يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على اجتياح رفح جنوب قطاع غزة، متحدياً المجتمع الدولي الذي يدعوه طوال الوقت إلى تجنب العدوان على هذه المحافظة وتجنب استهداف حوالى مليون و400 ألف فلسطيني نازح هناك.
المشكلة أن كل القيادة الإسرائيلية بمستوياتها السياسية والعسكرية منسجمة مع ضرورة توسيع العدوان البري حتى رفح، وتجنب ما يسمى تكرار عملية طوفان الأقصى التي وقعت في السابع من تشرين الأول الماضي.
أكثر دولة يمكن أن تقيم لها إسرائيل وزناً هي الولايات المتحدة الأميركية التي دعمت تل أبيب وقدمت لها كل أنواع السلاح والمال لتمكينها من تحقيق أهدافها في قطاع غزة، غير أن واشنطن التي تتآكل سمعتها يوماً بعد يوم بسبب هذا الدعم السخي لإسرائيل تحتاج إلى إعادة صياغة موقفها من الحرب.
لا بد من ملاحظة أن الرئيس الأميركي جو بايدن حذّر إسرائيل من العدوان على رفح بدون وجود خطة تحمي المواطنين الفلسطينيين العزّل، وجرى تضخيم الخلاف بين البلدين إلى درجة الحديث عن احتمالات صدام بين بايدن ونتنياهو.
في حقيقة الأمر، لم ولن تضع واشنطن خطوطاً حمراء لإسرائيل في عدوانها على قطاع غزة، باستثناء أنها تريد لجيش الاحتلال أن يجتاح رفح بدون إيقاع خسائر كبيرة في صفوف الفلسطينيين هناك، ولذلك يجري الحديث حالياً عن خطط لبناء ما يسمى بـ"جزر إنسانية" وسط غزة وفي منطقة المواصي غرب خان يونس ورفح.
إسرائيل التي تُمشّط غزة، براً وجواً، بحثاً عن المحتجزين الإسرائيليين لدى "حماس" وللقضاء على الأخيرة، تدفع جرافاتها ودباباتها لتجهيز وتأمين هذه المناطق العازلة وتحضير ممر فرز يمهد لنقل المواطنين من رفح إلى تلك المناطق.
هذا يعني أن الاحتلال سيتعمد حشر الفلسطينيين في منطقة بطول 14 كيلومترا وعرض لا يتجاوز الكيلومتر الواحد، مكتظة بالخيم والمنازل البدائية المؤقتة، ولا تتوفر فيها المواصفات الخدمية الحقيقية، مع احتمالات بناء مستوصف علاجي لتقييد حركة النازحين في حدود هذه المنطقة العازلة.
أسباب التأخر في توسيع العدوان على رفح يعود إلى عدم وجود خطة مسبقة لتأمين النازحين الفلسطينيين، إذ كانت تعتقد إسرائيل أن المجتمع الدولي ومصر سيغضون الطرف أو يسامحونها على نقل الفلسطينيين بالقوة إلى خارج قطاع غزة نحو سيناء.
هذا المخطط فشل ولم تتمكن الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي من دعمه تحت تخوفات وضغوط العديد من الدول الأخرى، لذلك لجأت تل أبيب إلى اختلاق خطة جديدة تقوم على إعادة تدوير عملية نزوح الفلسطينيين حتى تصل بالقوة إلى كامل قطاع غزة.
من المرجح أن يشرع الاحتلال الإسرائيلي بترجمة هذه الخطة في غضون الأسبوعين المقبلين، بالتوازي مع تحضيرات واشنطن لتشييد رصيف وميناء بحري، حتى تُسهّل عملية إيصال المساعدات الإنسانية للنازحين فيما يسمى المناطق الآمنة.
من غير المستبعد أن يكون بناء هذا الممر البحري قد جاء لخدمة تسهيل حصول الفلسطينيين على المساعدات الغذائية بالتوازي مع توسيع العدوان على رفح، وكأن الأمر يأتي في سياق فهم احتياجات إسرائيل الأمنية وتخفيف الضغط عليها باختراع فكرة تأمين المساعدات، جواً وبحراً، حتى لا تتعرض لوابل من الانتقادات الدولية مع بداية حملتها العسكرية على رفح.
يبدو الأمر وكأن مسألة توصيل المساعدات الإنسانية بمثابة رشوة غربية لتمديد وتوسيع العدوان الإسرائيلي، المهم أن تصل المساعدات الفورية للمحتاجين وألا يكونوا تحت مرمى الاستهداف المباشر، وبعد ذلك لا يهم الحديث كثيراً عن وقف دائم لإطلاق النار.
ثم إن بدء توسيع العدوان على رفح سيتزامن ربما مع الانتهاء من تشييد الرصيف البحري، حتى تكون هناك أريحية لدى الاحتلال في التحرك وضرب رفح وشن عمليات فوق الأرض وتحت الأرض لتدمير الأنفاق خصوصاً تتبّع أي أنفاق بالقرب من الحدود الفلسطينية - المصرية.
على كل حال، ستواصل إسرائيل ترجمة ما في رأسها من أهداف طالما أن المجتمع الدولي وفي القلب منه العرب لا يتبنون مواقف حاسمة تدعم بالقول والفعل وقف هذا العدوان. أكثر من خمسة أشهر على العدوان الإسرائيلي ولم يحدث أن تحرك العرب بقلب رجل واحد لوقف الحرب على غزة.
