الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: بالمودة والرحمة تستقر الأسر ويتحقق للمجتمع توازنه
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
عقد الجامع الأزهر، اليوم الثلاثاء، تاسع فعاليات الملتقى الفقهي، وجاء بعنوان "القوامة في الإسلام"، شارك فيه الدكتور محمود عفيفي عفيفي، مدرس الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون وعضو لجنة الفتوى بالجامع الأزهر، والدكتور إبراهيم أحمد جاد الكريم، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، والشيخ كريم حامد أبوزيد، منسق كتب التراث بالجامع الأزهر الشريف.
قال الدكتور محمود عفيفي عفيفي إن الإسلام قد اهتم بتكوين الأسرة تكوينًا راقيًا لتنجح في مهمتها في هذه الحياة، والقوامة ليست منحصرة في الأزواج، فأول ما نلتفت إليه أن بعضهم لم يفسروا الآية إلاّ على الرجل وزوجته على الرغم من أنَّ الآية تكلمت عن مطلق رجال ومطلق نساء، فليست الآية مقصورة على الرجل وزوجه، فالأب قوام على أولاده، والأخ على أخواته إلخ. ومن ذلك قوله ﷺ يقول: "كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مسئولٌ عنْ رعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ ومسئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ رَاعٍ في أَهْلِهِ ومسئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيةٌ في بَيْتِ زَوْجِهَا ومسئولة عَنْ رعِيَّتِهَا، والخَادِمُ رَاعٍ في مالِ سيِّدِهِ ومسئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فكُلُّكُمْ راعٍ ومسئولٌ عنْ رعِيَّتِهِ".
وأوضح مدرس الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون أن الله تعالى قد أسند القوامة للرجل من باب التكليف وليس من باب التغلب أو التسلط، وذلك لأن الرجل له الكدح وله الضرب في الأرض وله السعي على المعاش حتى يكفل للمرأة سبل الحياة اللائقة عندما يقوم برعايتها، موضحا أن القوامة تحتاج إلى تعب، وإلى جهد، وإلى سعي، وهذه المهمة تكون للرجل وفيها تكليف بالرعاية والحماية وتلبية متطلبات الحياة وشئون الأسرة.
ومن جانبه، بين الدكتور إبراهيم أحمد جاد الكريم أن الأسرة في الإسلام كيان مقدس لأن الله تعالى يبين في القرآن أنه لا وجود للأسرة إلا عن طريق الزواج الذي هو العقد المقدس والميثاق الغليظ، لافتا أن البعض من خلال الدخول في موضوع القوامة يهدف إلى التشكيك في ثوابتنا، ومنه إلى اختلال الأسرة المسلمة التي هي نواة المجتمع المسلم وباختلالها يختل المجتمع، مؤكدا أن المودة والرحمة إذا دخلت البيوت دامت واسقرت وانعكس ذلك على توازن المجتمع واستقراره.
وأضاف عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن أن عقد الزواج في الإسلام محاط بأركان وشروط وتكاليف شرعية لا مجال فيه ولا مكان للاجتهاد ولا التجربة ولا العبث ولا للتدخل الخارجي إلا لضمان تحقق هذه الشروط والأركان، موضحا أنه تعالى قال "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ" بلفظ الرجال ولم يقل الذكور لأن الرجل صفة تعني كمال معاني الرجولة، فهو رجل مسؤول قادر على الحماية قادر على التصرف ورعاية شئون الأسرة قادر على الكسب والإنفاق.
وبدوره، أوضح الشيخ كريم حامد أبوزيد أن شريعة الإسلام قد جاءت بما فيه سعادة الإنسان، وكل ما جاء من نظم وتشريعات في هذه الشريعة الغراء فيه الخير والفلاح والنجاح للبشرية جمعاء، ومن ذلك التشريعات الخاصة بالأسرة، والتي تهدف إلى سعادة الأسرة وحمايتها واستقرارها، وأن من القواعد المهمة التي يستقر عليها بناء الأسرة مسألة القوامة، مضيفا أن قوامة الرجل على المرأة حقٌّ أعطاه الله للرجل بمقتضى قوله تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ"، وقوله تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم".
