أثار إعلان هيئة قناة السويس المصرية، بدء دراسات خاصة بمشروع "الازدواج الكامل" للمجرى الملاحي للقناة، مخاوف من فكرة أن يكون لهذا المشروع نصيب من العملة الصعبة التي دخلت البلاد مؤخرا عبر صفقة "رأس الحكمة"، لدرجة وصفه بأنه ربما يكون "ثقبا أسود لابتلاع المال القادم".

وقال رئيس الهيئة، أسامة ربيع، الاثنين، إن هذا المشروع في مرحلة الدراسة، لافتا إلى أن الهيئة ستعكف على تنفيذ تلك الدراسات بالتعاون مع كبرى الشركات الاستشارية العالمية المتخصصة في هذا المجال، لإنهائها خلال 16 شهرا تقريبا.

وبعد ذلك، يتم عرض المشروع على الحكومة، على أن يتم توفير التمويل اللازم لتنفيذه مستقبلا من الميزانية الاستثمارية للهيئة المعتمدة من وزارة المالية، "دون تحميل أعباء إضافية على الموازنة العامة"، وفق ربيع.

يأتي ذلك في وقت تعاني مصر من أزمة اقتصادية سجل فيها معدل التضخم السنوي مستوى قياسيا يبلغ حاليا 35.2 في المئة مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية، لكن خلال الأيام الأخيرة دخلت خزينة البنك المركزي المصري مليارات الدولارات من صفقة مع الإمارات لتطوير منطقة "رأس الحكمة" على ساحل البحر المتوسط شمال غربي البلاد.

تحرك وسط تهديدات

ويهدف المشروع إلى "تحقيق الازدواج الكامل للقناة في الاتجاهين بما يسمح برفع تصنيف القناة وزيادة تنافسيتها، فضلا عن زيادة القدرة العددية والاستيعابية للقناة لتصبح قادرة على استيعاب كافة فئات وأحجام سفن الأسطول العالمي"، بحسب بيان رسمي لهيئة قناة السويس.

مصر تدرس "الازدواج الكامل" لقناة السويس.. وتوضح أهميته قال رئيس هيئة قناة السويس المصرية، أسامة ربيع، الاثنين، أن مشروع الازدواج الكامل للمجرى الملاحي للقناة مازال في مرحلة الدراسة التي تمتد لتشمل دراسات الجدوى والدراسات البيئية والدراسات الهندسية والمدنية وبحوث التربة والتكريك، وغيرها من الدراسات.

وأكد ربيع أن قناة السويس تمضي قدما نحو استكمال استراتيجيتها الطموحة لتطوير المجرى الملاحي للقناة، عبر تنفيذ مشروعات تطوير للبنية التحتية "مع الأخذ في الاعتبار الجدوى الفنية والاقتصادية للمشروعات".

وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، في تصريحات لموقع الحرة، إنه "من حيث الجدوى الاقتصادية لمصر والعالم بشكل مطلق، فمن المؤكد أن الازدواج لا يقل أهمية عن إنشاء قناة السويس نفسها".

لكن عبد المطلب أشار إلى أن التوقيت "غير مناسب على الإطلاق"، مضيفًا أن الحديث عن المشروع جاء في ظل الأزمة الإقليمية الحالية في البحر الأحمر، والمشاكل التي تعانيها حركة الملاحة هناك، في ظل الحرب الدائرة في قطاع غزة.

وفي أعقاب هجمات الحوثيين على حركة الشحن في البحر الأحمر، انخفضت إيرادات قناة السويس بنسبة تتراوح بين 40 و50 بالمئة، بحسب تصريحات للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.

وكانت قناة السويس حققت في العام المالي 2022-2023 عائدات مالية بلغت 9.4 مليار دولار، وهي أعلى إيرادات سنوية تسجّلها، بزيادة قدرها نحو 35 بالمئة عن العام السابق، وفق ما أعلنت الهيئة في يونيو الماضي.

