يستعد مسؤولون أمريكيون لاحتمال تحول التعليق المؤقت لتمويل الأونروا إلى وقف نهائي بسبب موقف الكونغرس رغم إصرار إدارة بايدن على أنه لا يمكن الاستغناء عن العمل الإنساني الذي تقوم به.

وعلقت الولايات المتحدة إلى جانب أكثر من 12 دولة تمويل الأونروا في يناير 2024 بعد أن زعمت إسرائيل أن 12 من موظفي الوكالة البالغ عددهم 13 ألف موظف في غزة، بالمشاركة في الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023.

إقرأ المزيد الأردن وإسبانيا: لا بديل عن وكالة "الأونروا"

وفتحت الأمم المتحدة تحقيقا في هذه المزاعم وأقالت الأونروا بعض الموظفين بعد أن زودت إسرائيل الوكالة بمعلومات.

وقالت الولايات المتحدة وهي أكبر المانحين للأونروا بدعم يتراوح بين 300 و400 مليون دولار سنويا، إنها تريد أن ترى نتائج هذا التحقيق والإجراءات التصحيحية المتخذة قبل أن تفكر في استئناف التمويل.

وحتى لو تم رفع هذا التعليق، فلن يتم تسليم سوى حوالي 300 ألف دولار متبقية من الأموال المخصصة بالفعل، إلى الأونروا.

وسيتطلب تقديم أي مبالغ أخرى الحصول على موافقة الكونغرس.

وبالنظر لوجود معارضة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس لتمويل الأونروا فإنه من غير المرجح أن تستأنف الولايات المتحدة التبرعات المنتظمة في أي وقت قريب، حتى مع إعلان دول مثل السويد وكندا أنها ستستأنف مساهماتها.

إقرأ المزيد "حرب المعلومات".. "الأونروا" تكشف انتهاكات مروعة خلال 156 يوما من حرب غزة

ويتضمن مشروع قانون لتمويل تكميلي في الكونغرس بشأن مساعدات عسكرية لإسرائيل وأوكرانيا وتدعمه إدارة بايدن، بندا من شأنه أن يمنع الأونروا من تلقي تمويلات إذا تم إقرار مشروع القانون.

ويقول المسؤولون الأمريكيون إنهم يدركون "الدور الحيوي" الذي تلعبه الأونروا في توزيع المساعدات داخل القطاع المكتظ بالسكان والذي يقترب من المجاعة بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية على مدار الخمسة أشهر الماضية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر للصحفيين يوم الثلاثاء "علينا أن نخطط لحقيقة أن الكونغرس قد يجعل هذا التعليق نهائيا".

وأضاف ميلر "هناك منظمات أخرى تقوم الآن بتوزيع بعض المساعدات داخل غزة، لكن هذا هو في المقام الأول الدور الذي تستطيع أن تلعبه الأونروا ولا تستطيع جهة أخرى القيام به بسبب عملها طويل الأمد وشبكات التوزيع الخاصة بها وتاريخها داخل غزة".

وتتطلع واشنطن إلى العمل مع جهات فاعلة في العمل الإنساني على الأرض مثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي، لمواصلة تقديم المساعدات، لكن المسؤولين يدركون أنه من الصعب إيجاد بديل للأونروا.

المصدر: "رويترز"

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: الأمم المتحدة الأونروا الجيش الإسرائيلي الحرب على غزة القضية الفلسطينية الكونغرس الأمريكي تل أبيب حركة حماس طوفان الأقصى قطاع غزة مساعدات إنسانية واشنطن وفيات الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

من حقّي أن أتكلّم.. عندما يصبح صوت الطّفل قوة لا يُستهان بها

 

 

 

ريتّا دار **

في عالمٍ مليءٍ بالكلمات والآراء، هناك صوتٌ غائبٌ: صوت الأطفال الذين يصعب عليهم التّعبير عن أنفسهم. في الزوايا الهادئة من صفوف المدارس، وفي زحام الحياة اليوميّة، هناك أطفالٌ كثيرون يصمتون، ليس لأنّهم لا يملكون ما يقولونه، بل لأنّهم خائفون أو مترددون، أو لأنّ كلماتهم تتعثّر قبل أن تصل إلى مسامع الآخرين.

