دفعت الأوضاع المعيشية الصعبة، ومرض الأب عائلة الفتى عبادة عبد ربه من مدينة درعا جنوب سوريا، إلى إرساله في رحلته الأخيرة للهجرة إلى بريطانيا عبر قناة المانش التي غرق فيها.

وقالت "بي بي سي" إن الفتى 14 عاما، تعرض لضغوطات كبيرة، من قبل عائلته من أجل الهجرة، التي لم يكن مقتنعا بها، وكان يخاف لأنه لا يعرف السباحة.



وغرق مع عبادة 4 آخرون، على بعد 10 أمتار من الشاطئ شمالي فرنسا، خلال محاولته العبور إلى بريطانيا، على متن قوارب صغيرة بداية العام الجديد.

وقالت إن الفتى تعرض للتحريض من قبل رجال مرافقين له والمهربين على خوض رحلة الهجرة، والتحلي بالقوة، فسافر لأجل ذلك إلى بنغازي في ليبيا من سوريا.

وكان شقيق عبادة ويدعى ندى، سبقه في رحلة الهجرة إلى بريطانيا، قبل عامين، رغم محاولة والده ثنيه عن الأمر، بحجة أن الحرب ستنتهي في سوريا، لكنه لم يستمع لوالده.

وقال ندى إنه حين وصل إلى بريطانيا، أبلغ السلطات بأنه تلقى تهديدات بالقتل في الجامعة، بسبب عدم موالاته للنظام السوري، وعدم رغبته الانخراط في الجيش.

وحصل على الحق في اللجوء ببريطانيا، ولم شمل عائلته قريبا، لذلك دفع شقيقه من أجل اللحاق به، كون سنه صغيرة، ويمكنه الدراسة في إنجلترا.

ووصل العديد من أبناء عمومته إلى إنجلترا أيضا، منذ اندلاع الحرب في سوريا، وتشكلت هنا شبكة أقارب من درعا.

وقالت "بي بي سي"، إن عمهما الموظف في دبي بالمال، ولكن لم يكونا يستطيعان الالتحاق به في الخليج، فدبي ليس لها نظام اللجوء. ولم يكن باستطاعة عبادة الذهاب إلى المدرسة هناك، وكانت العائلة حريصة على الذهاب إلى بريطانيا.

يبدو أن عبادة تحمس للرحلة بتشجيع من والده وأخيه، ولكنه سرعان ما ذاق مخاطرها وهو في الطريق.

ففي تشرين الأول/أكتوبر 2023، وبعد شهور من الانتظار في ليبيا، حاول الأخوان عبور البحر الأبيض المتوسط على متن قارب، من العاصمة طرابلس، ولكن خفر السواحل التونسيين أعادوهما إلى ليبيا، حيث وقعا في يد جماعات مسلحة محلية.

وعندما علم عبادة أنهم وجدوا مهربا إلى إيطاليا، اتصل بوالديه وقال لهما إن هذه ستكون آخر محاولة له لعبور البحر المتوسط، وإذا فشلت فإنه سيعود إلى البيت.

وقال فارس: "أمسكنا بيده، وقلنا له نحن معك لا تخش شيئا"، عندما استقلوا قاربا مطاطيا آخر في كانون الأول/ ديسمبر.



هذه المرة نجوا بأعجوبة، بعد 22 ساعة في البحر، أنقذهم خفر السواحل الإيطاليون، وسجلتهم السلطات هناك كمهاجرين، وهو ما يجعل من الصعب عليهم طلب اللجوء في بلد آخر من الاتحاد الأوروبي، ما عدا إيطاليا.

وبعد الإفراج عنهما، سافرا من بولونيا إلى ميلانو، ثم عبرا الحدود إلى فرنسا.

وتسلل القلق إلى ندى أيضا، وأخبر أخويه بأن قوانين اللجوء في بريطانيا بدأت تتعقد، وأوضح: "قلت لهما اذهبا إلى ألمانيا أو إيطاليا، لأن قوانين اللجوء هنا أصبحت أكثر صرامة. القوانين الجديدة صعبة جدا على طالب اللجوء".

نظرياً، وحسب قانون الهجرة الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ في يوليو/تموز، فإن عبادة لا يحق له طلب اللجوء أصلاً، ولا البقاء في بريطانيا. ولكن في الواقع، وبغياب أي اتفاق بشأن وجهة إرسال الوافدين عبر القوارب الصغيرة، كان عبادة سينضم إلى عشرات الآلاف من اللاجئين العالقين في بريطانيا، بمصير مجهول.

واصل إخوة ندى رحلتهم إلى باريس، رغم أنهما لا يعرفان أحداً في دول الاتحاد الأوروبي. وكان ندى في انتظارهما في إنجلترا، وعدد آخر من الأقارب.

يتذكر ندى ما قاله له عبادة: "أريد الذهاب إلى بريطانيا لأنك هناك".

وفي مطلع كانون الثاني/يناير، وصل عبادة وأيسر شقيقه وستة من الأصدقاء السوريين إلى كالي نصبوا خيمة تحت جسر، لتجنب أعين الشرطة الفرنسية، غير أن الشرطة أخيرا أمرتهم بالرحيل.

وبعد أكثر من أسبوع، طلب منهم مهربون سوريون الاستعداد، للعبور إلى بريطانيا مقابل 2000 يورو لكل منهما. وحددوا موعد الرحيل السبت ليلا، خفت قوة الرياح على الساحل، ولكن درجات الحرارة كانت فوق التجمد بقليل، وكانت درجة الحرارة في البحر 7 درجات مئوية.

وفي ظلام ويمرو الحالك، حاول عبادة ركوب القارب المطاطي مع المتدافعين، وبعد لحظات وجد نفسه وأخاه أيسر في عمق البحر البارد.

