خدعوك فقالوا: فول الصويا بديل اللحوم الأوفر في زمن التضخم
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
في زمن التضخم، أصبح التناول اليومي للحوم الحمراء يرهق كثيرا من العائلات مع وصول أسعار الكيلو الواحد منها إلى نحو 10-14 دولارا في عدد من الدول العربية.
وفي مصر، انتشرت في الآونة الأخيرة عدد من المنتجات التي يروج لها أصحابها على أنها بدائل آمنة للحوم، لا سيما الحمراء، من حيث الطعم والملمس، لاعتمادها على فول الصويا بوصفه مكونا أساسيا بها.
وفي هذا الشأن، رأت اختصاصية الصحة العامة المصرية إيناس عبد الواحد أن الترويج للمنتجات المصنعة من بذور فول الصويا على أنها منتجات آمنة بديلة للحوم "خدعة"، ولا تعكس حقيقة مخاطر إدخال هذه البذور النباتية في عملية تصنيع تقوم بشكل رئيسي على إضافة كثير من مكسبات الطعم والمواد الحافظة والأملاح الخفية، فضلا عن عدم إمكانية أن تكون مصدرا يعوض نسب الأحماض الأمينية الحيوانية الضرورية للنمو وصحة المخ.
وقالت إيناس عبد الواحد للجزيرة نت إن اللجوء للمنتجات المصنوعة من فول الصويا لتعويض غياب اللحوم على مائدة الطعام يفضل أن يكون "استهلاكا عابرا" مرة أو اثنين طوال الشهر بدافع التجربة، خاصة أنه في هذه الحالة لا يهتم المستهلك بالقيمة الغذائية، بل يبحث فقط عن طعم مشابه لما اعتاده عند تناول أنواع من اللحوم المصنعة أو الوجبات التي تعتمد على إضافة كثير من البهارات علي اللحوم، على سبيل المثال.
وأوضحت أن إدخال فول الصويا في عملية تصنيع يفقده فوائده الصحية، وأضافت أن "الفوائد التي يحتوي عليها فول الصويا، ومن بينها ارتفاع نسبة البروتين، يحصل عليها المستهلك عندما يتناوله في صورته الطبيعية الحقيقة، وليس بعد إدخاله في عملية تصنيع تعمل على تكسير جميع هذه الفوائد وتمنح الجسم أضعاف احتياجه من الأملاح".
وتابعت "بشكل عام، تعتمد عمليات التصنيع التي يدخل فيها فول الصويا بشكل رئيسي على إضافة كميات هائلة من المواد الحافظة والأملاح الخفية، وجميعها عناصر تضر الجسم أكثر مما تجعله مصدرا بديلا للبروتين".
وأشارت أيضا إلى أن مكسبات الطعم واللون التي تضاف إلى فول الصويا ليتحول إلى منتج ذي طعم وملمس قريب من اللحم "تسبب مشكلات صحية، بينها سرطان القولون والضغط".
وركزت إيناس عبد الواحد -في حديثها للجزيرة نت- على صعوبة أن يكون فول الصويا مصدرا بديلا رئيسيا للأحماض الأمينية الضرورية لنمو الجسم والعضلات وصحة المخ، التي لا يمكن الحصول عليها إلا من اللحوم الحيوانية.
وأوضحت أن "اللحم يحتوي على جميع الأحماض الأمينية التي يحتاجها الجسم، بينما يفتقر فول الصويا إلى بعضها"، ومثله أيضا جميع البروتينات النباتية الأخرى.
وفي السياق، لفتت اختصاصية الصحة العامة إلى بعض الأضرار المتفق عليها علميا لفول الصويا، ومن بينها تأثيره السلبي على هرمونات الجسم لاحتوائه على مادة "إيزوفلافون" التي لها تأثير مشابه لهرمون الإستروجين الجنسي الأنثوي والذي يحمل أضرارا لبعض النساء المصابات بسرطان الثدي والذكور.
وعلى هذا النحو، تحدثت عن منتج آخر يثبت ما تشكله عمليات التصنيع من مخاطر على صحة الإنسان، وقالت إن منتجات بدائل السكر والمحليات الصناعية من أبرز الأدلة التي أثبتت أن كثيرا من عمليات التصنيع تهدد بالفعل صحة الإنسان.
