داعش خراسان.. هجوم موسكو تطور نوعي فى هجمات التنظيم المتطرف
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
أكد مسئول فى وزارة الخارجية لإذاعة صوت أمريكا أن الولايات المتحدة جمعت معلومات استخباراتية تشير إلى أن تنظيم "داعش" فى خراسان كان يخطط لهجوم "وشيك" فى العاصمة الروسية، مما أدى إلى تحذير فى وقت سابق من هذا الشهر من السفارة الأمريكية فى موسكو.
وقال المسئول إن المخابرات الأمريكية تشير إلى أن الهجوم المميت الذى وقع يوم الجمعة ٢٢ مارس الجارى كان نتيجة لتلك المؤامرة.
حتى الآن، جاءت ادعاءات المسئولية عن هجوم موسكو من وكالات أنباء تنظيم داعش أو من منافذ إعلامية أساسية أخرى للتنظيم، حيث ذكر أحد البيانات أن الهجوم نفذته شبكة تابعة لتنظيم داعش فى روسيا نفسها.
لكن المسئولين الأمريكيين والغربيين حذروا مرارًا وتكرارًا من نية تنظيم داعش فى خراسان تنفيذ ضربات خارج حدود أفغانستان.
وكان قد حذر وزير الأمن الداخلى الأمريكى أليخاندرو مايوركاس فى أكتوبر الماضي، مستخدما اختصارا آخر للجماعة، من أن "داعش- خراسان لا يزال يحمل نية القيام بعمليات خارجية ويحتفظ بإصدارات إعلامية باللغة الإنجليزية تهدف إلى عولمة المظالم المحلية للجماعة بين الجماهير الغربية".
وفى مايو الماضي، أخبر مدير المخابرات الوطنية الأمريكية المشرعين الأمريكيين أن تنظيم داعش فى خراسان "لا يزال عازمًا على التطلع إلى شن هجمات خارجية"، فى حين حذر مسئولون استخباراتيون آخرون من أن مثل هذه الهجمات قد تحدث فى غضون عام.
كما ألقى المسئولون الأمريكيون باللوم على تنظيم داعش فى خراسان فى تنفيذ الهجوم الإرهابى المميت فى كرمان، إيران، فى يناير الماضي. وشمل ذلك الهجوم تفجيرين مزدوجين أسفرا عن مقتل ما يقرب من ١٠٠ شخص.
وقال مايكل سميث، محلل الإرهاب المتخصص فى عمليات التأثير الجهادي: "بغض النظر عما إذا كان فرع داعش فى أفغانستان مسئولًا عن تنسيق هذا الهجوم، فإن الهجوم يظهر أن داعش لا يزال يمثل تهديدًا عالميًا قويًا".
وقال سميث لإذاعة صوت أمريكا: "يدل هذا أيضًا على عدم وجود استثمارات كافية فى الجهود الرامية إلى حرمان المجموعة من قدرات تنظيم وحشد الهجمات التى توقع أعدادًا كبيرة من الضحايا، بما فى ذلك تلك التى يرتكبها مؤيدون لم يخضعوا لتدريب إرهابى رسمي".
داعش خراسان
ولاية خراسان التابعة لتنظيم الدولة "داعش" والتى اختصارها (ISKP) هى فرع إقليمى لتنظيم الدولة الإسلامية، سُميت على اسم المحافظة التى ينشطون فيها بشكل كبير. بعد هزيمة "داعش" فى عام ٢٠١٩ فى سوريا، اختفى ما تبقى من تنظيم الدولة "داعش" بشكل رئيسى فى منطقة سوريا والعراق، لكن لا يزال لديه بعض المعاقل فى مناطق أخرى. يشكل تنظيم داعش فى ولاية خراسان حاليًا واحدًا من التهديدات الأمنية العابرة للحدود الأكثر إلحاحًا. وبينما تعمل الجماعة من مقاطعة أفغانية لا تخضع لرقابة أجهزة أمنية خارجية، يبدو أن المجموعة تجد نفسها فى وضع مماثل لأفغانستان قبل ١١ سبتمبر.
