في خطوة مفاجئة، أعلنت «قوات الدعم السريع» تأسيس إدارة مدنية لولاية الجزيرة في وسط السودان، مكونة من 31 عضواً، ويترأسها صديق أحمد، وذلك بعدما عمت الفوضى الولاية كثيفة السكان، منذ أن سحب الجيش قواته من قاعدة ود مدني في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وسيطرت عليها «قوات الدعم السريع».

وقالت «الدعم السريع»، في بيان صحافي حصلت عليه «الشرق الأوسط»، إن ما أطلق عليه «مجلس التأسيس المدني» انتخب صديق أحمد رئيساً للإدارة المدنية بولاية الجزيرة، وتم الانتخاب وسط حضور كبير لرموز وقيادات أهلية ومنظمات مجتمع مدني في الولاية.



وتعزز هذه الخطوة مخاوف الكثيرين في السودان من تقاسم الجيش و«الدعم السريع» السلطة المدنية والعسكرية في البلاد، وتحويلها إلى مناطق نفوذ، يحكمها أحد طرفي النزاع، في سيناريو شبيه ببعض الدول في المنطقة.

وإلى جانب ولاية الجزيرة، تسيطر «الدعم السريع» بشكل كامل على ولايات غرب دارفور، وجنوب دارفور، ووسط دارفور، وشرق دارفور، لكنها لم تشكل في تلك الولايات إدارات مدنية، بل أوكلت مهمة الإدارة للقيادة العسكرية التابعة له في تلك المناطق.

حكم فيدرالي
وفور انتخابه، عقد رئيس الإدارة المدنية في ولاية الجزيرة مؤتمراً صحافياً بعاصمة الولاية مدينة ود مدني، تعهد فيه بـ«وضع الأسس المتينة للحكم الفيدرالي رغم التحديات الكبيرة»، وطلب من المواطنين العودة إلى بيوتهم، مستنكراً القصف الذي يستهدف منازلهم من قبل الطيران الحربي التابع للجيش.

ويتكون «مجلس التأسيس المدني» من 31 عضواً يمثلون محليات الولاية المختلفة، اختيروا عبر توافق من «مجتمع المحليات» الذي يترأسه أحمد محمد البشير، ومن صلاحياته انتخاب رئيس الإدارة المدنية. وقال البيان إن الإدارة المدنية الجديدة تعمل على استعادة النظام الإداري وحماية المدنيين وتوفير الخدمات الأساسية بالتنسيق، مع «قوات الدعم السريع» التي تسيطر على الولاية.

ورأى رئيس المجلس التأسيسي المدني أن ما يقومون به «تجربة فريدة»، وناشد المنظمات الدولية بالتعاون لتحقيق أهداف الإدارة المدنية وأهل ولاية الجزيرة للتعاون والعمل من أجل بناء الولاية، داعياً طرفي القتال إلى «اتخاذ قرار شجاع بوقف الحرب».

تجربة جنوب كردفان
ولا تعد تجربة الإدارة المدنية غير التابعة للسلطة المركزية، تجربة جديدة في السودان الذي شهد حروباً أهلية عدة، إذ كانت «الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال»، بقيادة عبد العزيز الحلو، قد فعلت الشيء نفسه في مناطق سيطرتها بولاية جنوب كردفان التي تسيطر عليها منذ أكثر من عقد، وتعدها «منطقة محررة» من سلطة المركز في الخرطوم، وأطلقت عليها «السلطة المدنية للسودان الجديد».

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، تعالت الأصوات المحذرة من انقسام السودان إلى دويلات متحاربة على الرغم من إعلان طرفي القتال تمسكهما بالسودان الموحد. غير أن قائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو المعروف باسم «حميدتي»، كان قد هدد في سبتمبر (أيلول) الماضي، بتشكيل سلطة في المناطق التي تسيطر عليها قواته بما في ذلك العاصمة الخرطوم، وذلك في حال شكل قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، حكومة مدنية في ميناء بورتسودان الذي لجأ إليه بعد خروجه من حصار دام أشهراً في الخرطوم. وخلال الأيام الماضية، ازدادت دعوات ومطالبات بتشكيل حكومة مدنية في بورتسودان من قبل أطراف عديدة موالية للجيش.

ويدير السودان منذ انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وزراء مكلفون من طاقم الخدمة المدنية، بعد فشل قائد الجيش عقب انقلابه على الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في تشكيل حكومة، نتيجة للضغط الشعبي الهائل الرافض للانقلاب، والاحتجاجات المستمرة منذ اليوم الأول للانقلاب.

