المعارضة الإسرائيلية بين استقالات وتحالفات جديدة وفرص الإطاحة بنتنياهو
تاريخ النشر: 2nd, July 2025 GMT
القدس المحتلة – تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة هزات متتابعة داخل معسكر المعارضة، مع إعلان أعضاء بارزين في "المعسكر الوطني"، بزعامة بيني غانتس، استقالاتهم، وفي مقدمتهم غادي آيزنكوت ومتان كهانا، وسط تسريبات عن توجهات مماثلة لدى شخصيات أخرى مثل أوريت فركاش-هكوهين.
تزامن ذلك مع الحديث عن عودة رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت إلى الساحة السياسية، وسط توقعات بأن يقود تحالفا جديدا، أو ينضم إلى مبادرة وحدوية أوسع مع آيزنكوت وآخرين.
وأعادت هذه المستجدات خلط الأوراق في صفوف المعارضة، وأطلقت موجة من التقديرات والسيناريوهات بشأن طبيعة التحالفات المقبلة، وقدرتها على تغيير ميزان القوى وإضعاف مكانة أحزاب اليمين المتطرف، وصولا إلى إمكانية الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، في انتخابات مقبلة.
مخاض سياسيويُنظر إلى هذه الاستقالات على أنها ليست مجرد خطوة فردية بل تعكس -حسب محللين- حالة مخاض سياسي في صفوف المعارضة الوسطية، وسعيا لإعادة بناء معسكر يملك فرصة حقيقية لهزيمة نتنياهو.
بعد إعلان آيزنكوت استقالته، صدرت نتائج استطلاعين للقناتين 12 و13 الإسرائيليتين، أظهرت تحركات لافتة في نوايا التصويت. ورغم أن ميزان القوى بين معسكري الحكومة والمعارضة لم ينقلب جذريا فورا، فإن السيناريو الأبرز الذي جرى تحليله إسرائيليا هو الآتي:
الائتلاف الحالي بقيادة نتنياهو يهبط إلى نحو 49 مقعدا. إذا توحّدت المعارضة الحالية، ونجح تحالف بينيت-آيزنكوت-انتس في التجسد فعليا، قد تصل إلى 71 مقعدا.هذه الأرقام، حتى لو كانت تقديرية، أظهرت لأول مرة منذ فترة طويلة إمكانية واقعية لتشكيل حكومة بديلة بدون نتنياهو وحزبه الليكود، بشرط نجاح المعارضة في إدارة خلافاتها الداخلية والتوحّد خلف مرشح أو إطار موحّد.
إعلانوتتباين التقديرات الإسرائيلية حول سيناريوهات التحالفات المقبلة، أبرزها:
تحالف وسطي-يميني معتدل يضم آيزنكوت وبينيت وغانتس وأطرافا من "هناك مستقبل"، لتشكيل كتلة كبيرة قادرة على جذب ناخبي اليمين التقليدي الذين سئموا من سلطة أحزاب اليمين المتطرف. إعادة اصطفاف في معسكر المعارضة عبر تقاسم الأدوار بين يائير لبيد، كقائد معارضة ليبرالية-مدنية، وغانتس وآيزنكوت وبينيت كمعسكر أمني-يميني معتدل. محاولة مدروسةولا تستبعد هذه التحليلات إحباط سيناريو الوحدة بسبب الطموحات الذاتية واحتمال فشل هذه الشخصيات في تنسيق تحالف فعّال بسبب خلافات حول القيادة أو الترتيب في القوائم، ما قد يعيد نتنياهو إلى السلطة حتى لو كان ضعيفا نسبيا.
وأشار محللون إلى أن خطوة آيزنكوت قد تكون محاولة مدروسة لإجبار غانتس على الانفتاح على تحالفات أوسع وأقل رفضا لليمين المعتدل، في حين أن متان كهانا يمثل جسرا محتملا للتقارب مع ناخبين دينيين-وطنيين لا يجدون أنفسهم في أحزاب الصهيونية الدينية المتشددة.
من جانبها، جددت الأحزاب الحريدية مقاطعة التصويت على مشاريع قوانين الائتلاف الحاكم في الهيئة العامة للكنيست، احتجاجا على تأخير تمرير قانون إعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية. كما هددت بالتصويت مع المعارضة على قوانين معينة، في ظل قلق الحريديين من أن المحكمة العليا الإسرائيلية قد تفرض عليهم تجنيدا أوسع، مع ضغط من منظمات جنود الاحتياط لفرض قانون يلزمهم بذلك.
