صحيفة الخليج:
2025-07-29@08:25:09 GMT
لماذا جعل الإسلام الطلاق بيد الرجل وحده؟
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
لماذا جعل الإسلام الطلاق بيد الرجل وحده؟.. سؤال مهم يقود إلى بيان رحمة التعاليم الإسلامية بالأسرة عامة، والمرأة خاصة، إذا طرحه منصف باحث عن الحقيقة.
المؤسف أن هذا السؤال تردد كثيراً على ألسنة المغرضين من المستشرقين وأدعياء حماية حقوق المرأة الذين لا تعنيهم الحقيقة، وإنما يستهدفون الإساءة إلى الإسلام، والتشكيك في تعاليمه السمحة، والنيل من مكانته في نفوس الناس، وصرفهم عنه، بعد تصويره، كذباً وزيفاً، بأنه يعادي المرأة، وينتقص من مكانتها، ويضع الرجل في مرتبة أعلى منها.
يقول الباحث في الدراسات العربية والإسلامية يسري عبدالغني في دراسة قيمة بعنوان «الطلاق في التشريع الإسلامي للأسرة»: «إن الاحتمالات العقلية المتصلة بموضوع «الطلاق» لا تخرج عن خمسة احتمالات»، هي:
- أن يجعل الإسلام الطلاق بيد الرجل وحده.
- أن يجعل الإسلام الطلاق بيد المرأة وحدها.
- أن يجعل الإسلام الطلاق مشاركة بينهما، أي بيد الرجل والمرأة معاً.
- أن يكون الطلاق عن طريق المحكمة.
- أن يكون الطلاق بيد الرجل، وتعطى المرأة فرصاً للطلاق إذا أساء الرجل استعمال حقه.
أمر طبيعي
ويشدد الباحث على أن جعل الطلاق بيد الرجل وحده، هو الأمر الطبيعي المنسجم مع واجباته المادية نحو الزوجة والبيت.
فمادام الزوج يدفع المهر، ونفقات الزوجية، كان من حقه أن ينهي الحياة الزوجية، إذا رضي بتحمل الخسارة المادية والمعنوية، وهو لا يقدم على ذلك إلا إذا قاس الأمور، ووجد أن الخسارة المادية والمعنوية أهون من الطلاق.
والرجل في الأعم الأغلب أضبط أعصاباً، وأكثر تقديراً للنتائج في ساعات الغضب والثورة، وهو لا يقدم على الطلاق إلا بعد يأس شديد من إمكان سعادته الزوجية مع زوجته، وفي الوقت نفسه الذي يعي ويدرك ما يجره الطلاق عليه من خسائر، وما يقتضيه الزواج الجديد من نفقات.
ويلفت الباحث إلى أن الله- سبحانه وتعالى- هو الذي خلق الخلق جميعاً، ويعلم ما يضرهم وما ينفعهم، وهو لا يريد إلا الخير والصلاح لعباده، فاختار أن يكون الطلاق في يد الرجل، لأنه هو الذي خلقه، ويعلم أنه أقدر على تحمله من المرأة، وأن بمقدوره استعماله الاستعمال الحسن.
ويرى الباحث أنه لا سبيل لإعطاء المرأة وحدها حق الطلاق؛ لأن فيه خسارة مادية تقع على عاتق الرجل، والمرأة لا تخسر مادياً بالطلاق؛ بل تربح مهراً جديداً، وبيتاً جديداً.
كما أن المرأة شديدة العاطفة، سريعة الغضب، ولا تبالي كثيراً بالنتائج وهي في ثورتها وغضبها، فلو أعطيت حق الطلاق لوجدنا بعض النساء يطلقن نفسهن لأتفه الأسباب، وهذا يخالف المنطق السليم، ويؤدي إلى كوارث اجتماعية شديدة الخطورة.
شبه مستحيل
ويلفت الباحث إلى أن جعل الطلاق بيد الرجل والمرأة معاً، أمر يكاد يكون من المستحيل اتفاقهما عليه. ويقول: «إن الإسلام لا يمنع أن يتفاهم الرجل والمرأة على الطلاق بالتي هي أحسن؛ بل إن عملية التفاهم والحوار نفسها قد تكون طاقة أمل لعودة الصفاء والود بينهما، ولكن الإسلام لا يعلق صحة الطلاق على اتفاقهما معاً».
وحين يكون الطلاق بيد الرجل فهذا هو المنطقي، وهذا ما أمر به الإسلام، وقد شرحنا ذلك، والإسلام أعطى المرأة حق أن تطلب هي الطلاق؛ لرفع ضرر وقع عليها، فلقد أباح لها الطلاق من زوج تكرهه، أو ترى أن العشرة مستحيلة معه، أو زوج يتعمد إهانتها وإيذاءها مادياً ومعنوياً مع سبق الإصرار والترصد، وبذلك يحول الإسلام دون استبداد الزوج بحق الطلاق استبداداً يتنافى مع الخُلق الإسلامي الذي جوهره المودة والرحمة.
