جيش الاحتلال يقدم خطة للأمم المتحدة بهدف تفكيك وكالة الأونروا
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا حصريا، كشفت فيه ع تقديم دولة الاحتلال الإسرائيلي مقترحا إلى الأمم المتحدة من أجل حل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، في وقت حذر فيه مسؤولو الإغاثة أن نقل صلاحيات أونروا لمنظمة أخرى تابعة إلى الأمم المتحدة سيكون كارثيا وبخاصة وسط المجاعة التي تتشكل في قطاع غزة.
وقالت في التقرير الذي أعده مراسلها في واشنطن جوليان بورغر ومراسلتها في إسطنبول روث مايكلصن، وترجمته "عربي21"، إن "إسرائيل قدمت مقترحا إلى الأمم المتحدة لتفكيك أونروا، وكالتها في المناطق الفلسطينية ونقل فريقها إلى وكالة بديلة لكي تقوم بإيصال شحنات الطعام وعلى قاعدة واسعة إلى غزة، وذلك بحسب مصادر في الأمم المتحدة".
وأضافت أن المقترح قدمه في الأسبوع الماضي رئيس هيئة الأركان المشتركة في جيش الاحتلال الإسرائيلي الجنرال هيرزل هاليفي لمسؤولي الأمم المتحدة في "إسرائيل"، والذين قاموا بتحويله إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غويتريش، حسب مصادر مطلعة على الأمر.
وذكرت أن "أونروا لم تكن مشاركة في المحادثات حيث رفض الجيش الإسرائيلي التعامل معها منذ الاثنين الماضي، وبناء على مزاعم، لم يتم إثباتها بعد، وأن بعضا من العاملين في الوكالة مرتبطون بحماس والجهاد الإسلامي في غزة".
ولفت التقرير إلى مزاعم الاحتلال الإسرائيلي أنه "مستعد لإدخال كميات كبيرة من المساعدات إلى غزة وأن العامل المحدد أمام القيام بهذا هي قدرة الأمم المتحدة. مع أن قرارها عدم التعامل مع أونروا يؤثر وبشكل كبير على القدرة هذه". ولم يتطرق التقرير إلى تعمد الاحتلال استهداف منتظري المساعدات الإنسانية في قطاع غزة وعرقلة دخول مواد الإغاثة رغم تفاقم المجاعة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه "بناء على الشروط المقدمة الأسبوع الماضي، سيتم نقل ما بين 300- 400 موظفا في أونروا إلى واحدة من مؤسسات الأمم المتحدة مثل برنامج الغذاء العالمي أو منظمة تقام خصيصا لتوزيع الطعام في غزة. أما بقية الموظفين في الوكالة فسيتم نقلهم على مراحل ومن ثم تحويل أرصدتها".
وقالت إن دولة الاحتلال "لم تقدم تفاصيل عن المقترح ولم تجب على من سيدير الخطة الجديدة أو من سيوفر الأمن لقوافل الإغاثة". وتعلق الصحيفة أن اونروا التي تقدم الخدمات للفلسطينيين منذ عام 1950 تم تجاهلها في النقاشات، مع أنها أكبر لاعب في الخدمات الإنسانية في المناطق الفلسطينية.
ونقل التقرير عن مديرة الشؤون الخارجية في "أونروا"، تمارا الرفاعي، قولها إن "أونروا لم تكن مطلعة بشكل منهجي على الحوارات المتعلقة بتنسيق الإغاثة الإنسانية إلى غزة".
ولفت إلى أن مسؤولين في الأمم المتحدة يرون أن الخطة الإسرائيلية هي محاولة لإظهار أونروا وكأنها العائق أمام وصول المساعدات وأنها لا تريد التعاون حالة استحكمت المجاعة في غزة. وفي يوم الخميس، أمرت محكمة العدل الدولية التي تنظر في اتهامات ارتكاب إسرائيل إبادة في غزة، إسرائيل بـ "اتخاذ كل الإجراءات الضرورية والفعالة" والتأكد من وصول مساعدات واسعة إلى غزة و "بتعاون كامل مع الأمم المتحدة".
ويرى مسؤولون في داخل الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية أن المقترح هو "ذروة حملة تشنها إسرائيل لتدمير أونروا". ونقلت الصحيفة عن مسؤول في الأمم المتحدة قوله: "لو سمحنا بهذا، فهذا منزلق يجعل إسرائيل تديرنا مباشرة والأمم المتحدة متواطئة بتدمير أونروا التي ليست فقط أكبر مزود للإغاثة الإنسانية بل ومعقل مكافحة التطرف في غزة"، مضيفا و"سنكون طرفا في الكثير من الأجندات السياسية لو سمحنا بهذا".
وقالت الرفاعي إن "حجم الكيان الصغير المقترح لتوسيع المساعدات سيعرقل من قدرته على تقديم العون لغزة وبشكل فعال وفي وقت تعتبر فيه الحاجة ماسة".
