أثارت الزيارة الخارجية الأولى التي يقوم بها أمين مجلس الأمن القومي الإيراني على لاريجاني إلى العراق ولبنان تساؤلات كثيرة بشأن المبادرات والرسائل التي تحملها طهران للبلدين.

وتأتي زيارة لاريجاني مع تزايد الحديث عن عودة المفاوضات الإيرانية والأميركية، وترتكز على آخر المعطيات في المنطقة خاصة في لبنان والعراق وأذربيجان، وفق حديث الكاتب والمحلل السياسي جوني منير لبرنامج "ما وراء الخبر".

ويرى الباحث المختص في القضايا الإقليمية حسين رويوران أن أول زيارة خارجية للاريجاني تعكس الهواجس الإقليمية، وتأتي على خلفية وضع أمني في المنطقة يجب إعادة قراءته في ظل محاولات لتغيير الخارطة الإقليمية.

ووفق رويوران، فإن لاريجاني يحمل أفكارا جديدة في كيفية تجنب دول المنطقة الكثير من الفوضى من خلال التعاون، وقد يستكمل جولته لاحقا مع بقية دول المنطقة.

وأعرب رويوران عن قناعته بأن اتفاقا وقع بين طهران وبغداد في مواضيع -لم يعلن عنها- تتمحور حول تهديدات إسرائيل، في وقت تريد فيه إيران تعاون دول المنطقة لمواجهة ذلك، لافتا إلى أن وقف التوسع الجغرافي لتل أبيب قد يكون دافعا لاتفاقات بين دول المنطقة.

من جانب آخر، فإن زيارة لاريجاني تأتي -حسب منير- في إطار القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية بحصر السلاح بيد الدولة، في وقت يحاول فيه المسؤول الإيراني ثني الحكومة عن قرارها، لكن ذلك يبدو صعبا وغير واقعي.

ومع ذلك، يتطلع لاريجاني إلى تمديد المهلة الزمنية الممنوحة لإقرار خطة حصر السلاح في لبنان بهدف فتح المجال أمام ترتيبات وإيجاد تفاهمات في المفاوضات الإيرانية الأميركية، فهناك بعض النقاط "لا يمكن حلها سوى عبر مفاوضات بين طهران وواشنطن".

مشروع إيران بالعراق

وتحمل زيارة لاريجاني أهمية كبيرة، إذ يعد الشخصية الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد الراحل قاسم سليماني، وزيارته للعراق لبحث قضايا اقتصادية وأمنية، خاصة ضرورة إقرار قانون الحشد الشعبي في ظل تحفظ قوى سنية وشيعية عليه.

إعلان

جاء ذلك في حديث أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي لـ"ما وراء الخبر"، مشددا على أن العراق يعد جزءا من أمن إيران القومي، ويؤمن معظم قيادات الحشد الشعبي بعقيدة ولاية الفقيه، على حد قوله.

وبناء على ذلك، يقول الفيلي إن إيران تسعى إلى أن يبقى مشروعها قويا في العراق لكونه يمثل الرئة الاقتصادية لها، وتُمني النفس بأن يبقى العراق "حائط صد أمام أي تمدد أميركي في المنطقة في ظل الحديث عن شرق أوسط جديد".

كما أن علاقات لاريجاني لا تقتصر على القوى الشيعية في العراق حسب الفيلي، بل يحتفظ بمقاربات مع قيادات سنية بارزة، مما يبرز أهمية الزيارة في ظل التحذيرات الأميركية لبغداد.

مشاريع إسرائيل

وتأتي التحركات الإيرانية في المنطقة في ظل رغبة إسرائيلية جامحة لنشر الفوضى في الإقليم بتعاون مع واشنطن، وسط رغبة إقليمية في الحفاظ على أمن المنطقة وإعادة قراءة المشهد الأمني والتعاون بين دولها، حسب رويوران.

ويرى رويوران أن إسرائيل تريد نزع مكامن القوة في المنطقة وإبقائها بلا دفاع أمام مشاريعها وتوسيع نفوذها، مشيرا إلى ضرب البنية الدفاعية في سوريا ومرور الطائرات الإسرائيلية فوق الأجواء السورية والعراقية للوصول إلى إيران.