تم تشكيل تنظيم ولاية خراسان فى عام ٢٠١٤ كمجموعة من المنشقين عن الجماعات بما فى ذلك تنظيم القاعدة وحركة طالبان ومقاتلى طالبان السابقين من أفغانستان وباكستان. وفى يناير ٢٠١٥، أعلن تنظيم الدولة "داعش" المركزى توسعه الرسمى إلى محافظة خراسان. وتشير التقديرات إلى أن عدد أعضاء ISKP يتراوح بين ٤٠٠٠ إلى ٦٠٠٠ عضو. وليس من الواضح من يقود تنظيم ولاية خراسان، حيث قُتل زعيمهم السابق سناء الله غفارى فى عام ٢٠٢٣ على يد حركة طالبان. تم وصف الروابط بين أعضاء تنظيم الدولة "داعش" فى ولاية خراسان والجماعات الأخرى مثل القاعدة وحركة طالبان الباكستانية بأنها " ضبابية".
أماكن نشطة
ينطبق اسم خراسان على منطقة قديمة تقع فى العصر الحديث فى إيران وأفغانستان وباكستان. وعلى عكس ما يوحى اسمه بأن تنظيم ولاية خراسان ينشط فقط فى منطقة خراسان، فإنه يلتزم بعقيدة داعش العامة حيث يكون الهدف هو إقامة خلافة عابرة للحدود الوطنية.
تهديدات
يعد تنظيم داعش فى ولاية خراسان أكثر الجماعات الإرهابية نشاطًا فى أفغانستان منذ عام ٢٠٢١، وفى عام ٢٠٢٢، كانت الجماعة مسئولة عن ثالث أكبر عدد من الوفيات فى جميع أنحاء العالم بعد داعش وحركة الشباب. اكتسب تنظيم ولاية خراسان اهتمامًا دوليًا أكبر بكثير بعد الهجوم على مطار كابول أثناء عمليات الإخلاء فى أفغانستان، مما أسفر عن مقتل ١٧٠ مدنيًا أفغانيًا و١٣ جنديًا أمريكيًا. اعتاد المدنيون والأهداف العسكرية أن يكونوا الهدف الرئيسى فى عام ٢٠٢١، ولكن فى عام ٢٠٢٢ تحول تنظيم ولاية خراسان إلى استهداف حركة طالبان بشكل أساسي، حيث كان ما يقرب من ٧٥ بالمائة من هجماته ضد القيادة الأفغانية الجديدة. يعتمد الصراع بين طالبان وولاية خراسان بشكل أساسى على النزاعات الإقليمية وتطبيق طالبان للشريعة الإسلامية، حيث يريد تنظيم ولاية خراسان نسخة أكثر صرامة من الشريعة. وبدأت الجماعة أيضًا فى تنفيذ عمليات خارجية، وأعلنت مسئوليتها عن الهجمات القاتلة فى باكستان وإيران. ردًا على حرق القرآن الكريم فى هولندا والسويد، قام تنظيم داعش فى ولاية خراسان أيضًا بتحديد هذه الدول علنًا كأهداف محتملة فى المستقبل.
تحديات
مع استمرار طالبان فى تقليص حجم قطاعها الأمني، يمكن أن ينمو تنظيم ولاية خراسان بشكل كبير. أحد أكبر التحديات فى مواجهة تنظيم الدولة "داعش" فى ولاية خراسان فى أفغانستان هو الافتقار إلى مراقبة الجماعات، حيث إن قدرتها غالبًا ما تكون موضع خلاف. يجد تنظيم ولاية خراسان نفسه فى أفغانستان حيث الوضع الأمنى الداخلى يشبه أفغانستان قبل ١١ سبتمبر. وبالتالى فإن تنظيم ولاية خراسان لديه منصة لمواصلة التحول إلى تهديد عابر للحدود الوطنية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: تنظيم داعش خراسان داعش خراسان هجوم موسكو تنظیم ولایة خراسان تنظیم الدولة لا یزال فى عام
إقرأ أيضاً:
كيف استفادت أفغانستان اقتصاديا من التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل؟
كابل – جمعت حكومة أفغانستان ملايين الدولارات من رسوم عبور الطائرات في مجالها الجوي لأنها صارت ممرًا بديلًا للطيران الدولي إثر التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران في يونيو/حزيران 2025.
