لم يكثر الحديث عن حل الدولتين كما هو الحال منذ طوفان الأقصى، وخصوصا بعد أن أعجزت المقاومة الباسلة وصمود أهل غزة قادة الاحتلال وجيشهم وحلفاءهم عن تحقيق أي هدف أعلنوا عنه منذ بداية العدوان.

لم ينفع نهج المفاوضات ولا مسيرة الاستسلام للإرادة الصهيونية الأمريكية الغربية في فرض حل الدولتين الذي حلم به مشروع أوسلو ودعا إليه الإجماع العربي في دورة 2002 للجامعة العربية، بل تخلت عنه حتى الدول العربية التي اصطفت في طابور التطبيع دون اشتراط هذا الحل.



ولكن ما إن فعلت المقاومة فعلتها في طوفان الأقصى بلغة الرصاص والجهاد والاستشهاد حتى أصبح العالم كله يلهث وراء هذا الحل ويخطط له بإجماع دولي غير مسبوق لما بعد الحرب القائمة.

فلم تكن الحجة بأنه لا حل مع الاحتلال سوى خيار السلاح قائمة كما هي اليوم على إثر نتائج طوفان الأقصى العظيمة.

فلست أدري ما الذي يقوله محمود عباس وحكام العرب والمنكرون للحل العسكري في الكفاح ضد الاحتلال الصهيوني؟ ما الذي يقوله هؤلاء، في أنفسهم وفي الحديث بينهم، وقد توجه إليهم العالم بأسره يطمئنهم بأن لا حل للقضية الفلسطينية سوى حل الدوليتين بعد طوفان الأقصى؟ ما الذي يقوله هؤلاء والذي جاءهم بهذه النتيجة حركة حماس وكتائبها القسامية وإخوانهم في الجهاد وليست السلطة الفلسطينية وتنسيقها الأمني؟

إن النتائج التي تحققت عظيمة تاريخية من اليوم الأول للطوفان، وهي تتعاظم قبل أن تنتهي الحرب، وحين تنتهي الحرب سيكون النصر أعظم بإذن الله، ومن تلك النتائج الانقلاب في الرأي العام العالمي لصالح فلسطين وضد الكيان بما لو أُنفِقت في العلاقات الدولية من أجلها ملايير الدولارات وعبر سنوات لما تحقق ذلك، ومنه الصمود الأسطوري لأهلنا في غزة رغم البلاء العظيم الذي لا تطيقه الجبال الذي أفشل مخطط التهجير، ومنه إنجازات المقاومة التي أعطت صورة بيّنة كيف يمكن أن يُهزم الجيشُ الصهيوني رغم الفارق الشاسع في المقدرات العسكرية، وتلك حجة تاريخية على عساكر الدول العربية، ومنه تفكك المجتمع الإسرائيلي وتشقق بنيته السياسية والاجتماعية والعسكرية والمؤسسية وتهتك سمعته في العالم بأسره، ومنه رجوع القضية الفلسطينية في رأس سلم أولويات الشعوب العربية والإسلامية بعد أن شغلتها عنها قضاياها الداخلية ومسار خيبات الأمل الطويلة.

إن فلسطين ليست للعرب والمسلمين وحدهم بل يكون فيها غيرهم من أتباع الديانات الأخرى ولكن القيادة لهم كما كانت لنبيهم بختمه الرسالات وبصلاته بالأنبياء في المسجد والأقصى، وكذلك لأنهم هم أكثر الناس فيها منذ قرون طويلة،ومن تلك النتائج ما نحن بصدده وهو رجوع العالم بأسره إلى الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته ضمن خيار حل الدولتين. ولكن هل يمكن لحل الدولتين أن يتحقق؟ إن الجواب على السؤال بشكل واضح وبين: "لا!" .

ولا ننفي ذلك لأسباب عقدية وأيديولوجية فحسب ولكن لأن ذلك غير ممكن من عدة أوجه منها:

1 ـ لن يكون حل الدولتين الذي تريده أمريكا وجزء من الشارع السياسي الإسرائيلي حاليا وبعض الدول العربية هو حل الدولتين الذي جاء في القرار العربي الذي بادرت إليه المملكة العربية السعودية عن طريق الملك عبد الله والذي صار قرارا عربيا بالإجماع في دورة الجامعة العربية بلبنان عام 2002.