يرى محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس" يوسي فيرتر، في هذا الحراك فرصة إستراتيجية لإبعاد أحزاب اليمين المتطرف، مثل "عظمة يهودية" برئاسة إيتمار بن بن غفير وتيار "الصهيونية الدينية" بزعامة بتسلئيل سموتريتش، عن دائرة التأثير الحكومي.
ورجّح فيرتر أن تحالف وسطي-يميني معتدل قد يجذب ناخبين تقليديين يمينيين لا يرغبون في التطرف الديني والقومي، وقدّر أنه إذا نجحت المعارضة في تقديم بديل موحّد وآمن، فقد يتم تحييد تأثير اليمين المتطرف، على الأقل مرحليا. لكنه يعتقد أن التحدي الأساسي ليس فقط في عدد المقاعد، بل في القدرة على توحد معسكر المعارضة واجتذاب ناخبي الوسط-اليمين، وتقديم قيادة متفق عليها قادرة على إدارة حكومة مستقرة.
إعادة اصطفافويضيف فيرتر "في حال تحقق ذلك، يصبح سيناريو إطاحة نتنياهو أكثر واقعية، خاصة إذا استمرت أزمات الائتلاف الداخلية، وأظهر عجزا عن معالجة ملفات مثل تجنيد الحريديين والضغوط الاقتصادية والاجتماعية".
من جانبها، ترى محللة الشؤون السياسية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" موران أزولاي أن الساحة السياسية في إسرائيل تتجه نحو إعادة اصطفاف غير مسبوقة منذ سنوات. وأوضحت أن الاستقالات الأخيرة من "المعسكر الوطني" لا تشكّل نهاية لمسار سياسي، بل قد تكون بداية مرحلة جديدة تتخللها تحالفات مفصلية ومفاوضات بين قوى المعارضة.
وتؤكد أزولاي أن مفتاح هذا التحول يكمن في مدى قدرة المعارضة على استثمار اللحظة، وتجاوز الانقسامات الشخصية بين قياداتها. وتعتقد أن نجاح المعارضة في تقديم جبهة موحدة، متماسكة وبرنامج سياسي واضح، قد يكون العامل الحاسم في تقرير مستقبل حكومة نتنياهو، كما في رسم حدود التأثير المستقبلي لأحزاب اليمين المتطرف.
إعلانوبرأيها، فإن حكومة نتنياهو تعاني من تصدعات داخلية متزايدة، خصوصا على خلفية الخلافات مع الأحزاب الحريدية بشأن قانون إعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية. وقدّرت أن هذه الأزمة تضعف تماسك الائتلاف، وتقلّص قدرة نتنياهو على المناورة السياسية داخل الكنيست، وتفتح الباب أمام مفاجآت محتملة في التصويت على مشاريع القوانين.
وحسب أزولاي، يبقى السؤال المركزي، إلى أي مدى يمكن لهذه التحولات أن تفضي فعلا إلى إضعاف اليمين المتطرف، وتهيئة الظروف لإزاحة نتنياهو من الحكم في الانتخابات المقبلة؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أحزاب الیمین المتطرف
إقرأ أيضاً:
إيكونوميست: هل يمكن لأحد إيقاف زحف اليمين الشعبوي في أوروبا؟
أكد مقال نشرته مجلة إيكونوميست البريطانية أن قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا يواجهون خطر صعود أقصى اليمين الشعبوي، في ظل تراجع نفوذ أوروبا وغرقها في مشاكل اقتصادية، ودخولها في خلافات عميقة مع الحليف الأميركي الذي يدعم اليمين.
وأضافت الصحيفة أن قادة الدول الأوروبية الثلاثة ما فتئوا يحذرون من كوارث إذا تقوّى أقصى اليمين.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خلافات الائتلاف وصعود اليمين تهدد مستقبل ميرتس في قيادة ألمانياlist 2 of 2برلمان النمسا يحظر حجاب الفتيات ومنظمات حقوقية تنددend of listفقد قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس إن حكومته هي "الفرصة الأخيرة" للبلد لتفادي ذلك السيناريو، وتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "خطر اندلاع حرب أهلية" إذا ما انتصر أقصى اليمين.