ويبرز هذا الأمر قدرة كابل على استغلال موقعها الجغرافي لتخفيف وطأة الأزمة المالية التي تعانيها البلاد مع عودة طالبان إلى الحكم في أغسطس/آب 2021 وتجميد احتياطيات البنك المركزي الأفغاني وفرض عقوبات دولية.
ارتفاع غير مسبوققفز عدد الرحلات العابرة عبر الأجواء الأفغانية منذ 13 يونيو/حزيران 2025 من 50 إلى 280 رحلة يوميًا، بنسبة زيادة 500%، وفقًا لبيانات موقع "فلايت رادار 24″، مع توقعات بالوصول إلى 350 رحلة يوميًا.
وقال المتحدث باسم وزارة النقل والطيران المدني، حكمت الله آصفي: "في الفترة الماضية، وصل عدد الرحلات العابرة إلى نحو 300 رحلة يوميًا، وقد شهد هذا العدد انخفاضًا طفيفًا أخيرًا، وثمة احتمال كبير بزيادة مرة أخرى مع استمرار التوترات الإقليمية".
وأضاف في تصريح لـ (الجزيرة نت): "المجال الجوي الأفغاني يُعد اليوم من أكثر الأجواء أمانًا في المنطقة، وقد أصبح ممرًا جويًا مهمًا للطائرات المدنية الدولية".
وهذا التحول ناتج عن إغلاق أجواء دول مثل إيران والعراق وسوريا ولبنان والأردن بسبب الصراع الإقليمي، ما دفع شركات الطيران إلى إعادة توجيه رحلاتها عبر أفغانستان والسعودية.
وكانت الأجواء الأفغانية محدودة الاستخدام بعد 2021، إذ علّقت العديد من شركات الطيران الكبرى رحلاتها العابرة بسبب الوضع الأمني، لكن آصفي أوضح لـ (الجزيرة نت) أن "التحسن الكبير في الاستقرار الداخلي ساهم في إعادة إدراج الأجواء الأفغانية ضمن خطوط الرحلات الدولية، مع جاهزية كاملة لتقديم التسهيلات الفنية والملاحية".
في 2024، سجلت أفغانستان نحو 100-120 رحلة يوميًا، وفقًا لتقديرات الوزارة، ما يعكس زيادة تدريجية بدأت مع تخفيف القيود في 2023.
تفرض الحكومة الأفغانية رسوم عبور ثابتة قدرها 700 دولار لكل طائرة، وفقًا لمصادر مطلعة في وزارة النقل والطيران، وبسبب العقوبات الدولية وتجميد الحسابات الحكومية، تُجمع هذه الرسوم عبر وسطاء دوليين، وتُودع في حسابات وسيطة قبل تحويلها إلى أفغانستان.
إعلانقال آصفي لـ (الجزيرة نت): "سهّلنا الإجراءات لتشجيع شركات الطيران على استخدام مجالنا الجوي، وتُوجه العائدات لتطوير البنية التحتية للطيران المدني ودعم الاقتصاد الوطني".
وتشمل التسهيلات التنسيق مع المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO)، وتُستخدم مسارات جوية محددة مثل بي 500 -P500 وجي 500 -G500 على ارتفاعات عالية (30 ألف إلى 40 ألف قدم) لتجنب التضاريس الجبلية، ويتم الاعتماد على الاتصال عبر الأقمار الصناعية والتنسيق مع أجواء الدول المجاورة (باكستان، تركمانستان) لإدارة حركة الطائرات، في ظل غياب أنظمة مراقبة جوية مركزية حديثة منذ 2021.