لن يقبل الحلُّ الذي تسوّق له أمريكا بأن يكون للفلسطينيين السيادة على القدس الشرقية وعلى المسجد الأقصى، ولن يقبلوا بحق العودة وسيحاولون قضم الأراضي الفلسطينية ضمن حدود 67 في الضفة الغربية، وسيعملون على أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح. وعليه سيكون القرار فاقدا للشرعية على المستوى الرسمي العربي وسيبقى الجدال والنقاش مستمرا بما لا يجعل شيئا جديدا يتحقق يضمن دوام الأمن لإسرائيل ـ كما يحلمون ـ سوى بعض الاختراقات التطبيعية التي ستبقى ـ إن وقعت ـ ممجوجة مرفوضة من قبل الشعوب كما هي الآن.

2 ـ حتى هذا السيناريو لحل الدولتين لن تقبل به الأغلبية في الشارع الصهيوني ومؤسساته، فإرادة هؤلاء باتت واضحة وغير مخفية فهم يريدون تهجير الشعب الفلسطيني خارج فلسطين، من غزة ومن الضفة. هم كلهم أو أغلبهم يريدون ذلك في الضفة، ولكن قطاع غزة كان يمثل جزء من الحل بالنسبة إليهم ضمن مشروع صفقة القرن بأن تضاف للقطاع سيناء ويكون ذلك هو الوطن البديل، ولكن بعد الطوفان صارت أغلبية من الإسرائيليين يريدون إخراج أهل غزة من أرضهم لكي لا يجاوروهم مستقبلا أبدا. ولو حاولت الولايات الأمريكية المتحدة فرض هذا الحل، ولو مطورا بالشكل الذي ذكرناه أعلاه، ستجد مقاومة شديدة من اليمين واليمين المتطرف، وقد تقع فوضى كبيرة في الكيان أو ما يشبه الحرب الأهلية لو سار مع أمريكا الدولة العميقة العلمانية الإسرائيلية، فيخربون بيوتهم بأيديهم.

3 ـ لن تقبل المقاومة الفلسطينية هذا الحل، وحتى وإن قبلت جزء من حل الدولتين، كما تعاملت مع انسحاب الكيان من غزة عام 2005 وما بعده، كجزء من فلسطين تحرر على إثر طوفان الأقصى، فإنها لن تسلم سلاحها، ولن تعترف بإسرائيل، وهذا الذي لن تقبله السلطة الفلسطينية ولا الدول العربية، ولا بطبيعة الحال الكيان والولايات الأمريكية المتحدة، فلن يكون المجتمع الفلسطيني أبدا بلا سلاح، حتى وإن كان سلاحا بسيطا، خصوصا بعد ما اتضحت جدوى الجهاد والاستشهاد، ولن يٌقبل قول قائل بأن الضريبة على المدنيين كانت عالية، فذلك هو مصير الشعوب التوّاقة للاستقلال، وفي تاريخ هذه الشعوب عبر وعظات، وستتحول آلام التضحيات إلى سعادة وسرور بعد النصر والاستقلال. فإذا كان حل الدولتين غير ممكن فما هو الحل؟ إن الحل نسوقه من زاوية دينية شرعية بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج، ثم من زاوية سياسية بعد ذلك، دون أن نتناول الزاوية التاريخية التي تؤكد أحقية الفلسطينيين في أرضهم منذ غابر الزمن.

أما الخلفية الدينية فإنه يرمز إليها صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء ببيت المقدس وفق ما ثبت في الأحاديث الصحيحة التي روت حوادث الإسراء والمعراج. فإن صلاته عليه الصلاة والسلام بالأنبياء تدل بأن القيادة في هذه الأرض إنما هي للإسلام فهو من يؤم الناس من مختلف الملل والنحل في هذه الأرض المباركة، فقد صح أن إبراهيم الخليل، وموسى الكليم وعيسى المسيح وغيرهم من الأنبياء تشرفوا بأن يؤمهم المصطفى الحبيب عليه وعليهم أفضل الصلاة وازكى التسليم.

