ستراتفور: سلامة الأسرى الإسرائيليين مستحيلة مع اجتياح رفح.. وانقسام حماس سيناريو وارد
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
سلط مركز "ستراتفور" الأمريكي الضوء على الهجوم العسكري الذي تهدد إسرائيل بشنه على رفح، جنوبي قطاع غزة، واصفا إياه بأنه بمثابة إنهاء للمرحلة الحالية من الحرب في القطاع، وبداية مرحلة جديدة قد تؤدي إلى هزيمة لقادة حماس، لكن يستحيل معها الحفاظ على سلامة الأسرى الإسرائيليين.
وذكر المركز، في تقدير ترجمه "الخليج الجديد"، أن عدم التوصل إلى اختراق دبلوماسي باتفاق مع حركة حماس يعني أن تظل المنطقة غير مستقرة ومعرضة للهجمات من جانب قوات المقاومة الداعمة لحقوق الفلسطينيين.
وأضاف أن فشل المفاوضات بشأن صفقة لتبادل الأسرى مؤخرا كان علامة من عديد العلامات التي تنذر بهجوم عسكري إسرائيلي وشيك في رفح، تزامنا مع تكثيف الضغوط الدبلوماسية الدولية على إسرائيل لحماية أرواح المدنيين في المدينة التي نزح إليها ما يقدر بنحو 1.1 مليون من سكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة.
ورغم أن التقارير تشير إلى أن إسرائيل تعتزم إجلاء المدنيين نحو مخيمات على طول ساحل غزة، إلا أن الحكومات الغربية والمنظمات غير الحكومية تستمر في التحذير من أن الخسائر في صفوف المدنيين ستكون مرتفعة إذا كرر الهجوم العسكري الإسرائيلي في رفح ضراوة معاركها في مدينة غزة وخان يونس.
ويقدر الجيش الإسرائيلي أن قادة حماس، وعلى رأسهم يحيى السنوار، موجودون في مكان ما برفح، وداخل أنفاقها على الأرجح، ما يجعل الاستيلاء على المدينة هدفًا حيويًا للجيش الذي يحاول منذ أكثر من 4 أشهر الضغط عسكريا لهزيمة حماس.
وبسبب الضغوط الدبلوماسية المكثفة، وخاصة من الولايات المتحدة، من المرجح أن تتجنب إسرائيل هجوماً شاملاً لصالح الغارات المستهدفة والمعارك المحلية مع مقاتلي حماس، في استراتيجية يمكن أن تمدد الحملة في رفح لعدة أسابيع أخرى، حسب تقدير "ستراتفور".
ورغم أن إسرائيل تمتلك القوة العسكرية الكافية لنشر قواتها بسرعة عبر رفح، إلا أن مثل هذه التكتيكات تخاطر بتكرار القصف المكثف والمعارك التي ميزت حملتها في مدينة غزة، والتي أسفرت عن الجزء الأكبر من الخسائر في صفوف المدنيين التي تم الإبلاغ عنها منذ بداية الحرب الحالية.
وإذا شنت إسرائيل هجوماً جماعياً مماثلاً في رفح، فإن ذلك من شأنه أن يعمق بشكل كبير رد الفعل الدبلوماسي من جانب الولايات المتحدة، فضلاً عن الشركاء العرب مثل مصر، التي حذرت من مثل هذه الحملة في المدينة الحدودية خوفاً من أن تؤدي إلى تدميرها.
اقرأ أيضاً
ماكرون يعبر لنتنياهو عن معارضته الشديدة للهجوم على رفح
ومن شأن هكذا تدمير أن يدفع بموجة من النازحين الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، ولذا يرجح "ستراتفور" أن تنفذ إسرائيل نسخة أكثر تحفظاً من معركتها في خان يونس، بحيث تتحرك القوات ببطء عبر رفح مع غارات جوية محدودة نسبياً على البنية التحتية المدنية.
وقد يؤدي ذلك إلى إطالة أمد المعركة في رفح، وأن يترك إسرائيل عرضة لضغوط دبلوماسية متزايدة من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لتنفيذ وقف إطلاق النار مع استمرار الحرب.
وفي 12 فبراير/شباط، وصف الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الحملة الإسرائيلية في غزة بأنها "تجاوزت الحدود"، وكانت تصريحاته أحدث علامة على تصاعد الانتقادات الأمريكية لسلوك إسرائيل في القطاع، والذي أدى حتى الآن إلى مقتل أكثر من 28 ألف مدني منذ ذلك الحين.