ويشير الباحث إلى أن الوازع الديني ضعف عند البعض، وأصبحت نظرة الناس إلى الأمور والأشياء نظرة مادية نفعية بحتة، الأمر الذي يؤكد ضرورة أن نعود إلى مبادئ الإسلام في تشريعات الأسرة؛ لأنها طوق النجاة مما يواجهنا من تيارات هدامة متطرفة لا تبغي لنا إلا الخراب أو الدمار.
رجال مستهترون
إن الإسلام عالج الحياة الأسرية أعظم علاج، ولم يرض أن تكون عذاباً وشقاءً للزوجين أو الأولاد الذين لا ذنب لهم. ولذلك يأتي الطلاق عندما تستحيل الحياة الزوجية، والله جل شأنه يقول في محكم آياته: «وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا»... (النساء: 130).
وهكذا يظهر جلياً لكل ذي عينين فضل الشريعة الإسلامية الغراء، وأنه من دون أدنى مبالغة أو تعصب لا توجد شريعة على وجه الأرض تساويها، وتبين للجميع أيضاً أن الإسلام بشريعته السمحاء هو دين اليسر والخيرية، وهو الدين الحق الذي لا يكلف نفساً إلا وسعها.
ويحذر الباحث من أن كثيراً من الرجال يتعاملون باستهتار شديد مع أبغض الحلال، فتارة يجريه البعض قَسَماً على ألسنتهم في أوقات المزاح أو المشاجرة، وتارة يستخدمه سوط تهديد لزجر زوجته، والنتيجة هي الوقوع في المحظور للعبث بألفاظ الطلاق، حتى لو قال البعض: إن الله لا يحاسبنا على اللغو في أيماننا، وبالطبع هذا رد ينقصه المنطق والفهم العميق الصحيح لأحكام الإسلام.
فالإسلام لا يجيز للزوج أن يحلف بالطلاق، لأن الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- نهانا عن الحلف بغير الله- تعالى- مطلقاً، فمن كان حالفاً فليحلف بالله- تعالى- أو ليصمت.
ومع اتفاق الفقهاء على عدم جواز الحلف بالطلاق، إلا أنهم اختلفوا حول وقوع الطلاق بهذا الحلف، فذهب بعضهم إلى أنه يؤدي للطلاق، بينما ذهب البعض الآخر إلى عكس ذلك، وكان رأي كثيرين أنه يعتبر يميناً توجب كفارة اليمين.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الطلاق الإسلام الأسرة یکون الطلاق إلى أن
إقرأ أيضاً:
العروبة المؤسِّسة.. كيف صاغ العرب مكانتهم العليا داخل الدولة الإسلامية المبكرة؟
الكتاب: النزعة العربية وأثرها على الموالي في عصري صدر الإسلام والدولة الأمويةالكاتب: الدكتور جوتيار تمر
الناشر: تموز ـ ديموزي للطباعة والنشر والتوزيع ـ دمشق، الطبعة الأولى 2024
306 صفحة من القطع الكبير.
انطلق العمق الثوري للإسلام من تلك العلاقات التي نسجت وحيكت بين السيادة العليا الإلهية والوحي الإسلامي بجملته، وبين السلطة السياسية للنبي محمد، التي أرست نواة الدولة في المدينة، وراحت تعيد إنتاج الواقع التاريخي لعرب الجزيرة على ضوء منظومة المعايير الإسلامية الآمرة، لكي يصبح مطابقاً مع هذه المعايير، وحطمت بذلك أسس المجتمع الجاهلي المتحكم فيه النظام القبلي البدائي، ووحدت الجزيرة العربية، وحافظت على مكة أم القرى واعتبارها إحدى المقدسات الإسلامية.
في الجزيرة العربية كان يمكن ملاحظة التطور التدريجي من التشظي والتناثر إلى الوحدة من خلال التناثر ثم التوحيد الديني. لقد كان لكل قبيلة أوثانها الخاصة بها، وسائطها الرمزية إلى الإله الواحد، ثم مع تنامي النفوذ الاقتصادي والسياسي لقريش تحولت الكعبة إلى "مجمع أوثان" لمختلف القبائل العربية. ومع عملية التمركز الاقتصادي والسياسي كانت تسير عملية التمركز الديني وصولاً إلى التوحيد الديني الذي ارتكز على عملية التمركز هذه والمعبَّر عنها أيديولوجياً بالتوحيد اللغوي والثقافي. لقد كان الإسلام تعبيراً عن الحاجة إلى الوحدة والتمركز والفتح والتوسع والسيطرة. وهكذا لعب دور إنضاج عملية الصهر والتوحيد، وأسهم بالتالي ـ بسبب من الدور المسيطر للمستوى الأيديولوجي في البنية الاجتماعية ـ أسهم في صياغة وبلورة الكيان القومي للعرب، وتقديس العروبة شأنه في ذلك شأن الأديان التي سبقته: "كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر" (القرآن الكريم).
