الرقابة المالية: نسعى لتعزيز الشفافية لتحويل النمو الاقتصادي إلى فرص تمويل للشركات
تاريخ النشر: 15th, October 2025 GMT
شارك الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، في حوارات مفتوحة نظمها بنكا ستاندرد تشارترد وسيتي بنك مع مجموعة من كبار المستثمرين الدوليين ومديري الأصول وممثلي مؤسسات التمويل العالمية.
جاء ذلك على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بالعاصمة الأمريكية واشنطن، وذلك لاستعراض تطورات السياسات التنظيمية والرقابية خاصة في ظل تنفيذ مصر برنامج شامل لإصلاح الاقتصاد على المستوى المالي والنقدي والهيكلي وكذلك القطاع المالي غير المصرفي.
وتأتي مشاركة الهيئة في هذه اللقاءات في إطار حرصها على مد جسور التواصل مع مجتمع الاستثمار العالمي، وتبادل الرؤى حول التطورات التنظيمية والرقابية في الأسواق المالية، إلى جانب عرض التقدم المحرز في إصلاح وتطوير القطاع المالي غير المصرفي المصري الذي يشكل ركيزة رئيسية لدعم النمو الاقتصادي وتمويل التنمية المستدامة.
وخلال اللقاءات، أكد الدكتور فريد أن ما تقوم به الهيئة من إصلاحات شاملة لتطوير وتنظيم الأسواق المالية غير المصرفية يمثل امتدادًا وتكاملًا مع الإصلاحات الاقتصادية الكلية التي تنفذها الحكومة المصرية، موضحًا أن فعالية الإصلاحات الاقتصادية تُقاس بقدرتها على الوصول إلى الشركات والأفراد من خلال الأسواق المالية المنظمة والرقابة الفعالة.
وأضاف أن هذا التكامل بين الإصلاحين الكلي والقطاعي يسهم في تعزيز فعالية ما يُعرف اقتصاديًا بـآلية انتقال أثر الإصلاحات (Transmission Mechanism)، والتي تضمن أن ينعكس اثار استقرار الاقتصاد الكلي على أداء الأسواق، وعلى فرص التمويل والاستثمار المتاحة أمام المواطنين والشركات.
وأوضح الدكتور فريد أن الهيئة تعمل على تعميق الأسواق وتوسيع قاعدة المتعاملين وتعزيز الكفاءة والشفافية بما يتيح تحويل النمو الاقتصادي إلى فرص تمويل حقيقية للشركات ومشاركة مجتمعية أوسع في النشاط الاقتصادي، مشيرًا إلى أن القطاع المالي غير المصرفي يلعب دورًا حيويًا في تعبئة الموارد المحلية وتوجيهها نحو مشروعات إنتاجية واستثمارية متنوعة.
وفي هذا الإطار، استعرض الدكتور فريد أهم الإصلاحات الهيكلية والتشريعية والتنظيمية التي نفذتها الهيئة خلال الفترة الأخيرة في قطاعات التأمين وسوق رأس المال والتمويل غير المصرفي، والتي استهدفت بناء قطاع مالي أكثر كفاءة، واستدامة، وقدرة على مواجهة التحديات العالمية.
ففي قطاع التأمين، أشار رئيس الهيئة إلى تعزيز رسملة الشركات وزيادة ملاءتها المالية ورفع قدراتها الإدارية والفنية لحماية حقوق حملة الوثائق، مؤكدًا أن تطبيق قانون التأمين الموحد رقم 155 لسنة 2024 يمثل نقطة تحول رئيسية في مسار تطوير القطاع، من خلال توحيد الإطار التشريعي وتعزيز الشمول التأميني وتوسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات التأمينية، بما يسهم في تحقيق الاستقرار المالي للأفراد والمؤسسات.
وفي سوق رأس المال، لفت الدكتور فريد إلى أن الهيئة تبنت ونفذت إصلاحات مؤسسية عميقة تستهدف تعزيز الانضباط والشفافية والإفصاح وحماية المستثمرين، مع تحفيز مشاركة المواطنين في الاستثمار بالبورصة كوسيلة لربط النشاط الاقتصادي العام بمشاركة جماهيرية في خلق الثروة والنمو. وبيّن أن الهيئة تعمل على إطلاق أدوات تمويل واستثمار جديدة تدعم تمويل الشركات الناشئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير أسواق التمويل المستدام وسوق الكربون الطوعي بما يرسخ دور مصر كمركز إقليمي للتمويل الأخضر والمستدام.
