الخرطوم- لليوم الثاني على التوالي يعيش السودان عزلة شبه كاملة عن العالم الخارجي بسبب قطع خدمات الاتصالات والإنترنت.

وتوقفت شبكات الاتصالات والإنترنت بشكل جزئي منذ عصر الجمعة الماضية في معظم ولايات السودان، ثم عادت بشكل متذبذب قبل أن تنقطع كليا بحلول الثلاثاء المنقضي، في مظهر جديد للآثار المترتبة عن الحرب المشتعلة بالبلاد منذ أبريل/نيسان الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وتقدم شركات "زين" الكويتية و"إم تي إن" الجنوب أفريقية و"سوداني" السودانية؛ خدمات الاتصالات في السودان، لكنها -بحسب مهندسين في مجال الاتصالات- لا تمتلك مشغلات احتياطية بديلة لحالات الطوارئ.

وعزلت أزمة الاتصالات العاصمة البديلة في بورتسودان عن العالم الخارجي كليا، ما عدا الجهات التي تستخدم الخط الأرضي لشركة "كنار"؛ وهي محدودة للغاية وتواجه صعوبات في العمل بطريقة سلسة.

تعليمات

وقال وزير الاتصالات السابق هاشم حسب الرسول، للجزيرة نت، إن ما حدث هو إغلاق لخدمات الاتصالات بتعليمات من قوات الدعم السريع للشركات.

وأوضح أن القطع الشامل الحالي استُخدمت فيه الآلية ذاتها التي لجأت إليها السلطة في وقت سابق عند الأحداث الكبيرة بالسودان، مستشهدا بقطع الخدمات عند فض اعتصام القيادة العامة في الثالث من يونيو/حزيران 2019 وكذلك إبان الاحتجاجات الكبيرة التي كانت تشهدها البلاد.

وأضاف حسب الرسول: "لكن هذه المرة، تم الإغلاق عبر جهة أخرى جديدة هي سلطة الأمر الواقع". وحذر من آثار "كارثية" لتوقف هذه الخدمة على حياة السودانيين، حيث تتسبب في تعطيل حركة الاقتصاد ومعاش الناس بتوقف التطبيقات البنكية، مردفا أن ذلك يُعد "جريمة إنسانية".

وأفاد اثنان من مهندسي الاتصالات بشركتي "سوداني" و"زين"، للجزيرة نت، بأن ممثلين لقوات الدعم السريع اشترطوا -خلال اجتماع مشترك مع مندوبي شركات الاتصال- إعادة الخدمة لكردفان ولـ4 من ولايات دارفور الخاضعة لسيطرتهم وأمهلوا الشركات 72 ساعة قبل أن يتم تنفيذ التهديد بقطع الخدمة عن كل السودان.

وأوضحا أن اتفاقا بين طرفي الصراع ظل مستمرا طوال الأشهر الماضية بألا تكون الاتصالات جزءا من السلاح المستعمل في المعركة، ومع ذلك جرى الإخلال بالاتفاق.

وقال أحد الفنيين -مفضلا عدم ذكر اسمه- إن مسؤولي الدعم السريع ألمحوا لإمكانية استهداف برج الاتصالات؛ حيث يتم تخزين معلومات غاية في الأهمية تخص الدولة والجامعات، ولا يملك معظمها نسخا احتياطية.

صعوبات

وتعمل بعض المناطق في دارفور بشكل محدود عبر الإنترنت الفضائي "ستار لينك"، لكن تكلفته مرتفعة؛ حيث جرى تصميمه للشركات والمؤسسات العاملة في المناطق النائية عن الخدمة. ولا يمكن اقتناؤه ولا اعتباره بديلا لخدمات الهواتف النقالة.

وأفاد مصدر بشركة "زين" بأن إعادة الخدمة لدارفور تكتنفها صعوبات فنية وأمنية؛ حيث يصعب على الفرق إصلاح الكوابل الأرضية التي تربط محطات الاتصال ببعضها والواقعة في مناطق نائية بسبب المهددات الأمنية.

كما لا يمكن إصلاحها جراء تخريب أبراج الاتصالات في العديد من المدن الكبرى، ولعدم توفر قطع الغيار، فضلا عن نقص الوقود الحاد الذي يعوق تشغيل المولدات في ظل انقطاع شبه دائم للكهرباء.

وأكد وزير الاتصالات السابق هاشم حسب الرسول، أن خروج دارفور عن الخدمة يعود لأعطال فنية منها انقطاع الكوابل الأرضية وعدم إمكانية وصول فرق الصيانة لمناطق الأعطال لظروف الحرب.

وقال إن "شركات الاتصالات تعمل في ظروف بالغة التعقيد وتُشكر على تفانيها في استمرار الخدمات"، وناشد الطرفين توفير الحماية للطواقم الفنية واعتبارهم عمال طوارئ.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

أطباء بلا حدود تحذر من فظائع "ذات طابع عرقي" في إقليم دارفور

الخرطوم- حذرت منظمة أطباء بلا حدود الإنسانية الخميس 3 يوليو 2025، من وقوع "فظائع جماعية" و"أعمال عنف ذات طابع عرقي" في إقليم دارفور بالسودان مع احتدام المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في الإقليم الذي تمزقه الحرب.

