كيف ستغيّر الطائرات المسيّرة وجه الحروب؟
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
يمانيون – متابعات
أكّدت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية أنّ الطائرات المسيّرة تشكّل “تهديداً يمكن التحكّم فيه في ساحات القتال، حتى الوقت الحالي”، مشيرةً إلى أنّها “سوف تصبح أداةً للغزو عندما يتمّ تسخير المئات منها عبر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي”.
ولدى طرحها أمثلةً على استخدام الطائرات من دون طيار في الحروب اليوم، تحدّثت الصحيفة عن مسيّرة “شاهد”، التي قتلت 3 جنود أميركيين في قاعدة “البرج الـ22” في الأردن، أواخر كانون الثاني/يناير الماضي، لافتةً إلى أنّ تكلفتها تبلغ 20 ألف دولار.
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، شنّت القوات المسلّحة اليمنية هجماتٍ مؤثّرةً وغير مكلفة، عبر خليج عدن، مستخدمةً الطائرات المسيّرة، كما أشارت الصحيفة.
ورأت “وول ستريت جورنال” أنّ العنصر “الأكثر روعةً” في عرض القوة الأميركية كان منذ زمن طويل هو السفن الحربية، مشيرةً إلى أنّ الولايات المتحدة أرسلت، منذ الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مجموعتين قتاليتين من حاملات الطائرات إلى منطقة الشرق الأوسط.
إحدى هذه الحاملات هي “يو أس أس جيرالد فورد”، التي أبحرت في رحلتها الأولى، واكتملت مؤخراً بتكلفة بلغت 13 مليار دولار، الأمر الذي يجعلها السفينة الحربية الأغلى في التاريخ.
بالمبلغ نفسه، تستطيع أي دولة شراء 650 ألف طائرة مسيّرة من نوع “شاهد”، وفقاً للصحيفة، بينما لن يتطلّب الأمر سوى عدد قليل من تلك المسيّرات، من أجل العثور على هدفها، لتشلّ، أو ربما تغرق، الحاملة “فورد”.
وعلى الرغم من أنّ “فورد” وغيرها من السفن الأميركية تملكان أنظمة دفاع صاروخيةً وافرة، تمنع الضربات المباشرة التي توجّهها المسيّرات، فإنّ “التطورات السريعة في الذكاء الاصطناعي تغيّر هذا الواقع”، بحسب الصحيفة.
“عصر جديد من الحروب”
أضافت “وول ستريت جورنال” أنّ الطائرات المسيّرة أصبحت منتشرةً بصورة مفاجئة “في كلّ مكان في ساحات المعارك”، موضحةً “أنّنا لا نزال في (بداية) هذا العصر الجديد من الحرب”.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ المسيّرات بسيطة، ورخيصة، ومتاحة للجيوش حول العالم، مشبّهةً إياها بـ”ساريسا الوقت الحالي”. و”الساريسا” هي رمح يتراوح طوله بين 4 و7 أمتار، ويزن نحو 5 كلغ، استخدمته الكتائب اليونانية خلال الحروب المقدونية وحرب فتوحات الإسكندر الأكبر.
وكما غيّرت “الساريسا” وجه الحروب قبل نحو 2000 عام، عندما استخدمتها كتائب الجنود المدرّبة تدريباً جيداً، فإنّ المسيّرات ستغيّر وجه الحروب أيضاً، عندما يتمّ استخدامها في أسراب يوجّهها الذكاء الاصطناعي، كما أكّدت الصحيفة.
وإذ لم يحِن هذا الوقت بعدُ، إلا أنّه “يسارع إلى لقائنا”، بحسب ما أضافت الصحيفة. وفي حال عدم الاستعداد لها، فإنّ “هذه التقنيات الجديدة، والمنتشرة على نطاق واسع، يمكن أن تغيّر التوازن العالمي للقوة العسكرية”.
ووفقاً لـ”وول ستريت جورنال”، فإنّ مستقبل الحروب لن تحدّده الأنظمة التي تتشكّل من الأسلحة، بل الأنظمة التي تشكّل الأسلحة، والتي ستكون تكلفتها أقل.