إن فلسطين ليست للعرب والمسلمين وحدهم بل يكون فيها غيرهم من أتباع الديانات الأخرى ولكن القيادة لهم كما كانت لنبيهم بختمه الرسالات وبصلاته بالأنبياء في المسجد والأقصى، وكذلك لأنهم هم أكثر الناس فيها منذ قرون طويلة، إذ شعوب فلسطين دخل أغلبهم الإسلام وصاروا جزء من أمة محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم. علاوة على أن أكثر من جاء من اليهود لإنشاء دولة الكيان وإدامتها جاؤوا من مختلف أنحاء العالم من أعراق مختلفة ولا ينتمي لسلالات بني إسرائيل إلا أقلية منهم، وكثير من قادتهم علمانيون ملاحدة، فلا حجة دينية لهم.

أما من الناحية السياسية فإن البديل العادل والمنطقي هو الحل الذي طبق في جنوب إفريقيا بعد هزيمة البيض وإنهاء نظام الأبرتايد، فقد قامت دولة واحدة للبيض وللسود، ومن حيث أن السود هم أهل الأرض وهم الأغلبية استقرت قيادة الدولة فيهم، وصار حال البيض إلى حياة رغيدة، في ظل نظام ديمقراطي ضَمن حقوق الجميع، أفضل من حالة الصراع الدائمة التي كانوا عليها.

وعلى هذا المنوال يمكن أن تقوم دولة واحدة في فلسطين يعيش فيها المسلمون واليهود والنصارى ضمن نظام ديمقراطي يؤمّن الجميع ويعطي حقوق الجميع ويكون للمسلمين مسجدهم الأقصى ويكون للنصارى كنيسة القيامة ولليهود معابدهم (ليس لهم معبد مشهور)، ويضمن حق العودة للفلسطينيين المهجرين وحق من أراد من اليهود أن يعود إلى بلده الأصلي الذي جاءت عائلته منه، والحق في أن تهيأ لهم ظروف الاستقبال للعيش الكريم في بلدانهم الأصلية تلك، في أمريكا وأوروبا.

إن البديل العادل والمنطقي هو الحل الذي طبق في جنوب إفريقيا بعد هزيمة البيض وإنهاء نظام الأبرتايد، فقد قامت دولة واحدة للبيض وللسود، ومن حيث أن السود هم أهل الأرض وهم الأغلبية استقرت قيادة الدولة فيهم، وصار حال البيض إلى حياة رغيدة، في ظل نظام ديمقراطي ضَمن حقوق الجميع، أفضل من حالة الصراع الدائمة التي كانوا عليها.والمرجح أن هذا الحل سيتحول من الحل "الجنوب ـ إفريقي" إلى الحل "الجزائري"، وذلك أن اتفاقيات إيفيان التي على إثرها استقلت الجزائر ضمنت للمستوطنين الذين جاءت عائلاتهم من فرنسا ومن مختلف الدول الأوربية، وكذلك لليهود الذي كانوا في الجزائر قبل الاحتلال وصاروا فرنسيين بعد أن أعطتهم فرنسا الجنسية، أن يبقوا جميعا في الجزائر كمواطنين كاملي المواطنة، تماما كما كان الحل في جنوب إفريقيا، ولكن بسبب الجرائم الفظيعة التي اقترفوها في السنوات الأخيرة من الاحتلال خافوا من البقاء وخرجوا عن بكرة أبيهم من الجزائر. فكذلك يُرجح أن في زمن التحرير في فلسطين سيخرج الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين من فلسطين بسبب الجرائم الفظيعة التي يقترفونها وسيذهبون إلى حيث يملكون جوازات سفر ثانية وثالثة وإلى بلدان أخرى بدؤوا من الآن يعدّون فيها مساكن لهم كقبرص مثلا وإسبانيا والبرتغال.

وسيرث الفلسطينيون الذين سيتمتعون بحق العودة مساكنهم، كما تمتع كثير من الجزائريين بالمساكن الفرنسية التي تركها المعمرون كاملة البنيان والأثاث. إن هذا السيناريو بات موضوع دراسة منذ سنوات عند عدد من علماء التاريخ وعلماء الاجتماع والساسة الإسرائيليين كالمؤرخ بيني موريس الذي يجزم بأن: "هذا المكان سيتحول إلى بلد شرق أوسطي ذي أغلبية عربية .. وكل من يستطيع من اليهود سيهرب إلى أمريكا وأوربا" والسياسي المخضرم رئيس الكنيست السابق أفراهام بورغ الذي يؤكد بأن أكثر من 50% من الإسرائيليين لا يعتقدون أن أبناءهم سيعيشون في إسرائيل" ويدعو كل إسرائيلي أن يحرص أن يكون له جواز سفر ثاني، وإن كان الأول يرى أن الأمور ستنقلب ضد الإسرائيليين بفعل أعدائهم كما هو تاريخهم، حسبه، فإن الثاني يرى أن إسرائيل ستنهي نفسها بنفسها بسبب ظلمها للفلسطينيين وانقلابها على القيم الديمقراطية، حسب قوله، والمرجح أن السببين سيتظافران.

