كابل – فسخت وزارة المعادن والبترول الأفغانية في حكومة أفغانستان خلال الشهر الجاري عقد تطوير حقل نفط آمو داريا مع شركة "شينجيانغ للبترول والغاز في آسيا الوسطى" (Xinjiang Central Asia Petroleum and Gas Co) (CAPEIC) الصينية، بعد أقل من عامين من توقيعه في يناير/كانون الثاني 2023، في خطوة أثارت جدلا واسعا.

ويُعد القرار، الذي يأتي في سياق اقتصادي وأمني معقد، ضربة للتعاون الاقتصادي بين كابل وبكين، ويثير تساؤلات عميقة حول قدرة أفغانستان على استغلال مواردها الطبيعية الهائلة لإنعاش اقتصادها المتعثر، وبينما تسعى الحكومة الأفغانية إلى إثبات قدرتها على إدارة الشراكات الدولية، يبرز هذا القرار كمؤشر على التحديات السياسية، والأمنية، والقانونية التي تعيق تحقيق الطموحات الاقتصادية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2النفط ينخفض بتقلص التوتر بالشرق الأوسط والذهب يرتفع مع تراجع الدولارlist 2 of 2أسعار النفط تتجه نحو أكبر انخفاض أسبوعي منذ عامينend of list محاولة متكررة

وكانت اتفاقية تطوير حقل آمو داريا، الموقعة في يناير/كانون الثاني 2023، واحدة من أبرز الصفقات الاقتصادية التي أبرمتها حكومة طالبان منذ عودتها إلى السلطة في أغسطس/آب 2021. واستهدفت الاتفاقية استغلال احتياطات النفط المؤكدة المقدرة بـ87 مليون برميل في كتل كاشكاري، وبازرخامي، وزمردساي، ضمن حوض آمو داريا الذي يمتد عبر ولايات فارياب، وسربل، وجوزجان على مساحة تزيد على 4500 كيلومتر مربع.

جانب من الاجتماع بين مسؤولين في وزارة المعادن والبترول الأفغانية ووفد صيني رفيع المستوى في كابل (الجزيرة)

وتشير تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إلى أن الحوض يحتوي على 962 مليون برميل من النفط الخام غير المكتشف و52 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.

ولم تكن هذه المحاولة الأولى لتطوير الحقل، إذ وقّعت الحكومة الأفغانية السابقة، المدعومة من الولايات المتحدة، عقدا في 2012 مع الشركة الوطنية الصينية للنفط "سي إن بي سي" (CNPC) لتطوير حوض آمو داريا، لكنه توقف بسبب الاضطرابات الأمنية والتحديات السياسية، وكان من المتوقع أن تسهم اتفاقية شركة شينجيانغ للبترول والغاز في آسيا الوسطى في تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال إجراء عمليات التكرير والإنتاج داخل الأراضي الأفغانية، ما يقلل الاعتماد على الواردات النفطية التي تشكل 90% من الاحتياجات، ويوفر إيرادات مالية للحكومة.

إعلان

وكان من المقرر أن توفر الاتفاقية 3 آلاف فرصة عمل مباشرة، وهو أمر بالغ الأهمية في بلد يعاني من أزمة بطالة حادة تفاقمت بعد انهيار الحكومة السابقة وتوقف تدفقات المساعدات الدولية، التي كانت تشكل حوالي 75% من الناتج المحلي الإجمالي قبل 2021، وفقا لتقديرات البنك الدولي، لكن فسخ العقد يعيد فتح ملف التحديات التي أعاقت المشاريع السابقة، ويثير تساؤلات حول قدرة الحكومة الأفغانية على إدارة الشراكات الدولية بفعالية.

غموض استثماري

تأسست شركة شينجيانغ للبترول والغاز في آسيا الوسطى كمشروع مشترك بين شركة النفط والغاز لآسيا الوسطى في إقليم شينجيانغ والشركة الوطنية الأفغانية للنفط والغاز، تحت إشراف مؤسسة البترول الوطنية الصينية ورغم الطابع الإستراتيجي للمشروع، الذي كان يُنظر إليه كجزء من طموحات الصين لتعزيز نفوذها الاقتصادي في آسيا الوسطى، ظل المشروع محاطا بالغموض، ولم تُفصح الشركة عن تفاصيل واضحة حول خطط التطوير، ولا عن الجدول الزمني، ولا عن حجم الاستثمارات المتوقعة، ما أثار شكوكا حول التزام الشركة.