تخيّلوا طفلًا صغيرًا ينظر إلى معلّمه، يودّ أن يجيب، يودّ أن يُشارك، لكنّه يتراجع. يغمغم في نفسه: هل سيسخر أحد من صوته؟ هل سيضحك عليه زملاؤه؟ هل سيبدو كلامه غريبًا؟ فيقرّر أن يصمت، ليس لأنّ ما سيقوله ليس مهمًّا، بل لأنّه يشعر أنّه لا يملك الحقّ في التّعبير عنه.

لكنّ هذا الصّمت ليس مجرّد هدوءٍ عابر، بل هو بدايةٌ لشعورٍ عميقٍ بأنّ وجوده غير مرئي. أنّه لا يُسمع. مع مرور الوقت، يصبح الكلام عبئًا ثقيلًا، ويتعزز داخل أولئك الأطفال الصّامتين شعور أنَّ الصّوت حقٌّ فقط لأقرانهم الّذين يملكون الجرأة أو "القوّة".

هل يمكن أن نُغيّر هذا الواقع؟

بالطبع، نعم. تخيّلوا لو أنّ هذا الطّفل سمع من مُعلّمه جملةً واحدةً تغيّر كلّ شيء: "نحن ننتظرك"، "نحبّ أن نسمعك"، "خذ وقتك، نحن معك". تخيّلوا لو أنّ أحدًا قال له: "أنا فخورٌ بك كيفما تحدّثت، المهمّ أنّك تحاول". هذه الكلمات الصّغيرة قد تكون البذرة الّتي تنمّي الثّقة وتمنح الطّفل الأمل في التّعبير عن نفسه.

ليلى كانت واحدةً من هؤلاء الأطفال. كانت تخجل من صوتها لشعورها أنّه غريب وأنّ لا أحد يُريد أن يسمعه. ولكن، والدتها كانت تهمس لها يومًا بعد يومٍ: "صوتك جميل، فكرتك تستحقّ أن تُقال، كلّ كلمةٍ تقولينها تعني لي". ومع مرور الوقت، بدأت ليلى تجد قوّتها في صوتها، لأنّها شعرت بأنّها ليست فقط موجودة، بل هي محطّ اهتمامٍ وتقدير.

أمّا أيمن، فقد كان يختبئ وراء رسوماته. كان يعبّر عن نفسه بالألوان أكثر من الكلمات. لكنّ معلّمته رأت في رسوماته بابًا لقلبه. شجّعته وسألته عن لوحته، وأثنت عليه. شعر أيمن بأنّ هناك من يهتمّ بما يقدّمه، ومن هنا بدأت ثقته بنفسه تنمو. بدأ يتحدّث، ليس بصوتٍ عالٍ، بل بصوتٍ نابعٍ من الدّاخل، صوتٍ مليءٍ بالثّقة لأنّه يتحدّث عن شيءٍ يحبّه، ويجد نفسه فيه.

ليس كلّ طفلٍ يستطيع التّعبير عن نفسه بالطّريقة نفسها. بعضهم يحتاج إلى وقتٍ ليكتشف مكانه في هذا العالم، وبعضهم يحتاج إلى التّشجيع لكي يقترب من قلوب الآخرين. وكلّ ما يحتاجه الطّفل في تلك اللحظات هو من يرى فيه شيئًا ثمينًا، من يقدّره ويقول له: "أنا هنا، وأنا أسمعك، وأنت مهمّ".

نحن الكبار لدينا القدرة على فتح أبواب التّواصل. لدينا مفاتيحٌ لتحويل التّردد إلى شجاعة، والخجل إلى قوّة، والمختلف إلى شيءٍ جميل.

لنعلّم أطفالنا أنّ من حقّهم أن يتكلّموا، وأنّ كلامهم ليس أقلّ أهميّة من كلامنا. أن يكون لهم الحقّ في التّعبير عن أفكارهم ومشاعرهم، سواء كانت عميقةً أو بسيطة.