من جانبه، رأى أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة قناة السويس، أحمد خطاب، أن المشروع يهدف إلى "النهوض بصناعة النقل البحري بصفة عامة، وجذب استثمارات كبيرة في تلك المنطقة"، مشيرًا في حديث لموقع "الحرة"، إلى أن مسألة تهديد الحوثيين "أمر طارئ ومؤقت لن يستمر لأكثر من 6 أشهر، لأن كل دول العالم تقريبا ترفضه وستواجهه".

مليارات رأس الحكمة؟

بلغ سعر الدولار الواحد نحو 73 جنيها في نهاية يناير الماضي، قبل أن يبدأ في الانخفاض منذ إعلان الحكومة المصرية في 23 فبراير عن مشروع تنمية "رأس الحكمة"، في صفقة من شأنها أن تمنح خزينة الدولة نحو 35 مليار دولار في غضون شهرين، بإجمالي 150 مليار دولار، وفق البيانات الرسمية.

ووصل الدولار إلى حدود 40 جنيها في السوق الموازية، في حين لا يزال سعره الرسمي الذي يحدده البنك المركزي حوالي 31 جنيها، مع استمرار التوقعات بتعويم جديد (خفض لقيمة الجنيه).

وتخوّف البعض من أن يستهلك مشروع الازدواج الكامل لقناة السويس، رصيدا من العملة الصعبة ن التي دخلت البلاد مؤخرا.

وتابع عبد المطلب حديثه، قائلا إن مشكلة التوقيت أيضًا تتمثل في "شح العملة الأجنبية في مصر، مما سيزيد من أعباء المشروع".

واستطرد في الوقت نفسه: "لكن لو كانت الدولة لديها ما يفيد بأن هناك جهات راغبة في تحمل التكاليف مقابل حصة من الأرباح فهذا أمر جيد.. تحميل تلك التكاليف على أية موازنة لأية جهة في الدولة أمر صعب".

ولفت إلى أن المستثمر الأجنبي بشكل عام "سيكون مدركا لما جرى بعد مشروع الازدواج السابق المعروف باسم (قناة السويس الجديدة)، الذي تسببت في شح الدولار بعد استنزافه في المشروع".

وبدوره، قال الكاتب والباحث في العلوم السياسية، عمار حسن، في منشور عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي: "تتحدث السلطة عن أموال بدأت التدفق من حصيلة مشروع رأس الحكمة، وبدلا من توجيهها إلى ما يفيد أكثر، عبر التاءات الأربع (التعليم ـ التصنيع ـ التصدير ـ التشغيل) أخشى أن يكون الإعلان عن حفر جديد في قناة السويس ثقبا أسود لابتلاع المال القادم".

ومع انتشار تلك المخاوف، ظهر ربيع الليلة الماضية في حديث تلفزيوني على شاشة "إم بي سي مصر"، وقال إن المشروع حال الموافقة عليه من المختصين بعد دراسته "سيكون من ميزانية هيئة قناة السويس المحددة بالفعل في الموازنة. وكل الإنفاق سيكون بالجنيه المصري لأنه بمجهودات الهيئة".

وتابع: "ربما يستغرق من 5 إلى 7 سنوات، ولن نقترب في تمويله من الصندوق السيادي للهيئة ولا من أموال أخرى"، وذلك لدى سؤاله عن تمويل المشروع من مليارات صفقة "رأس الحكمة".

منعا للحديث عن قنوات بديلة

يشير الموقع الرسمي لهيئة قناة السويس إلى أن الهدف من إنشاء قناة السويس الجديدة عام 2015، كان الوصول إلى معدل مرور 97 سفينة يوميا، مقارنة بحوالي 77 سفينة قبل افتتاح القناة الجديدة.

لكن الإيرادات تراجعت في العام التالي لافتتاح القناة الجديدة، لتصل إلى 5.1 مليار دولار خلال العام المالي 2015/2016، بدلا من 5.36 مليار دولار خلال عام 2014-2015.

ولكن بدأت الإيرادات في الارتفاع مجددا بعد ذلك، لتعلن الهيئة في يونيو 2023 تحقيق إيرادات قياسية سنوية خلال العام المالي 2022-2023 بلغت 9.4 مليار دولار، مقارنة مع 7 مليارات في السنة المالية السابقة.