وحتى الآن، “لا توجد أنظمة موجَّهة عبر الذكاء الاصطناعي”، على نجو سيسمح لأي دولة بـ”أخذ الحرب غير المأهولة على نطاق واسع، لكنّها قادمة”، كما تابعت الصحيفة.
وستكون للأسراب، التي تضمّ عشرات أو مئات الطائرات المسيّرة، والموجَّهة عبر الذكاء الاصطناعي، القدرةُ على على التغلّب على الدفاعات، وحتى تدمير المنصّات المتقدّمة، كما تابعت الصحيفة.
في المقابل، فإنّ الدول التي تعتمد على أنظمة كبيرة ومكلفة، مثل حاملات الطائرات أو الطائرات الشبح أو حتى الدبابات القتالية، يمكن أن تجد نفسها عرضةً للخطر، في مواجهة خصم “ينشر مجموعةً متنوعةً من الأسلحة غير المأهولة، منخفضة التكلفة، سهلة الانتشار، وبعيدة المدى”، بحسب تأكيد “وول ستريت جورنال”.
* المصدر: موقع الميادين نت
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی وول ستریت جورنال المسی رات إلى أن
إقرأ أيضاً:
استخدام الصين للمعادن الأرضية النادرة كسلاح.. نوع جديد من الحروب التجارية
نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" أوضحت فيه أن استخدام الصين للعقوبات الاقتصادية عبر تقنين تصدير المعادن الأرضية النادرة والمغناطيسات المتخصصة مثّل تحولاً نوعياً في سياساتها التجارية، فقد تسببت هذه الخطوة في تهديد قطاع السيارات العالمي وأجبرت واشنطن على التراجع عن زياداتها الجمركية.
وذكرت الصحيفة، في تقرير ترجمته "عربي21"، أن إعلان بكين عن قيود جديدة على تصدير المعادن النادرة أثارت تحذيرات من نقص يهدد مصانع السيارات، معتبرة أن هذه الخطوة شكّلت عاملًا حاسمًا في تراجع واشنطن عن رفع الرسوم الجمركية. ويُجسد هذا التطور مرحلة جديدة في سياسة الصين الاقتصادية، تُظهر قدرتها على الضغط حتى على أكبر اقتصاد عالمي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصين كانت مستخدمًا نشطًا للعقوبات الاقتصادية في السنوات الأخيرة، لكن العديد من جهودها كانت فظة ولم تحقق سوى نتائج جزئية. وغالبًا ما كانت التدابير العقابية تُنفذ بشكل غير معلن، بل ويُنكرها المسؤولون رسميًا.
وفرضت المقاطعات المدعومة من الحكومة تكاليف اقتصادية على شركاء الصين التجاريين، لكن سجلها في تحقيق الأهداف السياسية كان متباينًا. يبدو أنها منعت بعض الدول من استضافة الدالاي لاما أو تحدي خط التسع نقاط الذي ترسمه بكين في بحر الصين الجنوبي. ومع ذلك، فقد أثبتت أنها أقل تأثيرًا عندما تكون المصالح الوطنية الأساسية على المحك.
وأوضحت الصحيفة أن كوريا الجنوبية لم تقم بإزالة نظام الدفاع الصاروخي الذي نصبته سنة 2016، رغم العقوبات التي فرضتها بكين ومطالبتها بسحب النظام. أما العقوبات الصينية السابقة ضد الولايات المتحدة، مثل إدراج شركات الدفاع في القائمة السوداء وفرض أنظمة ترخيص على بعض صادرات المعادن، فكانت إشارات سياسية أكثر منها إجراءات ذات أثر اقتصادي فعلي.
أما القيود الجديدة على تصدير المعادن الأرضية النادرة والمغناطيسات فكانت مختلفة، ففي غضون أسابيع قليلة فقط، هددت بإغلاق مصانع رئيسية في صناعة السيارات، وهو أكبر قطاع صناعي في معظم الاقتصادات المتقدمة. كما أنها أجبرت الرئيس الأمريكي على التراجع عن مبادرته البارزة: الحرب التجارية.