والصّوت، في النّهاية، ليس مجرّد نغمة. الصّوت هو موقف، هو شخصيّةٌ وحضور.

في سلطنة عُمان، تسعى وزارة التّربية والتّعليم إلى تعزيز بيئةٍ تعليميّةٍ شاملة، تشجّع على التّعبير عن الذّات وتنمية المهارات الاجتماعيّة للأطفال من خلال المبادرات التّعليمية الّتي تشجّع على التّفكير النّقديّ والمشاركة الفاعلة في المجتمع، كما في مبادرة "التّعليم الصّديق للطفل" الّتي تدمج التّربية الشّاملة مع تعزيز القيم الاجتماعية. هذه المبادرة، وكثير غيرها، تعزز دور الأطفال في اتّخاذ القرار وإعطائهم الفرصة للتعبير عن أفكارهم واحتياجاتهم.

وتُؤكّد منظمّة الصحّة العالميّة أنَّ الأطفال الّذين يُمنحون الفرصة للتّعبير عن أنفسهم في بيئات داعمة يحسّنون من مهاراتهم الاجتماعية، وتقلّ لديهم مستويات التّوتّر، ويطوّرون قدرة أكبر على التّعلّم والتّفاعل بشكلٍ إيجابيٍّ مع الآخرين.

وقد أظهرت مراجعةٌ علميّةٌ نشرتها مجلّة "علم النّفس الأمامي" أنّ التّفاعل المفتوح مع المعلّمين والأقران يطوّر مهارات التّفكير النّقديّ ويقلّل من السّلوكيات السّلبيّة الّتي قد تصاحب قلّة الثّقة بالنّفس.

أطفالنا يشبهون الآلات الموسيقية المتفرّدة، كلّ واحدٍ منهم يحمل نغمةً خاصّةً به، وبعضهم قد يشبه البيانو، نغمةً هادئةً تتدفّق برقّة.

وبعضهم قد يشبه الكمان، حسّاسٌ وعميق، صوته يحمل مشاعر لا تُقال بالكلمات. وآخرون قد يشبهون النّاي، خافتون لكنّ نغماتهم تدخل القلوب بدون استئذان. ولا يوجد بينهم نشاز؛ بل تنوّعٌ جميلٌ يحتاج إلى أذن محبّة تعرف كيف تنصت.

ولأنّ أثرنا كمعلّمين ومربّين على حياة الأطفال كبيرٌ جدًّا، فلنمنحهم الحقّ في أن يكونوا جزءًا من هذه السيمفونيّة الجميلة الّتي هي حياتنا، لأنّنا بذلك نهيّئهم ليحموا، ويحبّوا أنفسهم، وأن يكونوا مستعدّين لخوض تحدّيات الحياة.

 

**********

المصادر:

وزارة التّربية والتّعليم في سلطنة عُمان، تقرير 2020

منظمة الصّحّة العالمية

مجلّة علم النفس الأمامي

المجلس العربي للطفولة والتنمية، تقرير 2020

مقالات مشابهة

  • كوريا الجنوبية تدعو الولايات المتحدة لإلغاء الرسوم على سلعها
  • وكالات إغاثة أممية: غزة في رعب بعد ليلة أخرى من الغارات الدامية والحصار
  • “الأونروا”: 90% من سكان غزة أجبروا على الفرار من منازلهم
  • روبيو: الولايات المتحدة ستصدر إعفاءات أولية من العقوبات على سوريا
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة تستهدف حزب الله اللبناني
  • "الأونروا": 90% من سكان غزة أجبروا على الفرار من منازلهم
  • ترامب يقول إنه يريد أن تأخذ الولايات المتحدة غزة وتحولها إلى منطقة حرية
  • الأونروا : نحو 90% من سكان غزة أجبروا على الفرار من منازلهم
  • الرئيس عون تسلّم دعوة للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة الدولي الرابع لتمويل التنمية في إشبيلية
  • من حقّي أن أتكلّم.. عندما يصبح صوت الطّفل قوة لا يُستهان بها