تمرد شعبي
ويلفت تقدير "ستراتفور" إلى أن إلقاء إسرائيل القبض على كبار قادة حماس أو قتلهم "قد يؤدي إلى التعجيل بالتحول داخل حماس من حركة مقاومة موجهة مركزياً إلى تمرد شعبي"، فمع سيطرة إسرائيل على ما يقرب من ثلثي قطاع غزة تقلصت الجغرافيا التي يستطيع قادة حماس العسكريين العمل فيها، ومن شأن حملة عسكرية أخرى في رفح أن تؤدي إلى تقليص هذه الجغرافيا أكثر.
وعلى جدول زمني طويل بما فيه الكفاية، يرجح "ستراتفور" أن يقوم الجيش الإسرائيلي في نهاية المطاف بإلقاء القبض على هؤلاء القادة العسكريين أو قتلهم، ما يضعف القيادة العسكرية في قطاع غزة وقد يؤدي إلى انخفاض القتال المنظم من قبل حماس.
لكن ذلك لن يؤدي إلى استسلام حماس بالكامل أو انسحابها من غزة، بل سيحول الحركة إلى مجموعة سرية مسلحة "سيكون تركيزها الاستراتيجي في القطاع هو مضايقة القوات الإسرائيلية، والتحول إلى مقاومة للاحتلال تقودها خلايا صغيرة بدلاً من نموذج المقاومة بقيادة مركزية".
كما أورد تقدير "ستراتفور" أن قادة حماس قد يحاولون الهروب من غزة، إما عن طريق البحر، وهو ما يتطلب التهرب من البحرية الإسرائيلية، أو عن طريق المرور عبر سيناء، وهو ما يتطلب المرور عبر الجيش المصري.
ومع ذلك، قد يكون كلا الخيارين صعبين نظراً لتضاؤل موارد حماس والطوق الأمني المكثف حول غزة. وحتى لو نجح قادة الحركة في الفرار، فلا يمكن اعتبار ذلك هزيمة رسمية لحماس في غزة، بحسب المركز الأمريكي.
فقد اغتالت إسرائيل العديد من زعماء حماس على مر السنين، بما في ذلك الزعيم الروحي للحركة، الشيخ أحمد ياسين، في عام 2004، ولكن في أعقاب مثل هذه الخسائر، أثبتت حماس مراراً وتكراراً قدرتها على إعادة تنظيم صفوفها وإيجاد زعماء جدد.
انقسام داخلي
ويقدر المركز الأمريكي أن الضغوط العسكرية الإسرائيلية المكثفة على قادة حماس قد تخفف من مطالب الحركة في محادثات وقف إطلاق النار الجارية، أو قد تؤدي إلى كسر الحركة من خلال خلق انقسام بين جناحها العسكري، المتمركز في غزة، والسياسي المتمركز في الخارج.
وهناك بالفعل تقارير تفيد بأن قادة حماس في غزة، بمن فيهم السنوار، منفتحون على التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار مع إسرائيل، لكن قادة الحركة السياسيين في الخارج يريدون الحفاظ على أقصى المطالب التي من شأنها أن تؤدي إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة قبل التوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار.
وبما أن الحملة الإسرائيلية المقبلة في رفح تقلل بشكل أكبر من الجغرافيا التي يمكنهم العمل فيها بأمان، فقد يقرر السنوار وغيره من القادة المسلحين عقد "صفقة خاصة بهم" مع الجيش الإسرائيلي لتأمين سلامتهم وانسحابهم من قطاع غزة، بحسب تقدير المركز الأمريكي.
وقد يحدث هذا حتى من دون دعم زعماء حماس السياسيين، الأمر الذي قد يؤدي إلى انقسام في الإستراتيجية بين الجناحين، وهو ما من شأنه أن يضعف أو حتى ينهي وحدة الحركة الفلسطينية المسلحة.
وإذا توصل السنوار وغيره من كبار قادة حماس إلى اتفاق مع الإسرائيليين، يرجح "ستراتفور" أن يكون ذلك نذيرًا للانهيار الرسمي لمقاومة حماس المنظمة في قطاع غزة، مع تحول المسلحين الباقين على قيد الحياة مرة أخرى إلى بؤرة التمرد المسلح.
اقرأ أيضاً
إيكونوميست: انقسام داخل الحكومة الإسرائيلية حول اجتياح رفح
ويلفت المركز الأمريكي إلى أن إسرائيل أشارت مراراً وتكراراً إلى أنها منفتحة على "نفي قيادة حماس من غزة مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المتبقين"، على الرغم من أن القيادة السياسية لحماس تعتبر ذلك بمثابة هزيمة للحركة شبيهة بنفي ياسر عرفات من بيروت بعد غزو إسرائيل للبنان في عام 1982.