ولعب زيادة رسوم المرور دورا كبيرا، حيث رفعتها مصر بداية من يناير 2023 بنسبة تراوحت ما بين 10 إلى 15 في المئة، بعد زيادتين أخريين العام السابق.

بعد تهديدات الحوثي.. بدائل قناة السويس تعود إلى الواجهة دفعت الاضطرابات التي يشهدها البحر الأحمر خلال الأسابيع الأخيرة قبالة السواحل اليمنية، شركات شحن إلى تحويل مسار سفنها بعيدا عن قناة السويس، واتخاذ طريق رأس الرجاء الصالح الذي يدور حول قارة أفريقيا بالكامل قبل الوصول إلى أوروبا.

واعتبر خطاب في تصريحاته للحرة، أن عملية تطوير قناة السويس "للأجيال المقبلة، وسيعمل المشروع الجديد على تحسين نسبة الملاحة بمعدل 28 بالمئة. ومع التعميق إلى ما بين من 66 إلى 72 مترا، لن يكون هناك أدنى صعوبة في حركة أي نوع من السفن".

وتابع: "لولا البنية التحتية والموانئ بشكل عام لما حدثت صفقة مثل رأس الحكمة، فالبنية التحتية تجذب الاستثمارات. وهذا ليس مشروعا ترفيهيا، بل استثماري بحت. تعظيم إمكانيات قناة السويس يمنحها فرصة تنافسية عالية".

من جانبه، أكد ربيع في حديثه التلفزيوني، أنه دون هذا الازدواج الكامل "ستخسر مصر عددا من السفن، مع نمو حركة الملاحة، وسيكون هناك وقت انتظار أكبر للعبور من الممر الملاحي، وسيزداد الحديث عن قنوات بديلة".

يذكر أن عدد السفن التي عبرت قناة السويس خلال 10 سنوات بين يونيو 2013 و2023، بلغ نحو 187 ألف سفينة، بحسب تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نشرته صحيفة "الأهرام" الحكومية. وبدلا من مرور معدل 17 ألف سفينة في 2013، وصل العدد إلى نحو 25 ألفًا في 2022.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الازدواج الکامل قناة السویس ملیار دولار رأس الحکمة إلى أن

إقرأ أيضاً:

برلمانية: قناة السويس قوة مصر الاقتصادية وركيزة رئيسية للتنمية المستدامة

أكدت النائبة نجلاء العسيلي، عضو مجلس النواب، أن قناة السويس تمثل أحد أهم عناصر القوة الاقتصادية لمصر، حيث تعتبر محورًا رئيسيًا في حركة التجارة العالمية. 

وأشارت “العسيلي” في تصريح خاص لـصدى البلد"، إلى أن تطوير القطاع الجنوبي من القناة وزيادة الخدمات الملاحية الجديدة يعكس التزام الدولة بتوفير بنية تحتية ملاحية على أعلى مستوى من الكفاءة، مما يساهم في تسريع حركة التجارة البحرية وزيادة الإيرادات.

برلماني: قناة السويس بوابة مصر الاقتصادية ومحور إستراتيجي لتوسيع التعاون الدوليأسامة ربيع: ندرس إقرار 15% تخفيضا لرسوم عبور بعض الشركات بقناة السويسأسامة ربيع: قناة السويس جاهزة لاستقبال جميع السفن فور وقف الحرب في غزةالمؤتمر: توجيهات الرئيس السيسي بتطوير قناة السويس تضمن استدامة تنافسيتها وتعظيم قدراتها

وأضافت العسيلي أن تطوير الأسطول البحري المصري يعد خطوة أساسية نحو تعزيز القدرة على التصدي للتحديات الدولية وتلبية متطلبات التجارة العالمية المتزايدة. وتابعت العسيلي أن توطين الصناعات البحرية في مصر يساعد على بناء قاعدة صناعية قوية في هذا القطاع، ويعزز من قدرة مصر على تصنيع السفن والمعدات البحرية محليًا، ما يسهم في تعزيز القدرة الإنتاجية للقطاع البحري.