ومع ذلك، تأتي زيارة لاريجاني في ظرف صعب وخلافات قائمة، لكن الوصول إلى اتفاقات لا يبدو مستحيلا، وفق المتحدث الإيراني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات دول المنطقة فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

محددات العلاقة بين إيران والمقاومة: قراءة في خطاب ظريف حول الهوية الوطنية للفصائل

12 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة: تبرز دلالات تأكيد محمد جواد ظريف أنّ فصائل المقاومة في المنطقة لاسيما في العراق لا تتحرك بوصفها أذرعًا لإيران، بل كقوى محلية تنبع شرعيتها من مواجهة الاحتلال على أراضيها، في موقف يقدّمه وزير الخارجية الإيراني الأسبق بوصفه تفنيدًا لسرديات إقليمية ودولية تربط بين نشاط تلك الفصائل ومصالح طهران المباشرة.

ومن جانب آخر يشرح ظريف، خلال مشاركته في ندوة حول الدبلوماسية في زمن الحرب على هامش معرض العراق الدولي للكتاب في بغداد، أنّ إيران تكبدت أثمانًا سياسية واقتصادية باهظة نتيجة هذا الدعم، مؤكدًا أن ما يُوصف بـوكلاء إيران لم يطلقوا رصاصة واحدة على مدى 45 عامًا لخدمة مصالحها، بل قاتلوا من أجل أراضيهم وحرياتهم، معتبرًا أنّ المقاومة تنشأ بصورة طبيعية من سياقات الاحتلال والقمع، وأن دعم بلاده لها لا يعني احتواءها أو القدرة على إنهائها.

وتشير تصريحات ظريف إلى محاولة إعادة صياغة العلاقة بين طهران والفصائل الإقليمية في إطار مفهوم التكلفة والالتزام، لا الوصاية أو التوجيه، مع تسليط الضوء على ما يراه الوزير الأسبق دورًا ممتدًا لبلاده في دعم القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي يقول إن إيران قدمت لها دعمًا يفوق ما قدمته دول عربية، في إشارة تعكس رغبة طهران في تثبيت سردية المسؤولية الأخلاقية والسياسية تجاه الصراع.

وأيضًا يلفت ظريف، في سياق حديثه عن مستقبل المنطقة، إلى أنّ بلاده لا تبحث عن هيمنة، بل عن “منطقة قوية” تستند إلى دول قادرة على حماية نفسها، من العراق إلى السعودية، مشددًا على أنّ إيران راضية بحدودها وجغرافيتها وتطمح إلى العيش بين محيط من “الأصدقاء والإخوة”، في خطاب يعكس تصورًا لتوازن إقليمي يقوم على الشراكات لا على مراكز النفوذ.

ويواصل الوزير الأسبق استحضار المبادرات الإقليمية التي طرحتها إيران، من بينها مبادرة مودّة للحوار الإسلامي، ومبادرة منارة للتعاون في استخدام الطاقة النووية السلمية، باعتبارهما إطارين لحلحلة الأزمات الممتدة، مع تأكيده أنّ جذر المشكلات يبقى الاحتلال الإسرائيلي الذي يعيد إنتاج توترات الشرق الأوسط وفق تعبيره.

وعلى صعيد أوسع تتقاطع هذه الرسائل مع نقاشات دبلوماسية وإعلامية عربية عن مآلات الحرب في غزة وتمدد الصراع في الإقليم، إذ تتفاعل على المنصات الرقمية تدوينات تربط بين خطاب ظريف ومحاولات إعادة ضبط صورة إيران إقليميًا، وسط سجالات حول دور طهران وحدود نفوذها، في مشهد يعكس حجم الاستقطاب الذي تفرضه دورة الصراع المتجددة في الشرق الأوسط.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • إيران: التطورات في اليمن تثير القلق وتهدف لتقسيم البلد ونطالب بالحوار
  • بالفيديو: داتا النظام تعود.. ماذا يجري بين سوريا ولبنان؟
  • زيارة ميسي التاريخية للهند تتحول لشغب جماهيري.. ماذا حدث؟
  • الولائية والخنوع ..رشيد:أي اعتداء على إيران هو اعتداء على العراق!!
  • محددات العلاقة بين إيران والمقاومة: قراءة في خطاب ظريف حول الهوية الوطنية للفصائل
  • ماذا حدث في مباراة الأردن والعراق في ربع نهائي كأس العرب؟| تفاصيل
  • إريتريا تنسحب رسميًا من الإيغاد.. توترات تاريخية وتأثيرات إقليمية متوقعة
  • إيران تعلن عن عقد اجتماع إقليمي لمناقشة التطورات في أفغانستان
  • رئيس الجمهورية لبزشكيان: أي عرقلة تواجه إيران هي بمثابة عداء لنا
  • العراق يدعو لاستئناف الجهود الدبلوماسية بين إيران والمجتمع الدولي