ماذا يحدث في المجتمع الأمريكي؟.. انتشار واسع لظاهرة ترك الناس للدين| تفاصيل الظاهرة وذلك تأثير المثلية والاعتداء الجنسي
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
وجد استطلاع رأي أجراه المعهد العام الأمريكي لأبحاث الدين (PRRI)، أن الناس في الولايات المتحدة ويغادرون ويغيرون التقاليد الدينية بأعداد كبيرة في المجتمع الأمريكي، وأن فكرة "التقلب الديني" شائعة جدًا في أمريكا، وكذلك خلص المعهد إلى أن الغالبية العظمى من غير المنتسبين راضون بالبقاء على هذا النحو، حيث قال 9% فقط من المشاركين أنهم يبحثون عن الدين المناسب لهم.
وبحسب الاستطلاع فإن حوالي ربع (26٪) من الأمريكيين يعتبرون الآن غير منتسبين دينيًا، وهو رقم ارتفع خلال العقد الماضي، وهو الآن أكبر مجموعة دينية منفردة في الولايات المتحدة، وهذا مشابه لما وجدته استطلاعات الرأي واستطلاعات الرأي الأخرى أيضًا. بما في ذلك مركز بيو للأبحاث، ووجدت المعهد أن عدد أولئك الذين يصفون أنفسهم بأنهم "لا شيء على وجه الخصوص" ظل ثابتًا منذ عام 2013، لكن أولئك الذين يعرفون أنفسهم على أنهم ملحدين تضاعف (من 2٪ إلى 4٪) وأولئك الذين يقولون أنهم لا أدريين زادوا بأكثر من الضعف (من 2% إلى 5%).
أغلبهم كاثوليك وبروتستانت ثم إنجيليين
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة NPR الأمريكية، فقدد بحثت هذه الدراسة في التقاليد الدينية التي يأتي منها هؤلاء الأشخاص غير المنتسبين، وتقول ميليسا ديكمان، الرئيسة التنفيذية لـ PRRI: "كان 35% منهم كاثوليك سابقين، و35% بروتستانت سابقين، ونحو 16% فقط كانوا إنجيليين سابقين، وفي الواقع، ليس الكثير من هؤلاء الأمريكيين يبحثون عن دين منظم يناسبهم، فقد وجدنا أن النسبة كانت 9%".
وتوضح ديكمان أن كون هؤلاء الأشخاص لا يبحثون عن دين له آثار على كيفية وحتى ما إذا كان ينبغي لدور العبادة أن تحاول جذب أشخاص جدد، ومن بين النتائج الأخرى أن الكنيسة الكاثوليكية تخسر عددًا أكبر من الأعضاء مما تكسبه، على الرغم من أن الأرقام أفضل قليلاً بالنسبة للاحتفاظ بها بين الكاثوليك من أصل إسباني، وتوصلت الدراسة إلى أن هناك اضطراب ديني أقل بكثير بين البروتستانت السود وبين اليهود الذين يبدون سعداء بشكل عام بتقاليدهم الدينية ويميلون إلى البقاء هناك.
لتلك الأسباب تركوا دينهم
أما بالنسبة لسبب ترك الناس لأديانهم، فقد وجدت PRRI أن حوالي ثلثي (67%) الأشخاص الذين تركوا تقليدًا دينيًا يقولون إنهم فعلوا ذلك لأنهم ببساطة توقفوا عن الإيمان بتعاليم هذا الدين، فيما أشار ما يقرب من نصف (47٪) من المشاركين الذين غادروا إلى التدريس السلبي حول معاملة الأشخاص من مجتمع LGBTQ، وكانت هذه الأرقام مرتفعة بشكل خاص مع مجموعة واحدة على وجه الخصوص، وتقول ديكمان: "التعاليم الدينية السلبية حول المثليين تدفع الشباب الأميركيين إلى ترك الكنيسة، فقد وجدنا أن حوالي 60% من الأمريكيين الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا والذين تركوا الدين يقولون إنهم تركوا الدين بسبب تعاليمهم الدينية، وهي نسبة أعلى بكثير من الأمريكيين الأكبر سنًا".
من المرجح أيضًا أن يقول الأمريكيون من أصل إسباني أنهم تركوا دينًا بسبب قضايا LGBTQ، وكذلك من الأسباب الأخرى التي تم ذكرها للمغادرة، الاعتداء الجنسي على رجال الدين والانخراط المفرط في السياسة، ويستند تقرير PRRI الجديد إلى دراسة استقصائية أجريت على أكثر من 5600 شخص بالغ في أواخر العام الماضي، ويقول حوالي ثلث الأميركيين غير المنتمين دينياً إنهم لم يعودوا ينتمون إلى دين طفولتهم لأن الدين كان سيئاً لصحتهم العقلية، وكان هذا الرد هو الأقوى بين المجيبين على LGBTQ.
إنجيل الرخاء
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فقد سأل الاستطلاع أيضًا عن مدى انتشار ما يسمى بـ "إنجيل الرخاء"، ووجدت أن 31% من المشاركين وافقوا على عبارة "إن الله يكافئ دائمًا أصحاب النية الطيبة بالصحة الجيدة والنجاح المالي والعلاقات الشخصية المرضية".
