اختفاء بلدة في سويسرا من الخريطة بسبب حادث غير مسبوق
تاريخ النشر: 30th, May 2025 GMT
اختفت قرية بلاتن في جنوب سويسرا من الخريطة قبل يومين، وذلك بعد حادث بيئي غير مسبوق عاشته المنطقة، والذي حذر عدد من الخبراء من احتمال حدوثه في دول أخرى بينها فرنسا.
ففي يوم الأربعاء، دفنت معظم بلدة بلاتن في قاع الوادي، بعد انهيار كتل هائلة من الجليد والصخور من وادي بيرش الجليدي، بسمك عشرات الأمتار وطول نحو كيلومترين، كما صرحت بذلك السلطات السويسرية التي كانت قد بادرت بإخلاء سكان البلدة منذ يومين قبل الكارثة.
وقد غطت أطنان من الجليد والصخور البلدة المنكوبة، ونقلت صحيفة لوباريزيان الفرنسية عن الخبير البيئي الفرنسي رافائيل لودوفيك قوله إن حدثا بهذا الحجم الهائل يلاحظ أحيانا في سلسلة جبال الهيمالايا أو الأنديز، لكن ليس في جبال الألب.
Breaking:
A glacier collapse has buried the Swiss village of Blatten under mud. ????
The Lonza River is dammed and large parts of the town have been evacuated.
Tragic — but thanks to early warnings from scientists, lives were likely saved.#Switzerland #Blatten #ClimateCrisis… pic.twitter.com/ryxn8NlALL
— The Curious Quill (@PleasingRj) May 29, 2025
وأضاف لودوفيك أن أنظمة المراقبة لاحظت منتصف الشهر الجاري وجود تشوه في الجانب الصخري وشقوق واسعة في قمة الجبل، وحدوث انهيارات جزئية.
إعلانوذكرت لوباريزيان أنه تم استدعاء الجيش وقوات الدفاع المدني تحسبا لوقوع كارثة ثانية مماثلة، ونقلت عن رافائيل مايوراز، مسؤول إدارة المخاطر الطبيعية في الكانتون السويسري قوله: "هناك انسداد بطول نحو كيلومترين على نهر لونزا، يشبه الجبل، وهذا بطبيعة الحال يشكل بحيرة صغيرة تكبر تدريجيا".
وأضاف متحدث باسم السلطات السويسرية أن "التحدي يتمثل في تراكم المياه والصخور في النهر، والذي قد يؤدي إلى حدوث طوفان طيني".
لهذا يوضح لودوفيك أنه مع ذوبان الثلوج، ستتدفق كميات كبيرة من المياه، وسيتعين على السلطات التحرك بسرعة لتصريف هذه البحيرة باستخدام الأنابيب والمضخات لمنع تدفق الوحل إلى الوادي.
وقالت لوباريزيان إن السلطات بدأت بالفعل تصريف السد الاصطناعي كإجراء وقائي لاحتواء المياه التي احتجزها جدار الجليد والتراب والأنقاض.
ومع ذلك، إذا فاضت المياه، قد يكون من الضروري إخلاء الوادي، علما أن البحيرة التي أوجدها الانهيار الكبير تواصل النمو ساعة بعد ساعة وهو ما يهدد بوقوع فيضانات في المناطق السفلى، توضح لوباريزيان.
أما سبب وقوع هذه الكارثة، فيؤكد الخبراء أنه مرتبط بآثار التغير المناخي على جبال الألب، وتكوّن ما يعرف بـ"تدهور الجليد الدائم" في عمق الجبل.