يقول فارس، الذي نجا بنفسه وحاول مساعدة غيره، إنه لم يتمكن مع رؤية عبادة في الظلام، إلا أنه سمع صوت عبادة وأخيه وهما "يصرخان ويستغيثان"، ويضيف: "لم أستطع رؤيتهما، لقد اختفيا في الماء، سحبهما الماء، ولم أستطع أن أمسك بهما، لم نكن نعرف أن الأمور ستسير على ذلك النحو".

ووصلت طائرة عمودية تابعة للبحرية وزورق إلى موقع الحادث، وساعدت فرق الإنقاذ في إسعاف 20 مهاجرا، إلا أن عبادة لم يكن من بينهم.

ويقول الرقيب ماكسيم موني، أحد الذين شاركوا في مهمة إنقاذ أخرى في المنطقة نفسها في تلك الليلة: "لا تزال الصرخات تتردد في أذني، صرخات الموت".

وبعد دقائق، تلقى ندى مكالمة هاتفية في لندن تخبره: "لقد مات كلاهما".

كانت تلك المكالمة من شخص سوري ضمن المجموعة التي حاولت العبور نحو الشواطئ البريطانية، إذ تمكن الرجل من سحب أيسر من الماء وقد فارق الحياة، ثم خرجت جثة عبادة إلى الشاطئ، فقد غرق كلاهما على بعد 10 أمتار فقط من الشاطئ.

أجهش ندى بالبكاء عندما تذكر المكالمة الهاتفية التي تلقاها عن أخويه، بدأ يتنهد ثم مسح الدموع من عينيه.

وقال التقرير إن عبادة وأخوه سيدفنان في كالي، فالسلطات الفرنسية تقول إنه يستحيل نقلهما إلى بريطانيا، فيما تبقى تكاليف نقلهما إلى سوريا فوق المستطاع بحسب ندى.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي من هنا وهناك المرأة والأسرة حول العالم حول العالم سوريا الهجرة الموت سوريا موت النظام هجرة حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم سياسة سياسة من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى بریطانیا

إقرأ أيضاً:

إحالة مشروع تحلية مياه البحر في البصرة إلى شركة غير اختصاصية متهمة بالفساد

آخر تحديث: 12 يوليوز 2025 - 8:43 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- أعلن محافظ البصرة اسعد العيداني، امس الجمعة، عن احالة مشروع تحلية مياه البحر بطاقة استيعابية مليون متر مكعب في اليوم، الى ائتلاف شركتي مجموعة الرضا العراقية لصحابها عباس نعمان المتهم بالفساد وهي غير اختصاصية بذلك وباورتشاينا الصينية المتخصصة في تنفيذ مشاريع البنى التحتية للمياه في المنطقة .وقال العيداني، في بيان ، إن “مشروع تحلية مياه البحر الاستراتيجي يتكون من ثلاثة محاور رئيسية، محطة متقدمة لتحلية المياه بتقنية التناضح العكسي (RO)، ومحطة كهرباء مخصصة لتأمين الطاقة اللازمة للمشروع، وخطوط نقل بطول 240 كيلومتراً لتوصيل المياه إلى 9 نقاط توزيع رئيسية داخل المحافظة. وأضاف أن “الشركة الصينية المختارة، تمتلك خبرة واسعة وسجلاً حافلاً في تنفيذ مشاريع البنية التحتية للمياه في المنطقة، حيث سبق لها تنفيذ أكثر من سبعة مشاريع في المنطقة، من أبرزها مشروع الطويلة في أبوظبي بسعة 900,000 متر مكعب يومياً، (والذي يعد أكبر محطة (RO) في العالم ومشروع رابغ المرحلة الثالثة في المملكة العربية السعودية بسعة 600,000 متر مكعب يومياً، فضلا عن مشروع الجبيل في المملكة العربية السعودية بسعة 600,000 متر مكعب يومياً.وأشار العيداني، إلى أن “مشروع تحلية مياه البحر يمثل خطوة محورية في مسيرة تطوير محافظة البصرة، ويعد حلاً جذرياً لمشكلة شُح المياه التي عانى منها أبناء المحافظة لسنوات طويلة.وأكد العيداني “بدء أعمال التحشيد في موقع المشروع من قبل ائتلاف شركتي مجموعة الرضا وباورتشاينا، إيذاناً بانطلاق المرحلة التنفيذية لمشروع تحلية مياه البحر”.يذكر ان العيداني لخص اعمال الشركة الصينية ولم يعطي ايجازا عن شركة عباس نعمان  .

مقالات مشابهة

  • تداعيات ارتفاع حرارة مياه البحر المتوسط.. 5 أضرار مؤكدة
  • السفير باراك: سوريا تتحرك بسرعة لاغتنام الفرص بعد رفع العقوبات عنها
  • بلدية غزة تحذّر من آثار بيئية وصحية جراء ضخ مياه الصرف الصحي للبحر
  • بلدية غزة تُحذّر من آثار ضخ مياه الصرف الصحي لشاطئ البحر
  • إحالة مشروع تحلية مياه البحر في البصرة إلى شركة غير اختصاصية متهمة بالفساد
  • البصرة.. إحالة مشروع تحلية مياه البحر للتنفيذ بطاقة إنتاجية ضخمة
  • بريطانيا: عمليات قوات صنعاء الأخيرة تطور استثنائي في تاريخ الحروب البحرية الحديثة
  • ارتفاع تأمين السفن المارة من البحر الأحمر
  • إعلام فرنسي: هجمات اليمن في البحر الأحمر “عرض مذهل” وأثبتت فشل أحلام نتنياهو وترامب
  • حصار الحوثي يرفع التأمين على السفن المارة من البحر الأحمر