لي ابنة واحدة وكل ما أملك من مال أودعته في البنك كي أجهزها به فهل هذا جائز؟ سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية من خلال البث المباشر على صفحتها الرسمية.

أودعت مالي وديعة لابنتي كي أجهزها به فهل هذا جائز؟

وقال الشيخ محمد كمال أمين الفتوى بدار الإفتاء في جواب السائل: هذا الفعل صحيح وجائز شرعا، ولا حرج فيه.

وتابع:«كون حضرتك عملت وديعة لبنتك علشان ربنا لما يكرمها بالزواج تقدر تجهزها ده حلال، والأرباح الآتية منها حلال ولا حرج فيها، وما تبقى من مال تركته للزوجة جائز ولا حرج فيه».

كيفية إحياء ليلة النصف من شعبان.. دار الإفتاء تكشف عنها متى تبدأ ليلة النصف من شعبان 2024 وآخر وقتها؟.. الإفتاء تجيب حكم الادخار في البنوك 

فيما قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن الحفاظ على المال أحد المقاصد الخمسة التي اتفق عليها العلماء وهي أعمدة أساسية دعا الإسلام للحفاظ عليها.

أوضح المفتي في بيان له، أن الداعين لتوظيف الأموال خارج نطاق المؤسسات الاقتصادية المعتمدة من الدولة، هم من ضعاف النفوس يستغلون البسطاء وغير البسطاء تحت مبررات كثيرة لتنمية المال، لأغراض شخصية وتحت إغراءات كثيرة ليست قائمة على دراسات اقتصادية منضبطة، بخلاف المعاملات المالية الرسمية المختلفة، بدءًا من البنك المركزي إلى أصغر مؤسسة معتمدة تقوم على دراسات اقتصادية دقيقة.

وشدد مفتي الجمهورية على أن معايير الكسب الحلال تغيب عن عمل القائمين على توظيف الأموال بطرق خفية أو ما يُعرف بالمستريَّحين لأنهم يلحقون الضرر بالاقتصاد الرسمي، بالإضافة إلى عدم وجود ضمانات عندهم لأصحاب الأموال، فضلًا عن خداع بعضهم لأصحاب الأموال بالتخفي وراء مظلة أو صبغة إسلامية.

لفت مفتي الجمهورية النظر إلى أن هناك فرقًا بين الشخصية الاعتبارية كالبنوك والدولة وبين الشخصية الفردية في المعاملات المالية، حيث إن القرض المُحرَّم هو الذي يقوم على التربح والخروج بعقد القرض عن طبيعته، ولهذا صنفه الفقهاء على أنه من عقود الإرفاق، أما البنك فلا؛ لأن عمل البنوك لا يقوم على الاقتراض من الناحية الاستثمارية، وإنما القصد الوكالة عن المودع في استثمار ماله، فالعلاقة ليست علاقة قرض بين البنك والمودع، بل هي علاقة استثمار، فما يأخذه العميل في إطار الربح حلال.

أكد المفتي أن الذي استقرت عليه الفتوى في دار الإفتاء المصرية، بعد دراسات مستفيضة، أن السحب والإيداع في البنوك هو من باب عقود التمويل المستحدثة لا القروض التي تجر النفع المحرَّم، ولا علاقة لها بالربا.

أضاف مفتي الجمهورية أن عقود التمويل الاستثمارية بين البنوك والهيئات العامة وبين الأفراد والمؤسسات، التي يتقرر التمويل فيها بناء على دراسات الجدوى للمشروعات والاستثمارات المختلفة، لا تُعد من الربا المحرَّم؛ بل هي عقودٌ جديدةٌ تحقق مصالح أطرافها، مضيفًا أن «الذي عليه الفتوى أنه يجوز إحداث عقود جديدة مِن غير المسمَّاة في الفقه الموروث، ما دامت خاليةً من الغرر والضرر، محققةً لمصالح أطرافها».

أشار إلى أن العلماء قصدوا إلى إظهار الرضا الصحيح من العقد، حيث إن العقود الأصل فيها الرضا، لقول الله سبحانه وتعالى: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} بمعنى لا تدليس ولا نزاع ولا جهالة ولا غش، وغيرها من الضوابط والمعايير التي رسختها المذهبية الفقهية وهي الموافقة للشرع الشريف.

