هناك الكثير من "المصادفات" في الوضع المحيط بهذا الهجوم الإرهابي، حيث لا داعي للبحث عن تفسيرات معقدة لها، حينما توجد تفسيرات بسيطة.

في السابع من مارس الجاري، أصدرت السفارة الأمريكية لدى موسكو تحذيرا لرعاياها المواطنين الأمريكيين بشأن احتمال وقوع هجمة إرهابية ضد "تجمعات كبيرة من الناس في موسكو، بما في ذلك الحفلات الموسيقية".

بعد الهجوم الإرهابي، أعلنت وسائل الإعلام الأنغلوساكسونية على الفور بسرعة أكبر من المعتاد أن الهجوم الإرهابي نفذه الفرع الأفغاني لتنظيم "الدولة الإسلامية"، والذي لم يسبق له القيام بأي أعمال ضد روسيا.

بهذا الصدد، تذكرت فضيحة عام 2016، عندما تبين أن البنتاغون، بمساعدة شركة العلاقات العامة البريطانية بيل بوتينغر، أنفق 500 مليون دولار على فبركة مقاطع فيديو مزيفة حول هجمات إرهابية لتنظيم القاعدة.

ولم تكن إدانة الهجوم الإرهابي، وإلقاء اللوم على تنظيم "الدولة الإسلامية"، سوى تمويه مصمم لإخفاء الوضع الحقيقي للأمور.

ومع ذلك، لن أتفاجأ إذا ما تم استخدام تنظيم "الدولة الإسلامية" بالفعل لتنظيم هجوم إرهابي، لأنه من المعروف أن تنظيم القاعدة تم إنشاؤه بواسطة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وأن تنظيم "الدولة الإسلامية" تم تسليحه ودعمه من قبل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية كعدو للحكومة السورية. وكل من أوكرانيا وتنظيم "الدولة الإسلامية" أداتان متساويتان في يد واشنطن، ومشاركة أحدهما لا تستبعد مشاركة الآخر.

ويمكن، حال الرغبة، أن نرى في هذا الهجوم الإرهابي جانبا من جوانب الصراع من أجل آسيا الوسطى. فاستخدام منفذين من الطاجيك، من شأنه أن يثير موجة من المشاعر المعادية للطاجيك بين الروس، ما سيرتد من خلال السلطات الروسية، ويعقّد علاقات روسيا مع دول آسيا الوسطى.

إلا أن الجناة هم القضية الأقل أهمية عندما يتعلق الأمر بإرهاب الدولة.

هنا، بطبيعة الحال، لا يسع المرء إلا أن يتذكر قصف خط أنابيب "السيل الشمالي" وجسر القرم وهي أعمال إرهابية نفذها الأنغلوساكسونيون مباشرة، حتى باستخدام أراض أوكرانية في الهجوم على جسر القرم.

لقد اختارت الولايات المتحدة وبريطانيا الإرهاب كأحد الأساليب الرئيسية لمحاربة روسيا منذ اليوم الأول للحرب في أوكرانيا. ووفقا للأوكرانيين أنفسهم، فإن الأنغلوساكسونيين يشاركون بشكل مباشر أو بطرق أخرى في 90% من عمليات أوكرانيا ضد روسيا. وبطبيعة الحال، فإن هذا ينطبق أيضا على الهجمات الإرهابية التي تشنها وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية.

وبإمكاننا القول إن دولتين في العالم، بريطانيا وأوكرانيا، تنطلقان من مبدأ ضرورة استغلال كل الفرص لإلحاق أكبر ضرر بروسيا قدر المستطاع.

إقرأ المزيد سيمونيان: تنفيذ هجوم كروكوس الإرهابي كان مخططا له في 8 مارس

ومع ذلك، فهناك تفسير عقلاني واضح:

صرح رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريل بودانوف أكثر من مرة بأن هدفه هو "نقل الحرب إلى الأراضي الروسية". وبما أن أدوات الاستخبارات العسكرية محدودة، لذلك فمن غير المستغرب أن تكون أساليب بودانوف إرهابية في الغالب: قتل الصحفيين والشخصيات العامة الوطنية الروسية، بما في ذلك ابنة المفكر والفيلسوف ألكسندر دوغين، والتخريب والإضرار بالأمن العام، بما في ذلك الاتصال بأطفال على الأراضي الروسية وإعطائهم تعليمات بفتح الغاز أو إشعال النار في مكاتب التسجيل والتجنيد العسكري، أو تخريب محولات السكك الحديدية. وقد اعترف بودانوف علانية بتورطه في جرائم القتل ومحاولة قتل الوطنيين الروس المشهورين. وحتى المحتالون عبر الهاتف، الذين يحاولون معرفة أرقام بطاقات الائتمان الخاصة بكبار السن لسرقة أموالهم، تأتي مكالماتهم من الأراضي الأوكرانية، ويعملون تحت مظلة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية.

إلا أن بودانوف، قبل وبعد الانتخابات الرئاسية الروسية، انتقل على الفور إلى عدة مستويات أعلى في أنشطته الإرهابية. وتعد حقيقة أن المجتمع الروسي يتأثر بالحد الأدنى من الحرب، ويعيش حياة شبه عادية، أحد إنجازات بوتين الرئيسية في الحرب. لهذا أصبح تدمير السلام العام في روسيا، وإثارة غضب المواطنين العاديين بسبب "عجز السلطات عن حمايتهم"، المهمة الرئيسية الحالية لكييف ولندن وواشنطن.

ولهذا السبب زوّد الغرب أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى، والتي يقصف بها الآن المناطق السكنية في بيلغورود وغيرها من المدن الحدودية الروسية. ومع ذلك، فإن هذا لا يعطي التأثير المطلوب، وهناك حاجة إلى مستوى أعلى من الخوف.

