جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-25@15:53:13 GMT

حتى تُعيد السكون النفسي لحياتك

تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT

حتى تُعيد السكون النفسي لحياتك

 

حمد الحضرمي **

 

الضغوط التي يواجهها الإنسان في حياته تعد ناتج المشكلات النفسية والاجتماعية والاقتصادية وتسبب له الضيق والقلق والتوتر، والتحديات التي يعيشها الإنسان والطبيعة الإنسانية متأثرة بالعواطف، فمشاعرنا تؤثر في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا أكثر من تأثير التفكير وذلك عندما يتعلق الأمر بمصائرنا وأفعالنا، ويحتاج للتغلب على هذه التحديات والمشكلات قدرات فكرية مع مهارات وجدانية تساعدنا في تنمية الجوانب الاجتماعية وتحقيق النجاح في الحياة العملية والاجتماعية والذاتية والتغلب على كل المشكلات التي تواجهنا في حياتنا.

ومن النَّاس من لديه نضج عاطفي وانفعالي وله القدرة على التكيف مع أفراد المجتمع، ومنهم من لديه القدرة على التعامل مع العواطف والانفعالات الإيجابية والسلبية، ولديه القدرة على التحكم بها وإدارتها لتكون حافزا ودافعا له، ويكون هو متخذ القرار والمتصرف الأول، ومنهم من تحطمه الانفعالات الوجدانية وتتحكم بقراراته وتصرفاته، فالذكاء الوجداني هو المفتاح الجديد للنجاح. إن القدرة على السيطرة على العواطف والانفعالات هي أساس الإرادة وأساس الشخصية الناجحة، وإدارة الوجدان هي تحد وحاجة ملحة بنفس الوقت، فهناك أشخاص يتمتعون بمستوى ذكاء مرتفع ولكن لا يستطيعون تسيير حياتهم الوجدانية بشكل جيد، فقد يفشل الشخص المميز من حيث الذكاء في حياته نتيجة عدم سيطرته على انفعالاته ودوافعه الجامحة، والأفراد الذين يتحكمون بمشاعرهم وعواطفهم بصورة دقيقة يتعاملون مع الموضوعات الانفعالية بصورة أفضل.

وعلينا الوعي بالذات وذلك بفهم المشاعر ودقة تقييم الذات بكفاءة الوعي الوجداني، والذي يعكس أهمية التعرف على مشاعر الفرد وتأثيرها على أدائه ويساعد هذا على معالجة ردود الأفعال الانفعالية وجعلها مناسبة للموقف. ويحكى أن رجلا محاربا أراد أن يتحدى أحد العلماء ليشرح له مفهوم الجنة والنار، لكن الحكيم أجابه بنبرة احتقار: أنت تافه ومغفل، أنا لا أضيع وقتي مع أمثالك ..!، لقد أهان الحكيم الرجل المحارب، الذي اندفع في موجة من الغضب، فسحب سيفه وهو يقول: سأقتلك لوقاحتك، أجابه الحكيم في هدوء، هذا تمامًا هو الجحيم، هدأ الرجل من موجة الغضب التي سيطرت عليه، فأعاد السيف وشكر الحكيم، فقال له الحكيم: وهذه هي الجنة. هكذا كانت يقظة الوعي وإدراك لحالة التوتر التي تمتلك الفرد وتنجرف بعيدا عن التعقل والوعي الذاتي، ولذلك نفقد أشياء ثمينة في حياتنا لعدم تعقلنا ووعينا بذواتنا أثناء الانفعالات العنيفة.

وذات مرة تعثر أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز برجل في المسجد فصاح به: "أعمى أنت؟" فرد عليه: لا لست أعمى، قال الحاجب: يا أمير المؤمنين لقد سبك، فقال عمر: سألني فأجبت. وقد شتم رجل أحد الصالحين، فالتفت الصالح إلى الرجل وقال له: هي صحيفتك فاملأها بما شئت. فكفاءة التقييم الدقيق للذات هو مفتاح لإدارك جوانب القوة والضعف، فالدقة في تقييم الذات تجعل الفرد مدركًا لقدراته وحدودها وتعطيه تغذية راجعة توضح له أخطاءه.

