شاهد.. يوم الأم في غزة بلا معنى في ظل النزوح والفقد
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
غزة – "أي عيد للأم وقد فقدنا أبناءنا وتشردنا عن أهالينا ومنازلنا"، كلمات تصف مشاعر الأمهات الفلسطينيات النازحات في الخيام، وهن يستقبلن "يوم الأم" الذي يصادف 21 مارس/آذار من كل عام، وقد حمل معه هذا العام الحزن المزروع في كل بيت وشارع وحارة في قطاع غزة، الذي يواجه حربا إسرائيلية ضارية للشهر السادس على التوالي.
وبكثير من الألم، تتحدث الأم النازحة أم حسن الحرازين عن ابنها الشهيد أحمد، وتصفه بـ"أعز أبنائي"، وتقول للجزيرة نت: "كل عام وأنتِ بخير يا أمي تساوي الدنيا وما فيها"، فبالنسبة لها لا يكون يوم الأم بالهدايا من الأبناء وإنما بوجودهم إلى جانبها، وتقول بتأثير كبير: "الابن كنز في البيت، فأي يوم وأي عيد للأم وقد فقدت ابني".
وكانت أم حسن قد نجت وعدد من أفراد أسرتها من غارة إسرائيلية دمرت منزلهم في مدينة غزة، بعد غارة أولى سبقتها فقدت فيها ابنها، لتقرر بعدها النزوح إلى مدينة رفح جنوب القطاع، حيث تقيم حاليا في خيمة في حي تل السلطان غرب المدينة.
وتقاسمها أم طارق العمارين الحزن نفسه، حيث فقدت ابنها راكان شهيدا، وفرقتها الحرب عن أسرتها، فهي نازحة من مدينة غزة وتقيم بخيمة في مدينة رفح، بينما يوجد أحد أبنائها في مدينة غزة، وعائلتها مشتتة بين الجنوب والشمال.
وبتأثر كبير، استحضرت صورا لابنها الشهيد من يوم الأم في العام الماضي، عندما رافقته وزوجته في يوم ترفيهي بمدينة غزة، وتقول للجزيرة نت: "العام الماضي كنا في بيوت يملؤها الحب والأمان، أما اليوم، فنحن مشردون في الخيام ومراكز الإيواء".
وفي خيمة ثالثة كانت هبة أبو شومر تجلس وحيدة، وقد فارقتها أمها التي كانت رفيقتها في رحلة النزوح من جباليا في شمال القطاع إلى مدينة رفح، وفاضت روحها من دون أن تجد العلاج في المستشفيات التي تئِنّ تحت وطأة الحرب والحصار. تقول هبة للجزيرة نت: "محظوظ من لديه أم، ليس لعيد الأم أي معنى بعدما ماتت أمي نازحة مشردة، بعيدا عن منزلنا في جباليا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات مدینة غزة یوم الأم
إقرأ أيضاً:
ناشطة على متن حنظلة تروي للجزيرة نت تفاصيل الاقتحام الإسرائيلي
عمّان- تحت جنح ظلمة البحر، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي "السفينة حنظلة" التي كانت تبحر في المياه الدولية لكسر الحصار عن غزة، وعلى متنها ناشطون إنسانيون وبعض صناديق حليب الأطفال والدمى المحشوّة، لكنها تعاملت معها كأنها "تهديد وجودي"، في مشهد شكّل نموذجا مصغرا لكل ممارسات الحصار والإبادة والعقاب الجماعي المفروض على أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة.
من بين هؤلاء الناشطين، كانت المحامية الفلسطينية-الأميركية هويدا عراف، التي أُطلق سراحها لاحقا، التي تحدثت للجزيرة نت عن تفاصيل اللحظات الأولى للاقتحام، وما تبعها من احتجاز واستجواب، مؤكدة أن إسرائيل حاولت إخراج ما جرى لصناعة رواية مزيفة تبرر بها اختطاف النشطاء.
وأكدت عراف أن كل الأعين يجب أن تلتفت إلى غزة، وأن ما جرى مع "حنظلة" التي كانت تحاول إيصال علب حليب للأطفال المجوّعين، هو نقطة في بحر مجازر الاحتلال وجرائمه في القطاع والتي تخالف كل المواثيق والقيم والقوانين الدولية والإنسانية.
دعاية زائفة
وتقول عراف "دخلوا علينا بعشرات المسلحين، ملثمين ومدججين بالسلاح، وبدؤوا يزيلون الكاميرات التي كانت مثبتة في السفينة لعدم بث الرواية الحقيقية للأحداث، أرادوا الظهور بمظهر إنساني، قدموا لنا الماء والطعام أمام الكاميرات التي كان يحملها الجنود، وألحّوا علينا بأخذها كي يوثقوا أنهم يعاملوننا بلطف، لكننا رفضنا تماما، ولم نأخذ لا ماء ولا سندويشًا".
وتضيف "وضع الجنود الماء والطعام بشكل فج أمام ناشطة نرويجية وهي جدّة سبعينية، ليوثقوا كيف يعاملوننا بلطف، في محاولة يائسة لصناعة مشهد بروباغندا لا يمت للواقع بصلة".
وشددت عراف على أن طاقم السفينة أوصل موقفه الواضح، "لا نريد منكم شيئا، أنتم من تجوعون أطفال غزة، لا يمكن أن نقبل منكم طعاما ولا شرابا. هذا ليس كرما منكم بل إهانة، كيف تتعاملون معنا بلطف مزيّف هنا، وأنتم السبب في أن أطفال غزة لا يجدون الحليب؟ لن نشارك في هذه المسرحية".
