لم يكترث الاحتلال بالتحذيرات الدولية المتواصلة بشأن عمليته العسكرية المرتقبة في رفح، ويبدو أنه ماض في خطته لنقل العدوان إلى المدينة الحدودية الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، الأمر الذي ينذر بكارثة حقيقة، إذ يتكدس هناك ما يزيد عن مليون وثلاثمئة ألف نازح دفع بهم الاحتلال إلى هذه المنطقة منذ بدء عملياته البرية في السابع والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تحت ذريعة أنها مناطق آمنة.



لكن مع إصرار الاحتلال على تنفيذ تهديده باجتياح رفح، تبرز أسئلة عدة عن الأهداف الحقيقة من وراء هذا الهجوم، والقيمة العسكرية لهذه العملية، وعلاقة ذلك بالأزمة السياسية التي تعيشها حكومة الاحتلال، برئاسة بنيامين نتنياهو؟

الخبير العسكري والاستراتيجي العقيد ركن حاتم كريم الفلاحي، شرح لـ"عربي21" الأبعاد العسكرية للعدوان المحتمل على رفح، والهدف من ورائه، والنتائج التي قد تترتب عليه من ناحية الخسائر البشرية في صفوف النازحين.

وقال الفلاحي، إن موضوع رفح معقد جدا، بسبب كُثرة النازحين من شمال ووسط القطاع ومن خانيونس إلى المنطقة، بحيث أصبح هناك اكتظاظ كبير بالسكان حيث تجاوز عدد النازحين فيها مليون ونصف تقريبا، مشيرا إلى أن أي عملية عسكرية في هذه المنطقة قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه بالنسبة للخسائر في المدنيين.


ورأى الخبير العسكري أن هجوم رفح، يمثل آخر أوراق جيش الاحتلال في الحرب التي هدف من خلالها إلى الوصول للمحتجزين والقضاء على حركة حماس، مشيرا إلى أن الاحتلال حال فشله في رفح سيضطر إلى اللجوء إلى المفاوضات من أجل تحقيق أهدافه.

وتاليا إجابات الخبير الفلاحي على أسئلة طرحتها "عربي21" بشأن هجوم رفح:

هدد الاحتلال مرارا بشن عملية في رفح.. هل يقدم فعلا على تنفيذها رغم كل التحذيرات من ارتكاب مجازر هناك؟
العملية العسكرية التي ينوي الاحتلال القيام بها في هذه في رفح، سيقدم عليها نتنياهو بقرار سياسي، إذا لم يتم التوصل لاتفاق حول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وما إلى ذلك.

وهذا الدخول له أسباب، السبب الرئيسي أن الاحتلال لا يزال يبحث عن الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، ونتنياهو لا يزال يراهن على مسألة الوصول إلى الأسرى من خلال القوة، وبالتالي هو يعتقد الآن أن خمّنه في البداية بأن الأسرى وقيادات المقاومة تتواجد في مستشفيات القاطع الشمالي، تراجع عن ذلك وقال إنهم موجودين في خانيونس، باعتبار أن هذه المنطقة تمثل المقر الرئيسي للقيادات سواء العسكرية أو السياسية بالنسبة للقسام وبقية الفصائل الأخرى.

فعندما دخل خانيونس لم يجد شيء، وبالتالي تتجه أنظاره الآن إلى رفح باعتبار أن رفح تتواجد فيها أعداد كبيرة من الأسرى بالإضافة إلى القيادات، فلذلك هو سيحاول عسكريا الدخول إلى رفح، وإذا ما تم الدخول إلى رفح ولم يتم التوصل إلى القيادات أو إلى الأسرى، عندئذ سيذهب إلى صفقة التبادل، وهذا في تقديري هو الرأي الذي يعمل عليه قادة الاحتلال سياسيا في الكيان الصهيوني.

إذن برأيك هو سينفذ عملية دخول رفح فقط على أمل الوصول لقيادات حماس؟
نعم، هو في الحقيقية يرمي إلى تحقيق عدة أهداف من هذه العملية العسكرية، أولا الوصول إلى كل المناطق التي كانت تسيطر عليها حماس بما فيها رفح، ثانيا، تدمير أكبر ما يمكن من القدرات العسكرية لفصائل المقاومة في قطاع غزة بما فيها مدينة رفح.

النقطة الأهم من هذا كله، أنه هو يحاول الوصول للأسرى وإلى القيادات السياسية والعسكرية لحماس وبقية الفصائل الأخرى من خلال هذه العملية، وهو هدف رئيسي من أهداف العملية.