واختتم منسق كتب التراث بالجامع الأزهر الشريف أن المراد بالقوامة القيام على أمر النساء بالحماية والرعاية وتلبية مطالب الحياة، وليس معناها القهر والاستبداد بالرأي، فهي لا تزيد عن أن للرجل بحكم أعبائه الأساسية ومسؤولياته وبحكم تفرغه للسعي على أسرته والدفاع عنها والإنفاق عليها أن تكون له الكلمة الأخيرة بعد مشورة أهل بيته فيما يحقق المصلحة له ولأسرته، وهي ليست احتقارا للمرأة، مستشهدا بقول فضيلة الإمام الأكبر، "إن القوامة هي أفضلية الصلاحية والقيادة، وليست أفضلية النوع ولا الجنس ولا الذكاء".
ويواصل الجامع الأزهر خطته العلمية والدعوية لشهر رمضان بتوجيهات ورعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وتتضمن: (١٣٠ مقرأة- ٥٢ ملتقى بعد الظهر- ٢٦ ملتقى بعد العصر- صلاة التراويح بالجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث الإسلامية ٢٠ ركعة يوميا بالقراءات العشر- ٣٠ درسًا مع التراويح- صلاة التهجد بالجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث في العشر الأواخر- تنظيم ٧ احتفالات متعلقة بمناسبات الشهر الكريم- ٥٠٠٠ وجبة إفطار يوميًّا للطلاب الوافدين، لتصل الوجبات لـ ١٥٠ ألف وجبة طوال الشهر الكريم.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر احتفالات القراءات العشر المودة والرحمة مركز الازهر العالمي للفتوى الالكترونية بالجامع الأزهر
إقرأ أيضاً:
لماذا هجا الحطيئة نفسه؟ وما أحسن ما قيل في الشعر؟
ووفقا لحلقة 2025/6/3 من برنامج "تأملات"، فقد ظل الحطيئة يردد هذا البيت بحثا عن ضحية لهجائه، حتى نظر في حوض ماء فرأى وجهه منعكسا فيه.
وعندها وجد ضالته المنشودة، فقال هاجيا نفسه "أرى لي وجها شوه الله خلقه، فقبح من وجه وقبح حامله"، وهكذا لم يسلم حتى من نفسه.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4الشعر العربي.. هل أجملُ القصائد أكذَبُها؟list 2 of 4من "سقط الزند" إلى "اللزوميات".. أبو العلاء المعري فيلسوف الشعر العربيlist 3 of 4أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثينlist 4 of 4رواية "حارة الصوفي".. التأريخ بين قبعة الاستعمار وطربوش الهُويةend of listوتكشف قصة أخرى عن طباع الحطيئة الصعبة، فقد جاءه ضيف وهو في غنمه فناداه: "يا صاحب الغنم"، فرفع الحطيئة عصاه مهددا.
وقال للضيف: "إنها عجْرَاء من ذي سَلَم"، يصف عصاه بأنها ذات عقد مأخوذة من شجر السلم الشائك، مما يضاعف قدرتها على الإيذاء.
فلما قال الرجل: "إني ضيف"، رد الحطيئة بجفاء: "للضِيفان أعددتها"، في إشارة إلى أن أخلاقه "تجارية" كما نقول بلغة اليوم.
أحسن الشعروتحكي الحلقة عن مجلس أدبي راق جمع الخليفة عبد الملك بن مروان مع خاصته وولده، حيث طلب من كل واحد منهم إنشاد أحسن ما قيل في الشعر.
فأنشدوا وفضلوا، فقال بعضهم: امرؤ القيس، وقال آخرون: النابغة، وفضل غيرهم: الأعشى، وكل يدافع عن اختياره بالحجة والبرهان.
فلما فرغوا من المفاضلة، قال عبد الملك: "أشعر الناس والله الذي يقول: وذي رحم قلمت أظفار ضغنه" إلى آخر الأبيات.