وحسب بيان وزارة المعادن والبترول الأفغانية، فإن "التجاوزات المتكررة وعدم تنفيذ الالتزامات" من قبل الشركة كانت السبب الرئيسي وراء فسخ العقد.

وقال المتحدث باسم الوزارة، همايون أفغان، إن أسباب الفسخ تعود إلى "عدم تنفيذ الاستثمارات المحددة في الاتفاق، والتقصير في حفر واستكشاف الآبار المخصصة، وعدم تقديم الضمانات المطلوبة، بالإضافة إلى الفشل في توظيف العمالة الأفغانية، وعدم الالتزام بالمسؤوليات الاجتماعية والبيئية، وإهمال برامج رفع كفاءة موظفي الوزارة".

وأضاف أفغان في تصريحات لـ"الجزيرة نت": "تم تشكيل لجنة مشتركة بين الوزارات، وخلال عملها توصلت إلى أن الشركة تجاهلت مرارا وتكرارا مسألة فسخ العقد، وفشلت في تنفيذ بنوده، وبناءً على توصية نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، وبتوجيه من رئيس مجلس الوزراء، تم فسخ العقد".

وأكد عضو هيئة إدارة غرفة التجارة والاستثمار في أفغانستان، آذرخش حافظي أن قرار الفسخ كان "صحيحا"، مشيرا إلى أن الشركة لم تنفذ الاستثمارات المطلوبة لتطوير الحقل، وظل المشروع متوقفا فعليا لفترة طويلة، ما أدى إلى إهدار الوقت والفرص.

وأضاف حافظي في حديث لـ"الجزيرة نت" أن غياب الشفافية في تنفيذ العقد خلق حالة من عدم الثقة لدى المستثمرين المحليين، وهذا زاد من تعقيد بيئة الأعمال في البلاد.

ولتجنب النزاعات القانونية، دعت الوزارة شركات استشارية دولية لتقييم الجوانب القانونية والمالية للقرار، في محاولة لضمان الشفافية، ومع ذلك، فإن الوضع القانوني المعقد لحكومة طالبان، التي لم يُعترف بها دوليا حتى الآن، قد يُعقّد هذه العملية، خاصة في ظل العقوبات الدولية المفروضة على قادة الحركة.

تفقد ميداني من قبل مسؤولين وخبراء لموقع مشروع نفطي في شمال أفغانستان في إطار متابعة تنفيذ الخطط الاستثمارية الحكومية في قطاع الطاقة (الجزيرة) كنز مدفون

تشير دراسات جيولوجية، أبرزها تقرير صادر عن هيئة المسح الجيولوجي الأميركية في 2010، إلى أن أفغانستان تمتلك موارد طبيعية غير مستغلة تتجاوز قيمتها تريليون دولار، تشمل النفط، والغاز الطبيعي، والنحاس، والليثيوم، والمعادن النادرة، ويحتوي حوض آمو داريا على 962 مليون برميل من النفط، مع إنتاج حالي يبلغ 1350 طنا يوميا (10 آلاف و71 برميلا يوميا)، وتوقعات بزيادة إلى 3 آلاف طن يوميا، وهذه الثروات جعلت أفغانستان محط اهتمام المستثمرين الأجانب، وخاصة الصين، التي ترى في البلاد موقعا إستراتيجيا في قلب آسيا الوسطى، ما يجعلها حلقة وصل مهمة ضمن مبادرة "الحزام والطريق" لتطوير البنية التحتية العالمية.

إعلان

وبالإضافة إلى مشروع آمو داريا، تجري شركة صينية حكومية تابعة لمجموعة الصين للمعادن "إم سي سي" (MCC) مفاوضات مع حكومة طالبان لتطوير منجم النحاس في "عينك" بولاية لوكر، أحد أكبر مناجم النحاس في العالم، وكان هذا المشروع قد وُقّع أول مرة في 2007 مع الحكومة الأفغانية السابقة، لكنه توقف بسبب الحرب والتحديات الأمنية، وتعكس هذه المفاوضات استمرار اهتمام الصين بالموارد الأفغانية، رغم التحديات التي تواجه الاستثمارات في البلاد.