العلاقة بين البنك والمودع ليست علاقة قرض 

وعن الاقتراض من البنوك، أوضح  المفتي جوازه ومشروعيته عند الضرورة، بحيث تعد الحياة شاقة بدونه، وهذه المشروعية أتت من الحاجة الشديدة، مشددًا على عدم نسيان مسئولية أفراد المجتمع تجاه بعضهم البعض.

ونبَّه مفتي الجمهورية على جواز العائد الثابت المحدد سلفًا للمتعاملين في هذا الشأن الاستثماري، وأنه «مشروع لا شيء فيه؛ وهو أوفق لمقاصد الشرع الكلية، وأرفق بمصالح الخلق المرعيَّة فضلًا عن عدم وجود ما يحرِّمه من النصوص الشرعية».

المعاملات البنكية هي من باب عقود التمويل 

أكد  أن العلاقة بين البنوك والمتعاملين معها يتم تصويرها على أنها من باب «التمويل»، وإذا كانت تمويلًا فليست الفوائد حرامًا؛ لأنها ليست فوائد قروض، وإنما هي عبارة عن أرباح تمويلية ناتجة عن عقود تحقق مصالح أطرافها، ولا علاقة لها بالربا المحرم الذي وَرَدَت حُرْمته في صريحِ الكتابِ والسُّنة، والذي أجمَعَت الأمةُ على تحريمه، وبناء على ذلك أردف  المفتي قائلًا: وعليه، فإنه يجوز التعامل مع البنوك، وأخذ فوائدها شرعًا، والإنفاق منها في جميع وجوه النفقة الجائزة من غير حرج.

الحفاظ على المال أحد المقاصد الخمسة التي اتفق عليها العلماء

وأضاف مفتي الجمهورية: والذي استقرت عليه الفتوى بدار الإفتاء المصرية وقرره مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف: أن الإيداع في البنوك ودفاتر التوفير وشهادات الاستثمار ونحوها، هو من باب العقود المستحدثة التي يبرمها أطرافها بقصد الاستثمار، وليست من باب القروض التي تجر النفع المحرم، ولا علاقة لها بالربا، وهي جائزة شرعًا؛ أخذًا بما عليه التحقيق والعمل من جواز استحداث عقود جديدة إذا خلت من الغرر والضرر.

وأكد: لا مانع من الادِّخار والاستثمار في البنوك كمؤسسات مالية لها من الشخصية الاعتبارية ما ليس للأفراد

وعن استشهاد البعض بقول بعض العلماء بحرمة فوائد البنوك منذ سنوات طويلة قال: إنه في السنوات الأخيرة اتفق أغلب العلماء، وبعد بحث ودراسة، على أنها لا حرمة فيها، وهذا الاجتهاد المنضبط قد درج عليه العلماء والفقهاء، مثلما أوجب الفقهاء قديمًا الضمان على الصنَّاع أصحاب الحرف، اجتهادًا؛ حماية لأموال الناس، حتى لا يتسلَّط الصنَّاع على أموالهم أو أغراضهم قيد التصنيع عندهم والتي يزعمون ضياعها أو سرقتها أو تلفها، وقد رأى الفقهاء أنهم غير ضامنين، خلافًا لما كان يراه الصحابة والتابعون من أنهم ضامنون، فهذا اجتهاد تطلَّبه تغيُّر الحال وتبدل النيات، حيث إن تغيير الفتوى يكون نتيجة فهم جديد للواقع وليس تحولًا عن الشرع.

أشجِّع جموع المصريين على الإقبال على عمليات الادِّخار والاستثمار في البنوك تحت مظلة الدولة لدعم الاقتصاد. 

وعن ادِّعاء البعض بأن هناك ازدواجية في التفريق بين حكم ما تقوم به البنوك وبين ما يقوم به القائمون على توظيف الأموال من الأفراد، قال مفتي الجمهورية: إن البنوك شخصيات اعتبارية تختلف أحكامها عن الشخصية الفردية عند التعرض لقضية الربا وغيرها، مستدلًّا بنظام الوقف الذي تختلف أحكامه عن التعاملات الفردية، كعدم حصول الزكاة في أموال الوقف بعكس الأموال الأخرى المملوكة للأشخاص، وفق الضوابط الشرعية.

