سرايا - كشفت أوساط سياسية في تل أبيب أن «مؤتمر القدس» لإعادة الاستيطان في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، هو إجراء ضمن سلسلة إجراءات، أعدّها قادة المستوطنين في الضفة الغربية بدعم جهات متطرفة في الولايات المتحدة. وبموجب هذه الإجراءات تم إعداد مجموعة عائلات جاهزة «لاستغلال أول مناسبة يقع فيها حدث مأساوي» لإقامة بؤر استيطان على الأرض.



وقالت مصادر عليمة لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إن مؤتمر «العودة إلى غزة»، الذي عُقد في القدس، يوم الأحد، كان «طلقة البداية» لخطوات يخطط المستوطنون لتنفيذها في الأشهر القريبة المقبلة، فيما يشبه مخططات إقامة البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية.

وبادرت إلى هذا المخطط حركة «نِحالا» في عام 2005، رداً على الانسحاب من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، وهدفها توسيع وتعزيز الاستيطان اليهودي في "أرض إسرائيل الكاملة" (فلسطين) وإفشال أي مخطط لإقامة دولة فلسطينية.

وتبين أن شخصيتين مؤسستين للحركة، هما دانييلا فايس والحاخام موشيه ليفنجر، قد عقدا خلال الحرب على غزة ثلاثة مؤتمرات محلية تمهيداً لمؤتمر القدس، والتقيا عشرات أعضاء الكنيست والوزراء من مختلف الأحزاب لتجنيدهم لصالح تنفيذ مخطط الاستيطان في قطاع غزة، وتمكنا من إقامة لوبي في الكنيست (البرلمان) ضم 12 وزيراً و16 عضو كنيست شاركوا في مؤتمر القدس.

عائلات غلاف غزة
كما عملا، في ذات الوقت، على تجهيز عائلات يهودية مستعدة للاستيطان في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، أغلبها عائلات من البلدات اليهودية في غلاف غزة وحتى أسدود شمالاً. وتم تزويد هذه العائلات بحقائب ومعدات تؤهلها للانتقال في وقت سريع للسكنى في بؤر استيطانية في اللحظة المناسبة التي، في نظرهم، هي استغلال حدث مأساوي يقع في مكان ما مثل عملية مسلحة أو عملية تفجير، أو حتى حدث حزبي مثل إقالة الحكومة، أو سياسي مثل عملية مفاوضات سلمية.

كما يقضي المخطط بعدم نقل مستوطنين من الضفة أو الجولان إلى القطاع، وإنما جلبهم من مختلف أنحاء "إسرائيل"، خاصة من جنوبها، للاستيطان في القطاع، مع التركيز على عائلات كانت تعيش في مستوطنات غزة وتم إخلاؤها بقرار حكومة أرئيل شارون في 2005.

وعُقدت لهذه الغاية اجتماعات في أسدود وسديروت، تخللها إبحار بقوارب مقابل شواطئ قطاع غزة. وبحسب فايس، فإن «التجربة التاريخية تدل على أن هذه الأمور تحدث بسرعة، وأحياناً بسرعة فائقة، مثلما حدث في حالة البؤرة الاستيطانية العشوائية إفياتار، حين وقعت عملية إرهابية وكان ردنا عليها إقامة بؤرة الاستيطان في إفياتار».

وتابعت الصحيفة أن العائلات التي عبرت عن موافقتها على الاستيطان في القطاع تجري نقاشات فيما بينها، وتوزع خيام ومعدات للإقامة في بؤر استيطانية داخل القطاع. وتخطط «نحالا» لمكوث هذه العائلات في منطقة غلاف غزة كي تكون «مستعدة للانطلاق إلى نقاط الاستيطان» داخل القطاع. وبالفعل، باشرت بعض هذه العائلات القيام بجولات في غزة من الآن، تحت حماية الجيش بذريعة «الصلاة في نقطة معينة».