لذلك هو يقول بأنه هناك انجازات تكتيكية، لكنها لم ترتق إلى إنجاز استراتيجي بالنسبة للعملية العسكرية، لذلك هو يحاول أن يصل إلى أقصى مدى في هذه العملية من خلال الدخول إلى جميع المناطق في قطاع غزة، وإذا لم يتم التوصل إلى هذه الأهداف عندئذ سيذهب مُجبرا إلى مسألة التفاوض على اطلاق سراح الأسرى من خلال وقف إطلاق النار وتبادل أسرى ما بين الطرفين.

هل تتوقع أن تكون العملية شاملة في مدينة رفح، أم فقط الشريط الحدودي؟
مسألة الشريط الحدودي في الحقيقة هي معقدة، لأنها ترتبط باتفاقات كامب ديفيد التي وُقعت عام 1979 مع مصر، وبالتالي إذا لم تكن هناك تفاهمات مع الجانب المصري على هذه العملية العسكرية فأعتقد أنه سيكون هناك مشكلة كبيرة جدا.

خصوصا وأن مصر الآن تُشدد على مسألة التعامل مع الكيان الصهيوني بعد الاتهامات بتهريب السلاح من منطقة سيناء باتجاه قطاع غزة، وبالتالي هناك إشكال في هذه القضية، ولكن اعتقد بأنه إذا ما أرادوا يمكن أن تكون هذه القضية مؤجلة إلى وقت أخر، ويتم الدخول في المناطق القريبة بعيدا عن هذا الشريط، وهذا قد يكون أحد الخيارات.

أما الخيار الأخر، فيتم الاتفاق مع مصر على أنه يتم الدخول عسكريا إلى هذه المنطقة، على أن يتم انسحاب القوات الإسرائيلية بعد انتهاء المعركة أو بعد التفتيش إلى منطقة أخرى وتعود الأمور إلى ما كانت عليه، وهذا أيضا خيار ثاني يُطرح بالنسبة للعملية العسكرية التي يمكن أن  تقوم بها في هذه المنطقة.

أو بأن العملية العسكرية تقتصر على مناطق محددة من رفح وتنتهي العملية العسكرية بهذا الأمر.
وأما فيما يخص المدنيين المتواجدين فقد يُطلب منهم الآن النزوح إلى مناطق أخرى، ولكن ليس باتجاه مصر، وإنما باتجاه مناطق القطاع، خانيونس أو القطاع الأوسط في هذه المناطق.

الخيارات ليست كثيرة بالنسبة للجيش الصهيوني، ولكن يبدو بأن نتنياهو يُصر على هذه العملية العسكرية، وهذا الأمر يرتبط ببقاء حكومته في الحكم، ويحاول تحقيق شيء يمكن أن يقوي موقف حكومته في التحقيقات التي يمكن أن تكون في مسألة 7 تشرين الأأول/ أكتوبر وتداعياتها على الكيان الصهيوني سياسيا وعسكريا واقتصاديا.

كيف ترى مستقبل عمليات قوات الاحتلال في قطاع غزة، وهل نشهد انتهاء لها قريبا؟
حقيقة مسألة العمليات العسكرية، أنت تعرف بأنه التكلفة كبيرة جدا، يعني عندما تتكلم كتائب القسام عن تدمير ما يقارب 1108 آلية، إذن هذا رقم كبير جدا، فنحن نتكلم عن ثلاثة فرق مدرعة تقريبا أُخرجت من العمل العسكري في القطاع خلال هذه المعركة.

وبالتالي التكلفة كبيرة، ولا يتناسب أداء قوات الجيش الصهيوني مع القدرات العسكرية التي يمتلكها هذا الجيش، ولا تتناسب مع القدرات التدميرية بحيث تم تدمير القطاع بشكل  كامل، ومع ذلك الخسائر كبيرة في الضباط والخسائر كبيرة في الجنود، وأيضا الخسائر كبيرة جدا في القوات المدرعة والقوات الآلية.