واستكمالًا لمسار الإصلاحات الهيكلية، شدد رئيس الهيئة على أن التطوير التشريعي والتنظيمي لا يكتمل دون التحول الرقمي والابتكار التكنولوجي، مشيرًا إلى أن الهيئة العامة للرقابة المالية تقوم بدور محوري في قيادة التحول الرقمي داخل القطاع المالي غير المصرفي من خلال دعم وتبني التكنولوجيا المالية (FinTech) كأداة استراتيجية لتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية وتعزيز الشمول المالي. وانطلاقًا من رؤيتها لبناء قطاع مالي أكثر كفاءة وابتكارًا، تعمل الهيئة على تهيئة بيئة تنظيمية مرنة ومتطورة تشجع على استخدام الحلول التكنولوجية في مجالات التمويل متناهي الصغر، والتأجير التمويلي، والتمويل العقاري، والتمويل الاستهلاكي، بما يتيح الوصول إلى شرائح أوسع من الأفراد والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويُسهم في خفض تكلفة الخدمات المالية وتسريع دورة التمويل وتحسين جودة القرار الائتماني. كما تعمل الهيئة على تطوير البنية التحتية الرقمية للأسواق، من خلال إطلاق منصات إلكترونية للترخيص والرقابة والإفصاح، وتبني آليات التحليل الذكي للبيانات لضمان كفاءة الرقابة وجودة المعلومات.
وفي هذا السياق، تقود الهيئة جهودًا متكاملة لتعزيز التكامل بين التكنولوجيا المالية والشمول المالي عبر بناء منظومة تشريعية وتنظيمية داعمة للابتكار، وإتاحة المجال أمام الشركات الناشئة ومقدمي الخدمات الرقمية لتطوير منتجات جديدة تلبي احتياجات مُختلف الفئات. وقد أطلقت الهيئة مختبر التكنولوجيا المالية كمنصة تجريبية لتقييم وتطوير الابتكارات المالية تحت إشرافها، بما يحقق التوازن بين حماية المتعاملين وتشجيع الأفكار الجديدة. كما تركز الهيئة على رفع الوعي والثقافة المالية الرقمية لدى المتعاملين والمؤسسات، إدراكًا منها بأن التكنولوجيا ليست غاية في ذاتها، بل وسيلة لتحقيق شمول مالي حقيقي ومستدام يمكّن المواطنين من الوصول العادل إلى التمويل، ويجعل القطاع المالي غير المصرفي أكثر مرونة وقدرة على دعم النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، ما يسهم في دعم النمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل وزيادة الإنتاجية.
وأكد الدكتور فريد أن الإصلاحات الرقابية والتنظيمية التي تقودها هيئة الرقابة المالية تُعدّ ركيزة أساسية لبناء سوق منضبط، ومرن، وعادل، يوازن بين حماية المستثمرين وتحفيز النمو، مشددًا على أن الرقابة ليست غاية في ذاتها، بل أداة لتحقيق الاستقرار، وكفاءة تخصيص الموارد، وتحفيز الابتكار في المنتجات والخدمات المالية.
وأشار إلى أن الهيئة تعمل على تطبيق أفضل معايير الحوكمة والممارسات الدولية في الإشراف والرقابة، وتطوير قدرات الكوادر الفنية والمهنية داخل الهيئة والمؤسسات المالية غير المصرفية، إلى جانب تعزيز الثقافة المالية والاستثمارية لضمان فهم أعمق للأدوات والأسواق الجديدة.
وأشار إلى أن الهيئة مستمرة في تطوير الإطار الرقابي والتشريعي وتبني سياسات تحفز الابتكار المالي دون الإخلال بالانضباط المؤسسي، بما يعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين ويضمن أن تكون الأسواق المالية المصرية قادرة على تمويل التنمية الاقتصادية ودعم التحول نحو اقتصاد أكثر مرونة واستدامة وتنافسية.