وحين يخرج أكثر اليهود من فلسطين، تماما كما يريدون إلحاقه بالفسلطينيين اليوم بمحاولة تهجيرهم إلى سيناء ودول أخرى في العالم العربي والأوروبي والأمريكي، سيعيش من بقي منهم في فلسطين في أمن وأمان يتمتعون بكل حقوقهم، التي لم يضمنها لهم عبر التاريخ مثلما ضمنها لهم المسلمون استنادا إلى أسس عقيدتهم وتعاليم دينهم. هذا هو الحل الواقعي، الذي يحمل شرعية تاريخية ودينية، والذي سيفرضه الواقع السياسي، والذي سيعين على تحقيقه تطرف الإسرائيليين أنفسهم، وفق القاعدة التي أطلقها الجنرال الفيتنامي جياب حين قال: "إن الاحتلال تلميذ غبي يكرر نفس الأخطاء" وهو الحل الذي سيفصل في أمره في الأخير المقاومة الفلسطينية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير الاحتلال الحرب الفلسطينية الرأي احتلال فلسطين رأي حرب مآلات سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدول العربیة طوفان الأقصى جنوب إفریقیا حل الدولتین هذا الحل هو الحل

إقرأ أيضاً:

فلسطين في ثلاثة كتب باللغة البرتغالية.. نافذة للقارئ البرازيلي على القضية الفلسطينية

برعاية جامعة ساو باولو ونقابة الصحفيين البرازيليين والمنتدى الفلسطيني اللاتيني ودار ميدل إيست مونيتور للتوزيع والنشر، وبحضور المؤلفين والناشرين، وعلى مدى أربعة أيام من 5 إلى 8 مايو/أيار الجاري، أطلقت دار ميدل إيست مونيتور ثلاثة كتب مترجمة إلى اللغة البرتغالية:

"فلسطين.. أربعة آلاف عام في التاريخ (Palestina: quatro mil anos de história) للمؤرخ الفلسطيني نور مصالحة. "فلسطين عبر آلاف السنين.. تاريخ من محو الأمية والتعلم والثورات التعليمية" (Palestina através dos milênios – Uma história de alfabetização, aprendizagem e revoluções educacionais) للمؤرخ الفلسطيني نور مصالحة. "الشتات الفلسطيني في أميركا اللاتينية.. دراسات حول الإعلام والهوية" (Diáspora Palestina na América Latina – Estudos de Mídia e Identidade) لأحمد الزعبي.

في حديث للجزيرة نت، يقول نور مصالحة "توقيت صدور كتابي الأول جاء بسبب المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وقد اكتشفنا الكثير من المجازر التي ارتكبت في عام 1948 وما بعده، وبالتالي هناك استمرارية، وهنالك فهم إسرائيلي بأن الحرب على قطاع غزة هي استمرار لما جرى في عام 1948. وهم يتحدثون عن نكبة جديدة بكل صراحة وفخر".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2فيلم "8 أكتوبر" يهاجم الاحتجاج ضد الإبادة دعما لأجندة يمينية متطرفةlist 2 of 2سوريا تعيد افتتاح بورصتها خلال أيامend of list إعلان

ويضيف مصالحة "كتابي (فلسطين.. أربعة آلاف عام في التاريخ) يركز على طرد الفلسطينيين من أرضهم، وهو يساعد على فهم جذور وأسباب ما يحدث اليوم في غزة. أنا أؤمن بأن جذور ذلك كامنة في الفكر والممارسة الصهيونية".

ويتابع مصالحة "نحن نمتلك ذاكرة جمعية تغنينا عما جاء به الغربيون مثل شكسبير وهيرودوتس، الذين تحدثوا عن فلسطين. كل المؤرخين والجغرافيين العرب كتبوا عن فلسطين".