مفهوم نزعة العرب القومي
العرب حملوا راية الإسلام إلى العالم، كما أنَّ الوحي الإسلامي جاء بلسان عربي، وقام الإسلام بفرض توحيد اللغة العربية التي قامت على أنقاض اللهجات القبلية العربية المتعددة، حتى أصبح الارتباط بين الإسلام والعروبة ارتباطاً صميمياً، وكان لانتشار الإسلام أثر قوي في انتشار ظاهرة التعريب واللغة العربية، وإن كان مفهوم التعريب لم يكن مجاله وأثره شاملاً، ولا واحداً في الأمصار، التي انتشر فيها الإسلام.
فهناك شعوب مسلمة استوعبها التعريب، ورسخت فيها الثقافة العربية الإسلامية حيث سادت اللغة العربية، وهناك أمم عريقة مجاورة اعتنقت الإسلام وشاركت في بناء الحضارة الإسلامية، انطلاقاً من تفسيراتها للإسلام المرتبطة جزئياً على الأقل، بخلفيتها التاريخية والثقافية والحضارية والدينية العريقة التي وجدت قبل الإسلام بقرون عديدة، ومثلما أن الاحتفاظ بمكة وتكريس تقديسها وتحويلها إلى مركز لعبادة التوحيد الإسلامية يشير إلى النزعة القومية العربية الجديدة التي حملها الإسلام، والتي خاضت حروباً طاحنة في سبيل توحيد عرب الجزيرة، والتي انطلقت استناداً لتلك الوحدة العربية الجديدة لتوسيع سيطرتها على سورية وفلسطين، ثم الانطلاق نحو مصر وإفريقيا، مثلما أنَّ الاحتفاظ بمكة رمزاً حضارياً عربياً قومياً، فإنَّ انتقال مركز الخلافة إلى دمشق، ونشوء الدولة الأموية كثمرة لتطور طبيعي في سياق الظروف الدولية والإقليمية السائدة آنذاك في القرن السابع الميلادي، وكذلك الواقع الاقتصادي ــ الاجتماعي حينذاك، وتحولها إلى امبراطورية عربية مترامية الأطراف شكلت قطيعة بالمعنى الجدلي مع فجر الإسلام (عصر الخلفاء الراشدين) وفتحت الباب أمام نشوء طبقة ارستقراطية عربية متكونة من أبناء القبائل العربية الأساسية، بصرف النظر عن دورها في الإسلام.
العرب حملوا راية الإسلام إلى العالم، كما أنَّ الوحي الإسلامي جاء بلسان عربي، وقام الإسلام بفرض توحيد اللغة العربية التي قامت على أنقاض اللهجات القبلية العربية المتعددة، حتى أصبح الارتباط بين الإسلام والعروبة ارتباطاً صميمياً، وكان لانتشار الإسلام أثر قوي في انتشار ظاهرة التعريب واللغة العربية، وإن كان مفهوم التعريب لم يكن مجاله وأثره شاملاً، ولا واحداً في الأمصار، التي انتشر فيها الإسلام.كان النبي (ﷺ) مدركاً لأهمية القبيلة وأهمية دعمها له، كما كان مدركاً بأهمية التوافق بين الانتماء القبلي من جهة، وانتمائه للجنس العربي من جهة اخرى، لذا يمكن استقراء ذلك المسلك الذي انتهجه للجمع بين القبيلة والقوم العرب ضمن دائرة الإسلام كوحدة دينية بالدرجة الاساس، إلا أن ما تركه من إرث فيما يتعلق بأقواله (ﷺ) أعطت للعرب مسارات تأويلية جعلتهم يقيسون الأمور وفق مصالحهم واعتبروا أن النفاق من دلائله بغض العرب، على الرغم من أن الأسس التي قامت عليها الدولة كانت دعوتها إلى المساواة والأخوة الإسلامية منذ الوهلة الأولى، إلا أن النظرة للمولى كان مختلفاً ومقيداً باعتبار أنه تابع ليس حر، لذا في صحيفة المدينة وضع اللبنة الأساس للتعامل معهم وفق مبدأ لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه، أبقت النظرة إلى المولى ضمن سياقات المجتمع العربي الإسلامي بشكل واضح، لذا حتى الصحيفة نفسها لم تستطع أن تتخلص من المظاهر القبلية فالفرد في تلك الأمة لا ينتمي اليها إلا عن طريق العشيرة أو القبيلة، المهاجرون من قريش على ربعتهم، وبنو عوف على ربعتهم، والآخرين كل عشيرة أو قبيلة على ربعتهم، لذلك نجد من يرى بأن الصحيفة كانت اللبنة في صرح الأمة الاسلامية والعرب، فقد استطاعت دمج المسلمين على اختلاف قبائلهم في جماعة دينية ترتبط بالإسلام وتجاهلت نظام القبيلة وأدمجت كل طوائف المدينة في الأمة، إلا أن ذلك الاندماج لم يتم إلا عن طريق القبيلة، فكأن القبائل دخلت في الأمة بتنظيماتها القبلية القديمة، فضلاً عن الاعتراف بقوة العصبية وأثرها في المجتمع وأنه ليس من السهل التخلص منها.
