في مثل هذا اليوم، 23 مايو، رحلت عن عالمنا واحدة من أعمدة الفن المصري الكلاسيكي، الفنانة زينب صدقي، التي امتد عطاؤها لعقود من الزمن تركت خلالها بصمة لا تُنسى في السينما والمسرح ورغم اعتزالها الأضواء في سنواتها الأخيرة، ظلت ذكراها حاضرة في قلوب الجمهور الذي أحب أداءها الراقي وأدوارها المتميزة، خصوصًا في تجسيد شخصية الأم الأرستقراطية.

نستعرض في هذه السطور أبرز محطات حياتها، من نشأتها وبداياتها الفنية، إلى أعمالها الخالدة، وحياتها الخاصة، وحتى لحظة الوداع الأخيرة.

نشأة أرستقراطية وموهبة مبكرة

وُلدت زينب صدقي، واسمها الحقيقي ميرفت عثمان صدقي، في 15 أبريل 1895، وسط أسرة ذات أصول تركية عريقة كانت تقطن حي الزمالك الراقي في القاهرة. تلقت تعليمها في مدارس أجنبية راقية، وكان لبيئتها الراقية أثر كبير في تشكيل ملامح شخصيتها الفنية، حيث كانت تجيد عدة لغات وتتمتع بثقافة واسعة.

منذ نعومة أظافرها، أظهرت ميولًا فنية واضحة، الأمر الذي شجعها على دخول مجال التمثيل في وقت كانت فيه المرأة لا تزال تناضل لإثبات مكانتها على خشبة المسرح.

انطلقت في مشوارها الفني عام 1917 من بوابة المسرح، حيث عملت مع فرق كبيرة مثل فرقة جورج أبيض، وفرقة عبد الرحمن رشدي، ثم انتقلت إلى فرقة يوسف وهبي (مسرح رمسيس) حيث تألقت في أدوار الفصحى الكلاسيكية، مثل "مجنون ليلى" و"كليوباترا".

رحلة فنية حافلة بين المسرح والسينما

لم تقتصر مسيرة زينب صدقي على المسرح فقط، بل امتدت إلى عالم السينما في فترة ازدهارها، وقدمت أكثر من 55 فيلمًا على مدار مشوارها الفني.

تنوعت أدوارها بين الأم الأرستقراطية والسيدة الراقية، وهو ما ساعد في ترسيخ صورتها كرمز للأناقة والفخامة.

من أبرز أفلامها:

• ست البيت (1949)

• عزيزة (1955)

• الجريمة والعقاب (1957)

• الزوجة 13 (1962)

• إسكندرية ليه (1978)

• لابيلور (1983)

تميزت زينب صدقي بأسلوب تمثيلي رصين، وكانت تُتقن اللغة العربية الفصحى، ما جعلها محط أنظار كبار المخرجين والكتّاب، خصوصًا في الأعمال التاريخية والمسرحية.

حياتها الخاصة

رغم شهرتها ونجاحها، لم يكن لزينب صدقي نصيب كبير في الاستقرار العاطفي. فقد تزوجت مرة واحدة فقط، لكن هذا الزواج لم يستمر سوى ستة أشهر، لتقرر بعدها ألا تخوض تجربة الزواج مجددًا.

ومع ذلك، لم تحرم نفسها من مشاعر الأمومة، فتبنت طفلة يتيمة تُدعى "كوثر حسن عباس"، وأطلقت عليها اسم "ميمي صدقي"، أحاطتها بحنان ورعاية كبيرة، ووفرت لها أفضل تعليم حتى أصبحت طبيبة ناجحة، لتثبت أن الأمومة ليست بيولوجية فقط، بل قلب يحتضن ويربي.

نهاية هادئة لحياة صاخبة بالعطاء

في سنواتها الأخيرة، ابتعدت زينب صدقي عن الفن والأضواء، وعانت من ظروف مالية صعبة جعلتها تبيع مقتنياتها الخاصة، وحتى المقبرة التي كانت قد اشترتها لنفسها. ورغم ذلك، رفضت أن تتوسل أو تعود للساحة الفنية طلبًا للمساعدة، محتفظة بكرامتها وكبريائها حتى اللحظة الأخيرة.

رحلت عن عالمنا في 23 مايو 1993، عن عمر ناهز 98 عامًا، تاركة خلفها إرثًا فنيًا غنيًا ومكانة كبيرة في قلوب عشاق الفن الكلاسيكي.

إرث فني خالد لا يُنسى

كانت زينب صدقي رمزًا للأناقة والموهبة والانضباط، ونجحت في تقديم نموذج للمرأة الفنانة القادرة على الجمع بين الجمال والموهبة والثقافة. 

وُصفت بـ "ملكة جمال مصر" في الثلاثينيات، وظلت حتى وفاتها تجسيدًا للأصالة والرقي في الأداء.