ومع ذلك، فإن استغلال هذه الموارد يواجه عقبات هائلة، تشمل نقص البنية التحتية، والغموض القانوني، والتحديات الأمنية.

ويُعد حقل آمو داريا مثالا واضحا على هذه الفرص الضائعة، إذ فشلت محاولات متكررة لتطويره، سواء في ظل الحكومة المدعومة أميركيا أو تحت إدارة طالبان، ما يُظهر الحاجة إلى إصلاحات جذرية في بيئة الأعمال الأفغانية لجذب الاستثمارات الكبرى.

تحديات أمنية

لعبت التحديات الأمنية دورا محوريا في عرقلة مشروع آمو داريا، ورغم تعهدات الحكومة الأفغانية المتكررة بمكافحة التهديدات الأمنية، خاصة من تنظيم "الدولة الإسلامية-خراسان" الذي ينشط في شمال أفغانستان، فإن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن التنظيم لا يزال يشكل خطرا كبيرا.

ونفّذ التنظيم سلسلة هجمات استهدفت مواقع حكومية وبنية تحتية في ولايات شمالية، بما في ذلك جوزجان وفارياب، مما زاد من المخاوف بشأن سلامة المشاريع الاقتصادية.

وأعربت مصادر دبلوماسية إقليمية عن قلقها من تصاعد تحركات الجماعات المسلحة في المناطق الحدودية مع دول آسيا الوسطى، مثل تركمانستان وأوزبكستان، ما يهدد استقرار المنطقة، ويُعد هذا الوضع الأمني المتدهور أحد أبرز العوامل التي تجعل المستثمرين الأجانب، بما في ذلك الصين، مترددين في ضخ استثمارات كبيرة في أفغانستان، وفي هذا السياق، أشار تقرير لمركز الدراسات الإستراتيجية في كابل إلى أن الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الحيوية، مثل النفط والتعدين، تتطلب ضمانات أمنية ملموسة، وهو ما لم تتمكن الحكومة الأفغانية التي تقودها حركة طالبان من توفيره بالكامل حتى الآن.

بين التأييد والتحذير

قال عضو هيئة إدارة غرفة التجارة والاستثمار في أفغانستان، آذرخش حافظي إن قرار فسخ عقد الشركة الصينية كان "صحيحا"، لأنها لم تلتزم بتعهداتها المنصوص عليها في العقد.

وأوضح في تصريحات لـ"الجزيرة نت" أن الشركة فشلت في تنفيذ الاستثمارات المطلوبة لتطوير حقل آمو داريا، وظل المشروع متوقفا فعليا لفترة طويلة، ما أدى إلى إهدار الوقت والفرص الاقتصادية، وأضاف أن غياب الشفافية في تنفيذ العقد خلق حالة من عدم الثقة بين المستثمرين المحليين، وهذا زاد من تعقيد بيئة الأعمال في البلاد.

ومع ذلك، حذّر حافظي من أن هذا القرار قد يرسل إشارات سلبية إلى المستثمرين الدوليين، مشيرا إلى أن "أفغانستان بحاجة ماسة إلى عقود واضحة، ومناخ قانوني مستقر، وضمانات أمنية ملموسة لجذب الاستثمارات الكبرى".

ودعا إلى إعطاء الشركات الأفغانية فرصة لتطوير المشروع، مؤكدا أن القطاع الخاص المحلي قادر على تحمل هذه المسؤولية إذا توفرت الأرضية المناسبة، مثل الدعم الحكومي وتحسين البنية التحتية.

ويرى محللون اقتصاديون أن قرار فسخ العقد قد يعزز مصداقية حكومة طالبان محليا، ويُظهر التزامها بمحاسبة الشركات غير الملتزمة، ومع ذلك، يحذرون من أن هذه الخطوة قد تُعقّد العلاقات مع الصين، التي تُعد شيركا إستراتيجيا في ظل العزلة الدولية التي تواجهها طالبان، ويشيرون إلى أن بكين قد تُعيد تقييم إستراتيجيتها في أفغانستان، مع التركيز على مشاريع أقل مخاطرة، مثل تطوير البنية التحتية أو التعدين، بدلا من القطاعات الحساسة أمنيا مثل النفط.