الثورة التي قام بها الإسلام في الجزيرة العربية ثم في المجتمع العربي عموماً، هي في مضمونها التاريخي ثورة قومية عربية، وهذا يؤكد على أنَّ الوعي القومي للنبي محمد في رسالته، والثورة العربية الإسلامية التي قام بها حاضرٌ، بما أنه أسس حركة عربية قومية، رفعت شأن العرب وأنقذتهم من براثن التخلف، وكانت في أصل تحولهم إلى مدنية وإمبراطورية عالمية، عززت مكانة العرب في إطار الصراع الدولي المحتدم آنذاك مع الإمبراطوريات المجاورة، وأدت إلى احتلالهم موقع الريادة في قيادة السياسة الدولية. ويتجلى الوعي القومي واعتزاز محمد بأنسابه إلى القومية العربية في قوله "الذين يتبعون الرسول النبي الأمين الذي يجدونه مكرماً عندهم في التوراة والإنجيل.. "، ويضيف"... إنَّما يعلمه البشر، لسان الذي يلحدون إليه أعجمي، وهذا لسان عربي مبين"، وكقوله: "قُلْ لَإِنْ اجتمعت الإنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا. ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورًا" ، باعتبار أنَّ القرآن الذي أتى به محمد هو "تنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسانٍ عربيٍّ مُبينٍ".
وبذلك أعطى الإسلام العرب رسالة، وغدا حسب مفهوم ذلك الزمان ثورياً، بالنسبة لمرحلة التشرذم القبلي، لأنه اتخذ موقفاً سلبياً من البداوة، واستخدمه محمد في ثورته القومية كسلاح أيديولوجي وسياسي في سبيل توحيد عرب الشمال مع عرب الجنوب، في إطار دولة واحدة، جمعت بين البدو والحضر في دعوة واحدة وحركة إسلامية واحدة، وأنهت بذلك "حالة المجابهة والصراع بين البدو والحضر لفترة تناهز قرنين"، من أجل مواجهة درء أخطار ومطامع الأمم المجاورة: الفارسية، والحبشية، والبيزنطية، التي كانت تهدد الجزيرة العربية، ومركزها التجاري مكة، والطريق التجاري الذي يقود إلى البحر الأسود عبر فارس، وإلى سورية وآسيا الصغرى، والطريق الذي كان يمر بالبحر الأحمر.
في هذا الكتاب الجديد الذي يتكون من مقدمة وأربعة فصول كبيرة،لمؤلفه الدكتور جوتيار تمر،ويحتوي على 306 صقحة من القطع الكبير، يعالج فيه الكاتب معالم المجتمع العربي في عصريه ما قبل الإسلام وفي صدر الإسلام من خلال رسم تدريجي للنظم التي اتبعها، لاسيما فيما يتعلق بالنظم القبلية والعصبية بحيث استطاعت تلك النظم من السيطرة على العقلية العربية حتى بعد انتشار الدين الإسلامي بينهم، وقد نتج عن ذلك تفاوت واضح في البنى الاجتماعية، إذ إنه على الرغم من عدم اعتراف الإسلام بالطبقية في بداياته، إلا أن نزعة القبائل العربية وعصبيتها فرضت واقعاً ملموساً يمكن رصده من خلال البحث بين الأسطر وعدم تجاوز الحدث التاريخي باعتباره لا يتوافق مع الفكر الديني، وفق ذلك فإن العصبية القبلية العربية التي تؤكدها الدراسة هي في الاصل تراث العرب في إدارة شؤونهم، وفق منطقهم الخاص، سواء قبل الإسلام أو بعد الإسلام. فالنظام القبلي ليس إلا الوجه الحقيقي للرؤية العربية للسياسة، ومن خلال تلك الرؤية تأسست معالم وجودهم الفعلي حتى بعد الإسلام الذي عمل على اخضاع القبائل المنطق سياسي ديني واحد، إلا أن الأمر لم يكن لينجح حتى بوجود النبي (ﷺ)، فالنزعة القبلية العربية ظلت متحكمة في الكثير من القبائل وزعمائها.