«شخصية قوية» في الليكود
ووصفت الصحيفة داغان بأنه «شخصية قوية» في حزب الليكود، الذي يتزعمه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وقد تمكن من إقناع أعضاء كنيست، ليس من الليكود فقط، في تحويل البؤرة الاستيطانية العشوائية «حوميش» إلى مستوطنة «شرعية». ويعتزم داغان وفايس «غرس فكرة الاستيطان في قطاع غزة في صفوف المشرعين والرأي العام "الإسرائيلي"، كي يتمكنا لاحقاً من دفع قوانين تدعم إقامة المستوطنات، وبينها إلغاء قانون فك الارتباط»، الذي تم سنه لدى تنفيذ خطة الانفصال، في عام 2005.

ويوجه قادة المستوطنين رسائل بالروح نفسها باللغة الإنجليزية إلى الولايات المتحدة، وحرصوا على أن يحضر مؤتمر «العودة إلى غزة» ممثلون عن وسائل إعلام أجنبية كثيرة، فيما أجرى داغان مقابلات عديدة مع وسائل إعلام أميركية.

وأشارت الصحيفة إلى أن «المستوطنين يعرفون كيف يربطون مؤيديهم الأميركيين مع مبادراتهم، وهذا ما حدث خلال ولاية الرئيس السابق، دونالد ترمب عندما وصل مستوطنو الخليل إلى واشنطن بوساطة السفير الأميركي الأسبق لدى ""إسرائيل"، ديفيد فريدمان.

ردود فعل سلبية
يذكر أن مؤتمر استيطان غزة أثار ردود فعل سلبية واسعة في "إسرائيل"، خصوصاً بعد الانتقادات الأميركية والأوروبية الحادة. وجوبه كذلك بانتقادات حتى في أوساط اليمين "الإسرائيلي"، خاصة حزب الليكود الذي شارك نصف وزرائه وربع نوابه في المؤتمر.

وقال بعض قادته لوسائل الإعلام العبرية إن «الليكود لم يعد ما كان عليه، حزب اليمين الليبرالي المحترم، وأصبح الصهيونية الدينية ب». وتنبأ بعضهم أن يؤول الليكود إلى نفس مصير حزب «العمل»، الذي أسس الحركة الصهيونية وقادها ثم أسس "إسرائيل" بوصفها دولة وقادها حتى سنة 1977، ومنذ ذلك الوقت وهو يضمحل. واليوم له 4 مقاعد فقط في البرلمان، وتشير الاستطلاعات إلى أنه إذا خاض الانتخابات لوحده فلن يعبر نسبة الحسم.

لكن الأهم هو ما يقولونه عن تبعات هذا المؤتمر في الساحة الدولية. أحد قادة الليكود قال للصحف العبرية: «أشد ما أخشاه هو أن ينتبه الفلسطينيون إلى وقائع هذا المؤتمر فيأخذوها ويوثقوها ويرسلوها إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي. فالوزراء والنواب والحاخامات وقادة المستوطنات الذين تكلموا هناك، رددوا مواقف تجعل من السهل البرهنة على أن المؤتمر عزز الخطاب "الإسرائيلي" (العنتري) الذي بسببه اتهمت "إسرائيل" في المحكمة بالعمل على إبادة شعب. وبما أن العديد من المتكلمين في المؤتمر هم وزراء ونواب في الائتلاف وبما أن الجمهور كان يهتف (ترحيل ترحيل)، فمن السهل البرهنة على أن المؤتمر هو نشاط حكومي يدعو إلى الإبادة».
 
إقرأ أيضاً : هل تتحوّل رفح لبنت جبيل 2006؟ .. الناطق العسكريّ السابق: نحن عالقون بغزّة والانتصار الحاسم كذبٌ مطلقٌ إقرأ أيضاً : على ماذا وافقت (إسرائيل)؟ .. تفاصيل جديدة بشأن المفاوضات الجارية في العاصمة القطرية بشأن هدنة غزة 


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الضفة الغربیة الاستیطان فی فی قطاع غزة على أن

إقرأ أيضاً:

