بوابة الوفد:
2025-10-15@02:36:09 GMT

وعند الله تجتمع الخصومُ

تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT

قبل أيام أعلن الادعاء العام فى سويسرا توجيه الاتهام للسياسى السورى السابق رفعت الأسد لمسئوليته عن مذبحة مدينة حماة، والتى مر عليها أربعون سنة، وراح ضحيتها نحو عشرة آلاف إنسان.
وقطعا فإن هذا الإجراء شكلى، لأن المتهم عاد بالفعل إلى بلاده، بعد سنوات طويلة قضاها بين منفى وآخر على إثر خلافه مع الرئيس الراحل حافظ الأسد، ولأن عمره اقترب الآن من التسعين عاما.


وفى كل الأحوال فقد عودتنا الدوائر الغربية على مثل هذه المحاكمات الشكلية التى قد يكون وراءها أغراض سياسية أخرى، ففيما مضى رأينا دعاوى مثيلة ضد الجنرال الجزائرى خالد نزار، ومن قبله ضد رجل الأمن المغربى محمد أوفقير، وغيرهما الكثير من المسئولين والقادة العرب.
وقد يقول قائل، ومعه الحق إن مثل هذه القضايا ليست انتصارا للعدالة فقط، وفى الأغلب فإن وراءها ضغوطا وأغراضا غير نزيهة، وإلا فمَن حاكم الجنرالات الإسرائيليين المسئولين عن المذابح وعمليات الإبادة العلنية ضد الفلسطينيين على مدى أكثر من نصف قرن؟
لكن على أى حال، فإن ذلك لا يعنى أبدا أن المذابح مختلقة، وأن المتهمين أبرياء، وأنهم ضحايا تلفيق غربى استعمارى مؤامراتى. وليس هناك مبرر مانع للشعور بالازدراء تجاه كل مَن اقترفت يداه بدم الأبرياء فى معارك من أجل حُكم أو سلطة أو مكسب، شرقا أو غربا، حديثا أو قديما، حيا أو ميتا، فجرائم الدم لا تسقط بالتقادم، وضحايا الظلم لا يعوضهم شىء.
ولقد عودنا التعمق والتدبر فى قراءة التاريخ أن كثيرا من القتلة يفلتون بجرائمهم، وأن بعضهم قد يحقق أمجادا ظاهرية، وأن صور البعض تزدهر، وأن مكانتهم قد تعلو فى مخيلة الأجيال التالية بفعل تدوين التاريخ الرسمى، لكن مَن قال إن حسابات الدُنيا دائما عادلة؟
وحسبنا أن نذكر مثالا مهما وواضحا لتحول السفاحين القتلة إلى عظماء، هو الوالى الكبير محمد على باشا، الذى حكم مصر خمسا وأربعين سنة قهرا، واستبد منفردا بكل شىء، بعد أن أزهق أرواح ألف مملوكى غدرا فى مذبحة مروعة قتل فيها خصومه بعد دعوتهم على مأدبة طعام، لقد صار هذا الرجل ملء السمع والبصر بما حقق من انتصارات على أعدائه، واعتبرته الذاكرة الجمعية للمصريين باعثا لنهضتهم الحديثة، وهو قول باطل سبق وأن فندته، وفنده آخرون ممن يهتمون بتحليل التاريخ.
وربما كانت من أخطاء أحد مثقفى جيلى البارزين، وهو الكاتب أحمد المسلمانى التى لا تغتفر أنه كتب يوما فى «المصرى اليوم» مقالا يحتفى فيه بمذبحة المماليك مُسميا إياها بـ«الجريمة الرائعة» مقدما تفسيرا مغلوطا مفاده أن المذبحة كانت فاصلا بين التخلف والحداثة، وأنها كانت ضرورة لبناء الأمجاد وتحقيق الانتصارات، وقد أعفى الأكاديمى النابه خالد فهمى الجميع من الرد على «المسلماني» بتفنيده للفكرة الواهية، المبررة للدم فى سبيل ما يتصور البعض أنه مجد وتقدم.
ولا شك أن إفلات القتلة والسفاحين من العقاب والحساب ممكن وجائز فى الدُنيا، لأن العدل يبقى دائما منقوصا على هذه الأرض، لكن ثمة يوم عدل أكبر لا يُمكن الإفلات منه، يقف فيه كل ظالم أمام الله لا يفتح فمه، موقنا أنه لا إفلات ولا نجاة.
فكما قال الشاعر العظيم أبو العتاهية: «أما والله إن الظُلم شؤمٌ/ وما زال المُسىء هو الظلومُ/ إلى الديّان يوم الدين نمضي/ وعند اللهِ تجتمعُ الخصومُ».
والله أعلم
[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد رفعت الأسد مدينة حماة

إقرأ أيضاً:

كلما قسوت على ChatGPT كانت إجاباته أفضل!