وأشارت إلى أن هذه المشاريع تفتح المجال لخلق فرص عمل جديدة في القطاع البحري والصناعي، مما يعزز من النمو الاقتصادي ويحقق التنمية المستدامة في مصر.

وكان  الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، قد اجتمع مع الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، ومصطفى الدجيشي رئيس مجلس إدارة شركة ترسانة جنوب البحر الأحمر.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس أطلع على تطورات حركة الملاحة بقناة السويس،والجهود المبذولة للحفاظ على مستوى الخدمات البحرية والملاحية، رغم التحديات الدولية والإقليمية الراهنة، بمافي ذلك عن طريق إضافة حزمة من الخدمات الملاحية الجديدة، وإستكمال مشروعات تطوير المجرى الملاحي بالقناة.
 

وفي هذا السياق، تمت الإشارة الى الإنتهاء من تنفيذ مشروع تطوير القطاع الجنوبي من القناة الذي دخل مرحلةالتشغيل الكامل في فبراير ٢٠٢٥، وكذا محطة مياة الإسماعيلية التي تم الإنتهاء من إنشائها بطاقة اجمالية ١٨٠ الف مترمكعب، وادخال وحدات بحرية جديدة في الخدمة، وتم كذلك إستعراض تطورات المشاريع التي تقوم بها الهيئةوالشركات التابعة لها، ونشاط مركز الأبحاث التابع للهيئة، والموقف بالنسبة لبناء الكباري العائمة الجديدة،وإستكمال تطهير بواغيز بحيرة البردويل، وأعمال رفع كفاءة مراسي الصيد.
 

وذكر السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن الإجتماع تناول أيضاً إستعراض جهود تطوير الأسطول البحريلهيئة قناة السويس، وتعزيزه بوحدات جديدة ومتطورة لضمان إستمرار كفاءة وسلامة الملاحة، ومواكبة النموالمتزايد في حركة التجارة العالمية، مع التركيز على توطين الصناعات البحرية لتلبية إحتياجات المجرى الملاحيللقناة ومحيطها، كما تم إستعراض خطة بناء القاطرات ومراكب الصيد أعالي البحار في مصر بإستخدام التكنولوجياالمتقدمة، بهدف إنشاء منظومة متكاملة لصيد الأسماك وإنتاجها وتغليفها.

وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس شدد على ضرورة تعزيز التواصل الفعّال بين هيئة قناة السويس وعملائها،وتوطيد علاقاتها الإستراتيجية مع الخطوط الملاحية الكبرى والمنظمات الدولية ذات الصلة، خاصة في أوقاتالأزمات. كما وجه بمواصلة تطوير الخدمات الملاحية والبحرية وفق أعلى معايير الجودة، وتعظيم قدرات القناة التيتُعد محوراً أساسياً في حركة التجارة العالمية، مع التركيز على خلق فرص عمل جديدة في قطاع صناعة السفن.

طباعة شارك النائبة نجلاء العسيلي قناة السويس القوة الاقتصادية لمصر حركة التجارة البحرية الأسطول البحري المصري

مقالات مشابهة

  • تسريب يكشف مخاوف غوغل من التبعات الأخلاقية والقانونية لمشروعها مع إسرائيل
  • تخفيض رسوم العبور من قناة السويس 15% لاستعادة حركة الملاحة
  • كاتب صحفي: رغم التحديات.. قناة السويس تحتفظ بمكانتها كأهم ممر ملاحي في العالم
  • مصر تدرس تقديم خصم بين 12 و15% على رسوم عبور قناة السويس
  • برلمانية: قناة السويس قوة مصر الاقتصادية وركيزة رئيسية للتنمية المستدامة
  • هيئة قناة السويس تدرس تقديم خصومات تصل إلى 15% على رسوم العبور
  • %15 تخفيض.. «أسامة ربيع» يكشف عن قرار هام بشأن قناة السويس
  • هي دي صناعة الدولار.. عمرو أديب يعلق على استثمارات قناة السويس
  • قناة السويس لم تُباع.. «أحمد موسى» يرد على الشائعات
  • متحدث الوزراء يكشف حقيقة بيع أراضي قناة السويس