قادة يهود أوروبا: دعم إسرائيل أصبح عبئا ومعاداة السامية تتآكل

في أجواء يخيّم عليها القلق والتحذير، اجتمع نحو 150 من القادة اليهود وقادة المجتمع الأكاديمي ومناصري إسرائيل في العاصمة الإسبانية مدريد، يوم الاثنين الماضي، ضمن مؤتمر سنوي استثنائي نظمه "الاتحاد الأوروبي للشؤون اليهودية" (إيه جيه إيه)، لمناقشة ما وصفوه بـ"العودة الخطيرة لمعاداة السامية في أوروبا"، على خلفية حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

تحت عنوان "البناء أو المغادرة"، افتتح المؤتمر بعرض مرئي وثق ما زعم أنه هجمات معاصرة ضد الإسرائيليين في الجامعات والشوارع الأوروبية. واعتبر القائمون على الحدث أن هذه الموجة لم تعد حوادث متفرقة، بل تحوّلت إلى "حالة طوارئ معاصرة"، وفق وصف الحاخام رابي مناحيم مارغولين، رئيس الاتحاد، الذي قال في كلمته الافتتاحية إن "عبارة المحرقة لن تتكرر أبدا لم تعد شعارا، بل باتت تعبيرا عن أزمة راهنة".

وأضاف الحاخام أن "دعم إسرائيل بات عبئا في بعض الأوساط، ومحاولات فصل معاداة الصهيونية عن معاداة السامية تُستخدم للتغطية على الكراهية" على حد زعمه.

"معاداة السامية" لم تعد أولوية

أحد أبرز محاور المؤتمر كان عرض نتائج استطلاع أجرته مؤسسة "إبسوس" العريقة في الاستطلاعات ذات المصداقية في 6 دول بغرب أوروبا، وخلص إلى أن 82% من المشاركين لا يعتقدون أن مكافحة معاداة السامية يجب أن تكون أولوية لحكوماتهم، كما أفاد 55% بوجود تحوّل سلبي في نظرة مجتمعاتهم للإسرائيليين منذ بدء الحرب في غزة، في حين حمّل نحو نصف المشاركين وسائل الإعلام مسؤولية التأثير السلبي على صورة الإسرائيليين.

إعلان

وعلّق مارغولين على النتائج بالقول: "حين لا يرى 80% من الأوروبيين في معاداة السامية مشكلة، فلا عجب أن القادة لا يتحركون". وأضاف أن الاتحاد سيعمل على "زعزعة هذا الصمت"، من خلال جهود قانونية وضغوط سياسية وإعلامية. ودعا الحاخام إلى توحيد صفوف المنظمات اليهودية "بعيدا عن السياسات والخلافات الداخلية".

الحاخام مارغولين اعتبر أن محاولات فصل معاداة الصهيونية عن معاداة السامية تُستخدم للتغطية على الكراهية، على حد زعمه (مواقع التواصل) الجامعات.. ساحة جديدة لعداء إسرائيل

خلال المؤتمر، تحدّث مشاركون عن شعور متزايد بالنبذ في الجامعات الأوروبية، حيث قالوا إن محاضرين وطلابا إسرائيليين يتعرضون للإقصاء وكتابات عدائية على الجدران (دون أن يذكروا أن هذه الشعارات في مجملها كانت ضد الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين)، إضافة إلى ما وصفوه بـ"ازدراء صامت" من قبل إدارات أكاديمية. وأشاروا إلى أن مفاهيم مثل "الاستعمار الاستيطاني" و"المقاطعة" تُستخدم لتبرير الإقصاء أو "تمييز اليهود"، بحسب وصفهم.

وقال شلومو داهان، رئيس الدائرة القانونية في الاتحاد، إن الحوادث المعادية للإسرائيليين "ارتفعت بمئات النسب المئوية" منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، موضحا أن "الكثير من الإسرائيليين باتوا يتخفّون، لا يلبسون الكيبا (غطاء الرأس الديني) ولا يُظهرون نجمة داود".