اختتم رئيس الهيئة تصريحاته بالتأكيد على أن عملية تطوير القطاع المالي غير المصرفي رحلة مستمرة وتمثل أولوية لعمل الهيئة العامة للرقابة المالية، كونه أحد المحركات الرئيسة لتحقيق النمو الشامل والمستدام في الاقتصاد المصري.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الرقابة المالية النمو الاقتصادي صندوق النقد التكنولوجيا القطاع المالی غیر المصرفی الأسواق المالیة النمو الاقتصادی إلى أن الهیئة الدکتور فرید رئیس الهیئة الهیئة على من خلال
إقرأ أيضاً:
مسقط تحتضن حلقة عمل إقليمية لمناقشة قياس مساهمة السياحة في النمو الاقتصادي
◄ المحروقي: القطاع يشهد نموًا متسارعًا وتحولًا نوعيًا في الخدمات والاستثمارات
◄ 75 مليون زائر لدول الخليج خلال 2024 بنمو سنوي 11%
مسقط- العُمانية
أكدت حلقة العمل الإقليمية حول "قياس مساهمة السياحة في الاقتصاد"، التي نظمها المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، على ضرورة تبنّي منهجيات شاملة لقياس المساهمة الكلية للسياحة؛ بما يوفّر صورة أكثر دقة وشمولية عن الدور الحقيقي للقطاع في دعم الاقتصادات الخليجية، ويساعد في صياغة سياسات فعّالة تستند إلى الأدلة والبيانات الإحصائية الموثوقة.
ورعى حلقةَ العمل معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة. وناقشت الحلقة مفاهيمَ قياس السياحة وأطرَها المنهجية وفق المعايير الدولية، وآلياتِ ربط البيانات الإحصائية والسجلات الإدارية المتعلقة بالزوار والإنفاق السياحي، وأهميةَ التكامل بين المصادر الوطنية لتقدير الأثر المباشر وغير المباشر للسياحة على الناتج المحلي الإجمالي وفرص العمل، وذلك بمشاركة عددٍ من المختصين والخبراء من الأجهزة الإحصائية الوطنية والجهات المعنية بالسياحة في دول المجلس، إلى جانب ممثلين من منظمات دولية وإقليمية ذات الصلة.
وقال معالي سالم بن محمد المحروقي، وزير التراث والسياحة، إن موضوع الحلقة يأتي في توقيتٍ بالغ الأهمية، مع ما يشهده قطاع السياحة في المنطقة من نموٍّ متسارعٍ وتحولٍ نوعيٍّ في البنية والخدمات والاستثمار؛ حيث تولي سلطنةُ عُمان ودولُ مجلس التعاون قطاعَ السياحة مكانةً محورية ضمن استراتيجيات التنويع الاقتصادي، إدراكًا لدوره في توفير فرص العمل، وتحفيز القطاعات الإنتاجية والخدمية، وتعزيز استدامة التنمية، مشيرًا إلى أن تحقيق هذا الدور يتطلب نظمًا إحصائية دقيقة وموثوقة تمكّن من قياس القيمة الحقيقية لمساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي وفي الاقتصاد الوطني بشكلٍ عام.
من جانبها، قالت سعادة انتصار بنت عبدالله الوهيبية المديرةُ العامة للمركز الإحصائي الخليجي، إن قطاع السياحة في دول مجلس التعاون شهد نموًّا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة؛ حيث ارتفع عددُ السياح الدوليين القادمين إلى دول المجلس بنسبة 51.5 بالمائة مقارنةً بعام 2019؛ ليصل إلى 72.2 مليون سائح في عام 2024، كما بلغت عائداتُ السياحة نحو 119.6 مليار دولار أمريكي، ممثلةً ما نسبته 7.5 بالمائة من الحصة السوقية العالمية للعائدات السياحية.
