غزة.
“أم رامي” معلمة نزحت من مدينة رفح، وتعيش مع أطفالها في خيمة غرب مدينة دير البلح، توضح لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أن تعب النهار والمجهود المضاعف التي يبذله الجميع خلال النهار يستوجب أن يكون النوم في الليل سريعا وعميقاً، لكن الحال أن العكس هو الواقع المعاش.
خان يونس.. أوامر تهجير إسرائيلية تفاقم مأساة الإبادة
تضحك وتبكي “أم رامي” في نفس الوقت، وتقول: “أنا أنظر لأطفالي كل ليلة وهم نيام بجواري متراصين داخل الخيمة، ولا أعلم إن كانوا سيستيقظون أم سيكونون من ضحايا هذه الليلة، نحن نعيش في ترقب وقلق وخوف مستمر جعل النوم يجافي عيوننا وقلوبنا وعقولنا”.
أم “أبو محمد” وهو أب لثلاثة أطفال، فيصف حالته مع دخول ساعات الليل لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” ويقول:” صدقني أن قلبي ينقبض مع بدء ساعات الظلام، لا أحب الليل، صحيح أن النهار ليس أكثر أمناً، لكن الليل أكثر رهبة وخوفا وقلقاً”.
“العتمة، وصوت القصف وصوت الطائرات الحربية وطائرات الاستطلاع”، كلها تشكل عناصر تجعل من الليل بالنسبة لـ”أبو محمد” فترة ينتظر أن تنتهي بنور الصباح، مشيراً إلى أن أطفاله يلتصقون به وبأمهم طوال الليل بعكس ما كانوا عليه قبل الحرب حيث كان لكل واحد منهم مكانه المستقل للنوم بعيدا عن الآخر.
ليل غزة المخيف المظلم القاسي، والزنانة التي لا تكف عن الطنين، حتى صار ليل غزة يعني القصف والموت والدمار، فأين أمة العرب؟ أين المسلمون؟ أين الموحدون؟ إلى متى؟
“لا يتوقف عقلي عن تكرار الوساوس، وتخيل مشاهد القتل والموت التي قد نتعرض لها، أدفعها بذكر الله والصلاة على النبي وتكرار عدد كبير من الأذكار، لكن أصدقك القول رغم كل هذا يبقى الليل مرعبا ومخيفاً بشكل لن يتصوره إلا من يعيشه هنا في غزة” يقول “أبو محمد”.
الأطفال الأكثر تأثرا
منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، ترى أن جميع الأطفال في قطاع غزة بحاجة إلى دعم في مجال الصحة النفسية.
وقال “جوناثان كريكس” مدير الاتصالات بمكتب يونيسيف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في تصريحات سابقة، إن الأطفال تظهر عليهم أعراض مثل مستويات عالية للغاية من القلق المستمر، وفقدان الشهية. ولا يستطيعون النوم، أو يمرون بنوبات اهتياج عاطفي أو يفزعون في كل مرة يسمعون فيها صوت القصف”.
وبين أم “يونيسيف” كانت تقدر قبل الحرب أن 500 ألف طفل في قطاع غزة بحاجة إلى خدمات الصحة النفسية والدعم نفسي، مبينا أن تقديراتهم اليوم تؤكد أن جميع الأطفال بحاجة إلى هذا الدعم، أي أكثر من مليون طفل.
لا بد من العلاج
استشارية الطب النفسي الدكتورة وئام وائل، تقول إن اضطرابات الكرب الحاد وكرب ما بعد الصدمة، المرتبطين بالحروب، قد تتحول إلى اضطرابات أسوأ إذا لم تُعالَج.
وتوضح الدكتورة وئام في حديث سابق مع موقع TRT عربي أن أبحاثاً علمية تشير إلى إمكانية الإصابة باضطرابات ذهانية حادة أو مزمنة بسبب التعرض لضغوط الحروب، حتى من دون استعداد وراثي، إذا لم تُعالج.
وتلفت إلى مشكلات الدعم النفسي للأطفال الفلسطينيين، من توفير الأدوية وصعوبة توافر العلاجات السلوكية والمعرفية أو علاجات الصدمات التي تحتاج إلى وقت طويل، غير أنها تحتاج إلى فِرَق طبية مدربة تدريبات خاصة.