وأشار آصفي إلى أن "شركتين محليتين وسبع شركات طيران أجنبية تُسيّر رحلات مباشرة من وإلى أفغانستان، ما يعزز مكانتها كمركز طيران إقليمي".
ويرى مراقبون أن استخدام شركات طيران دولية للمجال الجوي الأفغاني يُمثّل في حد ذاته اعترافًا عمليًا باستقرار الوضع الأمني والمؤسسي في أفغانستان، حتى في ظل غياب الاعتراف الدبلوماسي الرسمي بالحكومة الحالية، ويُظهر هذا التحول كيف يمكن للمصالح الاقتصادية أن تتجاوز الحساسيات السياسية في بعض الحالات.
التأثير الماليوحسب تقديرات الوزارة، بلغت الإيرادات من مرور 100-120 رحلة يوميًا في 2024 نحو 17.5 مليون دولار سنويا، وفي يونيو/حزيران 2025 بلغت إيرادات 280-350 رحلة يوميًا ما بين 1.37-1.72 مليون دولار أسبوعيًا، مع توقعات بإيرادات سنوية تتراوح بين 30 و35 مليون دولار.
وأكد آصفي، أن هذه العائدات "تُعد مصدرًا مهمًا للدخل في ظل التحديات الاقتصادية، لكنها محدودة مقارنة بالاحتياجات الكلية".
توفر هذه الأموال عملة صعبة لتمويل الواردات الأساسية (الغذاء، والوقود، والأدوية)، في وقت يعاني فيه الاقتصاد الأفغاني من انخفاض الناتج المحلي بنسبة 26% منذ 2021، وفقًا للبنك الدولي، مع عيش 21 مليون شخص تحت خط الفقر.
ويفاقم تجميد احتياطيات البنك المركزي الأفغاني (7 مليارات دولار) الأزمة، ما يجعل هذه العائدات حيوية لتخفيف الضغط المالي.
وقال خبير الملاحة الجوية عبد السلام عزيز: "تُشكل هذه العائدات أكسجينًا اقتصاديًا مؤقتًا، لكنها لا تعالج الأزمة الهيكلية الناتجة عن نقص الاستثمارات، انهيار القطاع المصرفي، وغياب الاعتراف الدولي".
وأوصى في تعليق لـ (الجزيرة نت) باستثمار الأموال في تحسين البنية التحتية، مثل تركيب أنظمة رادار حديثة وتطوير مطار كابل الدولي، لتعزيز القدرة التنافسية.
تظل العائدات مرهونة بالصراع الإقليمي، إذ يُحذر عزيز من أن "تحسن أجواء دول مثل إيران سيُقلل من أهمية أفغانستان كمسار جوي. الاعتماد على الصراع ليس إستراتيجية مستدامة".
ويدعو الخبير الاقتصادي، أحمد فردوس بهغزين إلى تحديث المطارات وفق المعايير الدولية، قائلا إن "برنامجا تجاريا دقيقا مع الدول الأخرى يمكن أن يزيد الإيرادات".
وأوضح في تعليق لـ (الجزيرة نت) أن تطوير مطاري كابل وقندهار وتدريب الكوادر الفنية قد يُحول المجال الجوي إلى مصدر دخل دائم.
إعلانوإداريًا، أشار عزيز إلى تأخر الفواتير 6-8 أشهر بسبب الوسطاء، والقيود المصرفية التي تُعيق استثمار الأموال.
ومن الناحية التشغيلية فإن غياب المراقبة الجوية يزيد المخاطر، إذ يعتمد الطيارون على التنسيق الذاتي.
وتدير أفغانستان 27 مطارًا، منها 5 دولية هي كابل وهرات ومزار الشريف وقندهار وجلال آباد، ما يدعم القدرات التشغيلية.