وهذا يعني بأن فصائل المقاومة لا زالت قادرة على أن تواجه هذه الآلة على الرغم من قلة الامكانيات وعلى الرغم من الطاقة التدميرية الكبيرة، ولكن لا زالت فصائل المقاومة قادرة على المواجهة، فلذلك أنا أعتقد بأن حماس لا تسعى للحسم عسكريا من خلال حرب العصابات، وإنما تسعى إلى الحسم سياسيا من خلال ارتفاع فاتورة الخسائر للجيش الصهيوني، والأمر الأخر من خلال الضغط الذي يُمارس الآن دوليا وعالميا على الولايات المتحدة الأمريكية وعلى الكيان الصهيوني بسبب الجرائم التي اقترفها بالنسبة للمدنيين.

يُضاف إلى هذا أن الوضع الاقتصادي ليس جيدا بالنسبة للكيان الصهيوني، وبدأ يضغط بشكل كبير جدا.

أخيرا فيما يخص استمرار العملية العسكرية بشكل كامل في قطاع غزة هل سيتحدد من خلال عملية رفح أم عوامل أخرى؟
نعم، لا شك بأن ارتفاع فاتورة الخسائر يمكن أن تحدد من خلال العملية العسكرية، ولكن بشكل عام إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق على تبادل الأسرى سيتم الذهاب إلى رفح، وإذا تم الذهاب إلى رفح ولم يتم التوصل إلى الأسرى ولا التوصل إلى قيادات عسكرية أو سياسية للفصائل عندئذ سيُجبر الاحتلال على الذهاب إلى صفقة تبادل الأسرى من جديد بتقديم تنازلات وبضغوطات داخلية وخارجية، لأنه لم يبق له مبرر على استمرار العملية العسكرية، على اعتبار أن العملية انتهت في جميع المناطق تم الدخول فيها، ولم يتم الوصول إلى الأسرى، أو إلى قيادات في المقاومة، إذن يكون هنا لا توجد حاجة إلى استمرار العملية العسكرية، حيث أصبحت مبررات العملية العسكرية غير قائمة، لم يتم تحقيق أهداف العملية العسكرية، وبالتالي سيُجبر على الذهاب إلى التفاوض.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات الاحتلال رفح العدوان غزة الأهداف فلسطين غزة الاحتلال رفح العدوان المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لم یتم التوصل إلى العملیة العسکریة الکیان الصهیونی هذه العملیة هذه المنطقة فی قطاع غزة إلى الأسرى الذهاب إلى إلى رفح من خلال یمکن أن فی هذه فی رفح إذا لم

إقرأ أيضاً:

أنفاق غزة تكشف الوجه الآخر لمعاملة الأسرى: “شدّة”، “حانوكاه”، وتناقضات إسرائيلية

#سواليف

في تطوّر أثار جدلاً واسعاً وكشف تناقضات عميقة في السردية الإسرائيلية الرسمية، تداولت صفحات عبرية مقاطع فيديو عُثر عليها في #أنفاق قطاع #غزة، تُوثّق تفاصيل من #حياة #الأسرى #الإسرائيليين أثناء احتجازهم لدى #المقاومة.

هذه المشاهد، التي لم تُنشر كدعاية من قبل المقاومة، بل ضُبطت من قِبل #جيش_الاحتلال الإسرائيلي نفسه أثناء توغله البري في رفح، تحوّلت إلى دليل غير متوقَّع يكذّب مزاعم الاحتلال المستمرة حول تعرّض الأسرى للتعذيب.

ويظهر في المقطع الأسرى وهم يمارسون أنشطة يومية اعتيادية، مثل لعب “الشدّة” (ورق اللعب)، والتحدّث “بكل أريحية”، كما وثّق وجود مقاوم يجهّز لهم المائدة، في دلالة على توفر حدٍّ أدنى من الرعاية والتعامل الإنساني حتى في ظل الظروف الصعبة داخل الأنفاق.

مقالات ذات صلة الإغاثة الطبية في غزة: آلاف المواطنين عالقون داخل خيام مهترئة غمرتها السيول والأمطار الغزيرة 2025/12/12

ولعل المشهد الأكثر دلالة على التسامح الديني الممنوح للأسرى تمثّل في احتفال ستة منهم بعيد ” #الحانوكاه ” اليهودي داخل #الأنفاق، وهي ممارسة لمعتقداتهم الدينية لم تُمنَع رغم وجودهم في الأسر بقطاع غزة.

هذه الصورة تتعارض بشكل صارخ مع ادّعاء الاحتلال المستمر بأن المقاومة هي “تنظيم إرهابي يريد قتل اليهود لدينهم”، إذ إن سماح المقاومة بممارسة الشعائر الدينية يوجّه رسالة واضحة مفادها أن الصراع موجّه ضد الاحتلال، لا ضد الوجود اليهودي أو معتقداته الدينية.