وأضافت أن "هذا ليس انتقادا لبرنامج الغذاء العالمي، لكنهم لو بدأوا بتوزيع الطعام في غزة غدا، فسيستخدمون شاحنات أونروا وإيصال الطعام إلى مخازنها ومن ثم توزيع الطعام ونقله إلى ملاجئ أونروا" و"سيحتاجون بالتالي إلى نفس البنية التحتية التي نملكها بما في ذلك القوى البشرية".
وتعتبر أونروا من أضخم مؤسسات الإغاثة في غزة بطاقم مكون من 13,000 موظفا وقت اندلاع العدوان، منهم 3,000 يمارسون مهامهم اليوم، إلى جانب عشرات الألاف من الموظفين في الضفة الغربية المحتلة ومناطق أخرى في الشرق الأوسط.
وإلى جانب توزيع الطعام والحاجيات الأساسية، توفر الوكالة المدارس والمراكز الصحية والملجأ. وقالت الرفاعي في حديثه للصحيفة: "لا نقدم فقط الطعام، فلدينا مراكز صحية عاملة في غزة ونقدم استشارة يومية لـ 23,000 شخصا وقدمنا 53,000 لقاحا للأطفال ومنذ بداية الحرب. وهذا بحد ذاته مجال لا يمكن لأي وكالة أخرى تقديمه الآن". وأضافت "من المهم أننا نركز على الطعام بسبب المجاعة، ونحن نحذر من فقر التغذية، لكن أونروا هي أكبر من مجرد توزيع الطعام".
ويزعم الاحتلال أن 11% من موظفي أونروا مرتبطون بحركة حماس والجهاد الإسلامي، وأن 30 شخصا شاركوا في هجمات السابع من تشرين الأول /أكتوبر الماضي.
وشدد التقرير على أن دولة الاحتلال "لم تقدم أدلة مقنعة عن تورط موظفي الوكالة والذي قاد إلى تعليق الولايات المتحدة 450 مليون دولار تساهم فيها بمالية الوكالة، وتبعتها 16 دولة، في وقت يعاني فيه 2.3 مليون فلسطيني من خطر المجاعة".
وأقر الكونغرس الأمريكي قانون نفقات شمل على بند يمنع تمويل الولايات المتحدة للوكالة الدولية في المستقبل، فيما استأنفت دول أخرى التمويل مثل كندا وأستراليا والاتحاد الأوروبي الدعم.
وأعلنت الأمم المتحدة عن تحقيقين، الأول يقوم بالتحقيق في مزاعم الاحتلال، حيث لم تظهر الأخيرة تعاونا ولم تقدم أدلة بشأن مزاعمها. أما التحقيق الثاني، فتترأسه وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا وتدعمه ثلاث مراكز أبحاث في شمال أوروبا لمراجعة نزاهة الوكالة.
وقدمت كولونا تقريرا مؤقتا في 20 آذار /مارس الجاري، قالت فيه إن أونروا لديها "آليات مهمة وإجراءات للتأكد من حياديتها، مع أن هناك بعض المجالات المهمة الواجب معالجتها".
وقالت الصحيفة، إن خلف الأضواء في الأمم المتحدة، دعمت الولايات المتحدة الجهد الإسرائيلي لتفكيك مهام أونروا، لكن الجهود هذه واجهت مقاومة من الدول المانحة وغويتريش الذي قدم دعمه الكامل لها، بحسب دبلوماسيين.
وفي زيارة لمخيم لاجئين بالأردن، الأسبوع الماضي، قال الأمين العام للأمم المتحدة إن "علينا القيام بكل جهد لإبقاء الخدمات الفريدة التي تقدمها أونروا لأننا نبقي على الأمل متدفقا"، مضيفا أنه "من القسوة بمكان وغير المفهوم وقف خدمات أونروا للفلسطينيين".
وتأتي صلاحيات وتفويض أونروا من الجمعية العامة للأمم المتحدة التي بيدها قرار مصير الوكالة.
ولفتت الصحيفة إلى أن مسؤولين في الأمم المتحدة يرون أن أونروا هي الوحيدة التي تملك المصادر والتي يثق بها الفلسطينيون لتقديم الخدمات إلى غزة. كما أن محاولة خلق منظمة جديدة لأسباب سياسية ووسط القصف الإسرائيلي والمجاعة التي تتشكل سيكون لها آثار كارثية.
وقال كريس غانيس، المتحدث السابق باسم أونروا: "أمر يثير الغضب مشاركة مسؤولين في الأمم المتحدة مثل برنامج الغذاء العالمي في محادثات لتفكيك أونروا" و "الجمعية العامة هي من تحدد صلاحيات أونروا والجمعية العامة هي التي تغيرها وليس الأمين العام أو دولة عضو" في الأمم المتحدة.