يقول الكاتب جوتيار تمر في المقدمة:"وفق ذلك فإنَّ قيام بعض الدراسات بتجاوز الواقع التاريخي الحقيقي للموالي؛ الذين تأثروا بالعصبية القبلية التي كانت البذرة الاساسية لظهور النزعة العربية فيما بعد، ومحاولتها تجميل الصورة باعتبار أنَّ الجيل الأول من الصحابة لم يكونوا ليفرقوا بين عربي أو أعجمي، بالرغم من وجود ذلك التفاوت الاجتماعي الواضح في صيرورة الحدث التاريخي، ذلك ما دفعنا إلى اختيار الموضوع ليس للتنقيص من الإسلام كدين، وإنما لإظهار الحقيقة التاريخية التي تكمن في أن الذين تسلموا السلطة بعد النبي (ﷺ)، بشر وهؤلاء لم يكونوا معصومين، مما يعني أنَّ التاريخ الذي شاركوا فيه ليس بمعصوم ايضاً، وبالتالي فإنَّه قابل للبحث والتمحيص والنقد المنهجي الاكاديمي، بعيداً عن التحيز الأيديولوجي، لاسيما أن المكتبات مليئة بالدراسات حول الموالى في صدر الإسلام، كدراسات سابقة، ألا أن غالبيتها انتهجت مبدأ السرد الوصفي مع إبداء بعض الآراء التي يراها الكتاب إنها اقرب إلى التبرير الممنهج والمغلف بالفكر الديني أو القومي أكثر من كونها آراء تبحث عن ماهية الحدث التاريخي وفق جدلية التأثير والتأثر(ص8).
النزاع بين الولاء للإسلام والولاء للعصبية القبلية
تترافق كلمة العصبية مع تفسير شائع يجعل منها مرادفاً للتفرقة وتعبيراً عن تغليب مصلحة فئة ما على مصلحة الجماعة ككل، وقد درج العرب بعد الإسلام على استعمال كلمة العصبية في كل مرة يراد الإشارة فيها إلى الصراعات الداخلية السلبية، بالمقارنة مع الاستقرار الداخلي العاكس لوضعية إيجابية، لذلك فقد استخدم العرب كلمة العصبية للدلالة على التنازع والفرقة والاعتداد بالأنساب، وفي الوقت نفسه يثير مفهوم القبلية الكثير من النقاش والجدل لدورها المتعاظم في الحياة السياسية العربية قبل الإسلام، والمخلفات التي تركتها حتى بعد ظهور الإسلام، وذلك بسبب طبيعة البنية والتنظيم الاجتماعي الذي كان يميز المجتمع العربي، والذي كان المتغير القبلي البدوي هو الأكثر تأثيراً وقوة في السياق العربي مقارنة مع المتغيرات الأخرى، مما جعل من تحديد مفهوم وظاهرة العصبية القبلية من أكثر المفاهيم والظواهر التي تستعصي على التحديد والتعريف، وذلك لاختلاف طبيعة المشكلة وحضورها من مجتمع لآخر، حتى أصبح ينظر إليها من قبل بعض المختصين باعتبارها تواصلاً لأشكال حياة بدائية وجزءاً من مخلفات مرحلة سابقة من تكوين البشرية، وتجدر الإشارة إلى أن الكتاب يعتمد مصطلح العصبية القبلية كتعريف أولي لمفهوم النزعة العربية باعتبار أن كلا العصبيتين العربية والقبلية والتي انحدرت منها العصبية النزعة العربية بمفهومهما اللاحق في الدولة الأموية، قد انبعث من تيار واحد، وبالتالي هو ما يعكس حكماً سلبياً إزدرائياً ضمناً على نمط الحياة القبلية، باعتبار أن القبلية هي الأساس الذي تبنى عليه العصبية.
عرف العرب النظام القبلي منذ أقدم عصورهم، وذلك النظام كان يسود بلاد العرب كلها، حيث كان سكان الجزيرة يعيشون عيشة قبائل، وكانت تلك العيشة ملائمة لطبيعة بلادهم، فالعرب سواء عاشوا بدواً أم حضراً كان النظام القبلي هو الذي يجمع بينهم، باعتباره ذلك النمط من الحياة التي تتوزع فيها الأمة الواحدة إلى جماعات بشرية مستقلة يجمع بين أفرادها صلة النسب المشتركيقول الكاتب جوتيار تمر: "عرف العرب النظام القبلي منذ أقدم عصورهم، وذلك النظام كان يسود بلاد العرب كلها، حيث كان سكان الجزيرة يعيشون عيشة قبائل، وكانت تلك العيشة ملائمة لطبيعة بلادهم، فالعرب سواء عاشوا بدواً أم حضراً كان النظام القبلي هو الذي يجمع بينهم، باعتباره ذلك النمط من الحياة التي تتوزع فيها الأمة الواحدة إلى جماعات بشرية مستقلة يجمع بين أفرادها صلة النسب المشترك سواء كان ذلك النسب حقيقياً أو وهمياً، وبذلك يكون عامل النسب مهماً في معركة البناء الهيكلي لتلك التجمعات البشرية والتي كانت تطلق على نفسها القبائل، والتي منها تمخض الفكر القبلي، ولم تكن في بلاد العرب قبل الإسلام دولة عربية، بل كان بها وحدات سياسية اجتماعية مستقلة تعرف بالقبائل.