ولا يستبعد الخبراء وقوع كوارث مماثلة في فرنسا، وقد أكد لودوفيك أنهم لاحظوا حالات من عدم الاستقرار الصخري في جبال الألب، علما أنه قد سجل وقوع انهيار ضخم في جبل بوري في سلسلة فانويز في نوفمبر/تشرين الثاني مما تسبب في انهيار جبلي بحدود 1.5 كيلومتر، وجرف عشرات الأطنان من الصخور.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
حرية الصحافة بين التدجين والفوضى
مايو 31, 2025آخر تحديث: مايو 31, 2025
أسماء محمد مصطفى
إذا سأل سائل: هل توجد حرية صحافة في العراق؟ يمكن القول إنّ ما تشهده الصحافة العراقية ــ في الجانب المعوَّل عليه منها ــ هو ومضات ومحاولات للحرية يقوم بها صحافيون مغامرون قلّة، في ظل واقع باهت ومتقلب للصحافة التي تحوّلت إلى صدى بدلاً من أن تكون صوتاً هادراً، بسبب أمزجة القوى المتناحرة على السلطات. فإذا كان الصحافي التابع يكتب ما تمليه عليه تلك السلطات والأحزاب ويُلمّع صورتها، متحوّلاً إلى وسيلة دعائية لها، فإن الصحافي غير التابع يتنفس تحت الماء، ويتحرّك في مساحة ضيّقة من الحرية المتذبذبة بين الخوف والرقابة والتهديد المباشر أو غير المباشر، حريصاً على اختيار القضايا التي، وإن كانت تنطوي على جرأة، إلا أنها تُبقيه في وضع آمن؛ أي إنه لا يقترب مما هو فوق الخطوط الحمر التي قد يتعرّض بسببها إلى تهديدات تؤدي إلى طرده من العمل أو تهدّد حياته. وهذا بسبب غياب الحماية القانونية له، مما دجّن الصحافة، وحرَمها من الاستقلال، وحوّلها إلى وظيفة روتينية مرهونة بالسلطات الأعلى منها، بدلاً من أن تكون مهنة البحث عن الحقائق لا عن المشاكل فحسب.
وإذا كانت هناك منصات وصحافيون ينتقدون أداء المسؤولين والمؤسسات، إلا أن المشهد ما زال غير مكتمل لنتفاءل ونقول إن صحافتنا حرّة، لا سيما أن أولئك الصحافيين غالباً ما يكونون خارج نطاق وصول السلطات والجهات المسلحة إليهم، وليسوا داخل العراق بالضرورة.
وحين نتحدث عن حرية الصحافة، فإننا نؤكد أنها لا تعني الصحافة الفوضوية التي تعتاش على التضليل، وكيل الشتائم للمسؤولين، والتشهير بحياتهم الشخصية، ونشر الإشاعات حولهم، وإثارة الفضائح لمجرد الإساءة، بل تعني الحرية المسؤولة التي تُشخّص مواضع الخلل في أداء المسؤولين والمؤسسات، وتبحث في قضايا الفساد الإداري والمالي، وتعمل على إيصال قضايا الناس الحرجة والملحّة إلى أصحاب الشأن، وتقوم على التحقّق من المعلومات بدقة، وأمانة نقلها، واحترام كرامة الأفراد، وفصل الرأي عن الخبر، والتوازن والحياد في التغطية، والعمل وفق أخلاقيات المهنة، لا وفق أجندات خفية.
إن السلطة الرابعة ليس لها وجود فعلي في العراق وسط اختلال العلاقة بين السلطات الثلاث التي تأتي بها المحاصصة، وهي: السلطة التنفيذية المتمثلة بالحكومة العاجزة عن مواجهة الفساد بسبب التوازنات الحزبية والضغوط الخارجية، والسلطة التشريعية (البرلمان) التي تعمل من أجل مصالح كتلها السياسية التي جاءت بها، لا من أجل الشعب، والسلطة القضائية التي يتحدث البعض عن شكوك حول استقلاليتها في إصدار القرارات، لا سيما المتعلقة بالأحزاب السياسية أو أصحاب النفوذ.
إذن، الصحافة الحرة المسؤولة تحتاج إلى مناخ تنمو فيه، وسط حماية قانونية، وميثاق مهني يتضمن ضوابط العمل الصحافي الحرّ الحقيقي، ويحفظ حقوق جميع الأطراف، فتزدهر الحرية في ظله، وتتمكن من بناء وعي جماهيري بعيداً عن الفوضى والتضليل.