الناصرة- “رأي اليوم”- قبل 50 عاما، ارتكب جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد خطأ لا يغتفر، ولطخ اسمه بفضيحة من العيار الثقيل، حين قتل فريق له في إطار “غضب الرب” نادلا مغربيا بدلا من “الفارس الأحمر”. حدث ذلك مساء يوم 21 يوليو 1973 في منتجع ليلهامر للتزلج، الواقع على بعد 200 كيلومتر شمال العاصمة الترويجية أوسلو.

كان النادل الشاب من المغرب، أحمد بوشيخي، عائدا إلى المنزل من السينما مع زوجته النرويجية الحامل، ومأ أن توقفت الحافلة في محطة قرب منزلهما، ونزل الزوجان منها حتى اقتربت سيارة قفز منها رجل وأطلق النار من مسدس كاتم للصوت أربع مرات على بوشيخي. ركضت زوجته وهي تصرخ إلى المباني المجاورة طلبا للمساعدة، فيما لفظ الشاب المغربي أنفاسه الأخيرة ما أن وصل المسعفون إلى مكان الجريمة. في رواية أخرى، ذُكر أن عميلين من مجموعة الاغتيال ترجلا من السيارة البيضاء وأمام عيني زوجته أطلقا على الشيخي 13 رصاصة، أرددته قتيلا على الفور، وفق ما نشره “روسيا اليوم”.

(أحمد بوشيخي على اليمين وعلى اليسار حسن سلامة)

سكان مدينة ليلهامر الهادئة أصيبوا بصدمة من هذا الهجوم الدموي، وتحدث جيران بوشيخي عنه قائلين إنه رجل هادئ ولطيف ولا يستحق مثل هذه النهاية المروعة، ناهيك عن أن عملية القتل تلك كانت أول حادثة من  نوعها في المدينة منذ 56 عاما. في اليوم التالي، تعقبت الشرطة النرويجية سيارة المهاجمين إلى المطار واعتقلت أربعة مشتبه بهم وهم رجلان وامرأتان، يحملون جوازات سفر صادرة من دول مختلفة، إلا أن أجهزة الأمن ربطهم جميعا بإسرائيل. كما التقطت أجهزة الأمن النرويجية عميلين آخرين في أوسلو في شقة تابعة للسفارة الإسرائيلية، في حين تمكن تسعة من أعضاء مجموعة الاغتيال من مغادرة البلاد من دون أن يزعجهم أحد.

كيف ارتكب الموساد مثل هذا الخطا الفادح؟ جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الذي تضعه الدعاية الغربية في العادة في مقدمة الأجهزة المماثلة في العالم، وتقدمه على أنه أسطورة في العمليات السرية، كان شكل على خلفية الهجوم خلال الألعاب الأولمبية في ميونيخ، ومصرع 11 رياضيا إسرائيليا في عام 1972، فرقة أطلق عليها اسم ” كيدون” وتعني الرمح باشرت في عملية سميت “غضب الرب” لتصفية 12 مطلوبا إسرائيليا يعتقد بوقوفهم خلف عملية ميونيخ من بينهم وائل زعيتر ووديع حداد ومحمود الهمشري وكمال عدوان وكمال ناصر، وآخرين، علاوة على القيادي الفلسطيني علي حسن سلامة المعروف باسم “الفارس الأحمر”، وهو من خلط الموساد بينه وبوشيخي، بطريقة تبعت على العجب! الموساد العتيد قيل إنه وقع في خطأ بسبب معلومات مضللة تلقاها من مصادر فلسطينية، والحقيقة أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الشهير في هذه العملية تحديدا تصرف مثل عصابة مبتدئة اختارت ضحيتها  بالصدفة، وقيل في هذا السياق إن بوشيخي المغربي كان شديد الشبه بحسن سلامة الفلسطيني، وأن إحدى عميلات الموساد سمعته وهو يتحدث باللغة الفرنسية ما عد تأكيدا على أنه الهدف المطلوب جهاز الاستخبارات الإسرائيلي شكّل فريقا للاغتيال في تلك المناسبة يتكون من نحو 15 شخصا بينهم عدة نساء، وبقيادة مايك هراري، الشخيصة الكبيرة في الموساد والموصوف بأنه صاحب ذكاء رفيع. لم يفد الذكاء الإسرائيلي في ذلك الحين، وحين ظهرت علاقة المعتقلين بالاستخبارات الإسرائيلي، انتشرت الفضيحة الكبيرة، واتهمت النرويج إسرائيل بانتهاك سيادتها. الإسرائيليون تجاهلوا ما يدور حولهم تماما والتزموا كما هي عادتهم الصمت، فيما كانوا يبحثون بطريقة روتينية عن محامين للعملاء المحتجزين. علاوة على ذلك، بعد اعتقال عملاء الموساد، تبين أن أحدهم ويدعى دان أربيل، يعاني من رهاب الأماكن المغلقة، ومقابل أن ينقل إلى زنزانة أكبر، أبلغ المحققين عن أسماء زملائه وسلمهم معلومات هامة أخرى ساعدت في إثبات صلة الموساد في عمليات قتل سابقة استهدفت الفلسطينيين في جميع أرجاء أوروبا! الموساد وفضيحة بعد اكتمال الإجراءات، جرت محاكمة العملاء الإسرائيليين الستة في عام 1974، وأدين خمسة منهم وصدرت أحكام بالسجن ضدهم، أقل بكثير مما كان مطلوبا. لم تعترف إسرائيل بمسؤوليتها عن جريمة القتل، إلا أنها بعد مرور 23 عاما على الحادثة الفضيحة، دفعت تعويضات لأسرة أحمد بوشيخي، الشاب الذي لا ذنب له إلا أن عملاء الموساد توهموا أنه شخصا آخر! أما العملاء الإسرائيليون المدانون الخمسة في هذه القضية فقد مكثوا خلف القضبان 22 شهرا، وبعد ذلك تم العفو عنهم وترحيلهم إلى إسرائيل! على حسن سلامة الحقيقي، وصلته يد الموساد في 22 يناير عام 1979، واستشهد فيما كان مارا في بيروت بسيارته بتفجير بعبوة تزن 100 كيلو زرعت في سارة فولكس فاغن متوقفة على قارعة طريق.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