يعد المكون القبلي أهم التكوينات السياسية في شبه الجزيرة العربية، بالطبع ليس بمفهومه الاجتماعي، لأن تلك التكوينات القبلية وجدت كوحدات اجتماعية في كل أرجاء شبه الجزيرة، والقبلية أو القبيلية هي نسبة إلى القبيلة، ويقال: قبيلية، والقبيلة مجموعة من الناس: بنو أب واحد، ومعنى القبيلة، الجماعة، ويقال لكل جماعة من أب واحد قبيلة، والقبيلة أيضاً: وحدة اجتماعية متماسكة تتكون من مجموعة أفراد تقطن على بقعة جغرافية معينة تتمتع بدرجة من الاستقلال السياسي، وفي بعض الأحيان تنشطر القبيلة إلى أقسام مختلفة خصوصاً إذا كانت البقعة الجغرافية التي تعيش عليها واسعة بالنسبة لعدد السكان، ويتكلم أفراد القبيلة لغة واحدة لها لهجة معينة تختلف عن لهجات القبائل الأخرى التي تتكلم اللغة نفسها، وتعرف القبيلة أيضاً على أنها الوحدة السياسية للبدو تربطهم رابطة العصبية، وتستوفي القبيلة بعض مقومات الدولة، ولا ينقصها إلا أرض مثبتة الحدود، لأنها قلما تثبت في مكان واحد فترة طويلة، وفي غالب الأحيان تكون لها منطقة خاصة تتجول في نطاقها، وهي ما تدعى بالدار، أو قد تنشئ لنفسها حمى، أي منطقة ثابتة من الأرض ولا يجوز لغيرها أن يخترقها أو يستعملها، والقبيلة قل ما أن ينتسب اليها من لم يساهمها في نسبها إلا عن طريق الحلف والولاء"(ص38).
يتضح من غالبية التعاريف عن القبيلة أنها تقوم على التصنيف وفكرة التجمع والتدرج، كما أن التجمع نفسه يقوم على النسب المشترك للمجموعة، وذلك ما استندت عليه التعاريف الحديثة أيضاً، بحيث ترى أن تلك التصنيفات تقوم في الأساس على اعتقاد أن المجموعات القبلية في انتمائها إلى جد أعلى مشترك، انتماء يميزها عن مجموعات أخرى مماثلة ويفصلها عنها، بحيث تكون العلاقات بين الطرفين علاقات تعارض وتنافس وصراع.
اتسم النظام القبلي بالتفكك السياسي قبل الإسلام وحتى بعد ظهور الإسلام فقد "استغنوا عن غيرهم فصعب انقياد بعضهم لبعض لإيلافهم ذلك التوحش، حيث كانت القبيلة مصدر القوة السياسية والدفاعية التي تربط بين أفراد القبيلة، وعلى ذلك فإن العرب لم تتوحد سياسياً ضمن هيكل دولة منظمة، بشكل يجعلها قوة معاصرة للقوى الإقليمية وقتها، لاسيما الفرس والروم، إلا أن ذلك لا ينفي وجود وحدة بين العرب ولكن وفق مسار آخر، حيث شكلوا أمة ثقافية دينية إلى حد ما، ولكن بالطبع ليس أمة الدولة، إلا أن تلك الوحدة لم تكن كفيلة بإخضاع القبائل كلها تحت سلطة واحدة، بل كانت في الكثير من الأحيان تبث روحاً تنافسية بين القبائل فتبحث كل واحدة عن تحالفات لقهر الأخرى، مما جعلتها محتفظة بطباع التبدي، من التنقل والاغارة والعصبية.