من المعيب والمؤسف أن تخطط إسرائيل وتستكمل عدوانها على غزة وتمنع وتعرقل وصول المساعدات الإنسانية، والعرب يتفرجون على الشهداء والجرحى ولا يمتلكون الإرادة الجماعية حتى لإيصال المواد التموينية إلى أهالي غزة في شهر رمضان الفضيل.
(الأيام الفلسطينية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه رفح غزة المساعدات غزة مساعدات رفح ميناء مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدوان على رفح توسیع العدوان قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
لجنة وزارية عربية إسلامية تطالب برفع الحصار عن غزة ووقف العدوان
غزة – أعربت اللجنة الوزارية المنبثقة عن القمة العربية الإسلامية الاستثنائية بشأن غزة، امس الثلاثاء، عن رفضها للحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، مطالبة برفعه فورا ووقف الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
جاء ذلك في بيان مشترك، وتشكلت اللجنة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2023، وتضم في عضويتها وزراء خارجية الأردن وقطر والسعودية ومصر والبحرين وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين، والأمينين العامين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
ورحبت اللجنة في بيانها بالبيان المشترك الصادر عن قادة المملكة المتحدة، وفرنسا، وكندا، الذي دعا إلى إنهاء الحرب على غزة، والسماح الفوري بوصول المساعدات الإنسانية.
وأكدت توافقها مع الموقف الرافض للعمليات العسكرية والاعتداء المستمر على المدنيين الفلسطينيين في غزة، معربة عن “بالغ القلق إزاء استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات”.
وشددت على أن “الحرمان المتعمد من الإمدادات الحيوية، واستخدام المساعدات الإنسانية كسلاح، دفع السكان إلى حافة المجاعة”.
والاثنين دعت بريطانيا وفرنسا وكندا في بيان مشترك إسرائيل، إلى وقف عملياتها العسكرية في قطاع غزة “فورا”، وهددت باتخاذ “خطوات ملموسة” ضد تل أبيب.
وأدان البيان قرار إسرائيل توسيع هجماتها في غزة، داعيا الحكومة الإسرائيلية إلى “وقف عملياتها العسكرية في غزة على الفور والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع”.
واعتبرت اللجنة أن الحصار الإسرائيلي “يمثل انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني”، مشيرة إلى أن إسرائيل مطالبة بـ”السماح الفوري بتسهيل دخول المساعدات للقطاع”.
ورفضت اللجنة “أي مبرر لتجويع الشعب الفلسطيني أو حرمانه من احتياجاته الأساسية”.
وأعربت عن قلقها من نية إسرائيل فرض آلية محدودة لتوزيع المساعدات تتعارض مع المبادئ الإنسانية، وتهدف لتعزيز السيطرة العسكرية على المساعدات.
وأدانت اللجنة “تسييس أو عسكرة المساعدات”، ونددت بخطط “التهجير القسري للفلسطينيين وضم أراض فلسطينية”.
وأشارت اللجنة إلى أن الأمم المتحدة وشركاءها نجحوا في إيصال المساعدات الإنسانية إلى أنحاء غزة “رغم العراقيل والظروف القاسية”، مؤكدة أن لديهم “القدرة والأنظمة التشغيلية الجاهزة لضمان إيصال المساعدات لجميع أنحاء القطاع”.
وجددت اللجنة دعوتها للمجتمع الدولي إلى “تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، والتدخل العاجل للضغط على إسرائيل لرفع الحصار فورًا، ووقف عدوانها، والامتثال لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي”.
وطالبت بـ”ضمان دخول المساعدات بشكل عاجل ومستدام إلى كامل القطاع، واستعادة الخدمات الأساسية فورا، بما يشمل الكهرباء، ومحطات تحلية المياه، والخدمات الصحية”.
كما دعت إلى “إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى/المحتجزين، وفقا لقرارات الأمم المتحدة”.
ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تواصل إسرائيل سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين.
وبدعم أمريكي، تواصل إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتدمير والتجويع والتهجير القسري، متجاهلة كافة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت تلك الحرب أكثر من 175 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.
وأعربت اللجنة عن “قلقها البالغ من التوغلات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، والاستيطان، وهدم المنازل، وعنف المستوطنين”، معتبرة أن ذلك “يقوض حقوق الفلسطينيين ويقضي على فرص السلام”.
ورفضت اللجنة “أي محاولات لتغيير الوضع القانوني والتاريخي للأماكن المقدسة في القدس”.
وأكدت التزامها بـ”حل سياسي للصراع يضمن حقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك استقلال دولة فلسطين وتنفيذ حل الدولتين، بما يضمن العيش المشترك بين فلسطين وإسرائيل في أمن وسلام (..)”.
وأكدت اللجنة على مشاركتها الفاعلة في المؤتمر الدولي رفيع المستوى المقرر عقده في يونيو/ حزيران القادم بمدينة نيويورك، برئاسة مشتركة من السعودية وفرنسا، لدفع جهود إنهاء الحرب وتحقيق السلام.
وبالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل 969 فلسطينيًا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال أكثر من 17 ألفًا، وفق معطيات فلسطينية.
الأناضول