غزة.. أطفال خرجوا لجمع الحطب فأشعلت إسرائيل أجسادهم
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
غزة – خرج الطفل الفلسطيني محمد صالح (14 عاما)، من بيته في شمال قطاع غزة، منذ ساعات الصباح الأولى، محمّلاً بالأمل والعزيمة، للبحث عن الحطب لطهي الطعام، في ظل انعدام الغاز والكهرباء بالقطاع.
مهمة محمد كانت برفقة والده بسام صالح، وشقيقته منة، وأبناء عمه ميرال وشقيقها.
بدأوا مهمتهم اليومية وهم لا يعلمون أنها ستتحول إلى مأساة بفعل القصف الإسرائيلي المتواصل الذي استهدفهم، محوّلًا أجسادهم الغضة إلى هدف مشتعل.
فبينما كانوا يحاولون البحث عن الحطب لإشعال النيران لطهي الطعام وسد جوعهم، جاءت قذيفة إسرائيلية غادرة، فقتلت والدهم بسام وأحرقت جسد محمد وشقيقته منة وأبناء ميرال وشقيقها.
على أسرّة مستشفى كمال عدوان ببلدة بيت لاهيا شمال غزة، تستلقي أجساد الأطفال الرقيقة الذين أحرقتهم نيران إسرائيل دون أي ذنب سوى البحث عن حطب لإيقاد نار طهي الطعام بعد أن نال منهم الجوع.
**** إصابات وحروق
بين الحين والآخر، يتجلى أنين الأطفال من شدة الحروق التي مزقت أجسادهم والإصابات الأخرى التي تعرضوا لها.
وعلى وجوه أولئك الأطفال، تتجلى بوضوح الآثار المؤلمة لتلك الحروق القاسية العميقة، التي لم تسلم منها براءة وجوههم، بل تحولت إلى ندوب مظلمة تروي قصتهم بفعل الغارة الإسرائيلية.
بينما يواجه الأطفال ألمًا آخر، حيث يجدون أنفسهم في معركة جديدة لتعافيهم من الحروق والإصابات التي لحقت بهم، والتي تزداد تعقيدًا بسبب نقص الدواء والطعام الضروري المخصص لهم.
هذا المعركة تأتي في ظل الحصار الذي تفرضه إسرائيل على شمال قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مما يجعل توفير الرعاية الطبية والمواد الغذائية الأساسية أمرًا صعبًا للغاية لجميع المرضى والسكان.
وصف الطفل صالح ظروفهم بأنهم كانوا يعيشون في بيت خالٍ من المياه والكهرباء والغاز، وكانت الحاجة ماسة لطهي الطعام لتجنب الجوع.
حيث كانوا يبحثون عن حطب في منطقتهم بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، لتوفير وسيلة لإشعال النيران وطهي الطعام في ظل ما تعانيه عائلته من ظروف صعبة.
**** رحلة الحطب
وقال الطفل صالح الأناضول: “كنا جالسين في المنزل، لا مياه، ولا كهرباء، ولا أي شيء، كل ما كنا نريده هو طهي الطعام لإشباع جوعنا”.
وبينما يظهر على صوته التعب والإرهاق، أضاف صالح: “أمي ترغب في طهي الأرز، ولكن لم نجد حطبا في المنزل، فذهبنا للبحث عنه في ظل عدم توفر غاز الطهي والكهرباء”.
وتابع: “بقينا نتجول بحثاً عن الحطب، وفجأة سمعنا صوت طائرة وانفجار عنيف، لم نكن نعلم ماذا حدث، وفوجئنا بتفرقنا في كل اتجاه”.
وأشار إلى أن القصف الإسرائيلي أدى إلى فقدانه للوعي، وعندما استعاد وعيه، وجد نفسه مغطى بالحطام وشعر بآلام الحروق التي تنتشر في جسمه.
وأوضح أن تلك الغارة أسفرت عن استشهاد والده وإصابتهم جميعاً بحروق شديدة وكسور وإصابات أخرى.
وقال: “كنا نبحث عن الحطب لكي نطهو الطعام ونحاول البقاء على قيد الحياة”.
بدورها، تقول السيدة الفلسطينية الأربعينية، وهي والدة الجريحة ميرال محمد صالح، وزوجة عم محمد: “قام أطفالنا بالخروج من المنزل للبحث عن حطب من أجل طهي الطعام في ظل نقص الغاز والكهرباء”.
وأضافت: “عندما خرجوا، لم يكونوا قد تناولوا الطعام لفترة، فما ذنب هؤلاء الأطفال في ما يحدث لهم”.
**** علاج عاجل
الطبيبة المشرفة على علاج الأطفال راوية طنبورة، قالت للأناضول: “يعاني الأطفال من حروق في أجسادهم بشكل شامل، ويحتاجون رعاية طبية عاجلة”.
وذكرت طنبورة: “بعضهم يعاني من كسور في أيديهم تمنعهم من الحركة، وبحاجة ماسة لعمليات جراحية، ونحتاج إلى نقل الحالات إلى مستشفيات أخرى لتلقي العلاج اللازم”.
وأضافت: “الطفلة ميرال تعاني من ثقب في الأمعاء، ومنذ وصولها إلى المستشفى، تم منعها من تناول الطعام والشراب لأن حالتها قد تزداد سوءًا إذا تناولت الطعام”.
وتابعت: “نحن بحاجة ماسة لعلاجات وأدوية لعلاج الحروق التي تغطي جسد الأطفال، ولكن معظم هذه الأدوية غير متوفرة هنا، وتزيد المشكلة تأزمًا بسبب نقص الوقود والكهرباء، مما يعيق عملية العلاج والإسعاف”.