في مفارقة قد تُربك الكثير من محبّي "اللباقة الرقمية"، كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة ولاية بنسلفانيا أن استخدام لغة أكثر حدّة وأقل مجاملة عند التحدث مع روبوتات الدردشة مثل ChatGPT قد يؤدي إلى الحصول على إجابات أكثر دقة.

ووفقاً لموقع "digitaltrends" قام الباحثون بتجربة مثيرة شملت طرح الأسئلة على ChatGPT باستخدام خمس نغمات لغوية متفاوتة، بدءًا من "مهذبة جدًا" وصولًا إلى "صارمة جدًا"، مرورًا بالنبرة المحايدة. المدهش في النتائج أن الأسئلة التي طُرحت بلهجة شديدة ، ولكن دون تجاوز للحدود، قدمت إجابات أكثر دقة مقارنة بالأسئلة المهذبة.

اقرأ أيضاً.. لطافتك تكلف الذكاء الاصطناعي الملايين!


دقة أعلى مع لهجة أكثر حدة

في اختبار مكون من 250 نسخة من 50 سؤال اختيار من متعدد، بلغت دقة إجابات ChatGPT 84.8٪ عند استخدام نبرة حادة، مقابل 80.8٪ فقط عند استخدام نبرة مهذبة. ومن الأمثلة التي استُخدمت في النبرة الأكثر صرامة:
"ألا تعرف حتى كيف تحل هذا السؤال؟" – وهي جملة تعكس لهجة تقليلية دون أن تكون جارحة بشكل مباشر.

أخبار ذات صلة عمر العلماء: نجاحنا في الذكاء الاصطناعي سيحفز الجميع على المضي قدما «العالمي لحماية الطبيعة» يستشرف حلولاً تمويلية وابتكارات علمية للاستدامة

الباحثون أوضحوا أن الأسلوب "الصارم" لا يعني بالضرورة استخدام ألفاظ مهينة، بل يشمل أيضًا عبارات تفتقر إلى المجاملة، أو تستخدم أوامر مباشرة وحاسمة.



هل تؤثر المشاعر في الآلات؟


النتائج الجديدة تتناقض مع دراسات سابقة كانت قد أشارت إلى أن استخدام لهجة فظة قد يؤدي إلى ردود أقل دقة أو متحيزة من الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فإن الدراسة الحديثة ركّزت حصريًا على نموذج GPT-4o من OpenAI، وضمن مهمة محددة تتعلق بحل الأسئلة الموضوعية، ما يعني أن النتائج قد لا تنطبق على كل أنواع المحادثات أو على نماذج ذكاء اصطناعي أخرى مثل Gemini أو Claude.

 

يبقى السؤال الأكبر هنا: هل من المفترض أن تتأثر روبوتات الدردشة بـ"الحمولة العاطفية" في كلام المستخدم؟ وهل يجب أن تؤدي العبارات الصارمة إلى نتائج أفضل في أنظمة يفترض أنها منطقية وتعمل على أساس الدقة والمكافأة؟

ربما لا تزال الإجابة قيد البحث، لكن المؤكد أن طريقة حديثنا مع الذكاء الاصطناعي... قد تكون أكثر تأثيرًا مما نعتقد.



إسلام العبادي(أبوظبي)

مقالات مشابهة

  • خالد أبو بكر: شرم الشيخ كانت محط أنظار العالم بتغطية إعلامية غير مسبوقة
  • رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تجتمع مع وزيرة الأسرة وتنمية حقوق الإنسان الصومالية
  • شهادة من الخصوم.. بايدن وكلينتون وهاريس يشيدون بجهود ترامب لإنهاء حرب غزة
  • يد الله كانت معنا اليوم.. نشأت الديهي يهنيء الرئيس السيسي بتوقيع اتفاق السلام
  • "ترامب" في الكنيست: على إيران أن تحدد ما إذا كانت مستعدة للسلام
  • كلما قسوت على ChatGPT كانت إجاباته أفضل!
  • نتنياهو: هناك خلافات كثيرة داخل إسرائيل.. وحزين لإطلاق سراح القتلة
  • الأمن السوري يحبط تهريب أسلحة بحمص ويضبط شحنة كانت في طريقها إلى لبنان
  • وزير الدولة للتعاون الدولي تجتمع مع نائب وزير الخارجية السعودي
  • وزير الدولة للتعاون الدولي تجتمع مع المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية