العُمانية: يلقي كتاب «رؤية الذات في روايات غالية فهر تيمور آل سعيد» للباحثة العراقية الدكتورة أماني جميل الشبيبي الضوءَ على المنجز الروائي لصاحبة السمو السيدة الدكتورة غالية بنت فهر بن تيمور آل سعيد. ووفقا للباحثة، بدأت السيدة غالية الكتابة بشكل مبكر نسبيا، على اعتبار أنَّ بداية الكتابة النسائية كانت مع بدرية الشحي في رواية «الطواف حيث الجمر» التي صدرت عام 1999، وتبعتها جوخة الحارثي في «منامات» التي صدرت عام 2004، وفي عام 2005 أصدرت السيدة غالية آل سعيد رواية «أيام في الجنة».

وتشير الباحثة إلى أن توالي إصدارات السيدة غالية الروائية دفع إلى الاهتمام بمنجزها الإبداعي، لتميّز عالمها الخاص بمعالجة قضايا مختلفة نوعًا ما عمّا أنتجته بقية الكاتبات العمانيات، فـ«الموضوعات التي تكتب عنها لا تخصّ المرأة فقط، ولا تقتصر على التعبير عن عالم المرأة ومعاناتها وقضاياها الخاصة، إذ تتناول القضايا الإنسانية العامة التي يشترك بها الجميع».

وتوضح أن السيدة غالية تميزت بأنها «صاحبة لمسة مختلفة ومغايرة في مجال الرواية النسائية في عُمان، حيث الاختلاف في البناء والرؤية، لهذا كانت لها بصمةٌ خاصة في السَّرد الروائي العُماني، وخير مثال على ذلك روايتها (حارة العور) التي جاءت مختلفة من عدة نواحٍ؛ أولها أنها ترجع إلى أرض الوطن عُمان، وتتحدث عن حارة فيها، وتصف أُناسها وعاداتها وتقاليدها العُمانية الأصيلة، كما أنّها تسلم مفاتيح السرد للمرأة، فهي البطلة، وهي الساردة، وهي صاحبة الرؤية تجاه العالم».

درست الشبيبي عالمَ السيدة غالية الروائي دراسة ثقافية من جوانب متعددة؛ إذ يشتمل الكتاب الصادر عن «الآن ناشرون وموزعون» بالأردن على ثلاثة فصول؛ مهدت لها الباحثة بإطلالة على رواية المرأة في عُمان، وتعريف بالسيدة الدكتورة غالية آل سعيد.

وركز الفصل الأول على «رؤية الذات من منظور أنطولوجي»، وتناول رؤية الذات إزاء الكون والوجود، وطرح أسئلة عن طريقة تشكيل العالم. وقُسِّم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث، تناول الأول رواية التكوين وأسئلة الذات، وعاين الثاني رؤية الذات من منظورٍ جندري، وخُصِّص الثالث لثقافة العنف التي تناولتها الكاتبات بشكل عام، وبخاصة العنف ضد المرأة، والعنف المتمثل بعنف المركز تجاه الهامش، والعنف النابع من الاختلال النفسي.

وفي الفصل الثاني فصّلت الباحثة موضوع «رؤية الذات من منظور أيديولوجي»، مشيرة إلى أنه «كي نفهم الذات لا بدّ أن نفهم طبيعة العلاقة بينها وبين الأيديولوجيا التي تستند إليها، وتتبناها في طريقة عيشها وتعاملها مع الآخر»، مشيرة إلى أن كلّ ذات محمَّلة بأيديولوجيا معينة؛ تتشكَّل من خلالها رؤيتها لنفسها وللعالم وللآخر.

وقُسِمَ هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث، تناول الأول «الصورلوجيا» (التنميط الثقافي للآخر)، وقدم الثاني «رؤية الذات من منظور الآخر»، حيث تحدد رؤية الذات من منظور الآخر الكثيرَ من الانطباعات والانفعالات والرؤى لدى الذات من خلال الآخر الذي يهيمن عليها إما جسديا أو نفسيا أو فكريًّا؛ فتنتج ذوات جديدة خاضعة ومستضعَفة تحت وطأة الآخر المركز المتسلط القوي، وتناول المبحث الثالث «آليات الفهم والاختلاف» من خلال دراسة رواية «حارة العور».

وفي الفصل الثالث عملت الباحثة على تحليل الكتابة الأُنثوية وتمثيلات العالم الروائي، موضحة «إنَّنا نقف على رؤية الكاتب بوصفه سلطةً مهمةً ذات دور فاعل في الكتابة والتكوين الإبداعي للمنجز نفسِه، وسلطة تتمركز في القصّ الذي يُبدعه ». وقُسِم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث، تناول الأول «رؤية الكاتب»، وتناول الثاني «اللغة وتمثيلاتها السردية»، وتناول الثالث «تداخل الأجناس الأدبية».

ويكشف الكتاب ما قدمته السيدة الدكتورة غالية آل سعيد من رؤية واضحة المعالم تجاه الذات والآخر، وكيف عبّرت عن قضايا ورؤى وخيال خاص بالنص ذاته، حيث أنتجت الكاتبة رؤية عامة من خلال نصوصها مجتمعة، فكل نص يكمل الآخر، ويكشف عن خصوصية الكتابة لديها، وتميزها عن غيرها من الكتّاب.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

رسالة إلى العالم الآخر

تحت الرماد تختبئ جمرات لا تعرف شيئا اسمه الهدوء.. كذلك الفراق هو جزء من تلك الجمرات الملتهبة بمشاعر الفقد والألم، فكلما انزاح جزء من رماد خامد حتى طفت على الوجه حمرة الوجد، وكلما أبحرت الأيام في طريقها تظل بعض الشظايا معلقة في سقف الذكريات.