“الهلال الأحمر” يسخّر أكثر من 550 متطوعًا لخدمة حجاج بيت الله الحرام

البلاد – مكة المكرمة
هيّأ فريق التطوع التابع لهيئة الهلال الأحمر السعودي أكثر من (550) متطوعًا ومتطوعة للمشاركة في أعمال موسم الحج لعام 1446هـ، للإسهام في دعم التغطية الإسعافية التابعة للهيئة في كل من العاصمة المقدسة، ومشعر منى وعرفات ومزدلفة؛ لتقديم الخدمة الإسعافية والإنسانية لضيوف الرحمن. ويعمل الفريق التطوعي على خدمة حجاج بيت الله الحرام منذ وصولهم عبر منافذها في منطقة الجوف بمنفذ الحديثة، ومنطقة نجران بمنفذ الوديعة، ومنفذ جديدة عرعر بمنطقة الحدود الشمالية، ومنفذ حالة عمار بمنطقة تبوك. وبلغ عدد المتطوعين المشاركين في خدمة الحجاج في المسار الإسعافي أكثر من (400) متطوعٍ، و(150) متطوعًا في المسار الإنساني، و(30) متطوعًا في اللوجستي، و(13) متطوعًا في المسار الإعلامي، إضافة إلى مترجمين لتسع لغات منتشرين في أماكن تواجد ضيوف الرحمن منذ وصولهم وحتى مغادرتهم؛ لتغطية تحركاتهم ودعم الفرق الإسعافية، وتقديم جميع الخدمات الممكنة سواءً على المستوى الطبي الإسعافي أو الإنساني من خلال الإرشاد والمساعدة وتقديم يد العون لهم. ويعمل المتطوعون والمتطوعات على مدار الساعة في أماكن الذروة في المسجد الحرام والمسجد النبوي والمشاعر المقدسة، من خلال فرق إسعافية وإنسانية موزعة على عدة نقاط من شأنها تغطية جميع المساحات المتواجد بها حجاج بيت الله الحرام. وتأتي مشاركة المتطوعين كجزء محوري من خطة الهيئة في الاستجابة الاستباقية، والتكامل مع الوحدات الإسعافية التابعة العاملة في الحج، بما يعكس عمق التزام الهيئة برسالتها الإنسانية وخدمة ضيوف الرحمن على أكمل وجه.

مقالات مشابهة

  • اليمن يفرض شروط السيادة في البحر الأحمر: “ترومان” تغادر و”كوين إليزابيث” تعبر بإذن صنعاء
  • برلماني يمني يطالب بالتحقيق في “فضيحة طائرات اليمنية”
  • ترامب ينصح ماكرون بعد فيديو “الصفعة”: “أبقِ باب الطائرة مغلقاً”
  • قائد الاستخبارات العسكريّة الإسرائيليّة ينشر سيناريو الهجوم على إيران: القضاء على جميع المنشآت النوويّة والجيش
  • مضوي: “التعادل أمام أقبو عادل”
  • مخابرات النمسا: إيران تقترب من القنبلة النووية… وطهران ترد “ادعاء كاذب”
  • “لماذا لا تقطع مصر علاقتها بإسرائيل؟”.. أبو الغيط يكشف سر احتفاظ 5 دول عربية بالعلاقة مع تل أبيب
  • مدير مخابراتها التقى البرهان ومفضل.. افريقيا الوسطى.. “اعادة ضبط المصنع”
  • ستريم تُحدث ثورة في أجهزة التلفزيون.. إطلاق ميزتي “DeepSeek” و”TV Caption” قريبا
  • “الهلال الأحمر” يسخّر أكثر من 550 متطوعًا لخدمة حجاج بيت الله الحرام