الولايات المتحدة الإسرائيلية!
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
في ظرف أربعة أشهر ونصف شهر فقط، أقدمت الولاياتُ المتحدة الأمريكية على استعمال ما يُسمَّى ظلما “حقّ النقض” لإحباط ثلاثة مشاريع قرارات في مجلس الأمن الدولي لإيقاف حرب الإبادة بغزة، آخرها مشروع القرار الذي تقدّمت به الجزائر يوم الثلاثاء 20 فبراير.
هذا الفيتو هو ضوءٌ أخضر للاحتلال لمواصلة ارتكاب المجازر وأعمال الإبادة والتطهير العرقي بغزة بكلّ راحة، وبداية الهجوم على رفح، والتجويع الممنهج للفلسطينيين قصد تصعيد الضغط عليهم لتهجيرهم إلى سيناء، وتوفير الحماية للكيان في وجه الانتقادات الدولية المتصاعدة، وتمكينه من الإفلات من العقاب…
ويعبّر هذا الفيتو عن مدى سيطرة اللوبي الصهيوني على الإدارة الأمريكية، وارتهانِها الكامل له، ودرجة التماهي بين أمريكا والاحتلال، وأنّها أصبحت شريكا في هذه الحرب ووضعت إمكاناتها العسكرية والمالية والديبلوماسية والسياسية والإعلامية كلّها في خدمة المشروع الصهيوني الرامي إلى القضاء على المقاومة وتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيّته، ومن ثمّة لم يعُد القولُ إن “إسرائيل” هي الولاية الأمريكية رقم 51 صحيحًا، بل الصحيح هو أنّ الولايات المتحدة قد تصهْيَنت بالكامل وأصبحت ولاياتٍ متحدة إسرائيلية؛ تضع كل إمكاناتها العسكرية في خدمة الاحتلال وتزوّده بآلاف الأطنان من القنابل ليُفرغها على رؤوس سكان غزة، وتعمل كل ما بوسعها ليخرج من هذه الحرب منتصرا حتى لو قضى على نصف سكان القطاع، وتذهب إلى حدّ تحريك أساطيلها لضرب الحوثيين في اليمن نيابة عن الكيان.
مندوبة أمريكا بمجلس الأمن قالت بعد استعمال “حقّ” النقض إنه لا وقف لإطلاق النار بغزة حتى يعود كلّ “الرهائن”، ولم تذكر هذه المندوبة أكثر من 12 ألف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، نصفهم اعتُقل بعد 7 أكتوبر 2023، وكأنّه لا حقّ لهؤلاء في الحرية. وهذا يعني أنه من أجل تحرير 136 رهينة تُطلق الولاياتُ المتحدة يد جيش الاحتلال في غزة لينسفها عن وجه الأرض ويبيد سكّانها أو يهجّرهم، هل هذا منطق؟ أليس هذا قمّة العنصرية والاستعلاء والادّعاء بتفوّق العرق اليهودي- الغربي على العرب وبقيّة الأعراق في الأرض؟
إنّ الفيتو المخزي الذي رفعته الولايات المتحدة في وجه مشروع القرار الجزائري يؤكّد مدى الحاجة الملحّة إلى إصلاح مجلس الأمن الدولي وبقية الهيئات الدولية التي أصبحت رهينة في يد أمريكا والقوى الكبرى وأداة لخدمة سياساتها الاستعمارية والعنصرية، إذا كانت هناك مطالب دولية لإصلاحٍ جوهري للهيئات الأممية يحفظ السِّلم العالمي فينبغي أن تنصبّ أساسا على ضرورة إلغاء حقّ النقض أو الفيتو الذي تتمتّع به خمس دول كبرى فقط في مجلس الأمن، لا يُعقل أن تصوّت 13 دولة لصالح قرار ما، وتأتي دولة واحدة، مهما أوتيت من قوةٍ وعظمة لتلغي هذا القرار بذريعة “حق الفيتو”، أيُّ “حقٍّ” هذا الذي يمنع وقف الحرب وحقن دماء الأطفال والنساء والمدنيين وإدخال المساعدات الغذائية العاجلة إلى مئات الآلاف من السكان الذين يعانون مجاعة حقيقية؟
قالها الممثلُ الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، عقب الفيتو الأمريكي: “اسألوا أنفسكم وضمائركم عن نتيجة قراراتكم وكيف سيحكم التاريخُ عليكم”.