إعلان فرصة للاعتماد على الذات

في ظل التحديات التي تواجه الاستثمارات الأجنبية، دعا آذرخش حافظي إلى إشراك الشركات الأفغانية في تطوير المشاريع الاقتصادية الكبرى، مثل حقل آمو داريا، مؤكدا أن القطاع الخاص المحلي يمتلك الإمكانات اللازمة لتنفيذ مثل هذه المشاريع، شريطة توفير بيئة قانونية وأمنية مستقرة، إلى جانب دعم حكومي في شكل تمويل أو تدريب تقني.

ويُعد الاقتراح انعكاسا لطموحات متزايدة داخل أفغانستان للاعتماد على الذات في ظل العقوبات الدولية وتردد المستثمرين الأجانب.

ومع ذلك، يرى خبراء اقتصاديون أن الشركات الأفغانية قد تواجه تحديات كبيرة، تشمل نقص التمويل، ومحدودية الخبرة التقنية في مشاريع النفط الكبرى، وضعف البنية التحتية.

ويشير تقرير صادر عن غرفة التجارة الأفغانية في 2024 إلى أن القطاع الخاص المحلي يعاني من صعوبة الوصول إلى الأسواق الدولية وانخفاض مستويات الاستثمار في التكنولوجيا، وبالتالي، فإن تحقيق رؤية حافظي يتطلب استثمارات حكومية طويلة الأمد في تطوير القدرات المحلية، إلى جانب شراكات إستراتيجية مع دول الجوار، مثل تركمانستان أو إيران، التي تمتلك خبرة في قطاع النفط.

وأبدى محمد جهاديار، وهو رجل أعمال أفغاني من كابل، تفاؤلا حذرا بشأن دور القطاع الخاص المحلي، قائلا لـ"الجزيرة نت": "الشركات الأفغانية لديها الإرادة، لكنها تحتاج إلى دعم حكومي حقيقي، مثل توفير قروض ميسرة وتسهيلات قانونية. إذا نجحنا في تطوير مشاريع مثل آمو داريا، سيكون ذلك إنجازا تاريخيا للاقتصاد الأفغاني".

آمال محبطة

ويعاني سكان ولايات فارياب، سربل، وجوزجان، من أوضاع اقتصادية صعبة، وتُعد الزراعة المصدر الرئيسي للدخل في ظل غياب مشاريع صناعية كبرى، وكان مشروع آمو داريا يحمل آمالا كبيرة لتحسين الأوضاع المعيشية، خاصة مع توقعات بتوفير فرص عمل لآلاف الشباب، لكن فسخ الاتفاقية أعاد إحياء مشاعر الإحباط بين السكان المحليين.

وقال عزيز جوزجاني، أحد سكان ولاية جوزجان شمالي أفغانستان، لـ"الجزيرة نت": "كنا نأمل أن يغير هذا المشروع حياتنا، لكننا الآن نشعر أن الفرص الاقتصادية تتلاشى مرة أخرى. الشباب هنا يبحثون عن عمل، ولا يوجد شيء يُذكر سوى الزراعة".

وأضاف جوزجاني أن توقف المشروع قد يدفع الشباب إلى الهجرة، وتشير تقديرات منظمات إنسانية إلى أن معدلات البطالة في المناطق الشمالية تتجاوز 40% منذ سيطرة طالبان، مما يجعل المشاريع الاقتصادية الكبرى، مثل آمو داريا، ضرورية لتحسين الأوضاع الاجتماعية.

العلاقات مع الصين

رغم عدم اعتراف الصين الرسمي بحكومة طالبان، فإن أفغانستان تُعد موقعا إستراتيجيا في قلب آسيا الوسطى، ما يجعلها جزءا مهما من مبادرة "الحزام والطريق"، وأبدت بكين اهتماما كبيرا بالموارد الأفغانية، كما يتضح من مفاوضات تطوير منجم النحاس في لوكر وزيارة مولوي عبد السلام حنفي نائب رئيس الوزراء إلى الصين لحضور الدورة التاسعة من معرض ومنتدى الصين-جنوب آسيا في يونيو/حزيران 2025.