وأيا ما كانت الكيفية التي قد يتطور بها الهجوم الإسرائيلي على رفح، فمن شأنه أن يزيد من خطر وقوع خسائر كبيرة في الأرواح بين الأسرى، الأمر الذي قد يؤدي إلى ردة فعل سياسية داخلية كبرى من جانب حكومة نتنياهو.
وبما أن المواقع الدقيقة للأسرى الإسرائيليين المتبقين غير معروفة، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي قد يصيب أو يقتل الأسرى عن طريق الخطأ أثناء عملياته العسكرية في مدينة غزة الحدودية، كما فعل الجنود الإسرائيليون عدة مرات بالفعل. وفي الوقت نفسه، قد يقرر بعض المسلحين الذين يحتجزون الرهائن إعدامهم في مواجهة الهزيمة العسكرية، بحسب تقدير المركز الأمريكي.
هدف مستحيل
ولذا يخلص "ستراتفور" إلى أن تأمين الجيش الإسرائيلي لسلامة جميع الأسرى دون تحقيق اختراق دبلوماسي مع حماس مستحيل، ومن المرجح أن يؤدي سقوط ضحايا منهم، ما يفاقم المشاعر المناهضة للحكومة في إسرائيل نفسها، حيث بدأ القادة والفصائل السياسية المناهضة لنتنياهو في إحياء حركة الاحتجاج في الشوارع التي أصابت إسرائيل بالشلل معظم عام 2023.
وقد تؤدي مثل هذه المشاعر المناهضة لنتنياهو في نهاية المطاف إلى انهيار حكومته وإعادة إسرائيل إلى فترة من عدم الاستقرار السياسي قد تؤدي مرة أخرى إلى انتخابات جديدة.
وحتى لو نجحت إسرائيل في الاستيلاء على رفح بالقوة، فإن الضرورات السياسية التي تدفع حماس وحزب الله وغيرهما من القوات المدعومة من إيران إلى مضايقة الشحن التجاري الدولي، فضلاً عن القوات الإسرائيلية والأمريكية في جميع أنحاء المنطقة، ستظل قائمة.
وبدون مسار واضح لحكم ما بعد الحرب في غزة، فإن إسرائيل تسير حاليًا على طريق احتلال المنطقة عسكريًا في المستقبل المنظور، ما سيحفز المزيد من الهجمات من قبل القوات المؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة.
وإذا تحولت حماس إلى التمرد في قطاع غزة دون تحقيق انفراجة دبلوماسية من شأنها أن تسمح للجهات الفاعلة الرئيسية بإعلان نهاية للحرب الحالية، فإن فلول الحركة الفلسطينية المسلحة في غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان، إلى جانب حزب الله اللبناني والميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا واليمن، ستواصل تنفيذ هجمات متقطعة على المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة.
ويعني ذلك أن تعطيل الشحن التجاري في البحر الأحمر والهجمات ضد القوات العسكرية الأمريكية والقوات المتحالفة معها ستستمر، حتى ولو بوتيرة أقل من ذي قبل، كما سيستمر خطر حدوث مواجهة أكبر بين إسرائيل وحزب الله وسط الاشتباكات الحدودية المستمرة بينهما، والتي قد تبلغ ذروتها في نهاية المطاف بتوغل إسرائيلي أو غزو لجنوب لبنان إذا فشل الجانبان في التوصل إلى حل دبلوماسي لوقف القتال بينهما، بحسب تقدير "ستراتفور".
