“داعش” ليس أداة استخباراتية
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
ممدوح المهيني*
رغم أن «داعش خراسان» أعلن أنه خلف العملية الإرهابية في ضواحي موسكو، فإن هناك من ينفي ذلك! الإرهابيون الجناة يقولون إنهم من خطط للعملية ونفذها، والمعارضون يقولون لا!
يذكرني هذا بالتبريرات الغربية التي يقولها بعض المفسرين لإرهاب «القاعدة» سابقاً وحتى الآن، حيث يقول قادة «القاعدة» ومنظروها إنهم مؤمنون بآيديولوجية تكفيرية هي من تحركهم وتجعلهم يضحون من أجلها ويكفّرون حتى المقربين منهم، ولكنّ المنظرين في الغرب يرددون أن سبب «11 سبتمبر/ أيلول» وغيرها هو التوسع الأميركي والإمبريالية الحديثة وهجوم الحداثة على مجتمعات ترفضها.
وآخر الأعذار الجديدة هو أن «داعش» أداة استخباراتية، وهناك بعض المخبولين على وسائل التواصل من يقول إن الرئيس أوباما هو مؤسسه. وهم يرددون بذلك تصريحات ترمب التبسيطية الكيدية الذي يتهم أوباما بأنه خلف «داعش»، وهو يقصد أن انسحابه من العراق خلق فراغاً ملأه «داعش»! وفي كلا الحالتين الأمر غير صحيح، فجماعة «داعش» أعلنت ذلك في بيانها الأخير، وبينت أن دوافعها نتيجة تفكير متطرف أولاً وآخراً، وقد تلجأ دول أو منظمات لاستخدامها، لكن سبب تشكلها ونشوئها هو فكر متطرف، ونهايتها يقضي بنهاية الفكر المتطرف الذي بث فيها الحياة من البداية.
ولكن لماذا اختلاق مثل هذه الأعذار؟ هناك أصحاب نيات طيبة ينخدعون بمثل هذه الدعايات ولا يريدون إلصاق التهم بالإسلام لهذا يبحثون عن تبرير يريحهم. ولكن الإسلام كدين عظيم بريء من هذه الاتهامات، وهناك فرق كبير بين الفكر المتطرف والدين الإسلامي، ولكن، للأسف، أصبح يُنظر لهما كشيء واحد. الإشكالية أن خطاب الكراهية ساد لعقود وربما قرون، وخلق هذه البيئة الحاضنة التي جعلت المتطرفين يختطفون الدين ويتحدثون باسمه وكأنه ملك لهم، ويخرجون منهم من يريدون ويستخدمونه أداة للتحريض والتجنيد. ولهذا شهدنا في العقود الأخيرة فقط كماً كبيراً من التنظيمات الإرهابية السنية والشيعية مثل «القاعدة» بفروعها لـ«داعش» بتقسيماته إلى «حزب الله» و«عصائب الحق»، كلها قامت عملياً باختطاف الدين وتكفير غيرهم لفظياً، أو الإجهاز عليهم بالأحزمة الناسفة أو السيارات المفخخة. إنها أزمة فكر متطرف، ولنتذكر أن روسيا تعرضت لهذه المذبحة الدموية، ولكن الدول المسلمة هي أكثر من تعرض لهجمات المنظمات الإرهابية، وأبناؤها هم الضحايا، سواء كانوا القتلة أو المقتولين. تحول فتى مسالم إلى وحش عديم القلب خلال سنوات قليلة هي مسؤولية المجتمع ولا يمكن أن يلقى اللوم عليه لوحده. لو عاش في بيئة تغرس فيه منذ صغره، في البيت والمدرسة والمسجد والتلفزيون، قيم التسامح والعقلانية وفهم الجوهر الإنساني لكل الأديان هل يمكن أن يتحول إلى إرهابي؟ بالطبع لا، سيكون إنساناً سوياً متسامحاً صالحاً يحب الخير للبشرية ويعمل لخدمتها (ولخدمة نفسه كما نفعل جميعاً)، ولن يقوم بتفجير نفسه وسط الأطفال أو دهسهم بالشاحنة كالحشرات بحجة أنهم كفار!