«الشرق الأوسط»  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الإدارة المدنیة ولایة الجزیرة مدنیة فی

إقرأ أيضاً:

معارك ضارية بين الجيش السودانى والدعم السريع في«الفاشر»

حرق المستشفيات ونزوح الآلاف.. وتحذيرات دولية من الوضع بشمال دارفور

 

حولت أمس المعارك الضارية بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع مدينة الفاشر عاصمة شمال الى مدينة اشباح فى مواجهات هى الأعنف منذ اندلاع القتال فيها قبل نحو شهر بين قوات الدعم السريع والجيش مدعوماً بالحركات المتحالفة معه، فى ظل موجة نزوح كبيرة حولت المدينة الأكبر فى الإقليم. 

واستخدم طرفاً القتال الأسلحة الثقيلة والمسيرات وعمليات القصف المكثف التى أحدثت دماراً كبيراً فى المستشفيات والمنشآت العامة والأحياء السكنية، فى حين يتبادل الطرفان مسئولية التصعيد الخطير.

وتعتبر الفاشر واحدة من أهم المدن الاستراتيجية فى الإقليم الذى يربط حدود السودان بكل من ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى. وحذرت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة من التداعيات الخطيرة المحتملة جراء خروج المستشفيات الرئيسية عن الخدمة.

وعبرت المنظمة فى بيان على صفحتها بمنصة «إكس» عن فزعها الشديد من الهجوم الأخير على مستشفى الجنوب، وهو المرفق الوحيد الذى يتمتع بقدرة جراحية فى المدينة مما يزيد من تقييد الوصول إلى الخدمات المنقذة للحياة.

أشارت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى «التأثير المدمر العميق» على المدنيين نتيجة الاشتباكات بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع فى الفاشر، محذرة من أن السكان والنازحين داخلياً محاصرون فى المدينة ويواجهون خطر المجاعة الوشيك.

وأكد محمد الناير المتحدث باسم حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور أن عشرات الأسر الفارة من القتال فى الفاشر ومناطق أخرى من الإقليم تصل يومياً إلى مناطق سيطرة الحركة عبر الشاحنات والدواب ومشياً على الأقدام، فى ظروف إنسانية قاهرة.

وأوضح «الناير» أن «آلاف الأسر التى وصلت إلى مناطق سيطرة الحركة بجبل مرة تعانى الجوع والأمراض، لا سيما الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن، حيث يموت العشرات يومياً جراء سوء التغذية وانعدام الدواء. إننا أمام كارثة إنسانية حقيقية تستدعى التدخل العاجل من المجتمع الدولى والمنظمات الإنسانية».

وفشلت حتى الآن كل الجهود الإقليمية والدولية والمحلية لوقف القتال فى المدينة، لكن الهادى إدريس، عضو مجلس السيادة السابق قال لموقع «سكاى نيوز عربية» إن إنقاذ المدنيين العالقين يتطلب وجود آلية حل تؤدى إلى خروج طرفى القتال من المدينة.

وطرحت حركات مسلحة محايدة من بينها تحرير السودان- المجلس الانتقالي- التى يرأسها إدريس خطة لتشكيل قوة مشتركة لحماية المدنيين ومساعدة المنظمات الإنسانية لتوصيل المساعدات للعالقين، لكن الخطة لم تنفذ حتى الآن.

انقسمت الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية السلام فى جوبا فى نهاية 2020، عقب الحرب التى اندلعت العام الماضى فى السودان إلى حركات محايدة وهى الغالبية وتقودها حركتا الهادى إبراهيم وأبوبكر حجر، فيما أعلنت ثلاث حركات انحيازها للجيش، وهى مجموعة تتبع لجبريل إبراهيم وزير المالية الحالى ومنى أركى مناوى حاكم إقليم دارفور ومجموعة مصطفى تمبور.

 

 

مقالات مشابهة

  • لجان مقاومة مدني: الدعم السريع تحاصر مدينة العزازي بالجريرة
  • معارك ضارية بين الجيش السودانى والدعم السريع في«الفاشر»
  • «لجان مدني»: الدعم السريع تحاصر مدينة العزازي بالجريرة
  • السودان: إطلاق حملة تطالب بإعادة الاتصالات للجزيرة
  • معارك متفرقة في السودان والأمم المتحدة تحذر من “كارثة لا نهاية لها”
  • أطباء بلا حدود: القتال في السودان يغلق آخر مستشفى في مدينة دارفور
  • "الدعم السريع" تطلق سراح 537 من أسرى الشرطة السودانية
  • السودان.. الجيش يسقط مسيرات للدعم السريع واشتباكات بمناطق متفرقة
  • قوات الدعم السريع تطلق سراح المئات من أسرى الشرطة السودانية
  • السودان: عسكرية الحرب ومدنية الحل