ومن المتوقع أن تكون هذه الزيارة فرصة لمناقشة تداعيات فسخ عقد الشركة واستكشاف سبل تعزيز التعاون في مجالات أخرى.

ومع ذلك، يرى محللون سياسيون أن فسخ العقد قد يدفع الصين إلى إعادة تقييم إستراتيجيتها في أفغانستان، وقال خبراء صينيون في تصريحات لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست": "الصين لا تزال مهتمة بأفغانستان، لكنها ستكون أكثر حذرا في الاستثمارات الكبرى حتى تتحقق ضمانات أمنية وقانونية"، مضيفين أن بكين قد تركز على مشاريع أقل تعقيدا، مثل تطوير الطرق أو السكك الحديدية، ضمن إطار "الحزام والطريق".

تحديات قانونية

يواجه قرار فسخ العقد تحديات قانونية محتملة، خاصة في ظل غياب الاعتراف الدولي بحكومة طالبان، وتسعى الوزارة إلى معالجة هذه التحديات من خلال دعوة شركات استشارية دولية، لكن المراقبين يحذرون من أن الغموض القانوني قد يردع المستثمرين، ويشير تقرير لمعهد السلام الأميركي في 2024 إلى أن العقوبات الدولية على قادة طالبان تجعل من الصعب إبرام عقود طويلة الأمد مع شركات أجنبية، وهذا يزيد من تعقيد جذب الاستثمارات.

رؤية مستقبلية

يبقى السؤال المحوري: هل ستتمكن الحكومة الأفغانية من إعادة بناء الثقة مع المستثمرين الأجانب، وخاصة الصين، بعد هذا القرار؟ إن استغلال الموارد الطبيعية، مثل النفط والنحاس، يمكن أن يشكل رافعة اقتصادية لأفغانستان، لكن ذلك يتطلب:

إعلان تحسين الأمن: توفير ضمانات أمنية ملموسة للمشاريع الكبرى. إصلاحات قانونية: إنشاء إطار قانوني شفاف يحمي حقوق المستثمرين. دعم القطاع الخاص المحلي: استثمار في تطوير الشركات الأفغانية لتكون شيركا فعالا. شراكات إقليمية: تعزيز التعاون مع دول الجوار لتطوير البنية التحتية.

ويُعد اقتراح حافظي بإشراك الشركات المحلية خطوة واعدة، لكنها تتطلب رؤية إستراتيجية طويلة الأمد، في الوقت ذاته، فإن استمرار التعاون مع الصين في مشاريع مثل منجم النحاس قد يُبقي الباب مفتوحا أمام شراكات مستقبلية، شريطة تحسين المناخ الاستثماري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات القطاع الخاص المحلی المستثمرین الأجانب الحکومة الأفغانیة البنیة التحتیة فی آسیا الوسطى حکومة طالبان فی أفغانستان الجزیرة نت فی البلاد فسخ العقد مع الصین فی تطویر فی تنفیذ ومع ذلک إلى أن التی ت

إقرأ أيضاً:

منع استيراد السيارات المستعملة في سوريا.. ضغوط اقتصادية أم خطوات تنظيمية؟

في خطوة أثارت جدلا واسعا في الأوساط الاقتصادية والشعبية، أصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة السورية قرارا يقضي بإيقاف استيراد السيارات المستعملة اعتبارا من تاريخ صدوره، مع استثناءات محدودة تشمل رؤوس القاطرة، والشاحنات، وآليات الأشغال العامة، والجرارات الزراعية، بشرط ألا يتجاوز عمرها 10 سنوات عدا سنة الصنع، بالإضافة إلى حافلات نقل الركاب التي تحتوي على 32 مقعدا فما فوق، بشرط ألا يتجاوز عمرها 4 سنوات عدا سنة الصنع. كما شمل القرار منع استيراد السيارات الجديدة التي يتجاوز عمرها سنتين، باستثناء سنة الصنع.