ولفتت إلى أن “سوء التغذية للأطفال يزيد من سوء وضعهم، ويؤخر عملية تعافيهم”.
ودعت الطبيبة الفلسطينية إلى “توفير العلاج بأسرع ما يمكن للأطفال في المستشفى، وكذلك لباقي المرضى”.
وخلال الحرب المستمرة في غزة، استهدف الجيش الإسرائيلي العديد من المنشآت الطبية وسيارات الإسعاف، وقام بمنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود لمستشفيات شمال القطاع، وفقا لتقارير وزارة الصحة في غزة.
وحسب وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، فإن نحو 600 ألف مواطن شمال غزة يتعرضون للموت نتيجة المجاعة وانتشار الأمراض والقصف الإسرائيلي، فيما حذرت الأمم المتحدة، في بيان سابق، من أن 2.3 مليون شخص في قطاع غزة معرّضون لخطر المجاعة.
ومنتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن جميع سكان القطاع يعانون من “انعدام الأمن الغذائي”، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
الأناضول
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: طهی الطعام قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
معاريف: إسرائيل ترفض مشاركة تركيا بـالقوة الإقليمية التي ستدخل غزة
قالت صحيفة معاريف العبرية، إنه بالتزامن مع مباحثات الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة، تجري نقاشات أخرى مكثفة خلف الكواليس بشأن المرحلة التالية من خطة ترامب، وتحديدا تلك المتعلقة بإنشاء قوة أمنية إقليمية ودولية ستدخل القطاع بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي.
وقالت الصحفية آنا بارسكي، في تقرير لها نشرته الصحيفة، إن هذا الملف يعد أحد أكثر المكونات حساسية وتعقيدًا في الخطة الشاملة لإعادة إعمار غزة، ومن المتوقع أن يكون محور المناقشات في قمة شرم الشيخ المنعقدة في مصر ، حيث أن الهدف من هذه القوة، هو منع حماس من العودة إلى السلطة، وتمكين الاستقرار الأمني في المنطقة، وتهيئة الأرضية لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة بعد فترة انتقالية تشرف عليها هيئة دولية.
وأضافت بارسكي، في المناقشات التي جرت خلال الأيام الأخيرة، تتضح إحدى أهم نقاط الخلاف وهي: هوية الدول التي ستشارك في القوة العربية والدولية في غزة، ووفقًا لمصادر مطلعة على المناقشات، أعربت إسرائيل عن استعدادها لضم دول خليجية وصفتها بالمعتدلة - بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين - رغم أنها لا تمتلك قوة عسكرية كبيرة لنشرها على الأرض، إضافة لمصر والأردن، حيث يُفترض أن تقودا العملية وتجندا قوة شرطة فلسطينية محلية.
من وجهة نظر إسرائيل، فإن مجرد وجود هذه الدول في غزة قد يضفي شرعية إقليمية على هذه الخطوة، ويقول مصدر إسرائيلي مطلع على هذه المناقشات: "ستكون مساهمتهم سياسية واقتصادية بالأساس، لكن وجودهم قادر على تحقيق الاستقرار".
في المقابل والكلام للصحفية آنا بارسكي، أعلنت حكومة نتنياهو، معارضتها القاطعة لمشاركة تركيا في القوة، وتنبع هذه المعارضة من مواقف أنقرة المتشددة تجاه إسرائيل، ودعمها العلني لحماس، والروابط الأيديولوجية الوثيقة بين إدارة أردوغان وجماعة الإخوان المسلمين، يقول مصدر إسرائيلي: "لا يمكن لتركيا أن تكون جزءًا من كيان يهدف إلى نزع سلاح حماس، فالوجود التركي سيقوض العملية برمتها"، كما أن مصر لديها تحفظات على الفكرة، خوفًا من محاولة تركية لإعادة ترسيخ نفوذها في منطقة تعتبرها القاهرة جزءًا من مسؤوليتها الأمنية المباشرة.
وتضيف، لا تزال الأسئلة الأكثر صعوبة مطروحة، تطالب إسرائيل بنزع سلاح حماس بالكامل كشرط للانسحاب الكامل، بينما تطالب حماس بوعد صريح بانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة حتى قبل بدء هذه العملية، في هذه المرحلة، ما يبدو ظاهريًا مجرد مخطط أمني إداري تقني، هو في الواقع صراعٌ على إعادة تعريف المنطقة بأسرها، حيث تسعى إسرائيل إلى الحفاظ على السيطرة الأمنية لتحقيق أقصى استفادة ممكنة في المفاوضات حول استمرار تنفيذ خطة ترامب، فيما تسعى حماس إلى البقاء سياسيًا، ولكن بالأساس عسكريًا وأيديولوجيًا، وتحاول الولايات المتحدة والدول العربية بناء جسرٍ مستقر بين مطالب الأطراف والواقع الذي يتبلور أمام أعيننا.
لا يعتمد نجاح المبادرة على تشكيل القوة وهوية المشاركين فيها فحسب، بل يعتمد أيضًا على قدرة كل طرف، وخاصة إسرائيل، على الاعتقاد بأن من يدخل غزة هذه المرة سيكون قادرًا على البقاء فيها أيضًا، مشيرة إلى أن قمة شرم الشيخ قد تحدد طبيعة غزة في السنوات القادمة فيما إذا ستصبح منطقةً مُدارةً ومُشرفةً دوليًا، أم أنها ستعود إلى نقطة البداية.