معالى الوزير مُصطفى النحاس!
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
حين تقرأ بعضًا من سيرة الزعيم الجليل مُصطفى النحاس فى الكتاب الرائع الذى سطره «عاشق سيد الناس» الكاتب الكبير عباس حافظ، تتجلى أمامك أنشودة المحبة الحقيقية للزعيم، من خلال حكايات وقصص نعتبر منها لنجلى بها قلوبنا التى تذوب حباً فى سيرة مصطفى النحاس ومسيرته.
يقول عباس حافظ عن مصطفى النحاس.. وكان مسلكه فى وزارة المواصلات مسلك نزاهة رفيعة، إذ كان المعتاد قبل قيام وزارة الشعب الأولى أن يتقاضى كل وزير أربعين جنيهًا بمثابة «بدل سيارة»، فلما جاءت الوزارة السعدية وقف النحاس بين زملائه يقول «إننى أقلكم مالًا، ولكنى متنازل عن مبلغ الأربعين جنيهاً التى تدفع لنا» فلم يكن من الوزراء إلى أن استجابوا له، واحتذوا حذوه، فألغِى المبلغ من الميزانية إلى أن جاءت الوزارة الزيورية فاستعادته «يقصد وزارة أحمد زيوار باشا».
كان هذا هو أول عهده بالمناصب الوزارية.. ويدلل عباس حافظ على قوة شخصيته رغم حداثة عهده بالوزارة قائلًا.. «ورغم ذلك لم يكن مصطفى يصانع أو يجامل أو يخشى سطوة أحد من الإنجليز، أو يسكت عن إساءة من ناحيتهم، أو خطأ يقترفه كبير فيهم، بل كان الوَزير الحَريص على كرامته، الحفيظ لهيبة منصبه وسلطته، فقد قرأ وهو وزير المواصلات يومئذ فى تلغرافات الأهرام الخاصة ذات صبح مقالاً أو خلاصة من مقال أو تصريحاً منسوباً للمستر فرسكويل المدير العام للسكك الحديد المصرية فى ذلك الحين مع أحد مراسلى الصحف البريطانية، وهو أن السكك الحديدية المصرية قد اختلت اختلالاً شديداً منذ تربعت الوزارة النيابية، فلم يكد الوزير يصل إلى مكتبه حتى استدعى إليه المستر فرسكويل، فلما حضر قال له إنى أقترح عليك يا مستر فرسكويل أن تختار أحد أمرين: إما أن تكتب إلى قبل الساعة الواحدة كتاباً تكذب فيه تصريحك المنشور فى التيمس، أو أن أحيلك فى الحال إلى مجلس تأديب وانصرف المستر فرسكويل حائراً لا يدرى ماذا هو صانع إزاء هذا الوزير الجديد الذى لا يضع إنجليزيته موضع الاستثناء، ويعامله كمرؤوس من عرض المرؤوسين سواء بسواء. ولكن لم يلبث أن خطر له خاطر، فعمد إلى تنفيذه، وذلك هو أن يزور صديقا إنجليزياً مثله يشتغل بالمحاماة، راجياً إليه أن يقصد النحاس باشا فيتوسط له عنده، فلما كاشف صديقه هذا بما جرى، ذهب الصديق إلى النحاس باشا، فدخل عليه وبسط الأمر له، فقال له مصطفى باشا إنى أعجب لك كيف وأنت محامٍ تجىء لتناقشنى فى مسألة موظف تحت إدارتى، فإن كانت لديك نصيحة للمستر فرسكويل، فأنصح له بأن يكتب لى الكتاب الذى طلبته منه.. وقبل الساعة الواحدة بعد الظهر كان عند مصطفى باشا الكتاب الذى أراده…
هكذا كان النحاس، فلم يكن نزيهاً فحسب، ولكنه كان مكتفياً راضياً، وكان أيضاً وطنياً صبوراً، وخطيباً ذكياً، وحراً لا يخشى إلا الحق.. وله حكاية دالة سردها عباس حافظ خلال خوضه الانتخابات فى سمنود يقول.. «وظهر من حرية رأيه يومئذٍ ما كان حديث الناس فى المجامع، وموضع تقدير حسن عند الناخبين يخطبهم فقد وقف فى أهل دائرته سمنود خلال الحركة الانتخابية، وكان منافسه فيها يومئذٍ على المنزلاوى بك، فقال: من منكم يرى فى انتخاب على بك المنزلاوى مصلحة لوطنه ولا يُقدِم على انتخابه مجاملةً لشخصى، أو مراعاةً لأى اعتبار آخر، فإنه يكون مجرمًا فى حق بلاده!