منذ خسارتها السيطرة على العاصمة الخرطوم في آذار/مارس تسعى قوات الدعم السريع إلى ترسيخ نفوذها في دارفور، الإقليم الشاسع حيث اتُهمت ميليشيا الجنجويد التي تحولت لاحقا مع قوات أخرى إلى قوات الدعم السريع، بارتكاب إبادة جماعية قبل عقدين.

وخلال الحرب الدائرة منذ نيسان/أبريل 2023 اتُهمت كل من قوات الدعم السريع والجيش بارتكاب فظائع، واتهمت الولايات المتحدة الدعم السريع "بارتكاب إبادة جماعية" في دارفور، غرب السودان.

وأصدرت منظمة أطباء بلا حدود تقريرا يستند إلى عشرات المقابلات التي أُجريت بين أيار/مايو 2024 وأيار/مايو 2025، مثيرة مخاوف من عنف ممنهج ضد الجماعات العرقية غير العربية.

وقال مسؤول الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود ميشال أوليفييه لاشاريت إن "الأمر لا يقتصر على حصار الناس وسط قتال عنيف عشوائي... بل يُستهدفون أيضا بشكل متكرر من جانب قوات الدعم السريع وحلفائها، لا سيما على أساس عرقي".

وكثفت قوات الدعم السريع هجماتها على الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور التي تحاصرها منذ أيار/مايو 2024 سعيا لطرد الجيش من معقله الأخير في المنطقة.

وأشارت المنظمة الإنسانية إلى "تهديدات بشن هجوم شامل" على الفاشر التي يقطنها مئات الآف الأشخاص وسط انقطاع إمدادات الغذاء والماء إلى حد كبير وحرمان من الرعاية الطبية.

وعبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة عن أمله في التوصل إلى وقف لإطلاق النار من طريق التفاوض للسماح بدخول مساعدات إنسانية إلى المدينة المحاصرة.

وتحدث تقرير منظمة أطباء بلا حدود الذي استند إلى 80 مقابلة مع نازحين ومرضى عن "أنماط ممنهجة من العنف" تشمل "النهب والقتل الجماعي والعنف الجنسي والاختطاف والتجويع" وهجمات على مدنيين ومرافق صحية.

وقال شهود عيان إن عناصر قوات الدعم السريع تحدثوا عن خطط "لتطهير الفاشر" من مجتمعاتها غير العربية، وخصوصا قبيلة الزغاوة ما أثار مخاوف من وقوع مذبحة مماثلة لفظائع عام 2023 ضد قبيلة المساليت في ولاية غرب دارفور.

وقالت مستشارة الشؤون الإنسانية في أطباء بلا حدود ماتيلد سيمون في بيان "نخشى تكرار مثل هذا السيناريو في الفاشر".

واضطرت المنظمة الإنسانية الطبية إلى وقف عملياتها في الفاشر ومخيم زمزم للنازحين القريب الذي يعاني سكانه الجوع منذ مطلع العام بسبب الهجمات المتكررة.

أودت الحرب  في أنحاء السودان بعشرات الآف الأشخاص وشردت 13 مليونا داخل وخارج البلاد، وتسببت بما وصفته الأمم المتحدة بأكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.

وبحسب بيانات الأمم المتحدة، يعيش أكثر من مليون من سكان ولاية شمال دارفور وحدها على حافة المجاعة، فيما أُعلنت المجاعة في عدد من مخيمات النزوح.

ومع دخول النزاع عامه الثالث، يسيطر الجيش على وسط وشرق وشمال السودان، فيما تسيطر قوات الدعم السريع على القسم الأكبر من دارفور وأجزاء من الجنوب.

مقالات مشابهة

  • أطباء بلا حدود تحذر من فظائع عرقية في دارفور
  • أطباء بلا حدود تحذر من فظائع "ذات طابع عرقي" في إقليم دارفور
  • غارات مدمّرة تُفشل حصار الدعم السريع للفاشر.. وتحذيرات من سقوط آخر معاقل الدولة
  • في غياب الدعم الأميركي.. أوكرانيا تواجه صعوبات لاحتواء التقدم الروسي
  • 158 ألف لاجئ يعودون إلى السودان.. أزمة إنسانية على أعتاب التصاعد
  • ماذا يعني أن يستثمر إيلون ماسك في قطاعي الاتصالات والإنترنت في لبنان؟
  • بعد زيارة البرهان لمصر.. هل يشهد السودان هدنة قريبة بين الجيش و(الدعم السريع)؟
  • الأمم المتحدة: مشاورات مع الجيش السوداني والدعم السريع من أجل هدنة إنسانية بالفاشر
  • لليوم الثاني.. انخفاض أسعار الدواجن والبيض بأسواق الوادي الجديد
  • حكومة السودان تنصب للدعم السريع فخاً