آداب وضوابط تنظيم المعاملات بين الناس؟.. تعرف عليها
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤالا يقول (ما أهم الآداب والضوابط التي جاءت بها شريعة الإسلام لتنظيم المعاملات بين الناس؟).
وقالت دار الإفتاء، في إجابتها على السؤال، إنه إذا كانت شريعة الإسلام قد أباحت كلَّ معاملة تقوم على الحقِّ والعدل والصدق وتحقيق مصالح الناس في حدود ما أحلَّهُ الله تعالى لهم فإنها في الوقت ذاته قد حَرَّمَتْ كل معاملة يخالطها الظلم أو الغش أو الربا أو غير ذلك من الرذائل.
وتابعت: فمثلًا حرمت شريعة الإسلام الاحتكار؛ ومعناه: شراء الشيء وحبسه ليقِلّ بين الناس فيزيدُ سعره عن حدود الاعتدال، فتضطرب أحوال الناس، ويلحقهم الضرر والعنت، وفي الحديث الصحيح: «مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ» أي: فهو بعيد عن الحق والعدل، وفي حديث آخر: «مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللهِ تَعَالَى وَبَرِئَ اللهُ تَعَالَى مِنْهُ» رواه الإمام أحمد في "المسند"، وفي حديث ثالث: «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» رواه الإمام ابن ماجه في "السنن"، أي: التاجر الذي يجلبُ السلع من مكان إلى آخر لينتفع بها الناس مرزوق ومأجور من الله، أما الـمُحْتَكِر للسلع لكي يستغل حاجة الناس فهو ملعون.
وحرَّمت الغَرَر؛ أي: المعاملة التي يشوبها الخداع والجهالة التي تؤدي إلى المنازعة.
وحرَّمت الغِش والحلف الكاذب من أجل ترويج السلع، وفي الحديث الصحيح: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ» أي: ليس على ديننا الكامل من استعمل الغش في معاملاته، وفي حديث آخر: «إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ يَمْحَقُ» رواه الإمام مسلم في "صحيحه"، أي: احذروا كثرة الحلف في بيعكم وشرائكم؛ فإنَّ الحلف قد يؤدي في الظاهر إلى رواج التجارة إلا أنَّه بعد ذلك يزيل بركتها.
كما حرَّمت التطفيف في المكيال والميزان وأمرت بالقسط فيهما؛ قال تعالى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾ [المطففين: 1-3]، وعندما مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ برجل يَزِنُ للناس بالأجر قال له: «يا وَزَّانُ، زِنْ وَأَرْجِحْ» رواه الإمام ابن ماجه في "سننه".
وحرَّمت النَّجْش بإسكان الجيم؛ ومعناه: أن يزيد الشخص في ثمن السلعة لا ليشتريها وإنما لِيَخْدَع غيره.
وحرَّمت شراء الشيء المغصوب أو المسروق؛ لأن شراءه يمثل لونًا من التعاون على الإثم والعدوان، وفي الحديث الشريف: «مَنِ اشْتَرَى سَرِقَةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا سَرِقَةٌ، فَقَدْ اشتركَ فِي عَارِهَا وَإِثْمِهَا» رواه الإمام الحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وشبيه بذلك في الحرمة: أن يبيع الإنسان العنب لمن يعلم أنه سيتخذه خمرًا، أو يبيع السلاح لمن يعلم أنه يستعمله في الأذى أو في القتل ظلمًا؛ وذلك لأنَّ البيع في هذه الحالات وأمثالها يؤدي إلى الفساد والضرر.
وفي الحديث الشريف الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَعَنَ اللهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ» رواه الإمام أبو داود في "السنن" وأحمد في "المسند"، وعن عمران بن الحصين رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع السلاح في أيام الفتن" رواه الإمام الطبراني في "المعجم الكبير" والبيهقي في "السنن الكبرى"، وشبيه بذلك في الحرمة والإثم بيع أو شراء كل ما يؤدي إلى إفساد الأخلاق ويعين على نشر الرذائل.
