احزاب النموذج التنموي الجديد !
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
بقلم /ذ. امحمد لقماني
لا توجد دولة في العالم تخلو من فساد سياسي، بما فيها تلك الدول المتربعة على عرش سلم النزاهة في العالم و التي تحقق حالة الإشباع و الرفاهية لشعوبها. لكن ثمة فرق بينها و غيرها من الدول الأقل و الأضعف نزاهة سياسية، هو أن الأولى تمكنت من التحكم في انتشار الفساد السياسي عبر محاصرته في هوامش الدولة، بينما في النموذج الثاني تمكن الفساد السياسي من التسلل إلى مراكز القرار و أضحى يهدد أساسات الدولة بالتآكل ليسهل بعد ذلك تجنيد مؤسساتها و أجهزتها في التحصينات و المنازعات.
و لأن الدولة هي المجال السياسي الشرعي الذي يتنافس بداخله الفاعلون السياسيون لحيازة السلطة و المشاركة فيها، فإن مخاطر الفساد لا تستثني أي فاعل من هؤلاء، و لا مجال لأي عناد سياسي أو مزايدات خاوية تدفع أصحابها بالقول أن الدولة و السلطة هما أصل الشر و أن ما دونهما من الفاعلين السياسيين، ملائكة و فوق الشبهات. فقد انكشف للجميع، اليوم، أن خطاب النقاء السياسي و الصفاء الأخلاقوي لم يعد باستطاعته أن يؤدي وظيفة تبريرية تشفع للأحزاب السياسية في الاختباء و التحصن وراءه في سبيل البحث عن شعبية مفقودة أو حتى عن مشروعيات الوجود و الاستمرار في زمن تنامي وعي المغاربة و تغير مزاجهم السياسي، بل و في زمن تغير الأولويات الموضوعة على أجندة الدولة نفسها . وحده الالتزام السياسي المسؤول و الإنجاز التنموي الملموس، من يحدث الفارق في عيون الناس بين أحزاب الشعار و أحزاب المشروع، بين أوهام اليوتوبيا و الواقعية السياسية.
ورغم الدعوات المستمرة من طرف ملك البلاد للأحزاب السياسية إلى تجديد نخبها و أفكارها و أدوات اشتغالها حتى تكتسب القدرة على مسايرة الإيقاعات السريعة التي يتطلبها تنفيذ المشاريع الجديدة للدولة، غير أنه قلما نجد من بين هذه التنظيمات من يتفاعل إيجابا مع هذه الدعوات و يتسلح بالشجاعة لتجديد ذواته و الانكباب على صناعة نخب تتوفر على المستوى المطلوب من التكوين السياسي في أفق صيرورتهم كوادر للدولة. لأن المفروض و المنطقي في المجتمعات الديناميكية التي تشتغل بمنطق دوران النخب، أن الدولة هي من تتحصن بالأحزاب القوية و تتغدى من نخبها المتمرسة.
و على ما يبدو، لربما كانت هذه الإشكالية هي الحلقة المفقودة في النموذج التنموي الجديد. أو بتعبير آخر، اهتم النموذج التنموي الجديد بالأبعاد الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، دونما ربطه، جدليا، بضرورة تطوير و تجديد النموذج السياسي و تحصينه من العبث، علما بأن إحدى شروط و ضمانات نجاح النموذج التنموي الجديد هو مناعة نموذجه السياسي و وضوح مقدماته و مسؤولية نخبه. لكن ذلك لم يعدم إمكانية التدارك لتصحيح المسار. و دليلي في ذلك، بشائر الحملة القضائية التطهيرية الجارية في صفوف بعض النخب السياسية التي خانت الأمانة و خالفت قواعد المسؤولية العمومية من شدة التمادي في الغلط، و التماهي لديها بين الملكية الخاصة و ملكية الدولة.
هذه الصرامة هي من صميم الوظائف الأصلية و الدائمة الدولة، و عليها تتوقف هيبة الدولة في الداخل و قيمتها بين الأمم.
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: النموذج التنموی الجدید
إقرأ أيضاً:
تعديلات على الضريبة الانتقائية لتطبيق «النموذج الحجمي المتدرج» على المشروبات المحلاة
أعلنت وزارة المالية عن صدور قرار مجلس الوزراء رقم «197» لسنة 2025 في شأن السلع الانتقائية والنسب أو المبالغ الضريبية التي تُفرض عليها وكيفية احتساب السعر الانتقائي، والمتضمن تعديلات على الضريبة الانتقائية وذلك بهدف تطبيق «النموذج الحجمي المتدرج» على المشروبات المحلاة، حيث سيحل القرار الجديد محل قرار مجلس الوزراء رقم «52» لسنة 2019 في شأن السلع الانتقائية والضريبة التي تفرض عليها، وتعديلاته.
ويأتي التعديل في إطار جهود الدولة الرامية لتعزيز الصحة العامة وتشجيع أفراد المجتمع على اتباع نمط استهلاك صحي، وتطبيقاً للتعديلات الأخيرة على المرسوم بقانون اتحادي رقم «7» لسنة 2025 بشأن الضريبة الانتقائية. ويهدف التعديل إلى توضيح السلع الخاضعة للضريبة الانتقائية والنسب والقيم الضريبية المطبقة عليها ضمن أداة تشريعية موحدة، لتسهيل فهمها واتباعها من قبل جميع الخاضعين للضريبة. ويتضمن التعديل تطبيق النموذج الحجمي المتدرج على المشروبات المحلاة، بحيث تُحتسب الضريبة بناءً على كمية السكر والمحليات في كل 100 مل من المشروب.
وستُفرض ضريبة بقيمة 0.79 درهم للتر الواحد على المشروبات المحلاة التي تحتوي على كمية سكر ومحليات أخرى تساوي أو تزيد على 5 غرامات، وتقل عن 8 غرامات لكل 100 ملليلتر، بينما تُفرض ضريبة بقيمة 1.09 درهم للتر الواحد على المشروبات المحلاة التي تحتوي على 8 غرامات أو أكثر من السكر والمحليات الأخرى لكل 100 ملليلتر.
بينما ستخضع المشروبات المحلاة التي تحتوي على أقل من 5 غرامات من السكر والمحليات الأخرى لكل 100 ملليلتر، أو تلك المضاف إليها مُحليات صناعية فقط، إلى ضريبة صفرية.
كما ينص التعديل على توضيح الإجراءات المقررة في حال عدم تقديم التقارير المخبرية أو المستندات المطلوبة للهيئة من قبل الخاضعين للضريبة عند تسجيل المشروبات المحلاة أو تعديل تسجيلها على النظام الخاص بتسجيل السلع الانتقائية.
وفي هذه الحالات، ستُطبق الضريبة على تلك المشروبات وفق الفئة الأعلى من محتوى السكر والمحليات الأخرى، وفي حال تقديم تقرير مخبري معتمد لاحقاً يثبت أن محتوى السكر والمحليات الأخرى أقل من الفئة الأعلى، فسيتم تعديل تسجيل تلك المشروبات حسب الفئة الصحيحة.
وسيبدأ سريان التعديلات الخاصة بتطبيق النموذج الحجمي المتدرج على جميع الخاضعين للضريبة اعتباراً من 1 يناير 2026. وأكدت وزارة المالية أن هذه التعديلات تأتي ضمن توجه الحكومة لتعزيز الصحة العامة مع توفير إطار واضح وموحد لتطبيق الضريبة الانتقائية يخدم المستهلكين والمستثمرين على حد سواء.