والمفارقة أن هؤلاء الأسرى الستة قُتلوا لاحقاً نتيجة قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي الهمجي على القطاع، ما يضع علامات استفهام حول حماية “إسرائيل” لأسراها وتعمدها استهدافهم خلال حرب الإبادة على غزة.

ويأتي هذا التوثيق ليعكس صورة تتناقض بشدة مع المعاملة اللاإنسانية التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين في سجونها ومراكز تعذيبها، فبينما يتم توفير مساحة للأسرى الإسرائيليين للعب والاحتفال، يتعرّض الأسرى الفلسطينيون لحرمان متعمّد من الطعام، وتعذيب شديد أدّى ببعضهم إلى الموت، وحرمان من أبسط حقوقهم، بما في ذلك الحديث مع بعضهم البعض.

وقد كشفت التقارير عن حالات اعتداءات مروّعة، وصلت إلى الاغتصاب، تعرّض لها مدنيون فلسطينيون داخل مراكز الاعتقال الإسرائيلية. وهذه المقارنة بين المشاهد الموثّقة في الأنفاق والممارسات الإسرائيلية في السجون تكشف ازدواجية المعايير، وتشير إلى أن إسرائيل تسعى لشرعنة إعدام الأسرى الفلسطينيين في الوقت الذي تكذب فيه على العالم حول طبيعة تعامل خصومها مع الأسرى.

في الوقت ذاته، لم يُراعِ الاحتلال الإسرائيلي الخصوصية الدينية للفلسطينيين، إذ قصف ودمّر مئات المساجد إلى جانب الكنائس في القطاع منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى 10 أكتوبر 2025.

وسائل إعلام إسرائيلية تنشر مشاهد لـ 6 من الأسرى الإسرائيليين خلال وجودهم في أنفاق قطاع #غزة، قبل مقتلهم في أغسطس 2024، حيث زعمت أن الجيش الإسرائيلي عثر على تلك التسجيلات في أحد الأنفاق#حرب_غزة pic.twitter.com/e2SZqrTEp0

— قناة الجزيرة (@AJArabic) December 12, 2025

في حياتي لم أرَ تنظيمًا يُوصف بالإرهابي الديني يتعامل مع أسراه ،وهم أعداؤه وجنود شاركوا في حصار وقتل شعبه بهذه الطريقة.

يلعبون “الشدة”، يحتفلون بعيدهم اليهودي، يتحدثون بكل أريحية، لم تُجبر النساء على ارتداء الحجاب، رغم ارتفاع درجات الحرارة داخل الأنفاق، ومقاوم يجهّز لهم المائدة!… https://t.co/wLH7I24vES pic.twitter.com/UOAGwadAe0

— Tamer | تامر (@tamerqdh) December 12, 2025

وسائل إعلام إسرائيلية تنشر مشاهد لـ6 من الأسرى الإسرائيليين خلال وجودهم في أنفاق قطاع #غزة قبل مقتلهم في أغسطس 2024 حيث زعمت أن الجيش الإسرائيلي عثر على هذه التسجيلات داخل أحد الأنفاق pic.twitter.com/kgaAmOuUpm

— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) December 12, 2025

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: هجوم تدمر سيسرع الدعم العسكري الأميركي لسوريا
  • خبير: استمرار الحرب الروسية الأوكرانية يحمل تداعيات خطيرة عسكريًا واقتصاديًا
  • أنفاق غزة تكشف الوجه الآخر لمعاملة الأسرى: “شدّة”، “حانوكاه”، وتناقضات إسرائيلية
  • وقفة لهيئة ممثلي الأسرى والمحررين اللبنانيين أمام مقر الإسكوا
  • خبير عسكري: روسيا تتقدم نحو القلعة الحصينة بدونيتسك عبر بوكروفسك
  • تهديد بهدم قبر عزّ الدين القسّام.. ما الرسالة التي يسعى بن غفير إلى إيصالها؟
  • لقطات تكشف سماح القسام لأسرى بالاحتفال بعيد يهودي (شاهد)
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • خبير عسكري: اشتباكات تايلند وكمبوديا فرصة لـتنافس أسلحة قوى كبرى
  • إعلام إسرائيلي نقلا عن مسؤول: لقاء نتنياهو وترامب المرتقب سيحدد موقف إسرائيل من التصعيد في لبنان