ويستطرد "كل مدن فلسطين كانت تجارية، وفي مرحلة لاحقة أصبحت صناعية، كما هو الحال في مدينة نابلس التي نهضت في الفترة المملوكية، واشتهرت بصناعة الحلويات والزيوت والصابون، وكذلك صناعة الزجاج في مدينة الخليل التي كانت تصدر منتجاتها إلى ألمانيا والصين. وبسبب موقعها الإستراتيجي على تقاطع ثلاث قارات، لعبت فلسطين دورا في التجارة العالمية، وهذا ما يكشفه ويؤكده علم الآثار".

وفي حديث آخر مع الجزيرة نت، يقول أحمد الزعبي "أسعى في كتابي إلى البحث عن الهوية الفلسطينية في شتاتها بأميركا اللاتينية. لقد كانت الجاليات قوية في تشيلي والسلفادور وهندوراس، وهي البلدان التي تناولتها أطروحتي للدكتوراه حول الصحافة الإنسانية، بالإضافة إلى البرازيل والأرجنتين".

ويضيف الزعبي: أوضح في كتابي "الشتات الفلسطيني في أميركا اللاتينية.. دراسات حول الإعلام والهوية" أن الروابط لا تزال قائمة، حتى مع وجود تكامل واضح في المجتمعات المضيفة.

ويقول "إن ذكرى الخروج القسري تنتقل عبر الأجيال، ويبدو انتماء المهاجرين واللاجئين وأحفادهم إلى فلسطين واضحا عندما يتحدثون عن المشاعر والعادات ووسائل الإعلام، التي لا تقدم رؤية محايدة للأرض المحتلة حتى يومنا هذا".

وعن ثقة الجاليات الفلسطينية بالإعلام المحلي، يوضح الزعبي "أن تلك الجاليات الفلسطينية، بنسبة كبيرة جدا، لا تثق في الإعلام المحلي في الدول المضيفة، وتتلقى أخبارها من خلال الاتصال المباشر بالأهالي والأصدقاء في فلسطين أو في مخيمات الشتات كالأردن وسوريا ولبنان. هذا أولا، ثم من خلال متابعة الأخبار عبر شبكة الجزيرة الإعلامية ومواقع إخبارية مثل ميدل إيست مونيتور وميدل إيست آي والعربي الجديد، بسبب الانحياز الكبير والواضح في التغطية الإعلامية لرواية الاستعمار الصهيوني، والتي تعتمد بشكل كبير على الوكالات الدولية المنحازة للإمبريالية العالمية مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا".

View this post on Instagram

A post shared by Ahmad Alzoubi (@dr.ahmadalzoubi89)

رفع الوعي بالقضية الفلسطينية

ويقول نور مصالحة "أركز في جميع كتبي على تاريخ وتراث فلسطين الطويل، وهو أمر غير معروف للناس هنا في البرازيل. أريد أن أقول للناس إن المدن الفلسطينية موجودة منذ آلاف السنين، وإن أريحا هي أقدم مدينة في العالم، وإن غزة كانت مدينة مشهورة ومعروفة عبر التاريخ، وقد كانت تتاجر مع الصين والهند وأوروبا، وكان لها مرفآن، على خلاف كل المدن الساحلية الأخرى التي كان لديها مرفأ واحد، لأن تجارة غزة كانت أكبر بكثير من غيرها، ولهذا كانت من أغنى المدن الفلسطينية".

إعلان

ويقول الزعبي "تاريخيا، كانت شعوب أميركا اللاتينية داعمة للقضية الفلسطينية، إلى جانب بعض الحكومات ذات التوجه اليساري، لكن في المقابل، فإن التغلغل الإسرائيلي في هذه الدول عميق وممنهج".

ويضيف: بالنظر إلى تقرير ماكبرايد، أو "أصوات عديدة وعالم واحد"، الذي أصدرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) عام 1980، يتضح مدى الحاجة إلى إقامة نظام عالمي جديد للإعلام والاتصال، يهدف إلى تقليص الفجوة الإعلامية بين الدول المتقدمة والدول النامية، والحد من التأثيرات السلبية لهيمنة الإعلام الدولي على استقلال الدول الثقافي، لا سيما في أميركا اللاتينية. وقد سبق إصدار التقرير مبادرة اليونسكو بإنشاء "اللجنة الدولية لدراسة مشكلات الإعلام" عام 1976 برئاسة السياسي والصحفي الأيرلندي شون ماكبرايد، لدراسة القضايا المرتبطة بالاتصال الجماهيري على المستوى العالمي، وخاصة في ظل التفاوت الهائل في الوصول إلى المعلومة وصناعة الخطاب.