وأشارت سعادتها إلى ما حققته دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من أداءٍ متميّزٍ في مؤشر تنمية السفر والسياحة لعام 2024، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، ليعكس ما تبذله دول المجلس من جهودٍ متواصلةٍ للنهوض بالقطاع السياحي وتعزيز تنافسيته على المستويين الإقليمي والعالمي. وأكدت سعادتها أن هذا التقدّم يُعد ثمرةً لسياساتٍ طموحةٍ ورؤى استراتيجيةٍ ركّزت على تطوير البنية الأساسية السياحية، وتنوّع التجارب السياحية، إلى جانب استضافة الفعاليات العالمية الكبرى التي رسّخت مكانة المنطقة كوجهةٍ جاذبةٍ ومؤثرةٍ في خريطة السياحة الدولية. وبيّنت أن تطوير وتوحيد العمل الإحصائي في دول مجلس التعاون يُعد أحد الأهداف الرئيسة في الخطة الاستراتيجية للعمل الإحصائي الخليجي المشترك، من خلال تبنّي أحدث المعايير والمنهجيات الدولية، وبناء القدرات الوطنية في المجالات ذات الأولوية، ومن ضمنها إحصاءاتُ السياحة، التي تمثل محورًا أساسيًا في دعم الناتج المحلي الإجمالي، وخلق فرص العمل، وتعزيز التنوع الاقتصادي.
من جهته، قال سامر إبراهيم الخراشي مدير المكتب الإقليمي لمنظمة السياحة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط، إن تطوير منظومة قياس السياحة وتعزيز القدرات الإحصائية يمثلان ركيزةً أساسيةً لدعم اتخاذ القرار وبناء سياسات قائمة على الأدلة، مشيرًا إلى أن الإحصاءات السياحية لم تعد مجرد أرقام، بل أداة استراتيجية لقياس الأثر الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للسياحة، وتوجيه الاستثمار نحو التنمية المستدامة. وأوضح أن قطاع السياحة العالمي يواصل تعافيه بثباتٍ؛ حيث ارتفع عددُ السياح الدوليين إلى نحو 690 مليون زائر خلال النصف الأول من عام 2025، بزيادة قدرها 5 بالمائة عن العام الماضي، متوقعًا استمرار النمو بنهاية العام بنسبة تتراوح بين 3 و5 بالمائة. وأشار إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي سجلت أداءً قويًا، إذ استقبلت أكثر من 75 مليون زائر في عام 2024، بزيادةٍ بلغت 11 بالمائة عن العام السابق، مضيفًا أن منظمة الأمم المتحدة للسياحة تعمل على تطوير نظام حساب السياحة الفرعي كأداةٍ عالميةٍ لقياس المساهمة الحقيقية للسياحة في الناتج المحلي وفرص العمل والاستثمار، إلى جانب إطلاق إطارٍ إحصائيٍّ جديدٍ لقياس استدامة السياحة يدمج الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لتقييم أثر السياحة على الموارد الطبيعية والمجتمعات المحلية.
وأكد سامر الخراشي أن المنظمة تولي بناء القدرات وتبادل المعرفة أولويةً كبيرة، من خلال تنظيم البرامج التدريبية وورش العمل الإقليمية، وتعزيز التعاون مع مركز الإحصاء الخليجي لتطوير نهجٍ إقليميٍّ موحّدٍ في إحصاءات السياحة، مشيدًا بقيادة دول المجلس وجهودها في توحيد المنهجيات وتعزيز الابتكار الإحصائي.
وناقشت الجلسات مجموعةً من المحاور؛ أبرزها: مفاهيمُ قياس السياحة وأُطرُها المنهجية وفق المعايير الدولية، وآلياتُ ربط البيانات الإحصائية والسجلات الإدارية المتعلقة بالزوار والإنفاق السياحي، وأهميةُ التكامل بين المصادر الوطنية لتقدير الأثر المباشر وغير المباشر للسياحة على الناتج المحلي الإجمالي وفرص العمل. كما تناولت الحلقةُ التجاربَ الوطنيةَ لدول المجلس في إعداد الحسابات الفرعية للسياحة، وسبلَ تطويرها لتواكب التحولاتِ الاقتصاديةَ والتنمويةَ في المنطقة.
وأكدت الحلقةُ أهميةَ توحيد المفاهيم والتصنيفاتِ المستخدمة في إحصاءات السياحة على مستوى دول المجلس، وتعزيزَ التنسيق بين الأجهزة الإحصائية والجهات السياحية، بما يسهم في بناء قاعدة بياناتٍ موثوقةٍ تُسهم في دعم القرارات والسياسات التنموية. كما شدّد المشاركون على أهميةِ الاستثمار في بناء القدرات الوطنية، وتبنّي التقنيات الحديثة في جمع وتحليل البيانات، بما في ذلك استخدامُ البيانات الضخمة ومصادرُ المعلومات غيرِ التقليدية.