إلى كل الذين فقدناهم في تفاصيل حياتنا اليومية.. إلى أولئك الراحلين سيرا نحو حياة الخلود..وللذين توقف نبض قلوبهم وانطفأت شموع منيرة برحيلهم وخفتت أصوات إلى الأبد..«سلاما».

أيها الاغتراب، رفقا بقلوب الناس، فكم من رحيل أصبح موجعًا للإنسان !، لكل الذين رحلوا عنا جسدا.. أنتم باقون في ثنايا الروح لا تفارقنا رائحة الطيب التي تركتموها وراءكم في لحظات الوداع. في الفقد هناك اختناق ذاتي يعيش معنا لسنوات طويلة حتى لو غفلنا فيها عن إخراج مشاعرنا الإنسانية الممتلئة بألوان مزهرة من الحب والأمان. ها نحن اليوم، نخبركم بأن وجودكم قلعة شامخة في سوداء القلب، وأن بهاء حضوركم وروعة أماكنكم ستظل بيننا خالدة بخلود الأثر.. عذرًا منكم فمشاعركم اللطيفة لا تزال تهب كالريح الشتاء الجميلة، «فكم نحن كنا ممتنين لله تعالى على وجودكم».

نسأل أنفسنا، هل كانت تلك الطاقة العاطفية محتجزة فينا أو كنا نحن مكبلين بسلاسل الغفلة.. لا أعلم ؟!...كلمات بقيت على قيد الصمت، وعلى رفوف الأيام موصودة بقفل التعابير الباهتة. كل شيء كان محاطا بانشغال الوقت، وتفاصيل حياتية لم تتركنا نلتقط أنفسنا،أو ندرك قيمة الأوقات التي نجالس حضوركم، ونخلق ذكريات مغلفة بشرائط مشاعر حريرية تبقينا موصولين بكم وأنتم خلف مشاهد الحياة وضوئها الساطع..هنا تستحضرني مقولة لتوفيق الحكيم حين قال:»لا شيء يجعلنا عظماء إلا ألم عظيم».. فالموت من أعظم مصائب الحياة حتى وإن كان لطيفا في بعض المرات !.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في فراق ابنه إبراهيم: «إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون»..

وفي الأدب العالمي يقول الكاتب الأمريكي الراحل جيف ماسون: «الميلاد والموت هما ركيزتا حياتنا. العيش نحو الموت في الزمن يمنح الحياة اتجاهًا وإطارًا لفهم التغييرات التي تُحدثها الحياة.

يختلف العالم تمامًا بين الشباب والكبار. الشباب ينظرون إلى الأمام، والكبار ينظرون إلى الماضي. ما يهمنا يتغير مع تقدمنا في العمر. احتمال الموت يُلهم هذه التغييرات. لدى الشباب فهمٌ فكريٌّ بأن الموت آتٍ إلينا جميعًا، لكن فناءهم لم يُدرك بعد. أما بالنسبة للكبار، فيبدأون يستوعبون الموت».

نحن نقول: بعد رحيلكم الخاطف بتنا نجتهد طويلا لرسم صور حية لذكرياتكم وتفاصيل أحاديثكم معنا، وكأننا نحاول أن نفهم كل الغاز الماضي التي كنتم تخبرونا بها، واليوم نحاول أن نبقيكم بيننا من خلال صفحات الذكريات، كأننا لم نستفق من الحلم إلى الحقيقة، كل ما يفعله الغياب بأرواحنا المتعبة شيء يفوق الخيال..

نتذكر دوما كلماتكم الأخيرة، وضحكاتكم الآتية من صدى الذكريات، وأشياء لطالما بقيت تربطنا بالماضي منها: فنجان قهوتكم الصباحية، وحبات من ثمرة، وفاكهة تعيد إليكم جميل نهاركم بعد غروب الشمس وسطوع ضوء القمر.

كل تلك الذكريات الآن تطفو فوق أحاديثنا بنكهة الحضور البهي.. نعيد سرد ذكرياتكم القديمة معنا؛ لأننا لا زلنا نتشبث بحبل حضوركم، وإن كنتم تحت الثرى في حياة أخرى فأنتم على مقربة منا.. ستظل رسائل الذكرى نحو العالم الآخر مفعمة بوجود الإنسان وما تحمله الذكريات من وجع ينغرس في باطن الأرض، لذا ينطق قلبي النابض بالحياة كلمات ود إلى قلوبكم الصامتة «أحبكم بحجم هذا الكون».

مقالات مشابهة

  • رسالة إلى العالم الآخر
  • "صحح مفاهيمك".. ثقافة القاهرة تنظم لقاءات توعوية متنوعة
  • جامعة أسيوط تنظّم ورشة عمل حول الكتابة والصياغة الإبداعية للخطابات
  • الضباب يشلّ الحركة بمناطق عراقية والرؤية تتراجع لمسافات محدودة في بعضها (صور)
  • وفاة صوفي كينسيلا مؤلفة روايات شوباهوليك الأكثر مبيعا عن عمر 55 عاما
  • باحثة عُمانية تحصد الثاني عالميا في جائزة اليونسكو لتعليم المواطنة
  • كان يريد رؤية ابنه.. تفاصيل إنهاء حياة الفنان سعيد مختار
  • «سبع قمم» رحلة تقود لاكتشاف الذات
  • ناحية عراقية تشهد أعلى كمية أمطار وسط حالة استنفار
  • شركات عراقية بجولات التراخيص تحتج على إجراءات مجحفة من قبل TBI