بينما وصف رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر حزب الإصلاح بزعامة نايجل فاراج بأنه تحد "لجوهر هويتنا الوطنية".
غير أن إيكونوميست قالت إن خطاب أقصى اليمين الشعبوي يستحق الإدانة في كثير من ملامحه، لكنها شددت على أن الحديث عنه "بلغة كارثية" محكوم عليه بالفشل، مبرزة أن القادة يحتاجون لنهج مختلف لتحقيق الهدف المطلوب.
إخفاقاتوذكرت أن الخطاب التشاؤمي قد يبدو أنه محاولة من القادة الثلاثة لصرف الانتباه عن إخفاقاتهم الذاتية.
وتابعت أن حكومة ستارمر مثلا تنفق كثيرا على الرعاية الاجتماعية، وستفرض ضرائب قياسية في ظل غياب نمو سريع، وذلك بعد 14 عاما من الركود تحت حكم المحافظين.
أما في فرنسا، فقد ألغي قانون ماكرون لرفع سن التقاعد، بينما يدفع رئيس وزرائه الخامس -خلال 3 سنوات- باتجاه المصادقة على الموازنة بشق الأنفس داخل الجمعية الوطنية. وفي ألمانيا، لم يتحقق شيء تقريبا من خطة ميرتس لـ"خريف الإصلاحات".
وذكرت أن تحذيرات القادة الثلاثة غير مقنعة، فبعض حكومات أقصى اليمين ليست خطرة، فجورجيا ميلوني تقود إيطاليا كما يفعل أي سياسي تقليدي، ومستشارو حزب الإصلاح المحليون في بريطانيا يتصرفون حتى الآن "بشكل طبيعي".
في الوقت الذي تتراجع فيه رغبة الولايات المتحدة في قيادة الدفاع الجماعي عن أوروبا، يتبنى أقصى اليمين الأوروبي اعتقاد دونالد ترامب بأن القارة ستكون أكثر أمنا إذا كانت أقل توحدا.
وأوضحت أن عددا كبيرا من الأوروبيين لا يصدقون ما يقال لهم، لذلك باتوا يقتربون من أقصى اليمين الذين كانت تتجنبهم سابقا.
إعلانففي فرنسا يلتقي زعيم حزب التجمع الوطني جوردان بارديلا مع رجال الأعمال الفرنسيين، وحزب الإصلاح ببريطانيا يستقبل سياسيين محافظين منشقين هو في حاجة إليهم، وفقط برلين ترفض التعامل مع حزب البديل من أجل ألمانيا، حتى إن نوابه -ثاني أكبر كتلة في البرلمان- ممنوعون من تولي مناصب نواب رئيس البوندستاغ.
وتابعت أن المشروع الشعبوي الأكثر إقناعا هو الاقتصاد، فأحزاب أقصى اليمين عندما يخاطبون الشركات يركزون على تقليل القيود التنظيمية، محليا وأوروبيا، ويقولون إنهم يريدون حكومة لا تفرض الكثير من الضرائب، بينما تشتكي الشركات من أن الدولة تعاقب روح المبادرة والمخاطرة، وتنفق الكثير على الرعاية الاجتماعية.
وعلى الرغم من أن التكامل الاقتصادي الأوروبي هو المصدر الأبرز للنمو -توضح إيكونوميست- إلا أن أقصى اليمين يتجه نحو صدام مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما سيقود إلى تآكل السوق الموحدة وتدمير النمو.
وتوضح الصحيفة أن على الأوروبيين أن يقلقوا من رؤية أقصى اليمين لأوروبا، ففي الوقت الذي تتراجع فيه رغبة الولايات المتحدة في قيادة الدفاع الجماعي عن أوروبا، يتبنى أقصى اليمين اعتقاد دونالد ترامب بأن القارة ستكون أكثر أمنا إذا كانت أقل توحدا.
وأكدت إيكونوميست أن الانتخابات الرئاسية ستجرى بعد 18 شهرا في فرنسا، وفي مارس/آذار 2029 بألمانيا، وأغسطس/آب 2029 ببريطانيا، وإذا استمر السياسيون التقليديون في شيطنة اليمين الشعبوي فسيريحهم ذلك نفسيا، لكنه لن يخدم بلدانهم.