ويميل الأمريكيون السود إلى الاتفاق مع هذه المعتقدات اللاهوتية أكثر من المجموعات العرقية أو الإثنية الأخرى، والجمهوريون أكثر ميلاً إلى اعتناق مثل هذه المعتقدات من المستقلين والديمقراطيين.
"غير المتدينين" أكبر مجموعة منفردة في الولايات المتحدة
وفي يناير الماضي، توصلت دراسة جديدة أجرتها مؤسسة بيو الأمريكية للأبحاث، إلى أن غير المنتمين دينياً - وهي مجموعة تتألف من الملحدين واللأدريين وأولئك الذين يقولون إن دينهم "لا شيء على وجه الخصوص" - هم الآن أكبر مجموعة في الولايات المتحدة، وهم أكثر انتشارًا بين البالغين الأمريكيين أكثر من الكاثوليك، (23%) أو البروتستانت الإنجيليين (24%)، وبالعودة إلى عام 2007، كان "لا شيء" يشكل 16% فقط من الأميركيين، لكن استطلاع بيو الجديد الذي شمل أكثر من 3300 من البالغين الأميركيين يظهر أن هذا العدد قد ارتفع الآن بشكل كبير.
المجموعة باسم "لا شيء".
وقد سأل مركز بيو المشاركين في الاستطلاع عما يؤمنون به، إن وجد، ووجدت منظمة البحث أن لا شيء ليسوا مجموعة موحدة، ويؤمن معظم الأشخاص بالله أو بقوة أعلى أخرى، لكن القليل منهم يحضر أي نوع من الخدمات الدينية، وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن هؤلاء ليسوا جميعاً مناهضين للدين، ويقول معظم الأشخاص إن الدين يسبب بعض الضرر، لكن الكثيرين يعتقدون أيضًا أنه يفعل بعض الخير، ومعظمهم لديهم آراء أكثر إيجابية تجاه العلم من أولئك الذين ينتمون إلى دين معين؛ لكنهم يرفضون فكرة أن العلم يستطيع تفسير كل شيء.
ولا يمكن لأي منها أن تثبت أنها مجموعة سياسية مهمة، فقد كان جريجوري سميث من مركز بيو هو الباحث الرئيسي في الدراسة التي تحمل عنوان "المتدينون" في أمريكا: من هم وماذا يؤمنون"، ويقول إن نمو لا يمكن أن يؤثر على الحياة العامة الأمريكية، ويضيف سميث: "نحن نعلم سياسيًا على سبيل المثال، أن الأشخاص غير المتدينين مميزون جدًا، فهم من بين الدوائر الانتخابية الليبرالية والديمقراطية الأكثر قوة وثباتًا في الولايات المتحدة، وهذا يمكن أن يغير السياسة الانتخابية في العقود المقبلة".
وقد تم الإبلاغ عن القوة السياسية للإنجيليين البيض بشكل جيد في العقود الأخيرة، لكن أعدادهم آخذة في التقلص بينما عدد الأشخاص الأكثر ليبرالية آخذ في الارتفاع، ومع ذلك، يشير سميث إلى أن الأشخاص غير الملتزمين هم أيضًا أقل انخراطًا في الحياة المدنية من أولئك الذين يتعاطفون مع دين ما - فهم أقل عرضة للتصويت، لذا، فبينما يعتبرون أنفسهم ديمقراطيين، فإن إيصالهم إلى صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات قد يشكل تحديا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فی الولایات المتحدة أولئک الذین أکثر من لا شیء إلى أن
إقرأ أيضاً:
هل سمعت من قبل عن “أيام الكلب”؟ إنها أكثر حرارة مما تتخيل!
في كل صيف، ومع ارتفاع درجات الحرارة إلى ذروتها، يظهر في الإعلام الغربي تعبير يعود إلى قرون مضت: “Dog Days of Summer”، أو ما يُعرف تقليدياً بـ”أيام الكلب”.
وراء هذه العبارة تاريخ طويل يجمع بين الرصد الفلكي والموروث الشعبي وتغيرات الطقس، وهي ظاهرة ما تزال تثير الفضول حتى اليوم، خاصة مع تزايد الحديث عن الاحتباس الحراري وطول فترات الحر.
مصطلح “أيام الكلب” لا يُشير إلى الحيوانات الأليفة، بل إلى نجم “الشعرى اليمانية”، ألمع نجم في السماء، والذي يظهر في كوكبة تُدعى “الكلب الأكبر” (Canis Major).
منذ آلاف السنين، لاحظ الإغريق والرومان أن هذا النجم يظهر فجراً في توقيت يتزامن مع أشد أيام الصيف حرارة، وبما أن ظهوره كان يقترن بموجات الحر، فقد ارتبط في أذهانهم بالأمراض، والتوتر، وفترات اللااستقرار، ومن هنا وُلد المصطلح الذي ما زال يُستخدم في اللغة الإنجليزية حتى اليوم، رغم أن الارتباط بين النجم والحرارة لم يثبت علمياً.
