باعتبارها إحدى أهم أدوات امتصاص غاز ثانى أكسيد الكربون الذى يُسهم بنسبة 63% فى غازات الاحتباس الحرارى المسبِّبة للتغيّرات المناخية، تلعب الأشجار والغابات دوراً مهماً فى مواجهة التلوث والتغيّرات المناخية وما يصاحبها من ارتفاعات غير مسبوقة فى درجات الحرارة، حسب دراسة لقسم بحوث الأشجار الخشبية والغابات بمعهد بحوث البساتين.

«بهنسى»: يمكن زراعتها كأحزمة واقية ومصدات رياح

فالغابات، حسبما يقول د. مجدى بهنسى، باحث أول بقسم بحوث الغابات والأشجار الخشبية بمعهد بحوث البساتين، تشغل نحو 31٪ من مساحة الأراضى الإجمالية على ظهر الكوكب، وتعتبر من أهم عناصر الاتزان البيئى، وأكبر مخزن للكربون، وذلك رغم تعرّضها لحرائق تؤثر سلباً على هذه المخزونات، كما تولى جميع دول العالم اهتماماً كبيراً بما يُعرف بـ«التشجير الطولى»، الذى يشمل تشجير الطرق والترع والمصارف وشوارع المدن والريف، حيث تتمتّع الأشجار بتكوين كتلة حيوية هائلة تختزن كميات كبيرة من الكربون تصل إلى مئات السنين دون إطلاقه للطبيعة مرة أخرى.

وتضيف رئيس قسم بحوث الأشجار: من بين مئات الأنواع الشجرية الموجودة على ظهر الكوكب، تتميز الأنواع ذات الأعمار الطويلة، التى تصل إلى مرحلة النُّضج فى مدة زمنية طويلة، مثل الصنوبريات، بإعطاء كتلة حيوية كبيرة متمثلة فى الساق الرئيسى للشجرة (الجذع)، مقارنة بباقى أجزاء الشجرة (أفرع وأوراق وأزهار وثمار)، ولذا فإن اختيارنا للأشجار يتحدّد طبقاً للغرض من زراعتها.

وتضيف: فى مصر يمكننا زراعة أشجار الصنوبريات فى الغابات التى تُروى بمياه الصرف المعالجة أولياً بالصحراء فى شمال ووسط الجمهورية، وذلك كمخزونات جيّدة للكربون، للمساهمة فى خفض درجات الحرارة، بالإضافة إلى اعتبارها مخزوناً جيداً للأخشاب، كما يمكننا زراعتها كأحزمة واقية ومصدات رياح مع الأنواع الشجرية الأخرى فى مناطق الاستصلاح الجديدة للعمل على خفض درجة الحرارة صيفاً بمقدار 3 - 5 ºم، ورفعها شتاءً بمقدار 2 - 4 ºم، مع رفع درجة الرطوبة النسبية بمقدار 2 - 4٪، وتقليل كمية مياه الرى بنحو 2 - 4٪، مع الحفاظ على التربة من التعرية، وزيادة المحصول بنسبة من 5 - 35٪.

وفى السياق نفسه، تشير الدكتورة سحر على شربينى، الباحث بقسم بحوث الأشجار إلى أن تشجير المدن والريف من أهم عناصر التشجير التى تهتم بها القيادة السياسية فى مصر من خلال تفعيل المبادرة الرئاسية «زراعة 100 مليون شجرة»، مشيرة إلى أملها فى أن تصل نسبة التشجير فى المدن إلى ما لا يقل عن 30٪.

الأشجار فى المناطق الحضرية فى الولايات المتحدة تُقلل استهلاك الطاقة السكنية بنسبة 7.2٪ سنوياً

ولفتت إلى أنه فى المدن يحدث ما يُسمى بـ«الجزر الحرارية الحضرية»، وهو فرق درجة الحرارة الملحوظ بين المناطق الريفية والحضرية المجاورة، وذلك نتيجة زيادة استخدامات وسائل الحياة الأكثر تمدّنا من المبانى المكيّفة والإضاءة الاصطناعية والمساحات المرصوفة المصنوعة من الخرسانة والأسفلت والطوب والبلاط، والتى تمتص الأشعة الشمسية قصيرة الموجة أثناء النهار، ويعيد إشعاع الأشعة ذات الموجة الطويلة فى الليل، مما يزيد درجات حرارة الهواء ليلاً.

وفى المقابل، كما تضيف الدكتورة سحر شربينى، فإن الأشجار تعمل على تبريد الأسطح من خلال التظليل، إضافة إلى إزالة الحرارة الكامنة من خلال البخر، كما أن الأشجار تُقلل كمية ضوء الشمس التى تمتصها البنية التحتية، مثل المبانى والأرصفة، وبالتالى تُقلل كمية الطاقة التى يُعاد إشعاعها فى البيئة المحيطة، كما أن دراسة حديثة أوضحت أن تأثير التبريد الناتج عن التظليل من الأشجار أكثر أهمية من تأثير التبخر.

وتشير التقديرات إلى أن الأشجار فى المناطق الحضرية فى الولايات المتحدة تُقلل استهلاك الطاقة السكنية بنسبة 7.2٪ سنوياً وتؤدى إلى تخفيض 38.8 مليون ميجاوات ساعة من الكهرباء (بما قيمته 4.7 مليار دولار)، ويؤدى تقليل الأحمال الحرارية المشعة من خلال الظل من مظلات الأشجار إلى تحسين الراحة الحرارية للإنسان ويمكن أن يكون لها تأثير إيجابى على الصحة العامة.