ويرتبط تشويه الأخبار المتعلقة بفلسطين بما تناوله التقرير من قضايا، ويفصل الزعبي "مثل تركز ملكية وسائل الإعلام في أيدي قلة من الجهات النافذة، مما يفتح المجال أمام التلاعب بالسرد الإعلامي وتقديم روايات أحادية الجانب. وفي سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كثيرا ما ينتج هذا التركز تغطية إعلامية تنحاز إلى السردية الصهيونية على حساب الرواية الفلسطينية، مما يعيق الإدراك الشعبي العادل للقضية في المجتمعات اللاتينية".

View this post on Instagram

A post shared by Monitor do Oriente (@monitordooriente)

ضد الروايات الزائفة

وفي حوار مع الجزيرة نت، تقول المحررة الأولى في دار ميدل إيست مونيتور للتوزيع والنشر ريتا فريري "قررت دار نشر ميدل إيست مونيتور توفير هذه الكتب الأساسية عن التاريخ الفلسطيني للقارئ البرازيلي لأن الرواية الإعلامية عن فلسطين تدور في جوهرها حول الصراع مع إسرائيل، وتصور إسرائيل على أنها تدافع دائما عن نفسها ضد العدوان والإرهابيين الفلسطينيين. ونتيجة لذلك، تمحى فلسطين الحقيقية وتجرم مقاومتها".

إعلان

وتضيف فريري "نريد أن نسهم في استعادة ما محي من الذاكرة، ولذلك ترجمت أعمال نور مصالحة، التي تروي قصة فلسطين منذ آلاف السنين وحتى اليوم، إلى اللغة البرتغالية. في كتابين، يتحدث مصالحة عن أربعة آلاف عام من تاريخ هذه الأرض، بالإضافة إلى مساهمة فلسطين الثقافية الطويلة التي قدمتها للعالم".

وتوضح أن "إظهار نوايا الصهيونية منذ بداياتها أمر مهم لفهم نوايا أولئك الذين يدعمون إسرائيل اليوم، ولخلق مواقف نقدية لدى الناس، وزيادة الوعي بخطة التطهير العرقي والإبادة الجماعية المتعمدة والمستمرة، وتعزيز التضامن مع الشعب الفلسطيني".

وتتابع فريري "هذا بالإضافة إلى أننا أطلقنا كتابا باللغة البرتغالية لأحمد الزعبي، يتناول الهجرة الفلسطينية إلى أميركا اللاتينية واستمرار النضال الفلسطيني حتى خارج أرضه. وبهذا، نسهم في إبراز أن الشعب الفلسطيني لا يزال حيا حتى بعد تهجيره، ويحافظ على الصلة بين أميركا اللاتينية وفلسطين حتى اليوم".

وتختم فريري "هذه قصص علينا كشفها لأن إخفاء هذه الحقائق هو ما يديم عدوان إسرائيل على الشعب الفلسطيني وسرقة أرضه وذاكرته".

مقالات مشابهة

  • وزير الأشغال العامة الفلسطيني: نشكر مصر على دعمها للقضية الفلسطينية ودورها في منع التهجير
  • جنوب إفريقيا.. السجن مدى الحياة لأم باعت ابنتها مقابل 1100 دولار
  • مصر تثمن مواقف المغرب الداعمة للقضية الفلسطينية ودور لجنة القدس
  • فلسطين في ثلاثة كتب باللغة البرتغالية.. نافذة للقارئ البرازيلي على القضية الفلسطينية
  • السفير أحمد أبو زيد: الموقف الأوروبي من البداية داعم للقضية الفلسطينية ويحترم الرؤية المصرية
  • البرلمان العربي: نثمن مواقف جمهورية بيلاروسيا الداعمة للقضية الفلسطينية
  • أحمد السيد: سيناريو انبي والأهلي الشهير لن يتكرر أمام فاركو اليوم
  • أحمد السيد: سيناريو إنبي والأهلي الشهير لن يتكرر أمام فاركو اليوم
  • ماكرون: فرنسا تؤيد حل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
  • «الحكومة الفلسطينية»: مصر داعمة دائمًا للقضية ونطالب بضغوط أمريكية لوقف العدوان