بعد فرنسا وألمانيا... دولة اوروبية جديدة تدخل على خط المواجهة ضد الحوثيين بالبحر الأحمر
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
في الوقت الذي هددت فيه الجماعة الحوثية، الأحد، بشن مزيد من الهجمات البحرية لإغراق السفن في البحر الأحمر وخليج عدن عقب غرق السفينة البريطانية «روبيمار»، دخلت إيطاليا على خط التصدي للهجمات الحوثية بوصفها ثالث دولة أوروبية بعد فرنسا وألمانيا.
ووفق ما ذكرته وزارة الدفاع الإيطالية، الأحد، تصدت مدمرة لطائرة مسيّرة حوثية بالقرب منها في البحر الأحمر، حيث التزمت روما بالمشاركة في العملية الأوروبية لحماية سفن الشحن.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أقر الانضمام إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا لحماية السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، ضمن عملية «أسبيدس» التي تعني الدروع أو الحامي، دون المشاركة في شن هجمات مباشرة على الأرض ضد الجماعة المدعومة من إيران.
وتشن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجمات ضد السفن تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة من خلال منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل قبل أن تضيف إلى لائحة الأهداف السفن الأميركية والبريطانية.
وهدد القيادي حسين العزي المعين في منصب نائب وزير الخارجية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها دولياً، الأحد، بشن مزيد من عمليات إغراق السفن، على الرغم من الهدوء النسبي الذي شهدته المياه اليمنية خلال اليومين الأخيرين.
وقال العزي في تغريدة على منصة «إكس» إن جماعته ستواصل «إغراق مزيد من السفن البريطانية، وأي تداعيات أو أضرار أخرى ستجري إضافتها لفاتورة بريطانيا بوصفها دولة مارقة تعتدي على اليمن، وتشارك أميركا في رعاية الجريمة المستمرة بحق المدنيين في غزة»، وفق تعبيره.
وتوعد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثية في أحدث خطبه بما وصفه بـ«مفاجآت» لا يتوقعها أعداء جماعته التي أقر بمهاجمتها 54 سفينة منذ بدء التصعيد البحري الذي رأت فيه الحكومة اليمنية هروباً من استحقاقات السلام اليمني، ومحاولة لتلميع صورة الجماعة داخلياً وخارجياً، من بوابة الحرب في غزة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وزارة الدفاع الإيطالية بياناً قالت فيه: «التزاماً بمبدأ الدفاع المشروع عن النفس، أسقطت المدمرة (دويليو) مسيَّرة في البحر الأحمر. وكانت المسيَّرة التي تنطبق مواصفاتها على (مسيرات) أخرى استخدمت في هجمات سابقة، موجودة على مسافة 6 كيلومترات من السفينة الإيطالية، وتحلق في اتجاهها».
ووفق الوكالة، ندد وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو، الأحد، في مقابلة مع صحيفة «كورييري ديلا سيرا»، بهجمات الحوثيين، مؤكداً أنها تشكل «انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي».
وتعهدت إيطاليا بالانضمام إلى القوة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي على أن تتولى أيضاً قيادتها، لكن هذه المشاركة لا تزال تنتظر مصادقة البرلمان. ويتوقع أن يوافق مجلس الشيوخ على الأمر بداية من الثلاثاء المقبل، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وخلال زيارة رسمية لكندا، دافعت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني عن مشاركة بلادها في القوة الأوروبية دفاعاً عن مصالحها الاقتصادية، خصوصاً أن ثلث الصادرات الإيطالية يمر بمضيق باب المندب بين البحر الأحمر وخليج عدن.
وكانت الفرقاطة الألمانية «هيسن» قد دخلت هي الأخرى على خط التصدي للهجمات الحوثية، حيث قامت قبل أيام بإسقاط مسيّرتين للجماعة الحوثية في البحر الأحمر.
هجمات حوثية وضربات غربية
أدى هجوم حوثي في 18 فبراير (شباط) الماضي إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» تدريجياً، قبالة سواحل مدينة المخا اليمنية على البحر الأحمر، بعد أن تعذرت عملية إنقاذها بسبب التصعيد العسكري، وضآلة إمكانات الحكومة اليمنية، ومحاولة الجماعة الحوثية استثمار الحادث للمزايدة السياسية دون استشعار الكارثة البيئية.
ومنذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بلغت هجمات الجماعة ضد السفن، وفق زعيمها عبد الملك الحوثي، 54 هجمة، وأدت إلى إصابة 11 سفينة على الأقل، غرقت إحداها، كما لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» وطاقمها للشهر الرابع.
وتوعّد الحوثي في أحدث خطبه باستمرار الهجمات البحرية، متباهياً بإطلاق 384 صاروخاً وطائرة مسيّرة خلال الهجمات، كما سبق أن توعد بالقوارب المسيّرة والغواصات الصغيرة غير المأهولة.
ورغم الضربات الغربية التي بلغت حتى الآن أكثر من 300 غارة استهدفت مواقع في صنعاء والحديدة وتعز وحجة وصعدة وذمار، فإن الجماعة الحوثية تقول إنها لم تحد من قدرتها العسكرية، ووصفتها بأنها «ضربات للتسلية وحفظ ماء الوجه»، وفق ما صرح به زعيمها الحوثي.
وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات ضد الحوثيين غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو مساندة قواتها على الأرض لاستعادة المؤسسات، وتحرير الحديدة وموانئها، وبقية المناطق الخاضعة بالقوة للجماعة.
وشاركت بريطانيا الولايات المتحدة في 4 موجات من الضربات ضد أهداف حوثية على الأرض، وركزت العمليات الاستباقية لواشنطن في الأيام الأخيرة على أهداف في شمال الحديدة وجنوبها، لكنها لم تحد بشكل كامل من قدرة الجماعة على إطلاق الهجمات.
واعترف الحوثيون بمقتل 22 مسلحاً في الضربات الغربية، إلى جانب 10 قُتلوا في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في البحر الأحمر، بعد تدمير البحرية الأميركية زوارقهم، رداً على محاولتهم قرصنة إحدى السفن، فضلاً عن مدني زعموا أنه قُتل في غارة شمال غربي تعز.
وأطلقت الولايات المتحدة تحالفاً دولياً في ديسمبر الماضي، سمته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض ضد الحوثيين، إلى جانب تنفيذ العشرات من عمليات التصدي للصواريخ والمُسيَّرات الحوثية والقوارب المفخخة.
وبسبب التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية تجمدت مساعي السلام اليمني التي تقودها الأمم المتحدة، وسط مخاوف من عودة القتال خصوصاً بعد أن حشد الحوثيون عشرات آلاف المجندين مستغلين العاطفة الشعبية تجاه القضية الفلسطينية.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
فرنسا وألمانيا يحثان الاتحاد الأوروبي على إلغاء قوانين سلسلة التوريد
مايو 20, 2025آخر تحديث: مايو 20, 2025
المستقلة/- في خطاب ألقاه في فرساي يوم الاثنين، دعا الرئيس الفرنسي إلى إلغاء قانون توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات، وهو قانون يُلزم الشركات بمراقبة مُورّديها العالميين للتحقق من وجود انتهاكات لحقوق الإنسان والبيئة. يُثير هذا القانون استياء العديد من الشركات.
وقال ماكرون أمام جمهور من كبار المسؤولين التنفيذيين، الذين رحبوا به بشدة: “لا ينبغي تأجيل توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات وبعض اللوائح الأخرى لمدة عام فحسب، بل يجب إلغاؤها أيضًا”.
جاءت تصريحات ماكرون في أعقاب تصريح مماثل للمستشار الألماني فريدريش ميرز، الذي دعا خلال زيارته لبروكسل في وقت سابق من هذا الشهر إلى “إلغاء كامل” للتوجيه.
وقال ماكرون: “من الواضح أننا الآن متفقون تمامًا مع المستشار ميرز وبعض الزملاء الآخرين”.
إذا نجح ضغط أقوى زعيمين في أوروبا، فسيكون ذلك تصعيدًا كبيرًا في مساعي الاتحاد الأوروبي المؤيدة للأعمال والمناهضة للبيئة، والتي شهدت بالفعل سلسلة من حزم “التبسيط” المقترحة التي قلصت العديد من القواعد التي كانت جزءًا من الصفقة الخضراء الأوروبية.
كما يتزايد الشعور المناهض للبيئة في البرلمان الأوروبي، حيث اعترض حزب الشعب الأوروبي (يمين الوسط) مؤخرًا على استخدام مصطلح “الصفقة الخضراء” في تقرير بيئي حول المياه. يُعد حزب الشعب الأوروبي أكبر كتلة سياسية في أوروبا، ويضم في عضويته ميرز ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
تعارض العديد من الشركات توجيه الاستدامة، وتشتكي من أنه مُرهق للغاية. يُلزم القانون الشركات بالبحث بعمق في سلسلة التوريد العالمية الخاصة بها بحثًا عن أي انتهاكات، واتخاذ الإجراءات اللازمة في حال اكتشافها. ومن المقرر بالفعل تقليصه وتأجيله كجزء من حزمة التبسيط الشاملة الأولى للمفوضية.
ولكن إلغاء القانون برمته لم يكن محل نقاش جدي حتى الآن.
إلى جانب إمكانية تخفيف البيروقراطية على الشركات، فإن أي قرار بإلغاء توجيه العناية الواجبة قد يكون له تأثير إيجابي على المحادثات بين بروكسل وواشنطن بشأن تجنب حرب تجارية شاملة عبر الأطلسي، والتي بدأت للتو في اتخاذ طابع جدي.
وصفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توجيه سلسلة التوريد بأنه نوع من الحواجز غير الجمركية وتعتبره أحد أسباب العجز الكبير الذي تعاني منه أمريكا في تجارة السلع مع الاتحاد الأوروبي. وبتخليهم عن كتاب قواعد كانوا يرغبون في التخلص منه على أي حال، يمكن للأوروبيين تقديم هذه الخطوة على أنها تنازل لواشنطن.
لكن إقناع السياسيين والمشرعين في الاتحاد الأوروبي بإلغاء القانون قد يكون صعبًا.
أصبح التوجيه أحد أكثر القضايا إثارة للجدل داخل الحكومة الائتلافية الجديدة في ألمانيا، حيث يعارضه حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ بزعامة ميرز والحزب الديمقراطي الاجتماعي (يسار الوسط) علنًا.
فاجأت دعوة ميرز لإلغاء القانون العديد من شركائه في الائتلاف من الحزب الديمقراطي الاجتماعي.
كان مستقبل التوجيه موضع خلاف خلال مفاوضات الائتلاف الحكومي، حيث ضغط حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي لإلغائه. في النهاية، توصلت الأحزاب إلى حل وسط: بينما ينبغي التخلي عن قانون العناية الواجبة الوطني، ينص اتفاق الائتلاف النهائي على الإبقاء على قانون العناية الواجبة الوطني وتطبيقه “بأدنى حد من البيروقراطية”.
يصر وزير المالية الألماني لارس كلينجبيل، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، على ضرورة التزام ألمانيا بالخطة المحددة في اتفاق الائتلاف.
لا يزال يتعين على ماكرون وميرز إقناع الدول الأعضاء الأخرى في مجلس الاتحاد الأوروبي، التي تتفاوض حاليًا على موقفها من الحزمة الشاملة الأولى للمفوضية، بالانقلاب على القانون.
في البرلمان الأوروبي، من غير المرجح أن يحظى دعم إلغاء التوجيه بشكل قاطع بالدعم الكامل من الائتلاف الوسطي، الذي يضم حزب الشعب الأوروبي، والاشتراكيين والديمقراطيين من يسار الوسط، وحزب “تجديد أوروبا” الليبرالي (مجموعة ماكرون).
إذا أراد حزب الشعب الأوروبي إلغاء توجيه العناية الواجبة، فيمكنه السعي للحصول على دعم جماعات اليمين المتطرف. ستُشكل هذه الخطوة انتهاكًا مثيرًا للجدل لما يُسمى “الحزام الصحي”، وهو مبدأ غير رسمي يقضي بامتناع الجماعات الوسطية المؤيدة لأوروبا عن التعاون مع اليمين المتطرف.