جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-05@14:07:31 GMT

تناقض المشاعر!

تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT

تناقض المشاعر!

 

مدرين المكتومية

دائمًا ما تُحيرنا النفس البشرية بتوجهاتها وأفكارها، فمنذ أن خلق الله الإنسان، وهذه النفس تنطلق يمينًا ويسارًا، بحثًا عن الذات، وسعيًا وراء اكتشاف المجهول الكامن في بواطن هذه النفس، لكن يبدو أن عملية البحث- وإن طالت- لن تُجدي نفعًا، ولن تصل بنا إلى الطريق المنشود، أو تُخبرنا بما نود معرفته، فما تزال أسرار هذه النفس عصية على فك شفراتها، وصعبة المنال!

أقول ذلك وأنا أُمعن التفكير في أحوال النَّاس، عندما أستمع إلى قصصٍ وحكايات الكثيرين، سواء الذين تربطني بهم معرفة مباشرة أو أولئك الذين نقرأ عنهم في الروايات والقصص، غير أن المُلاحظ أن كلاهما لا يختلفان، فالقصص الإنسانية تتشابه، وإن اختلفت الظروف والمُعطيات والمقدمات، لكن غالبًا ما تكون النتائج مُتشابهة.

والتفسير الذي أراه منطقيًا في هذه الحالة، أن النفس البشرية جُبلت على سلوك بشري لم يتغير منذ آدم وحواء، وقابيل وهابيل، وحتى عصرنا هذا، والتي ربما كُتِب عليها الحيرة والشقاء في مختلف دروب الحياة. لكن هذا الشقاء الذي قد يراه البعض ألمًا ومشقة ووجعًا، يجب أن ننظر إليه على أنه منحة إلهية من الله عز وجل، كي يختبرنا ويختبر مشاعرنا، ونكون قادرين على تجاوز التحديات، والوصول إلى الأهداف وتحقيق النجاح الذي نريده ونسعى له.

وهناك الكثير من الأسئلة التي تراود العقل البشري بين الحين والآخر، وهذه الأسئلة منها ما هو منطقي ومنها ما هو بعيد عن المنطق، لكنها تأخذ الحيز الكبير من تفكيرنا، وتُشعل مشاعرنا، خاصة إذا ما كُنا نمر بمرحلة من الارتباك والتناقض في أحيانٍ كثيرة. والسؤال الذي يشغل بال الكثير منَّا هو "لماذا أنا بالذات دون غيري؟"، وهو ليس سؤالًا اعتراضيًا على مشيئة الله أو القدر المحتوم، لكنه استفسار عن أسباب حدوث مواقف بعنيها في توقيتات محددة، مع أشخاص بعينهم!

عادة ما نطرح الأسئلة كي نحصل على إجابات، وربما يكون الحصول على هذه الإجابات بطريقة مباشرة أو أننا قد نحصل عليها مصادفةً من تجارب الآخرين التي نتعلم منها بالمجان! لكن ما الذي يجعل شخصاً يفضل شخصًا دون غيره؟ ما الذي قد يجذب إنسانًا لإنسان آخر؟ ما الذي قد يُشعل جذوة الحب والاشتياق في قلب أحدهم تجاه شخص آخر؟ هل فقط التوافق والتشابه في التفكير والميول؟ أم نرمي كل شيء على الأقدار التي لا مهرب منها؟

لذلك قد يحب أحدنا شخصًا لأنه مميز، بينما يراه الآخرون إنسانًا عاديًا لا ميزة فيه! والأمر نفسه على البلاد المنتشرة في أرض الله، لماذا ننجذب لبلد دون آخر؟ الأمر لا يعود فقط إلى كثرة المواقع السياحية أو تنوع المأكولات أو المشاريع الترفيهية، فهذه كلها موجودة في أنحاء العالم، لكن المؤكد أن هناك أسباباً خفية، أعزوها دائمًا إلى "كيمياء الروح"، هذه الكيمياء بمثابة طاقة خفية تسري في أجسادنا، تتنافر أو تتجاذب مع الشخوص والأماكن، تشعر بالقرب أو البعد من الآخرين ليس بناءً على التصرفات أو الموقع الجغرافي، ولكن اعتمادًا على المسافة الروحية والوجدانية التي تفصل بينها وبين الآخرين.

في كثير من المواقف أنصح صديقاتي وأخواتي والمقربين لي، بأن لا يُطيل التفكير في الأمور التي لا يعلم كيف تحدث في حياته، بل يترك نفسه يتفاعل ويتعايش مع ما يحدث من حوله، دون أن يترك الحبل على الغارب، ويتحول إلى إمّعة أو يمتطي جواد هواه، أو يهيم بين دروب الحياة في غفلة وتغافل وجهل، وإنما يُعمل عقله وفكره، ويختبر قلبه ومشاعره، فإذا ما استقر الرأي والمقام عند فكرة بعينها، أو بالقرب من شخص مُحدد، فليتمسّك به، ولينفذ كل ما في صالحه وصالح الآخر الذي يُشاركه الحياة بكل طيب خاطر.