إن إدارة الذات وهي كفاءة ضبط النفس(إدارة الانفعال) والذي يظهر في المواقف المؤلمة أو المجهدة أو مواقف التعامل العدائي مع شخص آخر، فهي مهارة يجب توافرها في الأفراد الذين يجب أن يستجيبوا بهدوء للاندفاعات الغاضبة والعنيفة، مثل الزوجة حينما تجد هيجان من زوجها فهنا يكون ضبط النفس في المواقف المؤلمة. والوعي الاجتماعي يتمثل في القراءة الدقيقة للأفراد والمجموعات بدقة ويظهر في التعاطف التي تمنح الناس الوعي بمشاعر الآخرين واهتماماتهم واحتياجاتهم، والفرد ذو الكفاءة العاطفية يمكنه قراءة الأحوال الانفعالية للذين يتعامل معهم بمفاتيح غير لفظية - كنغمة الصوت أو تعبير الوجه - ويحتاج التعاطف إلى الوعي الذاتي والفهم لمشاعر واهتمامات الآخرين ويعتبر الوعي بمشاعرنا والإحساس بالآخرين أمر هام لأداء الوظائف بشكل أفضل عندما يكون التركيز على التفاعل مع الناس كالأطباء والمعلمون الذين هم أفضل في التعرف على المشاعر لدى المرضى والطلبة.

ومن حكايات التعاطف في العلاقات الحميمة، يحكى أن امرأة كبيرة في خريف العمر أدخلت دار المسنين، وكان زوجها البالغ من العمر 80 سنة يأتي كل يوم ويفطر معها، وعندما سأله رجل عن سبب دخولها لدار المسنين، قال: إنها مصابة بمرض الزهايمر (ضعف الذاكرة) أي أنها لا تعرف أحدًا، وسأله الرجل: هل ستقلق زوجتك لو تأخرت عن الميعاد قليلًا، فرد عليه: إنها لم تعد تعرف من أنا، فقال الرجل: وما زلت تذهب لتناول الإفطار معها كل صباح على الرغم من أنها لا تعرف من أنت، ابتسم الزوج وهو يضغط على يد الرجل السائل وقال: هي لا تعرف من أنا ولكني أعرف من هي. يقول الله تعالى "وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" (البقرة:237).

نصحيتي هنا أن نبتعد قدر الإمكان عن الهموم العاطفية والانفعالية والصراعات والصدمات الحارقة التي تصدر منا أو تواجهنا في فترات متقاربة، لأنها تكدر لذة الحياة، ولا تقف على ذلك بل تختزن في عقولنا وتتراكم ومع الأيام تسمم الجسد والحياة، وتسبب لنا الأمراض العضوية كالسكر والانتكاسات القلبية والأمراض النفسية كالاكتئاب، فنحن بحاجة لمساندة وجدانية للتغلب على تلك الثورات الداخلية والخارجية التي تواجهنا، حتى نستطيع أن نعيش في منطقة أمن وأمان وسلام.

ولو استخدم كل شخص منّا هذه المهارات من الذكاء الوجداني فإننا لن نفقد متعة الحياة السعيدة، فعلينا تحرير مشاعرنا وأحاسيسنا من سطوة الكبت الانفعالي والأمية العاطفية التي لوثت أعماقنا لأنَّ الحياة تتدفق بالعاطفة، ولدينا القدرة على فهم ذاتنا وإدارة وجداننا والتأثير والتعامل مع الآخرين، وبهذه المهارات نستطيع أن نعيد السّكون النفسي لحياتنا العاطفية، ونعيش في حياة طبيعية كلها سعادة وسرور وود ووئام في البيت وفي العمل وفي كل مكان نتواجد فيه.