لذلك تحديدا يصبح الهجوم الإرهابي الرهيب في موسكو مفيدا وضروريا لكييف ولندن وواشنطن. وإذا حكمنا من خلال مستوى تنسيق الهجوم الإرهابي، فقد تم التخطيط له من قبل محترفين، كما هو الحال في الهجمات الأخرى ضد روسيا. لا زلنا لا نعرف التفاصيل بعد، لكني أعتقد أن الخيار الأكثر ترجيحا هو بأوامر أمريكية (وربما بريطانية أيضا)، وأوكرانيا هي الجهة المنظمة، ربما بمشاركة تنظيم "الدولة الإسلامية".

ربما تعيش أوكرانيا أشهرها الأخيرة، فيما يتجه الغرب نحو تصعيد للتطرف في أساليب صراعه. ونية ماكرون إرسال قوات إلى أوكرانيا، وهذا الهجوم الإرهابي لهما أسباب مشتركة. وسوف يستخدم الغرب كل أدواته، من تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى أوكرانيا، وإذا لم ينجح في هذا، فلن يتبقى أي خيار آخر أمام الغرب سوى الصدام المباشر مع روسيا.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: ألكسندر نازاروف ألكسندر نازاروف الأزمة الأوكرانية الإرهاب الاستخبارات المركزية الأمريكية الجيش الروسي الدولة الاسلامية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا كييف لندن هجوم كروكوس الإرهابي واشنطن وزارة الدفاع الروسية الاستخبارات العسکریة الدولة الإسلامیة الهجوم الإرهابی

إقرأ أيضاً:

روسيا: مستعدون لمعالجة جذور الأزمة في أوكرانيا

موسكو، كييف (الاتحاد، وكالات)

أخبار ذات صلة أميركا وأوكرانيا تعقدان مباحثات بشأن خطة سلام بوتين: المباحثات بشأن أوكرانيا "معقدة" الأزمة الأوكرانية تابع التغطية كاملة

حذرت روسيا، أمس، من خطوات الاتحاد الأوروبي لتجميد أصولها، مؤكدة أن هذه الإجراءات ستواجه برد مناسب.
جاء ذلك في بيان أصدرته وزارة الخارجية الروسية شددت خلاله كذلك على استعداد موسكو للعمل على معالجة الأسباب الجذرية للأزمة الأوكرانية في إطار أي مسار تفاوضي قادم. وأوضح البيان أن موسكو تنظر إلى معالجة جذور النزاع باعتبارها الأساس لتحقيق تقدم فعلي، مشيرة إلى أن «تطورات المرحلة المقبلة ستبين مدى استعداد الوفد التفاوضي الأوكراني الجديد لخوض محادثات ذات مضمون عملي».
وأضاف أن «موسكو وصفت مراراً تجميد أصولها في أوروبا بأنه سرقة صريحة»، مشيرة إلى أن «الاتحاد الأوروبي لا يستهدف أموال الأفراد الروس فحسب بل الأصول السيادية أيضاً». وتسعى المفوضية الأوروبية جاهدة للحصول على موافقة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على استخدام الأصول السيادية الروسية لصالح كييف، ويبلغ المبلغ المعني حالياً نحو 140 مليار يورو على شكل ما يسمى بـ«قرض تعويضي خاص»، في حين تعارض بلجيكا بشدة هذا الإجراء خوفاً من العواقب القانونية.
في غضون ذلك، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، إنه من المبكر تقييم نتائج الاجتماع الذي عقده مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر في موسكو، وشدد على أن «روسيا ستسيطر على إقليم دونباس في شرق أوكرانيا بالوسائل العسكرية، أو بأي وسيلة أخرى».
ووصف بوتين اللقاء مع ويتكوف وكوشنر في موسكو الثلاثاء الماضي، بأنه كان «مفيداً للغاية، وضرورياً»، وأشار إلى أن العرض الذي قدمه الوفد الأميركي كان يعتمد على التفاهمات التي توصل إليها مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في قمة ألاسكا في 15 أغسطس الماضي.
وقال بوتين إنه ناقش كل نقطة من العرض الأميركي خلال الاجتماع مع ويتكوف، ولهذا السبب استغرق الاجتماع وقتاً طويلاً.
وأشار إلى أن هناك بعض النقاط التي لم توافق روسيا عليها في العرض الأميركي، وأنه ناقش هذه النقاط مع ويتكوف وكوشنر.
وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها، أمس، في كلمة أمام منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إن «أوكرانيا تريد سلاماً حقيقياً وليس استرضاء روسيا».

مقالات مشابهة

  • عودة عمليات تنظيم الدولة في سوريا.. إعلان عابر أم نقطة تحوّل؟
  • موسكو: صندوق النقد الدولي يعارض مصادرة الأصول الروسية
  • روسيا تشن هجوما جويا ضخما على أوكرانيا
  • أوكرانيا تنقل المواجهة للعمق الروسي .. تحوّل استراتيجي يستهدف شلّ الاقتصاد وردع موسكو
  • ماكرون: روسيا لا تسعى للسلام وندعم أوكرانيا لضمان استقرار دائم
  • دبلوماسي: روسيا تلعب دورًا مهمًا في تشكيل موقف موسكو تجاه القضايا الدولية
  • روسيا تحذر من عواقب بعيدة المدى لتمويل أوكرانيا من أصولها المجمدة
  • موسكو تحذر أوروبا من عواقب تمويل أوكرانيا بأصول روسية
  • روسيا تُحذر من أي إجراءات أوروبية ضد الأصول الروسية المجمدة
  • روسيا: مستعدون لمعالجة جذور الأزمة في أوكرانيا