أمريكا تتحدّى الإرادة الدولية إذن، وترفع منسوب السُّخطِ عليها وكراهيتِها في قلوب ملياريْ مسلم ومئات الملايين من الأحرار في هذا العالم، وسيأتي اليوم الذي ستدفع فيه غاليًّا ثمن أفعالها العدائية الحاقدة. ونعتقد أنّ ما أظهرته خلال حرب غزة من نصرةٍ صارخة للظالمين المجرمين سيجعل الكثيرَ من الدول تتّجه إلى إدارة الظهر لها ولحلفائها الغربيين تدريجيًّا، والتعامل أكثر مع روسيا والصين.
حسين لقرع – الشروق الجزائرية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
هيئة الأسرى تحذر من تجمد الأسرى داخل السجون الإسرائيلية
حذرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين من تدهور خطير في أوضاع الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، مع ما وصفته بأسوأ موجة برد تضربهم منذ سنوات.
وقالت الهيئة، في بيان لها اليوم الأربعاء، إن البرد داخل الأقسام "أقسى بعشرات المرات من الخارج"، إذ تتحول الزنازين الإسمنتية إلى بيئة شديدة الرطوبة، في حين تلسع الأسِرّة المعدنية أجساد الأسرى، ويتسلل الهواء البارد طوال الليل دون توقف، بينما لا يمتلك المعتقلون سوى ملابس خفيفة لا توفر أي حماية في الشتاء.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بسبب انتهاكات جسيمة.. دعوات حقوقية لإغلاق مركز احتجاز أميركي للمهاجرينlist 2 of 2تقرير ألماني: المسلمون والسود يواجهون تمييزا ممنهجا في السكنend of listوأشارت الهيئة إلى أن أوضاع الأسرى الفلسطينيين تزداد خطورة في ظل حرمانهم من الأغطية والملابس الشتوية، وما ترتّب على ذلك من ظروف اعتقال وصفتها الهيئة بأنها "غير إنسانية" وتنذر بكارثة صحية.
وأضافت أن المشاهد داخل الزنازين "صادمة"، مشيرة إلى أن بعض الأسرى ينامون على الأرض لعدم توفر فرش دافئة، في حين يكتفي آخرون بقطع قماش مهترئة.
كما يعاني المرضى من الأسرى من ارتجاف طوال الليل دون دواء أو غطاء، ووصفت الهيئة هذه الظروف بأنها "أحد أقسى أشكال التعذيب".
وأكدت الهيئة أن ما يجري ليس مجرد سوء ظروف، بل "هجوم متعمد" على حياة الأسرى، خاصة مع ارتفاع حالات الالتهابات ونزلات البرد الحادة وتفاقم آلام المفاصل. وحمّلت الاحتلال المسؤولية الكاملة عن أي تدهور أو وفيات محتملة.
"سياسة القتل البطيء"
ودعت الهيئة المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري، مؤكدة أن "أجساد الأسرى تتجمد الآن، وكل ساعة صمت تعني مزيدا من الخطر عليهم".
وكانت حركة المقاومة الإسلامية حماس اتهمت إسرائيل باتباع سياسة "القتل البطيء" مع الأسرى الفلسطينيين عبر التعذيب الطبي وسوء المعاملة.
وحذرت الحركة، في بيانها صباح اليوم، من استمرار ما وصفتها بعمليات "الإعدام الممنهج" داخل السجون، والتي أدت إلى ارتفاع أعداد شهداء الحركة الأسيرة، مطالبة المؤسسات الدولية بتحمل مسؤولياتها في محاسبة الاحتلال.
إعلانومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي نحو 20 ألف فلسطيني من مناطق متفرقة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، في حين لا تزال أعداد الأسرى من قطاع غزة مجهولة وسط استمرار الاحتلال في التكتم على الأرقام الحقيقية.
وكشفت عدة تقارير حقوقية، بينها تقارير إسرائيلية وتقرير صادر عن مكتب الدفاع العام في إسرائيل، عن تدهور حاد في ظروف احتجاز الأسرى الفلسطينيين وصل إلى مستويات خطيرة من الاكتظاظ والجوع والتعرض للضرب شبه اليومي.