** محامٍ ومستشار قانوني

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عرض قاتلة أبنائها الثلاثة بالشروق على الطب النفسي وتحليل المخدرات

قررت جهات التحقيق عرض أم قتلت أطفالها الثلاثة في مدينة الشروق على الطب النفسي لتحديد مدى سلامة قواها العقلية، كما أمرت النيابة بإجراء تحاليل المخدرات للمتهمة لكشف ما إذا كانت تتعاطى المواد المخدرة من عدمه.

مع تكرار انهيار العقارات.. مجلس الدولة يوضح أسباب انتشار البناء المخالفطالب ثانوي يغش بمساعدة شقيقيه عبر سماعة «بلوتوث».. مفاجآت تكشفها التحقيقاتتحرش بسيدة وسرق هاتفها.. قرار قضائي ضد سائق ميكروباص بمدينة نصرمش قادرة أعيشهم زي زمايلهم.. مفاجآت مثيرة في أقوال قـ.ـاتلة أطفالها بالشروقانقلاب ميكروباص أعلى الصحراوي وإصابة 6 أشخاص.. بالأسماءقرار عاجل في دعوى هيفاء وهبى ضد مصطفى كامل.. تفاصيلحاولا الهرب بالمخدرات فى الزراعات.. تأييد السجن والغرامة لتاجرى الحشيشاكتئاب حاد في مرحلة متأخرة.. الأم تعترف بقتل أبنائها الثلاثة أمام النيابة

اعترافات مثيرة 

أدلت الأم قاتلة أطفالها الثلاثة أمام النيابة في تحقيقاتها بالواقعة باعترافات مثيرة مؤكدة إنها بدأت بإنهاء حياة طفلها الأكبر أولًا، حيث كتمت أنفاسه أثناء نومه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، مضيفة: «ماكنش حاسس بحاجة وهو نايم»".

وأوضحت عن طريقة قتلها طفلها الثاني أنه استيقظ على صراخها، فحاولت تهدئته، لكنها قامت بإنهاء حياته أيضًا بنفس الطريقة.

وأكدت أنها لجأت لقطعة قماش لإنهاء حياة طفلتها الثالثة، قائلة: «كانت الصغيرة اللي فيهم ومقدرتش أسيبها لوحدها في الحياة»، مؤكدة أنها ظلت تبكي بجوار جثامين أطفالها لفترة طويلة، قبل أن تتصل بالإسعاف في محاولة لإنقاذهم، إلا أن طاقم الإسعاف أخبرها أنهم فارقوا الحياة، قائلة: «زهقت من الدنيا ومش قادرة أعيشهم في نفس مستوى زمايلهم، أنا مش وحشة بس اتخنقت».

اكتئاب حاد في مرحلة متأخرة

قالت إنها منفصلة من فترة ومن بعدها أصبحت حياتها صعبة نفسيا، وتناولت مهدئات ولكنها لم تجدى مع ضغوط الأولاد والحياة، وأن حالتها النفسية أصبحت تسوء أكثر واتجهت للعزلة والأطباء أكدوا لها أنها مريضة باكتئاب حاد في مرحلة متأخرة.

وأضافت أنها عن سبب الواقعة وكيف هان عليها قتل أطفالها أكدت أنها غير قادرة على أن تقوم بتنشأتهم في نفس المستوى اللي اتعودوا عليه حتى أقل طلباتهم إنهم يروحوا مدرستهم مش عارفة تقوم بذلك الأمر.

القصة الكاملة 

استيقظت أم لثلاثة أطفال على الهموم تلاحقها منذ انفصالها عن زوجها، لتحملها وحدها مسؤولية تربية ورعاية أبنائها في ظل غياب الأب، وفي واقعة مأساوية شهدتها منطقة الشروق بمحافظة القاهرة أقدمت سيدة ثلاثينية على قتل ابنائها الثلاثة ثم جلست بجوار جثامينهم وقامت بإبلاغ الشرطة عن جريمتها.