وإذا كانت شريعة الإسلام قد نهت عن كل معاملة يشوبها الغش أو الظلم أو الاحتكار أو الغرر؛ فقد أمرت أتباعها بآداب معينة في معاملاتهم:
1- أمرتهم بالتيسير على الـمُعْسِر والرأفة به، وتأجيل ما عليه من ديون حتى يوفقه الله تعالى لسدادها؛ قال تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 280]، ومن الأحاديث النبوية التي وردت في ثواب الذين ييسرون على المعسر ما جاء في "الصحيحين" عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «تَلَقَّتِ الْمَلاَئِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لاَ. قَالُوا: تَذَكَّرْ. قَالَ: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ. قَالَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَجَوَّزُوا عَنْهُ».
2- أمرتهم بتحرِّي الحلال وبالبعد عن الشبهات؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [البقرة: 168].
3- أمرتهم بالحرصِ على العمل النافع الذي يعود عليهم وعلى أمتهم بالخير، ويكفي في هذا المعنى قوله سبحانه: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: 15].
4- أمرتهم بأداء الحقوق إلى أصحابها دون مماطلةٍ أو تسويفٍ؛ ففي الحديث الصحيح عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى»، وفي حديث آخر: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللهُ».
5- أمرتهم أن يبنوا معاملاتهم على التراضي المشروع؛ فالله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].
6- أمرتهم بتوثيق المعاملات؛ لأنَّ هذا التوثيق أدعى للاطمئنان وأصون للحقوق، ويكفي أنَّ أطول آية في القرآن تحدثت عن توثيق الديون؛ وهي قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُۚ..﴾ [البقرة: 282].
وإذا نفَّذَ المسلمون هذه الآداب وتلك الأوامر والنواهي في معاملاتهم فتح الله عليهم بركات من السماء والأرض.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الاداب شريعة الإسلام المعاملات الناس الإسلام صلى الله علیه وآله وسلم شریعة الإسلام رواه الإمام وفی الحدیث وفی حدیث رضی الله ه وآله ى الله ع حدیث ال الله عن
إقرأ أيضاً:
شروط بدونها لا توجد دعوي زنا .. تعرف عليها
يتساءل البعض عن الشروط الواجب توافرها لرفع دعوي الزنا في القانون ونستعرض الشروط :
لا يجوز ان ترفع الدعوى الجنائية في جريمة الزنا – زنا الزوج أو زنا الزوجة -
إلا بناء على شكوى من الزوج المجنى عليه أو من يمثله
وهناك حكم لإحدى المحاكم جاء ما يلي : إن جريمة الزنا هي في الحقيقة والواقع جريمة في حق الزوج المثلوم شرفه ، فإذا ثبت أن الزوج كان يسمح لزوجته بالزنا ، بل إنه قد اتخذ من هذا الزواج حرفة يبغي من ورائها العيش مما تكسبه زوجته من البغاء ، فإن مثل هذا الزوج لا يصح أن يعتبر زوجا حقيقة ، بل هو زوج شكلا ، لأنه فرط في أهم حق من حقوقه وهو اختصاص الزوج بزوجته ، ومادام قد تنازل عن هذا الحق الأساسي المقرر أصلاً لحفظ كيان العائلة وضبط النسب فلا يصح بعد ذلك أن يعترف به كزوج ولا يبقى له من الزوجية سوى ورقة عقد
الزواج أما زوجته فتعتبر في حكم غير المتزوجة ولا يقبل منه كزوج أن يطلب محاكمة زوجته أو أحد شركائها إذا
زنت ، وإلا كان هذا الحق متروكا لأهوائه يتخذه وسيلة لسلب أموال الزوجة وشركائها كلما عن له ذلك بواسطة
تهديدهم بالفضيحة وهذا القضاء لا يستند إلى أساس قانوني ، فلا نزاع في
أن الزنا إذا وقع كان للزوج المجني عليه الحق في طلب رفع الدعوى ، ولا يوجد في القانون المصري نص يحرمه