وتابعت في حديثها للجزيرة نت "بعدما كنا نصف لسنوات المحليات الصناعية، كسكر السكروز، لمرضى السمنة والسكري، أثبتت الأبحاث في ما بعد أن المحليات الصناعية تؤدي إلى ارتفاع خطر الإصابة بمرض السكري، وبشكل خاص التي تحتوي على مركب السكارين ومركب السكرالوز".
بدائل أكثر نفعاوباعتبار فول الصويا من عائلة البقوليات، نصحت اختصاصية الصحة العامة باللجوء إلي الحمص أو البرغل كونهما مصادر أكثر أمنا وصحة للبروتين.
وقالت إن كثيرا من الوصفات التي تعتمد على الحمص والبرغل "تكون في صورتهما الطبيعية، وهو ما يميزهما ويجعلهما أكثر توافقا مع احتياجات الجسم".
وأعطت مثالا بالأكلة التركية "تشي كفتة" التي صنفتها بديلا صحيا للحوم الحيوانية لعدم إدخالها في عمليات تصنيع مضرة بل تعتمد على البرغل في صورته الطبيعية مع إضافة بعض البهارات.
و"تشي كفتة" هي أكلة شهيرة في تركيا من قائمة المقبلات، تسمى "أكلة البسطاء"، وكانت تعد قديما من اللحم المفروم النيئ، لكن تمت الاستعاضة عنه -في ما بعد لأسباب صحية مرتبطة بأضرار تناول اللحوم النيئة- بالبرغل الناعم مع إضافة الطماطم والبهارات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات فول الصویا
إقرأ أيضاً:
الحرب على الفلورايد تحرز تقدما
في تحول لافت، بدأت ولايات وبلديات أمريكية بإلغاء إضافة الفلورايد إلى مياه الشرب العامة، في ما يمكن اعتباره انتصارًا لحق الأفراد في اتخاذ القرار بشأن ما يدخل أجسادهم.
ولاية يوتا كانت السباقة، حيث وقع الحاكم سبنسر كوكس، في مايو 2025، قانونًا يحظر تمامًا إضافة الفلورايد، رغم اعتراضات المؤسسات الطبية. وعلى خطاها، أعلنت فلوريدا عزمها المضي في الاتجاه نفسه، بدعم من الحاكم رون ديسانتيس، الذي رفع شعار “حرية الاختيار” كأولوية على “التوجيه الصحي”.
امتدت القرارات إلى مقاطعات مثل ميامي-ديد وكولير، ومدينة ستيت كوليدج، التي صوتت ضد إضافة الفلورايد، مستندة إلى مخاوف تتعلق بالتلوث البيئي، والحرية الطبية، وحق الإنسان في السيطرة على ما يستهلكه.
هذه الحركات المحلية تعكس تحوّلًا جذريًا في العلاقة بين الدولة والمواطن. لم تعد المسألة “نحن نعلم ما هو الأفضل لكم”، بل “نحن نحترم حقكم في أن تعرفوا وتختاروا”. دوافع هذا الرفض متعددة، من القلق بشأن تأثيرات الفلورايد على تطور الدماغ عند الأطفال، إلى ارتباطه المحتمل بانخفاض الذكاء، والتأثير على الغدة الدرقية والعظام، ووصولًا إلى مطلب إنساني أساسي: ألا يُفرض عليك شيء حتى لو كان بحجة الوقاية.
ما يحدث ليس انتصارًا لأصحاب “نظريات المؤامرة” كما يُتهم البعض، بل دليل على أن المجتمعات تطالب بالشفافية، بالتوازن، وبأن تُعامل كعقول تفكر لا أجساد تُحقن. لقد أصبح الماء – هذا العنصر النقي – ساحة معركة بين الحرية والسيطرة، بين البحث العلمي القديم والأدلة الحديثة، بين من يريد فرض “الخير” بالقوة، ومن يطالب بأن يُترك له حق اختيار ما يراه خيرًا.
هذه ليست حربًا على الطب، بل دفاع عن حق الإنسان أن يكون شريكًا في قرارات تمس صحته، لا مجرد متلقيًا لها.