هذا هو النحاس.. كان زعيمًا ذكياً ولكنه كان صادقاً ومخترقاً لعقول الجماهير وقلوبها معاً، ولذلك كان زعيماً لا يُضاهى، وكان نموذجاً يجب تدريسه فى مناهج السياسة باعتباره رمزاً نادراً للوطنية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نور مصطفى النحاس وزارة المواصلات السكك الحديدية المصرية عباس حافظ
إقرأ أيضاً:
في ذكراه.. قصة خلاف صلاح نظمي وعبد الحليم حافظ
تحل اليوم 24 يونيو، ذكرى ميلاد الفنان صلاح نظمي، الذى ولد بمثل هذا اليوم عام 1918، ورحل عن عالمنا في 16 ديسمبر عام 1991، عن عمر يناهز الـ 73 عاما، بعد صراع مع المرض استمر لعدة أشهر.
صلاح نظمي وخلافه مع عبد الحليم حافظتعرّض الراحل صلاح نظمي، لموقف أغضبه كثيرًا من العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، دفعه لرفع دعوى قضائية ضده وهي التي أصبحت واحدة من أشهر قضايا الفنانين.
وكان للعندليب موقف عجيب مع صلاح نظمي بدأ عبر أثير الإذاعة المصرية، حينما سئل عبد الحليم حافظ في برنامج إذاعي عن رأيه من هو الفنان الأثقل ظلا، فأجاب العندليب: "صلاح نظمي"، فثار نظمي غاضبًا واعتبر ذلك إهانة من حليم على الهواء أمام ملايين المستمعين من محبي وعشاق فن العندليب، فقرر مقاضاته ليثأر لنفسه من هذه الإهانة، فأقام دعوى سب وقذف وتشهير ضده، لتصبح قضيتهما من أشهر قضايا الفنانين والتي حدثت في أواخر الستينيات من القرن العشرين.
ولكن محامي حليم أقنع هيئة المحكمة بأن العندليب لم يكن يقصد شخص صلاح نظمي، بل كان يقصد صلاح نظمي الفنان في أدواره التي كان يؤديها، وهو ما يعتبر مدحا في حقه وليس ذمًا للتأكيد على إجادة الأداء وتألقه في أدواره.
وقضت المحكمة آنذاك ببراءة عبد الحليم حافظ ورفض الدعوى، وبعد انتهاء الجلسة ذهب حليم إلى صلاح نظمي واصطحبه إلى بيته ليتناولا الشاي معًا، وتم الصلح بينهما بعد ما أوضح "حليم" له وجهه نظره مرة ثانية، بل منحه دورًا في فيلمه الجديد والأخير في مسيرته الفنية وهو فيلم "أبي فوق الشجرة"، الذي كان من إنتاج شركته التي أسسها مع الحاج وحيد فريد، كبير المصورين.
وكشف العندليب عن القصة كاملة للإعلامي مفيد فوزي ووضح له أن سر شعوره بثقل ظل نظمي هو الدور الذي جسده في فيلم "بين الأطلال"، عندما تزوج من فاتن حمامة وحرمها من حبيبها الذي جسده عماد حمدي، فشعر حليم وقتها بأن ما قام به صلاح نظمي قسوة من شخص ثقيل الظل، والذي أوصل حليم لدرجة البكاء لتشابه أحداثه مع ما عانى منه العندليب من عدم نجاح قصة حبه مع الفتاة التي أحبها وجاء رجل آخر وحرمه منها.
صلاح نظمي وحياتهولد صلاح الدين أحمد نظمي، وهو الاسم الحقيقي للفنان صلاح نظمي، في 24 من شهر يونيو عام 1918 في حي محرم بك بالإسكندرية، وتلقى تعليمه في مدارس الإرساليات الأمريكية، وفي عام 1946، بدأ صلاح نظمي بعد تخرجه في معهد الفنون المسرحية حياته الفنية على المسرح مع المطربة "ملك".