إعلانوكان الناشطون على متن السفينة قد دخلوا في إضراب عن الطعام من اللحظة الأولى لاعتراض السفينة، وهو الأمر الذي كانوا قد أعلنوا عنه قبل أيّام.
بعد اقتياد النشطاء قسرا إلى ميناء أسدود، تقول هويدا عراف إنهم، رغم الإرهاق والقيود، هتفوا "الحرية لفلسطين، لكن سرعان ما بدأت تظهر مؤشرات مقلقة".
وتوضح "فصلوني أنا وزميلي لأننا نحمل هوية فلسطينيي 48 وأبعدونا عن بقية المجموعة، وبعد قليل لمحت زميلنا الأميركي كريس مطروحا على الأرض، ثم رأيت الجنود يسندونه بعنف إلى الحائط. حاولت التوجه إليه لمعرفة ما الذي يحدث، لكن الجنود جرّوني بعيدا ومنعوني من الاقتراب أو حتى الاستفسار عنه. لم يُسمح لي برؤيته مجددا، ولا أعلم لماذا تم التعامل معه بهذا الشكل تحديدا".
وتصف عراف ما جرى بأنه محاولة للسيطرة على الرواية، وعزل الأصوات الحرّة عن بعضها، متابعة "ما بدا وكأنه احترام كان غلافا لبروباغندا مدروسة، أرادوا من خلالها أن يخفوا حقيقة أن ما قاموا به قرصنة مكشوفة في عرض البحر".
وبعد احتجازهم تم التحقيق معهم، وتوجيه "تهم واهية"، وفقا للناشطة عراف التي تضيف "قالوا إنني دخلت إسرائيل بطريقة غير قانونية! كيف ذلك وأنا خُطفت من المياه الدولية؟ بل واتهموني بمحاولة دخول دولة عربية بطريقة غير قانونية. لم أفهم أي تهمة بالضبط ثبتت عليّ بالنهاية، يبدو أنهم لم يعرفوا هم أنفسهم".
وتشير إلى أن سلطات الاحتلال عرضت عليها توقيع تعهد بعدم محاولة دخول غزة مجددا لـ3 سنوات، لكنها رفضت ذلك بشكل قاطع. ثم تم خفض المدة لأسبوعين فقط، لكنها رفضت كذلك، مؤكدة أن "إسرائيل لا تملك الحق أن تقرر من يدخل غزة ومن لا. لا شرعية لها في هذا. نحن خُطفنا، لم نأت هنا بإرادتنا، ولا حاولنا أصلا".
وتبين أن غالبية نشطاء السفينة ما زالوا محتجزين بسبب رفضهم التوقيع على أي أوراق أو تعهدات بعدم العودة أو محاولة الذهاب مجددا إلى غزة، وهم ما زالوا مضربين عن الطعام، داعية لاتخاذ مواقف سريعة من دولهم لإطلاق سراحهم وبشكل فوري.
وترى عراف أن المشهد برمته يعكس رعب الاحتلال من مجرد محاولة رمزية لكسر الحصار، "أرسلوا جنودا مدججين، وشرطة، وقناصة، وكل هذا حتى لا يدخل قارب صغير فيه حليب أطفال إلى غزة. من الضعيف هنا؟ نحن لم نكن خائفين. كنا نشعر بالقوة. أما هم، فرعبهم من مجرد صندوق حليب يكشف حقيقتهم".
تواطؤلم تُخفِ عراف غضبها من موقف المجتمع الدولي، وتحديدا بعض الحكومات الأوروبية والعربية، قائلة "بدلا من أن يقولوا لإسرائيل: لا يحق لكم إيقاف السفن بحسب القانون الدولي، كانوا يوصلون للنشطاء أنهم سيتابعون موضوعهم في حال الاعتراض، وكأنهم قد أعطوا شرعية لقرصنة السفينة. في الواقع، بصمتهم، هم شركاء في حصار غزة وتجويعها".
وتختم حديثها مؤكدة "الحصار والإبادة جريمة، وتواطؤ العالم معها جريمة أكبر. ونحن سنبقى نحاول كسر الصمت والحصار بكل السبل الممكنة، ولن نرضى بالسكوت والتطبيع مع ما يجري. ونأمل أن تُلهم حنظلة العالم للخروج بأوسع حراك من أجل وقف التجويع والموت الحاصل في القطاع".
إعلانوطالبت من الجميع أن يبقوا أعينهم على غزة، و"لا ينخدعوا بمحاولة تغطية جريمة التجويع عبر مساعدات قليلة أو وهمية ضمن دعاية الاحتلال".
وكان مركز عدالة الذي يتابع قضية نشطاء السفينة "حنظلة" قد قال -في بيان له اليوم- إن جلسات الاستماع في سجن "جفعون" بشأن استمرار احتجاز 14 متطوعا من ناشطي السفينة قد اختتمت برفضهم الموافقة على إجراءات الترحيل السريع وأن جميع المحتجزين مضربون عن الطعام.
وخلال الجلسات شدد الناشطون على أن مهمتهم إنسانية بحتة، جاءت بدافع العمل ضد التجويع والحصار غير القانوني والإبادة الجماعية في غزة التي دخلت شهرها الـ22.
وقال الناشط الأميركي كريستيان سمولز إنه تعرّض لعنف جسدي شديد على يد جيش الاحتلال، كما تحدثت عدة ناشطات عن تعرضهن لانتهاكات مماثلة وضغوطات وظروف احتجاز مزرية وغياب التهوية رغم درجات الحرارة المرتفعة وانعدام مستلزمات النظافة الخاصة بالنساء، مؤكدين على استمرار إضرابهم عن الطعام.