اقرأ أيضاً
نتنياهو يتوعد بعملية قوية في رفح ويؤكد: لن نخضع لشروط حماس
المصدر | ستراتفور/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل غزة رفح حماس مصر نتنياهو الجيش الإسرائيلي يحيى السنوار الجیش الإسرائیلی المرکز الأمریکی قد یؤدی إلى التوصل إلى قادة حماس تؤدی إلى قطاع غزة على رفح مثل هذه قد تؤدی فی غزة إلى أن فی رفح
إقرأ أيضاً:
تحقيق لهآرتس: إسرائيل قتلت 20 من أسراها في غزة
رغم تأكيدات مسؤولين عسكريين إسرائيليين أنهم يبذلون "كل ما بوسعهم" لتفادي إيذاء الأسرى لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، فإن تحقيقًا كشف أن العمليات العسكرية الإسرائيلية عرّضت حياة 54 أسيرا للخطر المباشر، وتسببت في مقتل ما لا يقل عن 20 منهم، منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ووفقًا لتحقيق نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فقد شنت قوات الاحتلال مئات الغارات في مناطق يُحتمل وجود أسرى بها دون معلومات مؤكدة عن مواقعهم، مما أدى في بعض الحالات إلى مقتل الأسرى.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف بريطانية: هل غضب ترامب على ماسك؟list 2 of 2معاريف: رفع العلم الأميركي بسوريا إصبع في عين إسرائيلend of listأحد أبرز الأمثلة على ذلك، بحسب الصحيفة، ما حدث في السابع من أبريل/نيسان 2025 عندما شن سلاح الجو الإسرائيلي غارة على مبنى فوق نفق كان يُحتجز فيه الأسيران إيدان ألكسندر ومتان زانغوكر. وعلى الرغم من نجاتهما بأعجوبة بعد انهيار جزء من النفق أثناء محاولتهما الهرب، فإن العملية كشفت فشلًا استخباريًا في تحديد أماكن الأسرى، رغم ادعاءات القيادة العسكرية امتلاكها معلومات دقيقة.
وقال مصدر عسكري للصحيفة "عندما لا تكون هناك معلومات عن وجود أسرى، تُنفذ الغارة"، مضيفا أنه "كلما زاد عدد الضربات، زاد خطر إصابة الأسرى".
فشل متكرر
وتحدث العديد من الأسرى المفرج عنهم عن رعبهم من الغارات الإسرائيلية أكثر من خوفهم من الأسر ذاته. فقد روت الأسير المحررة نوعاما ليفي كيف كانت تصلي في كل مرة تسمع فيها صفير الصواريخ، وتحدثت عن لحظة نجت فيها بعد انهيار جزئي للمنزل الذي كانت تُحتجز فيه.
إعلانوفي حادثة أخرى، قُتل 3 أسرى، هم ألون شامريز وسامر طلالقة ويؤاف حاييم، برصاص وحدة غولاني الإسرائيلية بعد خروجهم عراة رافعين رايات بيضاء، ظنًا منهم أنهم سيُنقذون، لكن الجنود لم يُبلّغوا بوجود أسرى في المنطقة.
وفي فبراير/شباط الماضي، قُتل 6 أسرى في خان يونس، بينهم ياغيف بوخشتاب ويورام متسغر، بعد أن استهدفت الطائرات الإسرائيلية نفقًا كانوا فيه، مما أدى إلى مقتلهم اختناقًا بغازات سامة ناجمة عن القصف، بحسب التحقيق.
هذا الفشل أثار سخطا شديدا بين عائلات الأسرى إزاء ما وصفته بـ"الإهمال الممنهج" من قبل الحكومة والجيش. وقالت إيناف زانغوكر والدة أحد الأسرى "لقد تُرك الأسرى لمصيرهم، يحتجز أبناؤنا منذ 600 يوم، في حين تستمر الحكومة في قصف أماكن يُحتمل وجودهم فيها من أجل تحقيق أهداف سياسية وحربية".
جيش أعمى
من جانبها، قالت ميراف سفيرسكي، شقيقة الأسير المقتول إيتاي سفيرسكي، إن المسؤولين العسكريين أقروا لاحقًا بأنهم لم يكونوا على علم بوجود الأسرى في المبنى الذي استُهدف، واعترفوا بأن إجراءاتهم لم تكن كافية لمنع الحادث.
ورغم تأكيد المتحدث باسم جيش الاحتلال أن "كافة الجهود تُبذل لتقليل المخاطر على الأسرى"، فإن مصادر عسكرية تحدثت لهآرتس بشكل مخالف، وأقرت بأن "الجهود ليست كاملة" نظرا لانشغال الجيش بإدارة عملية عسكرية واسعة النطاق تستنزف الموارد.
وأكدت التحقيقات أن المعلومات الاستخبارية حول مواقع الأسرى غالبًا ما تكون لحظية، وتفقد صلاحيتها بمجرد تغيير أماكن الاحتجاز، مما يُبقي الجيش "أعمى"، حسب تعبير أحد المصادر، مشيرًا إلى أن "حالات كثيرة تم فيها تعديل أو إلغاء غارات نتيجة توفر معلومات استخباراتية لاحقة".
وتطالب عائلات الأسرى بوقف الحرب، أو على الأقل تعديل خططها لتضمن سلامة أبنائهم، معتبرين أن استمرار العمليات العسكرية "يُضحّي بأبنائنا من أجل تماسك الائتلاف الحاكم".
إعلان