إلى الذين يُعانون من اضطراب المشاعر، وإلى أولئك الذين يبحثون عن السعادة في كل أركان الحياة، وإلى كل الراغبين في الاستقرار النفسي والعاطفي، صدِّقوا قلوبكم وعقولكم، لا تتركوا المجال للعقل كي يُلجم تحركاتكم أو يكبح مشاعركم، وأيضًا لا تسمحوا للقلب أن يُسقطكم في أعماق الوهم أو يدفعكم إلى بئر سحيق من التيه والغفلة.. وازِنوا بين سُلطة العقل وقوة القلب، لتنجحوا في حياتكم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تفاهم للارتقاء بصحة النفس القائمة على التكنولوجيا

دبي: «الخليج»
وقّعت جامعة برمنجهام من مقرّها في مدينة دبي الأكاديمية العالمية، مذكرة تفاهم مع «مينترا»، بهدف تعزيز الأبحاث المرتبطة بحلول الصحة النفسية القائمة على الذكاء الاصطناعي والمخصّصة لطلاب الجامعات.
وقّع الاتفاقية كلّ من البروفيسورة يسرى المزوغي، عميدة جامعة برمنجهام – دبي، والدكتورة أدينيكي دايرو، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة «مينترا»، بحضور الدكتورة أفسانة فهيم، البروفيسورة المساعدة في علم النفس بكلية علم النفس في الجامعة، ومروان عبدالعزيز جناحي، النائب الأول لرئيس مجموعة تيكوم.
وتهدف هذه الشراكة، إلى تقييم حلول التدخّل القائمة على الذكاء الاصطناعي والتي تراعي مختلف الاعتبارات الثقافية، ضمن مجتمع الطلاب الغني بالتنوّع في دولة الإمارات والمنطقة، ويضمّ أكثر من 33,500 طالب في مدينة دبي الأكاديمية العالمية ومجمّع دبي للمعرفة.
وقالت البروفيسورة يسرى المزوغي، عميدة جامعة برمنجهام – دبي: «يتيح هذا التعاون توظيف الابتكارات وتعزيز أبحاثنا حول الدور المتنامي الذي تلعبه التكنولوجيا في الارتقاء بجودة حياة الأفراد».
من جانبها، قالت الدكتورة أدينيكي دايرو: «إن هذا التعاون يسلط الضوء على الإمكانات الهائلة التي تتمتّع بها تقنيات الذكاء الاصطناعي كأداة فعّالة لتقديم خدمات الصحة النفسية ضمن أعلى المستويات الأكاديمية. ونفخر بإسهامنا في هذه المبادرة التي ترتكز أولاً وأخيراً على الابتكار بهدف الحفاظ على صحة الطلاب النفسية والجسدية وتسهيل حصولهم على الرعاية اللازمة».
فيما أكّد مروان عبدالعزيز جناحي، النائب الأول لرئيس مجموعة تيكوم، أنّ الابتكار المؤثّر يستوجب تضافر الجهود لتعزيز تبادل المعرفة بين مختلف القطاعات وتوسيع آفاق التعاون المشترك، مشيراً إلى أنّ مجمّعات الأعمال الرائدة التابعة لمجموعة تيكوم توفّر بيئة مثالية لتمكين هذا التعاون.
وفي إطار الاتفاقية، ستقوم شركة «مينترا» وجامعة برمنجهام – دبي بإجراء أبحاث مشتركة، فضلاً عن استكشاف فرص التدريب العملي وتنظيم محاضرات متخصصة وتعزيز فرص التواصل مع روّاد القطاع.

مقالات مشابهة

  • مصادر: التعديلات اللبنانية ستنص على تنفيذ مرحلي لتسليم السلاح بما يضمن إلزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية التي تحتلها
  • ‏رئيس الوزراء اللبناني: الاستعراضات المسلحة التي شهدتها بيروت غير مقبولة بأي شكل من الأشكال وتحت أي مبرر كان
  • تصرفات صغيرة عليكِ إدراجها في برنامج حب النفس اليومي
  • «رئيس جامعة الأزهر»: واذكروه كما هداكم دعوة لدوام الشكر على نعمة الهداية التي لا تُقدّر بثمن
  • مظهر شاهين: التبرؤ من الأغاني بعد الموت تناقض بين الدين والعقل
  • تفاهم للارتقاء بصحة النفس القائمة على التكنولوجيا
  • تأملات من وراء القضبان.. نظرة إلى أعماق النفس البشرية
  • دينا أبو الخير: الحمد لله مفتاح الرضا.. والدعاء للغير يفتح أبواب الرزق
  • إسماعيل الشيخ يكتب: رحيل أحمد عامر.. لحظة صدق مع النفس وعِبرة للأحياء
  • هل ورد ذكر يوم عاشوراء في القرآن الكريم؟.. تعرف الآيات التي أشارت له