وأكد أن الاتحاد يتلقى عشرات الاستفسارات يوميا من مجتمعات يهودية في أوروبا، ويعمل مع الشرطة والادعاء لمحاكمة المعتدين، مشيرا إلى منظمات بعينها مثل "مجموعة العمل الفلسطينية" التي وصفها بأنها "تنشط بعنف ضد مواقع إسرائيلية في مانشستر وبلجيكا".

كما أثار داهان قضايا قانونية أخرى تمس المجتمعات اليهودية، مثل الاتجار بتذكارات نازية عبر الإنترنت وفرض قيود على طقوس الذبح الديني (الكوشر)، متسائلا: "حين تُباع تذكارات نازية بملايين اليوروهات، هل هذه حرية تعبير أم إهانة للضحايا؟".

إعلان

انتقادات للمجتمع الدولي

في ختام المؤتمر، عبّر الحاخام مارغولين عن قلق بالغ من الوضع القائم في أوروبا، قائلا: "قبل 6 أشهر كنت في بولندا وقلت: لو لم أكن حاخاما، لغادرت أوروبا. وأنا ما زلت على هذا الرأي". وأضاف أن إسرائيل تبقى المكان الذي يحظى فيه اليهود بـ"تعليم واضح وثقافة يهودية وأمن مجتمعي" على حد قوله.

ورأى مارغولين أن النضال يجب أن يستمر عبر أدوات مختلفة، لا سيما القانونية منها، مشيرا إلى أن "بعض القضاة لا يعترفون حتى الآن بأن معاداة السامية جريمة، لذلك نطالب بقضاة يفهمون خطورة المشكلة". وختم بالدعوة إلى "توحيد كل المنظمات اليهودية في أوروبا وإسرائيل، بعيدا عن الخلافات الشخصية والسياسية".

وكان من بين المشاركين البارزين، الكاتب البريطاني اليميني دوغلاس موراي، الذي انتقد السياسة الغربية تجاه إسرائيل قائلا: "لا أحد يهتم بالإسرائيليين أكثر من إسرائيل نفسها. وكل ما دون النصر هو هزيمة".

كما حذّر الأكاديمي الإسرائيلي جيرالد شتاينبرغ من "النفوذ المتزايد لمنظمات حقوق الإنسان الدولية"، معتبرا أنها "لم تعد تدافع عن حقوق الإنسان" على حد زعمه، داعيا إلى "نزع الشرعية عنها وقطع تمويلها"، وفق رأيه.

واختُتم المؤتمر، بينما ظلت حالة القلق العميقة تجاه التغييرات في البيئة الأوروبية ضد إسرائيل تراود الحاضرين دون أن يلتفتوا إلى الأسباب الحقيقية وراء ذلك، وهي الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ عربية، وما يتبع ذلك من مجازر وإبادة جماعية ترتكبها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين المطالبين بالحرية سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية وما نتج عنها من استشهاد وإصابة أكثر من 170 ألف فلسطيني.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تدعو إسرائيل إلى إنهاء عمليات القتل العبثية في الضفة الغربية
  • عائلات الأسرى تحذر نتنياهو من "إهدار فرصة" التوصل إلى صفقة
  • ما الذي قاله السفير الأمريكي في “إسرائيل” بعد خروجه من الملجأ
  • في الذكرى الـ 77 للنكبة.. يهود يجددون رفضهم لإقامة إسرائيل
  • سقوط أكثر من 100 شهيد في هجمات إسرائيلية جديدة على قطاع غزة 
  • في الذكرى 77 للنكبة.. يهود يجددون رفضهم لإقامة إسرائيل
  • السيد القائد: العدوان الهمجي الوحشي الإجرامي الذي يقوم به العدو الإسرائيلي على قطاع غزة يعتمد على الدعم الأمريكي والغربي (إنفوجرافيك)
  • استشهاد 214 صحفيا فلسطينيا خلال حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة
  • استنفار أمني واسع في إسرائيل عقب عملية إطلاق نار في الضفة الغربية
  • قادة يهود أوروبا: دعم إسرائيل أصبح عبئا ومعاداة السامية تتآكل