ويبدو أن التوجه الحكومي يهدف إلى تقليص فاتورة الاستيراد والحد من استنزاف القطع الأجنبي، في محاولة للسيطرة على العجز التجاري وتوجيه الموارد نحو القطاعات الإنتاجية.

لكن القرار يطرح تساؤلات واسعة حول انعكاساته الفعلية على الشارع السوري، في ظل غياب بدائل محلية حقيقية لصناعة السيارات يمكن أن تسد الفجوة الناتجة عن توقف الاستيراد.

ارتفاع الأسعار وزيادة الأعباء

أدى القرار مباشرة إلى ارتفاع أسعار السيارات المستعملة في السوق المحلية نتيجة انخفاض المعروض، مما شكّل عبئا إضافيا على المواطنين، خصوصا من ذوي الدخل المحدود الذين كانوا يعتمدون على السيارات المستعملة كخيار أقل كلفة.

التجار الذين استوردوا قبل القرار سيكونون أكبر المستفيدين منه (الجزيرة)

وتزايدت المخاوف من أن يسهم القرار في تنشيط عمليات التهريب أو زيادة الاعتماد على السوق السوداء، ما قد يقود إلى نتائج عكسية على المستويين الاقتصادي والرقابي.

وجهة نظر حكومية

في حديثه للجزيرة نت، صرّح قاسم كامل، مدير الاتصال الحكومي في وزارة الاقتصاد السورية، أن القرار جاء نتيجة اختلال واضح في توازن السوق، بعد دخول كميات كبيرة من السيارات المستعملة من مناطق شمال سوريا، التي لم تكن تخضع للرسوم الجمركية والضريبية السابقة، ما تسبب في ضغط على البنية التحتية وطرح مركبات غير مستوفية لمعايير السلامة.

إعلان

وأشار كامل إلى أن القرار يأتي ضمن رؤية اقتصادية شاملة تهدف إلى ترشيد الاستيراد وتوجيه القطع الأجنبي نحو أولويات إنتاجية، إلى جانب الحد من إدخال مركبات متدنية المواصفات دون رقابة فنية، وتقليل الهدر في الموارد.

وأكد أن القرار لا يشمل السيارات المسجلة مسبقا، ولا يمنع عمليات البيع أو الشراء أو التسجيل النظامي، مشيرا إلى أن شحنات تم التعاقد عليها قبل صدور القرار ستدخل قريبا، مع ضمان حقوق من أبرموا عقود شراء شرط تسجيلها في المنافذ الجمركية الرسمية.

وأضاف أن الفئات محدودة الدخل غالبا ما تتعرض لشراء سيارات منخفضة الجودة تتسبب لاحقا بأعباء صيانة باهظة، في ظل غياب ضمان فني أو إشراف تقني كافٍ. وقال إن آليات الرقابة الحالية غير كافية لضمان السلامة، ما دفع الوزارة إلى اعتماد الإيقاف كخطوة فورية إلى حين تطوير أدوات رقابية أكثر فاعلية.

وختم كامل تصريحه بالتأكيد على أن الوزارة تتابع انعكاسات القرار عن كثب، وهي منفتحة على مراجعة السياسات ضمن إطار حماية الاقتصاد الوطني والمستهلك على حد سواء.

قرار ضروري.. لكن!

في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي فراس شعبو أن القرار من حيث المبدأ يحمل منطقا اقتصاديا سليما، خصوصا إذا ما نظرنا إلى استنزاف قطاع السيارات لما يقارب ملياري دولار خلال 6 أشهر فقط، وهو رقم يقارب ثلثي ميزانية الدولة لعام 2023 البالغة 3.5 مليارات دولار.

الحكومة تقول إن الهدف من القرار هو تقليل استنزاف القطع الأجنبي (الجزيرة)

لكنه في الوقت نفسه ينتقد آلية التطبيق، إذ أدى تقليص فترة السماح إلى استيراد السيارات الحديثة فقط إلى رفع الأسعار بشكل كبير، ما أخرج فئات واسعة من السوق، خاصة من ذوي الدخول المحدودة. وأضاف أن السيارات الحديثة المطابقة للشروط الجديدة أسعارها تتراوح بين 20 و25 ألف دولار، وهي تكلفة غير متاحة لمعظم السوريين.