ولكن أكثر من يردد هذه الاتهامات بأن «داعش» أداة استخباراتية هم أصحاب النيات السيئة لسبب واضح وبسيط، وهو أنهم لا يريدون محاكمة الفكر المتطرف، ولهذا يقومون بخلط الأوراق. وهم من يقولون في كل مرة إن المنفذين مرضى نفسيون ومختلون، وهذا أيضاً عذر آخر بهدف التشويش بتحويل القضية من قضية فكرية ثقافية إلى قضية صحية! ولكن المرضى النفسيين يذهبون إلى العيادات ولا نراهم ينظمون أنفسهم في جماعات مسلحة حديدية ويحرقون المجمعات ويفجرون المساجد! كل هذه مجرد خدع بصرية وهم يتحدثون الآن عن المواجهة الثقافية مع الغرب وتحويلها إلى وقود لإنعاش الفكر المتطرف وإيجاد الأعذار والمخارج له، ومن المفارقات أن هؤلاء المتطرفين يذهبون إلى الغرب نفسه الذي يمنحهم حرية التعبير، ولكن يستخدمونها للتحريض على الدول التي تتبنى الفكر المتسامح والإنساني الذي يحفظ للإسلام تساميه وروحانيته ويستعيده تدريجياً من يد خاطفيه.
ليس التوسع الأميركي أو غزو الحداثة ولا الاستخبارات ولا الاستعمار أو الإمبريالية أو المواجهة الثقافية مع الغرب. كل هذه مبررات اختلقها المتطرفون المراوغون لإبقاء فكرهم المتطرف على قيد الحياة. الإرهابيون أنفسهم أكثر صراحةً ويقولون إنهم تكفيريون ويستحلون الدماء، لنصدقهم مرة واحدة!
*إعلامي وكاتب سعودي
نقلاً عن: aawsat.com
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: الفکر المتطرف نائب أمیر مارس 2024
إقرأ أيضاً:
نائب أمير منطقة حائل يزور مهرجان “بيت حائل 2025” في نسخته الرابعة
المناطق_واس
زار صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن مقرن بن عبدالعزيز، نائب أمير منطقة حائل، اليوم، فعاليات مهرجان بيت حائل 2025 “البيت بيتكم.. يا بعد حيي” بنسخته الرابعة، وذلك بمتنزّه أجا بارك بمدينة حائل.
وتجوّل سمو نائب أمير حائل فور وصوله مقر المهرجان على أركان وأجنحة الحرفيين والحرفيات، بمشاركة منطقتي عسير وجازان بصفتهما ضيفي شرف للمهرجان، بالإضافة إلى جناح الأكلات الشعبية المتنوعة التي حُضِّرَت بأدوات تراثية تحاكي طابع المهرجان التراثي، مستمعًا لشرح مفصل من رئيس لجنة مهرجان بيت حائل نايف السلحوب، عن البرامج والعروض اليومية المصاحبة للفعاليات.
أخبار قد تهمك نائب أمير حائل يلتقي مديري الجهات الحكومية وأعضاء المجلس المحلي بمحافظة بقعاء 22 يونيو 2025 - 7:46 مساءً أكثر من (22) متسابقًا يشعلون منافسات فئة (شبه المحترفين) في بطولة حائل للدرفت 21 يونيو 2025 - 7:52 مساءًإثر ذلك شاهد سموه عرضًا للفنون الشعبية في أداء العرضة السعودية، ومجموعة من العروض الفنية الأخرى لمنطقة عسير.
وتأتي هذه الفعاليات لدعم وتفعيل مواهب الحرفيين بالمنطقة، وإيجاد فعالية يمارسون فيها أعمالهم أمام الجمهور، وتحقيق عوائد مالية لهم من خلال مبيعاتهم خلال المهرجان، إذ تشتمل على معارض وحرف يدوية وفنون شعبية، بالإضافة إلى فعاليات يومية متنوعة وشاملة للحرف اليدوية والفنون.