الأم القاتلة 

جريمة الأم الثلاثينة وقعت قبل ساعات في مدينة الشروق في القاهرة، حيث أصيبت الأم بحالة نفسية سيئة جراء ارتفاع مصروفات المدرسة الخاصة بابنائها ولم تقو على سدادها ففكرت في التخلص منهم.

قامت الأم بتجهيز ايشارب ثم خنقت به ابنائها الثلاثة داخل غرفتهم أثناء نومهم للتخلص منهم بعدما وصلت إلى طريق مسدود لم تستطع من خلاله دفع المصروفات الخاصة بمدارسهم جميعا.

في الفترة الأخيرة ارتفعت المصروفات الدراسية الخاصة بابناء المتهمة ولم تستطع توفيرها فأصيبت بأزمة نفسية حادة وفكرت كثيرا في حلول إلا أن شيطانها بالنهاية جعلها تلجأ للتخلص منهم وتقتلهم سويا في الشقة.

قامت الأم بمجرد الانتهاء من قتل ابنائها خنقا بالجلوس إلى جوار جثامينهم ثم اتصلت بشرطة النجدة تبلغ عن جريمتها ومكانها، حيث حضرت الشرطة لتجدها بجوار الجثامين الثلاثة ممسكة بإيشارب تبكي في أرضية الشقة.

تبين من تحريات أجهزة أمن القاهرة أن السيدة المتهمة ثلاثينية وتعاني من أزمة مالية ولم تقو على سداد مصروفات الدراسة لأبنائها الثلاثة، فقامت بإنهاء حياتهم خنقا وسلمت نفسها للشرطة.

تلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة إخطارا من غرفة عمليات النجدة تضمن ورود بلاغ أفاد بالعثور على جثث 3 صغار داخل شقة في الشروق، وعلى الفور انتقلت أجهزة أمن القاهرة لموقع الحادث.

بالانتقال والفحص، تبين من تحريات أجهزة أمن القاهرة أن وراء ارتكاب الواقعة والدة الصغار التي قامت بإنهاء حياتهم بسبب مرورها بأزمة نفسية حادة، جراء عدم قدرتها على سداد المصروفات الدراسية الخاصة بابنائها.

تحرر المحضر اللازم وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وإخطار النيابة العامة في القاهرة لمباشرة التحقيقات، حيث قررت انتداب الطب الشرعي لتوقيع الكشف على الجثامين وبيان ما بهم من إصابات.

طباعة شارك جهات التحقيق أم قتلت أطفالها الثلاثة قاتلة أبنائها الثلاثة الطب النفسي تحليل المخدرات

مقالات مشابهة

  • المنهج السياسي العُماني الحكيم
  • قراءة في مجموعة «الرجل النائم إلى جوارك» شفافية الفكرة بين الانتصار للذوات ومسؤوليّة اختيارها
  • أمين الإفتاء يكشف أعظم حقوق الزوجة على الرجل
  • مشهد قاسٍ في شارع تركي يشعل الغضب
  • ماذا تعرف عن ساعة فلسطين التي ضربها الاحتلال في وسط طهران؟ (شاهد)
  • تعرف على المرأة التي تسلمت المفتاح الذهبي كرئيسة جديدة للجنة الأولمبية الدولية
  • التأهيل النفسي للمقبلين على الزواج والمتزوجين حديثا.. ندوة بإعلام الداخلة
  • عرض قاتلة أبنائها الثلاثة بالشروق على الطب النفسي وتحليل المخدرات
  • فى ذكراه.. وجدي الحكيم ترك الحربية بعد 40 يوما ليصبح رائدا بالإذاعة
  • هل يجوز الصلاة بالفانلة الحمالات بسبب الحر؟ اعرف آراء الفقهاء