ويشير شعبو إلى أن المشكلة ليست في الاستيراد فقط، بل في غياب معايير واضحة لفحص السيارات المستوردة. ودعا إلى تشكيل لجنة متخصصة تضبط الجودة، وتقترح آليات بديلة مثل السماح بموديلات 2016 وما فوق، بشرط المواصفات، بدلا من المنع الكامل.

كما انتقد تذبذب السياسات الحكومية وتبدّلها المفاجئ دون خطة تدريجية، مشددا على ضرورة وجود نهج وسطي ينظّم السوق دون أن يضر بالقدرة الشرائية للمواطنين.

بين مصالح التجار واحتياجات المواطن

بدوره، يرى عبد الملك الأخرس، وهو تاجر سيارات يستورد مركبات من أفريقيا وأوروبا، أن القرار سيضاعف أرباح التجار الذين استوردوا كميات قبل صدوره، موضحا أن الطلب سيرتفع بشكل كبير قبل دخول القرار حيّز التطبيق الكامل، ما يمنحهم هامشا واسعا من الربح.

لكنه يعترف أن القرار مجحف للفقراء والطبقة المتوسطة، قائلا إن السيارات الحديثة بأسعار تفوق 25 ألف دولار باتت بعيدة عن متناول معظم المواطنين، في حين أن السيارات المستعملة ذات الجودة الجيدة كانت تباع بـ3 آلاف إلى 5 آلاف دولار وتشكل بديلا مناسبا.

وفي سوق مدينة سرمدا شمال سوريا، يعبر مصطفى عزام عن غضبه بعد عجزه عن شراء سيارة، إذ ارتفعت الأسعار بنحو 4 آلاف دولار خلال يومين فقط، وامتنع كثير من التجار عن البيع في ظل الغموض بشأن السوق.

البنية التحتية في المدن السورية لا تحتمل زيادة السيارات العشوائية (الجزيرة)

ويشير عزام إلى أن القرار من الناحية التنظيمية قد يكون مبررا إذا ما نُفذ بشكل تدريجي، لكنه يضر بشرائح واسعة لا تزال تعتمد على حلول فردية للتنقل، في ظل غياب منظومة نقل عام فعالة.

إعلان مستقبل القرار ومخاوف المواطنين

يرى مراقبون أن فعالية القرار مرتبطة بمدى قدرة الحكومة على تنفيذ بدائل موازية، سواء عبر تحسين البنية التحتية للنقل أو توفير قروض مخفضة لشراء سيارات مناسبة. وفي ظل غياب هذه الخيارات، تظل تداعيات القرار مرشحة للاتساع، اقتصاديا واجتماعيا.

ويبقى السؤال الأهم: هل تنجح الحكومة في تحقيق توازن دقيق بين متطلبات الاقتصاد الكلي والواقع المعيشي اليومي؟ وهل ثمة نية حقيقية لمراجعة القرار أو تعديله وفقا للنتائج التي سيُحدثها على أرض الواقع؟

مقالات مشابهة

  • مصر ضمن الـ10 الكبار اقتصاديا: رؤية إسلامية لنهضة اقتصادية شاملة (4)
  • «اقتصادية الشارقة» تستضيف «وقف جيران النبي»
  • أمانة الشرقية تطرح فرصا استثمارية واعدة في الدمام تشمل ورش ومستودعات وصناعات خفيفة
  • جيل اشترِ الآن وادفع لاحقا.. دَين مريح أم مرآة لأزمة اقتصادية أعمق؟
  • منع استيراد السيارات المستعملة في سوريا.. ضغوط اقتصادية أم خطوات تنظيمية؟
  • كيف استفادت أفغانستان اقتصاديا من التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل؟
  • مبادرة عراقية تدعو لإصلاحات في العملية الانتخابية: بدأت تفقد شرعيتها
  • شراكة اقتصادية بين الإمارات والاتحاد الاقتصادي الأوراسي
  • السياحة تعود تدريجياً إلى أفغانستان.. وطالبان تفتح الأبواب رغم القيود