إن العصبية كنظام يلجم اندفاع حركة الحياة المعبرة عن ذاتها، بالإرادة، تحقيقاً للانتصار، يلجمه عن طريق ضبطه سلوك الفرد والجماعة، وتقنين حركة السلوك وتنميطها، فيأخذ ذلك الانتصار معناه ومعياره من قيم المجتمع السائدة فيه، في مرحلة تاريخية معينة، كل ذلك دون إهمال كون العصبية شوكة وقوة داعمة للسلطة، ولذلك فإنه بالعصبية يمكن تفسير ظواهر السلوك المختلفة، لدى الأفراد والجماعات والشعوب، لاسيما لدى الجماعات في المجتمع العربي، باعتبار أن العصبية هي بنيته، فهي تدخل في نسيجه الاجتماعي الثقافي القيمي السلوكي، وتفسر عبر ذلك النسيج الظواهر السياسية والثقافية والنفسية المتمثلة في ذلك السلوك، وهو نسيج اجتماعي لأنه علاقة، وهو ثقافي لأنه من جبهة معرفة الحضارة.
بنيت السلطة بعد وفاة النبي (ﷺ) على أسس الصراع بين القبائل العربية لاسيما -المهاجرين-، فالملاحظ من الوهلة الأولى من مداولات اجتماع السقيفة، كان المهاجرون والأنصار، يقصدون وبكل وضوح، الحسم في خلافة النبي السياسية والزمنية دون المسألة الدينية، حيث كان خطابهم يعتمد على مصطلحات سياسية زمنية منها الأمارة والأمرة، منا أمير ومنكم أمير، أو نحن الأمراء وأنتم الوزراء، كما أنهم في سياقات الحديث استخدموا مصطلحات أخرى أو ألفاظاً أخرى كلفظتي خلافة وسلطان، وإجمالاً كان ثمة وعي صريح بأن صراعهم كان يدور حول مسألة تولي الحكم والقيادة السياسية بعد النبي (ﷺ) مع المحافظة على رداء الدين.
ظل الجيش العربي الإسلامي مقسماً وفق القبائل لكل قبيلة قادتها، مع غلبة القبائل البدوية على الجيش، مما يعني نقل الطباع البدوية التي لم تصهر بعد في الإسلام إلى تلك المناطق، وواجه العرب في أيام الغزوات صعوبة كبيرة في توسعاتهم بسبب العقلية القبلية وضيق أفقها، وعدم تمكنها التخلص من مثلها الموروثة قبل الإسلام بسهولةيقول الكاتب جوتيار تمر: "الراجح أن بيعة أبي بكر كانت في مضمونها تفوقاً للمرجعية الدينية الجديدة أي للإسلام لكن دون قطع الماضي باعتبار أن النظم القبلية كانت تختار الأكبر سناً لرئاسة القبيلة فقال له أبو عبيدة: يا أبا الحسن، إنك حديث السن، وهؤلاء مشيخة قريش قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور، ومن جهة أخرى باعتبار أن أبا بكر هو رفيق النبي (ﷺ) في الهجرة، فإنه يمكن النظر إلى الأمر من كونه سلاح ذو حدين، فاختيار أبي بكر ضرب العقلية القبلية من ناحية، وأكدتها من ناحية ثانية بسبب انتماء الخليفة إلى بطن متواضع من بطون قريش وهو بنو تيم، ومع ذلك فإن التنافس والصراع ظل محتدماً بين الصحابة، ويمكن إدراك ذلك من خلال تتبع سيرة أحد الصحابة الأوائل سعد بن عبادة الذي آمن بأن الدولة التي قامت في موطنه ليست لقريش وحدها، ولذلك تشير الكثير من الآراء إلى أنه تم تصفيته في الشام بعدما رفض بيعة كل من أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وعلى ذلك الأساس فقد ألقت المرجعية الجديدة بأثارها على جميع المكونات الأخرى من المجتمع الإسلامي فيما بعد، لاسيما غير العرب من المسلمين، الذين وجدوا أنفسهم وبحسب ما تقدم أن لا مكان لهم في السلطة"(ص90).
ظل الجيش العربي الإسلامي مقسماً وفق القبائل لكل قبيلة قادتها، مع غلبة القبائل البدوية على الجيش، مما يعني نقل الطباع البدوية التي لم تصهر بعد في الإسلام إلى تلك المناطق، وواجه العرب في أيام الغزوات صعوبة كبيرة في توسعاتهم بسبب العقلية القبلية وضيق أفقها، وعدم تمكنها التخلص من مثلها الموروثة قبل الإسلام بسهولة، فقد كان على القائد أن يقاتل عدوه ـ الموالي ـ بجيش على شكل كتل قبائل، تتكون كل كتلة من مقاتلي قبيلة واحدة ورئيسها، لا من جنود ينتمون إلى أمة هي فوق كل الكتل والقبائل، لذلك خلق ذلك النظام نمطاً إقطاعياً خاصاً منذ بواكير انتشار الإسلام، فمن الصحراء إلى المراعي الخصبة، الأمر الذي ساهم بشكل وآخر على تكريس نمط الإنتاج الإقطاعي، وتمييع النمط البرجوازي، فقد تخلقت طبقة أغنياء الفلاحين شريحة محدودة الفاعلية على الصعيد السياسي، وذلك ما يفسره تعايش الأنماط الهامشية مع النمط الأصلي الثابت، مما يعني أهالي تلك المناطق الأصليين، مع الموجات البدوية، وذلك ما أنتج الصراع الاجتماعي ولو بصورة مائعة لم يسفر في أحسن حالاته إلا عن إضعاف سائر القوى في القلب والتمهيد للقوى البدوية الرعوية الطرفدارية المتحزبة كي تقفز إليه وتستولي على السلطة قسراً لتكريس الإقطاعية العسكرية، لا سيما أن الإقطاعية ظهرت بواكيرها في فترة مبكرة في صدر الإسلام، وفي عهد الخليفة عثمان بن عفان على وجه التحديد، وذلك لأن الخليفة عمر بن الخطاب كان قد منع قادته والطبقة الارستقراطية العربية من العرب بتمليك الأراضي والإقطاعيات، كي لا ينشغلوا عن الجهاد.