وتتحدث الأبيات عن رجل تعامل مع قريب له بالحلم والصبر رغم عدوانيته، فقال: "بحلمي عنه وهو ليس له حلم"، مبينا الفارق بينهما في الأخلاق.
إعلانواستمر في وصف صبره قائلا: "صبرت على ما كان بيني وبينه وما يستوي حرب الأقارب والسلم"، مؤكدا أن الحرب مع الأقارب ليست كالسلم.
ثم وصف كيف تعامل معه بلين وحنان: "فما زلت في ليني له وتعطفي عليه كما تحنو على الولد الأم"، مشبها حنانه بحنان الأم على ولدها.
وختم بالنتيجة المثمرة لهذا التعامل الحكيم: "فأطفأت نار الحرب بيني وبينه فأصبح بعد الحرب وهو لنا سلم"، مظهرا انتصار الحكمة على الغضب.
عشاق الكتبوضمن ما تناولته الحلقة، ما بلغه حب الكتب ببغداد في العصر العباسي التي كانت عاصمة الكتاب في العالم، حيث بلغ عند بعضهم درجة الجنون الحقيقي.
فقد شغف محمد بن الوليد النحوي المعروف بابن ولاد بكتاب سيبويه حبا عظيما، حتى أوصى عند وفاته أن يُدفن هذا الكتاب معه في قبره.
وكان أبو محمد الزبيدي الأندلسي مفتونا بكتب الجاحظ تحديدا، فكان يقول: "رضيت من الجنة بكتب الجاحظ عوضا عن نعيمها"، مقدما الكتب على نعيم الآخرة.
أما الحكيم بن الأخشاد فكان ينادي في جبل عرفات والبيت الحرام على من يملك كتب الجاحظ ليشتريها، ولم تحل حرمة المكان دون شغفه بالكتب.
وكان لزوجات هؤلاء العشاق أخبار ونوادر طريفة، فالمرأة تحب أن تستأثر بزوجها، وكانت الكتب تُصنف عند كثيرات منهن كضرائر حقيقيات.
بل إن بعضهن كن يعتبرن الكتب أشد عليهن من زوجة أخرى، لأن الأزواج كانوا شغوفين بها، وتقع الألفة الحقيقية بينهم وبين الكتاب.
ويروى أن زوجة الإمام الزهري قالت له يوما والكتب محيطة به: "والله لهذه الكتب أشد علي من 3 ضرائر"، معربة عن غيرتها من منافسة قاسية.
قصة مثلوتناولت الحلقة قصة طريفة وراء المثل الشهير "المقادير تصير العيَّ خطيبا"، والتي تعود إلى زمن الحجاج بن يوسف الثقفي وحادثة عجيبة.
فقد وُصف رجل عند الحجاج بالجهل، وكانت لهذا الرجل حاجة عنده، فقرر الحجاج اختباره ليتأكد مما قيل عنه من جهل وغباء.
إعلانفلما دخل الرجل عليه، سأله الحجاج: "أعصاميٌ أنت أم عظامي؟"، والمعنى: أتفتخر بنفسك أم تفتخر بآبائك الذين صاروا عظاما في القبور؟
فأجاب الرجل على الفور: "أنا عصامي وعظامي"، فأُعجب الحجاج بإجابته وقال: "هذا من أفضل الناس"، ثم قضى حاجته وأبقاه عنده مدة.
لكن الحجاج اختبره مرة ثانية فوجده أجهل الناس، فسأله متعجبا: كيف أجبتني بما أجبت لما سألتك عما سألت في المرة الأولى؟
فكشف الرجل عن سر إجابته قائلا: "لم أعلم ما هو العصامي وما العظامي، فخشيت أن أقول أحدهما فأخطئ، فقلت أقول كليهما".
وأضاف موضحا منطقه البسيط: "فإن ضرني أحدهما نفعني الآخر"، بينما كان ظن الحجاج أنه أراد الافتخار بنفسه وبآبائه معا في آن واحد.
فقال الحجاج عند ذلك: "المقادير تصير العيَّ خطيبا"، فأرسلها مثلا يُضرب للدلالة على أن القدر قد يوفق الجاهل أحيانا دون قصد منه.
3/6/2025