وفي ذكرى رحيلها، نستحضر سيرتها كواحدة من رائدات الفن في مصر، ممن صنعن المجد في زمن الفن الجميل، وتُعد قصتها من قصص النجاح التي تلهم الأجيال القادمة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: زينب صدقي سينما يوسف وهبى ملكة جمال مصر الأرستقراطية

إقرأ أيضاً:

“إسرائيل هيوم”: اليمنيون قلبوا المعادلة.. تهديدٌ تطوّر بصمت وضرب عمق الكيان بعنف

يمانيون../
كشفت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية، في تقرير تحليلي موسّع، أن الكيان الصهيوني ارتكب خطأً استراتيجياً فادحاً حين استهان بالقوة الصاعدة في اليمن، واعتبرها لسنوات مجرد “جبهة ثانوية”، مشيرة إلى أن التهديد اليمني تطوّر بهدوء على مدى سنوات، قبل أن يبلغ ذروته خلال الأشهر الأخيرة، بضربات نوعية استهدفت عمق الكيان وأحدثت اختراقات مباشرة لأنظمة الدفاع الأمريكية والصهيونية.

وفي تقرير أعدّته الصحفية الصهيونية “ليلاح شوفال”، لفتت الصحيفة إلى أن اليمنيين أطلقوا عشرات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه الأراضي المحتلة، حيث اخترق نحو 45 منها الأجواء، 25 منها منذ منتصف مارس فقط، تزامناً مع استئناف العدوان الصهيوني على قطاع غزة.

وأشارت الصحيفة إلى أن صاروخًا يمنيًا أصاب مطار “بن غوريون” مباشرة، محدثاً حفرة عميقة، ما أدى إلى تعليق حركة الملاحة الجوية مؤقتاً، في ضربة وصفتها الصحيفة بـ”السيادية والنفسية” أكثر من كونها مادية، بعد أن فشلت منظومات الدفاع مثل “آرو” و”ثاد” في اعتراضه.

وأكدت الصحيفة أن التحذيرات السابقة من بعض المسؤولين الأمنيين الصهاينة بشأن تطور القدرات اليمنية، لم تلقَ آذاناً صاغية داخل المؤسسة العسكرية الصهيونية، رغم أن تجارب اليمنيين في استهداف عمق السعودية والإمارات بصواريخ تجاوز مداها 1200 كيلومتر، كانت كافية لدق ناقوس الخطر في “تل أبيب”.

وأوضحت “إسرائيل هيوم” أن اليمن تحول اليوم إلى جبهة ثابتة ومعقدة في مواجهة الكيان، لا يمكن التعامل معها بالطيران وحده، حيث لم تنجح الضربات الصهيونية المحدودة على الموانئ والمطارات اليمنية في الحد من وتيرة الهجمات، التي باتت منتظمة وموجعة.

وأضافت أن ما يزيد المشهد تعقيداً هو البيئة الصعبة والصلابة العقائدية للمقاتلين اليمنيين، إلى جانب تمتعهم باستقلالية جغرافية وقدرات تقنية متطورة، ما يجعل من فكرة “القضاء العسكري عليهم” ضرباً من المستحيل، خاصة مع توقّف الضربات الأمريكية وانكفاء التحالف السعودي.

وفي ختام التقرير، خلصت الصحيفة إلى أن الكيان الصهيوني بات يواجه تهديدًا استراتيجياً غير تقليدي من قوة عقائدية متماسكة، “بدائية في مظهرها” لكنها تحمل في طياتها تكنولوجيا عسكرية متقدمة، معتبرة أن **اليمنيين باتوا في موقع المبادرة، وفتحوا جبهة طويلة الأمد على الكيان، لا يمكن احتواؤها بالقوة وحدها”.

مقالات مشابهة

  • في ذكرى رحيلها.. زينب صدقي “أم السينما المصرية” ووجه الطيبة الخالد (بروفايل)
  • “إسرائيل هيوم”: اليمنيون قلبوا المعادلة.. تهديدٌ تطوّر بصمت وضرب عمق الكيان بعنف
  • في ذكرى ميلادها.. مها صبري أيقونة الزمن الجميل التي جمعت بين الصوت الحنون والكاريزما السينمائية(بروفايل)
  • فينيسيوس يودع لوكا مودريتش: كانت كرة القدم التي تقدمها فنا
  • افتتاح مهرجان الدوحة المسرحي في دورته الـ37
  • علاقة ما فعله ترامب مع رئيس جنوب أفريقيا بالقضية التي رفعتها الأخيرة ضد إسرائيل حول غزة تثير تفاعلا
  • تدشين إصدار أحمد فلمبان.. «الفن التشكيلي السعودي في ذكرى التسعين»
  • في ذكرى رحيله.. مدحت السباعي المخرج الذي كتب اسمه بين الكبار بصمت وعمق (تقرير)
  • وفاة حارس الأميرة ديانا الشخصي.. الرجل الذي علّم هاري الصغير قيادة الدراجة المائية