كان ثمة احتكاك وتصادم دائم بين فكرة الإسلام الواحدة كما كانت تسوسها قریش، وبين نزعة القبيلة عند القبائل، حيث أن التيار الإسلامي سعى نحو توحيد الجزيرة العربية سياسياً ودينياً، بينما التيار القبلي كان يقاوم الاتجاه المركزي وسعى نحو استمرار التقاليد العربية على الرغم من اصطدامها أحياناً بالمبادئ واتجاهات الدين الإسلامي، بالتالي فإن وحدة القبائل أثناء خروج الجيوش الغازية بدأت بالتفكك خلال فترات الاستقرار النسبي بعد إخضاع الكثير من المناطق والأقاليم، وما كان يليها بروز الاختلافات سواء حول السلطة أو توزيع الغنائم والأعطيات، فالمجتمع العربي المسلم منذ بداية تكوينه وقع تحت نزاع محتم فيما يتعلق بازدواجية الولاء، حيث الولاء الديني الذي ينتمي لدار الإسلام والذي بقي ثابتاً على الرغم مما شابه من تأويلات المفاهيم بعيدة عن روح الإسلام، رسخت في أحيان كثيرة الأبعاد التفتيتية للمجتمع العربي المسلم، وينازعه ولاء عصبي قبلي، والذي لم تستطع العقيدة التي هي ركن أساسي في قيام الجماعة، وركن من أركان قيام الأمة الإسلامية، أن تجمع بين الاطراف المتنازعة، وتحول دون وقوع صدامات دموية بينهم، فالعقيدة نفسها أصبحت مصدراً للانقسام والتناحر، فضلاً عن تناثر القبائل العربية بين البلدان والمدن التي دخلوها سواء بين افراد القبيلة الواحدة أو القبائل ككل مما أدى إلى إضعاف التيار الديني بعد قرن من الزمن.
دعا الإسلام إلى الإخاء بين المسلمين كافة بصرف النظر عن العنصر واللون واللغة، وكان لا بد أن يؤدي ذلك إلى خلق بعض التوترات بين العرب، بكل نزوعهم البشري المفهوم إلى تنصيب أنفسهم أمة متميزة بوصفها الأمة الأولى التي شهدت مولد النبي، وجاءت بالخلاص للأخرين، وبين أقرانهم المسلمين الموالي في تلك الأراضي التي دخلوها، متحكمين في ذلك إلى نص وروح عقيدتهم القائمة على المساواة، تلك التوترات التي كانت في أساسها وجوهرها تنافساً قبائلياً أو عائلياً حتى داخل القبيلة الواحدة أيضاً، وذلك من خلال هياج العصبية القبلية وتناطح القبائل في بداية العصر الراشدي واستمرارها إلى العصر الأموي، ثم صارت تتمظهر بخلافات مذهبية وعداوات سياسية خصوصاً بعد الحروب التي حدثت بين أتباع الخليفة علي بن أبي طالب من جهة ومؤيدي معاوية بن أبي سفيان 41 - 60هـ / 661 - 680 م من جهة ثانية، وظهور حركة الخوارج كنقيض للطرفين إثر ذلك، ثم بعد ذلك بين مؤيدي الحسين بن علي ت 61هـ /860م من جهة، وأتباع الخليفة يزيد بن معاوية 60-680/ 564 - 683م من جهة أخرى، وما تلا ذلك من عداوات وحروب دامية استمرت لقرون، وذلك من خلال تحويل الصراعات الدنيوية إلى حروب أيديولوجية دينية، وهو نمط غدا أكثر بروزاً، وأيسر اتباعاً وأشد فتكاً في نتائجه بسبب عدم الفصل بين ما هو دين وما هو أفعال تنتج من الصراعات والنزعات، فأصبح هو التفسير السائد للإسلام.