في الثقافات القديمة، أخذت هذه الظاهرة معاني متباينة؛ ففي مصر القديمة، كان طلوع الشعرى إشارة إلى فيضان النيل، وهو حدثٌ موسميٌّ كان مؤشراً على موسم خصب.
أما في الموروث الإغريقي والروماني، فقد كانت هذه الأيام تُعد نذير شؤم، وكان الناس يتجنبون اتخاذ قرارات كبيرة أو بدء الحروب خلالها.
العرب بدورهم لم يستخدموا مصطلح “أيام الكلب”، لكنهم قسّموا الصيف إلى مراحل مثل “القيظ” و”جمرة القيظ” التي تشير إلى أكثر فترات فصل الصيف ارتفاعاً في درجات الحرارة، وكان طلوع نجم الشعرى محسوباً في تقاويمهم الفلكية والزراعية.
فلكياً، يُعد ظهور نجم الشعرى اليمانية حدثاً دقيقاً، لكن فترة “القيظ” منه لم يسهل تحديدها بدقة علمياً، ففي التقويم الغربي، تمتد تقليدياً بين 3 يوليو/تموز و11 أغسطس/آب، إلا أن هذه الفترة تختلف من مكان لآخر بحسب خطوط العرض والظروف المناخية.
وفي الشرق الأوسط، مثلاً، تبدأ موجات الحر الشديد في يونيو/حزيران، وغالباً ما تستمر حتى سبتمبر/أيلول، دون أن يُطلق عليها اسم خاص مشابه.
ومع تصاعد حدة التغير المناخي العالمي، باتت هذه الفترة أكثر من مجرد ذكرى موسمية.
وفقاً للبيانات المناخية، فإن “أيام الكلب” باتت تمتد أطول، وتتسم بدرجات حرارة أعلى، مع زيادة في الرطوبة وركود الرياح، هذه الظروف تخلق بيئة مناسبة لارتفاع استهلاك الكهرباء، وتراجع جودة الهواء، وزيادة احتمالات الحرائق، ما يضع الحكومات أمام تحديات إضافية كل عام.
ولا يقتصر تأثير هذه الظاهرة على الطقس فقط، فبحسب دراسات حديثة، تزداد خلال هذه الفترة معدلات الضغط النفسي، والتوتر، ونوبات الغضب.
كما لوحظ ارتفاع في معدلات الجريمة في بعض المناطق، خاصة تلك التي تفتقر إلى وسائل التبريد أو تعاني من تردّي الخدمات الأساسية.
في المدن الكبرى، يُسجَّل ارتفاع ملحوظ في حالات الطوارئ الصحية، نتيجة ضربات الشمس أو الإجهاد الحراري، لا سيما بين كبار السن والعُمّال والمشرَّدين.
على المستوى الثقافي، كانت لهذه الأيام مكانة خاصة في الأدب والفولكلور؛ ففي المسرحيات الإنجليزية الكلاسيكية، كُرّست “أيام الكلب” كرمز لفوضى الصيف واختلال المزاج العام. وتُستخدم عبارة “The dog days are over” في الإنجليزية الحديثة للدلالة على نهاية فترة صعبة.
أما في الثقافة العربية، فلا يوجد مقابل لغوي مباشر، لكن تُستخدم تعبيرات مثل “حرّ لافح” أو “جمرة القيظ”، وتظهر في الأمثال والتحذيرات الشعبية خلال مواسم الصيف القاسية.
التعامل الشعبي مع هذه الفترات يختلف من منطقة لأخرى، حيث يلجأ الناس في الشرق الأوسط إلى تجنّب الحركة في ذروة النهار، وارتداء ملابس خفيفة، والإكثار من السوائل، أما في المدن، فتزداد الحركة في الليل، بينما تعتمد الحكومات على نشرات التوعية الصحية، وتُصدر تحذيرات دورية، وتنصح بتجنب التعرّض الطويل للشمس.
لكن رغم هذه الإجراءات، تظل “أيام الكلب” تمثّل تحدياً متجدداً، خاصة مع تصاعد التغير المناخي، الذي جعل الصيف أكثر شدّة، وغير متوقع في بعض المناطق.
لقد تحوّلت هذه الظاهرة من مؤشر فلكي موسمي إلى مرآة تعكس واقعاً بيئياً متقلّباً، يتطلب مراجعة سياسات التكيّف مع الطقس، لا سيما في الدول التي تعاني من بنية تحتية ضعيفة.
ورغم أن المصطلح قد يبدو غريباً في السياق العربي، إلا أن الظاهرة ذاتها مألوفة لكل من عاش في منطقة حارة، فما تُسمّيه بعض الثقافات “أيام الكلب”، يعرفه سكان الخليج، وبلاد الشام، وشمال أفريقيا، كفصل طويل من التكيّف والتحمّل، وهو ما يجعل هذه الظاهرة فرصة لفهم أعمق للعلاقة المعقّدة بين الطقس والتاريخ والثقافة والإنسان.
بي بي سي عربي
إنضم لقناة النيلين على واتساب