وأكدت د. سحر شربينى، فى هذا السياق، أن درجة الحرارة فى الأماكن المشجرة تقل بنحو 12 - 15 ºم عن الأماكن غير المشجرة، ودرجة الحرارة تحت ظل الأشجار تقل بنحو 11 - 25 ºم عن المكان المكشوف فى المساحة نفسها، وفى الوقت نفسه نجد أن الأشجار تحجز كميات كبيرة من العوالق والملوثات فى الجو، مما يساعد على تلطيف الجو، وتنقيته، ولذا نشعر بانخفاض درجة الحرارة أكثر.

ومن أهم الأشجار التى تصلح لهذا الغرض، حسبما تضيف «شربينى»، أشجار السرسوع والزنزلخت والبوانسيانا والبلتفورم وأبوالمكارم وغيرها من الأشجار التى تعطى الظل مع جمال المنظر وإعطاء أزهار مبهجة، وهو ما يوفّر علينا فاتورة العلاج جراء الأمراض التى لها علاقة بالإجهاد الحرارى، والتى قد تؤدى فى بعض الأحيان إلى الوفاة. مع توفير الطاقة اللازمة لتكييف الجو، وتقليل صيانة الطرق والمحافظة على الأسفلت وتقليل استهلاك إطارات السيارات، وأيضاً توفير المأوى لكثير من الكائنات الحية، بما يحافظ على التنوع الحيوى.

 

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأشجار الغابات البيئة التغيرات المناخية درجة الحرارة الأشجار ت من خلال التى ت

إقرأ أيضاً:

جامعة أسيوط تنظم ندوة تثقيفية حول "التكيف مع التغيرات المناخية"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ينظم مركز الدراسات والبحوث البيئية، ندوة تثقيفية حول "التكيف مع التغيرات المناخية .. مكافحة التصحر وإدارة المياه"، تحت رعاية الدكتور أحمد المنشاوى رئيس جامعة أسيوط، وإشراف الدكتور محمود عبدالعليم نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة،  وتنظيم الدكتور أحمد حمزة حسيني أستاذ هندسة القوى الميكانيكية بكلية الهندسة، ومدير المركز، والدكتور عاطف القرن أستاذ الأمراض الصدرية بكلية الطب، وذلك يوم الأربعاء المقبل، بمركز المؤتمرات بالقاعة الثمانية بالمبنى الإداري.

أكد الدكتور أحمد المنشاوي، أن الندوة تهدف إلى زيادة الوعي بالمخاطر التي تؤثر على البيئة نتيجة لتغير المناخ، وأساليب التكيف مع التغيرات المناخية، مؤكدًا أن جامعة أسيوط تحرص على الاحتفال باليوم العالمى للبيئة؛ لدعم جهود الدولة في التصدي لمشكلات البيئة والتغير المناخي، وتشجيع البحث العلمي في مجال الاستدامة والحفاظ على البيئة، والحد من تأثيرات التغيرات المناخية، في إطار تكامل خطة الجامعة التعليمية والبحثية مع أهداف التنمية المستدامة، ورؤية مصر 2030.

من جانبه؛ أكد الدكتور محمود عبدالعليم؛ أن الندوة تعقد في إطار مواصلة جامعة أسيوط موسمها الثقافي البيئي، من خلال تنظيم عدد من اللقاءات والأنشطة والفعاليات؛ لمناقشة أهم القضايا المطروحة على الساحة، وإقامة ندوات وورش عمل ومسابقات بحثية على مستوى الطلاب والأساتذة حول قضايا تغيرات المناخ، مشيرًا إلى أن جامعة أسيوط تتخذ خطوات نحو حياة وبيئة عمل أكثر استدامة للمجتمع الجامعي.

يناقش المتحدثون في الندوة موضوعات عن التغيرات المناخية وكيفية حدوثها، والآثار الجانبية والتغلب عليها، والوضع الحالى فى مصر ؛وذلك تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة واتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ.

  جدير بالذكر، إن مركز الدراسات والبحوث البيئية، يقدم عدد من الأنشطة البحثية التطبيقية للحد من تحديات تغير المناخ في إطار تكامل خطة الجامعة التعليمية والبحثية مع رؤية مصر الاستراتيجية وأهداف التنمية المستدامة.

مقالات مشابهة

  • جامعة أسيوط تنظم ندوة تثقيفية حول التكيف مع التغيرات المناخية
  • جامعة أسيوط تنظم ندوة تثقيفية حول "التكيف مع التغيرات المناخية"
  • جامعة أسيوط تنظم ندوة تثقيفية حول «التكيف مع التغيرات المناخية»
  • كيف تقرأ سلطنة عمان المتغيرات المناخية وتستعد لصون ثرواتها البيئية؟
  • نصائح مهمة لترشيد استهلاك التكييف من الكهرباء
  • فنلندا تسجّل درجات الحرارة غير مسبوقة في مايو
  • "بحوث الفلزات" يبحث تعزيز التعاون الدولى فى مجال الطاقة الشمسية
  • موجات الحر تجتاح العالم والظواهر الجوية تُهدد البشرية (شاهد)
  • تحذيرات من تغير المناخ.. موجات الحر تجتاح العالم وظواهر جوية تهدد البشر
  • درجات الحرارة بعدد من المدن اليوم.. القاهرة تسجل 34