وأضافت الصحيفة أن إدارة البيت الأبيض كانت تعتقد أنها حققت تفوقًا في التصعيد، إذ قامت نظريتها على أن الرسوم الجمركية الباهظة ستكون مكلفة للغاية بحيث لا يكون أمام بكين خيار سوى التفاوض. لكن في الواقع، كان بإمكان قادة الصين تحمل الكلفة السياسية لتلك الرسوم. أما واشنطن، فلم تستطع تجاهل فقدان المعادن الأرضية النادرة وتأثير ذلك على شركات صناعة السيارات.
وطرحت الصحيفة تساؤلًا حول السبب الذي جعل هذه العقوبات أكثر فاعلية بكثير من المحاولات السابقة، مشيرة إلى أن ذلك يعود جزئيًا إلى تطوير بكين لأدواتها؛ فقد أنشأت نظامًا قانونيًا للحد من الصادرات الإستراتيجية، وعززت فهمها لنقاط الضعف لدى شركائها التجاريين.
ووسّعت الصين هذا النهج ليشمل خارج حدودها، إذ طالبت شركات في دول أخرى بعدم استخدام المعادن الصينية في تصنيع منتجات موجهة لصناعة الدفاع الأمريكية. وراهنت على أن شركاءها التجاريين الرئيسيين لن يلوموها على قيود المعادن النادرة، بل سيضغطون على واشنطن للتراجع عن الرسوم الجمركية.
وأشارت الصحيفة إلى أن صادرات الصين من المعادن النادرة والمغناطيسات تراجعت، منذ نيسان/ أبريل، ليس فقط إلى الولايات المتحدة، بل أيضًا إلى شركاء تجاريين رئيسيين مثل اليابان وكوريا الجنوبية. وقد اضطرت شركات صناعة السيارات الهندية إلى خفض الإنتاج بسبب نقص المواد.
وفي قمة مجموعة السبع في يونيو، أحضرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مغناطيسًا نادرًا للتأكيد على ضرورة تعزيز الإنتاج خارج الصين. ويضع الاتحاد الأوروبي صادرات المعادن النادرة في صلب دبلوماسيته مع بكين.
وتابعت الصحيفة أن هذا التأثير العالمي الواسع يشير إلى أن قدرة الصين على فرض قيود دقيقة على صادرات المعادن النادرة لا تزال محدودة. فمن الأصعب بكثير تقييد إعادة بيع سلع مثل أكاسيد المعادن النادرة مقارنة بمحركات الطائرات أو معدات تصنيع الرقائق. وإذا كانت بكين تهدف فقط إلى منع وصول هذه المواد إلى الولايات المتحدة، فقد تواجه صعوبة في تحقيق ذلك، إذ يمكن للشركات في دول أخرى مواصلة بيعها بهدوء إلى الزبائن الأمريكيين.
وقالت الصحيفة إن الجانب الأكثر لفتًا في استخدام الصين للمعادن النادرة كسلاح هو مدى عدم استعداد الحكومات والشركات الغربية لمثل هذا التصعيد. فحتى أولئك الذين لا يعرفون أسماء أي من عناصر المعادن النادرة يدركون أن الصين تهيمن على إنتاجها عالميًا.
ومع ذلك، وعلى مدى أكثر من 15 عامًا منذ أن قطعت الصين صادراتها من هذه المعادن إلى اليابان في عام 2011، فشل الغرب في تأمين موردين جدد.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن بعض الخطوات المتواضعة قد اتُخذت، مثل توسيع كوريا لمخزونها من المعادن واستثمار اليابان في مناجم أسترالية. ومع ذلك، فإن معظم الحكومات الغربية، رغم وضعها إستراتيجيات للمعادن الحيوية، اختارت في النهاية عدم تمويلها. ورغم حديث المصنعين عن المرونة، إلا أن بعضهم لا يحتفظ إلا بمخزون يكفي لأسبوع واحد فقط من مغناطيسات المعادن النادرة. وقد ظل هذا السلاح ماثلًا أمام أعينهم لعقود، وكان ينبغي ألّا يفاجئهم قرار بكين بالضغط على الزناد أخيرًا.