العائد الثابت المحدد سلفًا جائز للمتعاملين مع البنوك

واختتم مفتي الجمهورية حواره مطالبًا جموع المصريين ومشجعًا إياهم على الإقبال على عمليات الادِّخار والاستثمار في البنوك تحت مظلة الدولة لدعم الاقتصاد المصري، ولدعم المشروعات الوطنية النافعة التي تخدم عامة المجتمع وتفيده.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإفتاء الشيخ محمد كمال توظيف الاموال الحفاظ على المال عقود التمويل مفتی الجمهوریة فی البنوک من باب على أن ا جائز

إقرأ أيضاً:

هل التهنئة برأس السنة الهجرية بدعة؟.. دار الإفتاء تجيب

أكدت دار الإفتاء المصرية أن تهنئة المسلمين بعضهم بقدوم العام الهجري الجديد أمر مستحب شرعًا ولا يصح وصفه بالبدعة، مشيرة إلى أن التهاني لا تقتصر فقط على الأعياد الشرعية، بل تكون مشروعة عند تجدد النعم واندفاع النقم، كما هو الحال مع بداية عام جديد يُعد نعمة في حد ذاته.

وردًا على سؤال ورد إلى الدار بشأن حكم التهنئة بالعام الهجري، قالت إن وصف بعض الناس لهذه التهنئة بأنها بدعة غير دقيق، لأن التهاني تُعتبر من مظاهر الفرح والسرور المشروعين، كما أن بداية العام تتكرر سنويًا، فهي تُعد "عيدًا" بالمعنى اللغوي، حيث يُطلق أهل اللغة على كل ما يعود بـ"العيد"، وهو ما أكده الإمام الأزهري في كتابه "تهذيب اللغة"، حيث أشار إلى أن العيد مشتق من العَوْد أو العادة، لما فيه من تكرار وارتباط بالفرح أو الحزن.

هل يجوز صيام شهر المحرَّم كاملًا؟.. دار الإفتاء تجيبرأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع غدا هلال المحرم لعام 1447هل تصح صلاة المرأة إذا انكشفت قدماها؟ دار الإفتاء توضحهل أقضي الصلاة الجهرية سرا ؟.. الإفتاء توضح أسهل طريقة لقضاء الفوائت

كما أوضحت الفتوى أن عددًا من علماء الفقه أكدوا مشروعية التهنئة بالأعوام والشهور، ومنهم الإمام زكريا الأنصاري الذي نقل عن الحافظ المنذري جواز التهنئة دون أن تكون سنة أو بدعة. كذلك، ذكر ابن حجر الهيتمي أنها تُستحب، واعتبرها القليوبي من الأمور المندوبة.

وخَلُصت دار الإفتاء إلى أن التهنئة بالعام الهجري تُعد سلوكًا محمودًا لما تحمله من إحياء لذكرى الهجرة النبوية وما فيها من معانٍ روحية وتاريخية عظيمة، فضلًا عن كونها مناسبة يتجدد فيها عمر الإنسان ونعم الله عليه، وهو ما يستوجب الشكر والتهنئة.

طباعة شارك الإفتاء التهنئة برأس السنة رأس السنة الهجرية دار الإفتاء

مقالات مشابهة

  • تعيين الدكتور إبراهيم نجم مستشارا عاما لـ مفتي الجمهورية
  • مفتي القاعدة السابق: هذه الرؤى جعلت بن لادن يعتقد أنه المهدي المنتظر
  • مفتي الجمهورية يلتقى وزيري الشؤون الإسلامية والداخلية بسنغافورة لبحث تعزيز التعاون الديني
  • مفتي الجمهورية: نسعى لبناء جسور التعاون مع المؤسسات الدينية الرصينة بالعالم
  • مفتي الجمهورية: دار الإفتاء تسعى إلى بناء جسور التعاون مع المؤسسات الدينية حول العالم
  • هل التهنئة برأس السنة الهجرية بدعة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • حكم الخروج من المسجد بعد الأذان.. الإفتاء تجيب
  • مفتي الجمهورية: سنغافورة أنموذج في ترسيخ قيم التعايش الديني والاندماج الحضاري
  • مفتي الجمهورية يدين التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة «مار إلياس» بدمشق
  • مفتي الجمهورية يتوجه لـ سنغافورة للمشاركة في المؤتمر الدولي للمجتمعات المتماسكة