تجدر الإشارة إلى أن "الأونروا" تأسست بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، والقطاع، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمشكلتهم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة الأونروا امريكا غزة الاحتلال الأونروا صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الأمم المتحدة للأمم المتحدة إلى غزة إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
توماس فريدمان: مستقبل إسرائيل كدولة طبيعية مهدد بين الأمم
في مقال تحليلي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، وجّه الكاتب والمحلل السياسي توماس فريدمان رسالة مباشرة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، محذرا فيها من خطورة السياسات التي تتبعها حكومة الاحتلال الإسرائيلي الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو، والتي وصفها بأنها لم تعد تتصرف كحليف موثوق للولايات المتحدة.
واستهل فريدمان رسالته بالإشارة إلى دعم بعض سياسات ترامب خلال ولايته الثانية، باستثناء مقارباته المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط، معبّرا عن ارتياحه لقرار الرئيس بعدم لقاء نتنياهو خلال زيارته المرتقبة للمنطقة، حيث اعتبر ذلك مؤشراً على إدراك متنامٍ لحقيقة أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تعمل ضد المصالح الحيوية لأمريكا في المنطقة.
ويؤكد فريدمان أن نتنياهو أخطأ التقدير حين ظن أنه يستطيع التلاعب بترامب كما فعل مع رؤساء أمريكيين سابقين، ويثني على الرئيس لقيامه بإشارات واضحة في مفاوضاته مع قوى إقليمية مثل حماس وإيران والحوثيين، بأنه لا يخضع لأي إملاءات من نتنياهو، ما دفع الأخير إلى حالة من الذعر السياسي.
ويضيف أن الشعبين الأمريكي والإسرائيلي يحتفظان بروابط تاريخية وثقافية عميقة، إلا أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي يتزعمها ائتلاف يميني متطرف ذي نزعة قومية٬ لم تعد تضع تحقيق السلام مع العرب في سلم أولوياتها، بل تركز على ضم الضفة الغربية، وطرد الفلسطينيين من غزة، وإعادة بناء المستوطنات فيها، وهي سياسات يرى فريدمان أنها تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة وتُقوّض النظام الأمني الإقليمي الذي بنته الولايات المتحدة على مدار عقود.
ويعود فريدمان إلى جذور هذا التحالف الأميركي-العربي-الإسرائيلي، فيُذكّر بأن أساسه وُضع بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973 من قبل إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر، اللذين نجحا في إبعاد الاتحاد السوفيتي وتعزيز الهيمنة الأمريكية في المنطقة من خلال دبلوماسية معقدة أفضت إلى اتفاقيات فك الاشتباك ثم معاهدة كامب ديفيد، ما مهّد لاحقاً لاتفاقيات أوسلو، وترسيخ منظومة أمنية شرق أوسطية تخدم المصالح الأمريكية.
إلا أن فريدمان يرى أن هذا البناء الاستراتيجي القائم على الالتزام بحل الدولتين، مقابل اعتراف فلسطيني بدولة الاحتلال الإسرائيلي ونزع سلاح الدولة الفلسطينية المستقبلية، يتعرض الآن للانهيار بسبب سياسات حكومة نتنياهو. فمنذ عودته إلى السلطة في أواخر عام 2022، جعل نتنياهو من ضم الضفة الغربية أولوية، متجاهلاً الجهود الأمريكية الرامية إلى الحفاظ على استقرار المنطقة.
ويشير الكاتب إلى أن إدارة الرئيس السابق جو بايدن سعت على مدار عام لإقناع نتنياهو بقبول فتح حوار مع السلطة الفلسطينية حول تسوية سياسية مستقبلية، وهو شرط سعودي لتطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، كان من الممكن أن يفضي إلى تحالف إقليمي جديد يوازن نفوذ إيران ويحد من التغلغل الصيني، ويُترجم بمعاهدة أمنية بين واشنطن والرياض.
لكن نتنياهو رفض هذا المسار تحت ضغط حلفائه من المتطرفين اليهود في حكومته، والذين هددوا بإسقاطه في حال التنازل. كما أن نتنياهو، الغارق في قضايا فساد ومهدد بالسجن، متمسك بمنصبه لحماية نفسه من الملاحقة القضائية.
ويقول فريدمان إن نتنياهو بهذا السلوك لا يخدم لا الاحتلال الإسرائيلي ولا الولايات المتحدة، بل يقدّم مصالحه الشخصية على المصلحة الوطنية للطرفين.
ويتابع الكاتب أن التطبيع بين السعودية والاحتلال لو تم، لفتح الأبواب أمام تعاون اقتصادي وثقافي غير مسبوق بين إسرائيل والعالم الإسلامي، ولأسهم في تخفيف التوتر الديني على المستوى الدولي، وعزز الدور الأمريكي الإقليمي لعقود قادمة.
غير أن محاولات نتنياهو، على مدار عامين، لخداع الجميع أفشلت هذا المسار، وأجبرت الأمريكيين والسعوديين على استبعاده من أي اتفاق، ما اعتبره فريدمان خسارة مؤسفة لإسرائيل والشعب اليهودي على حد سواء.
ويستشهد فريدمان بتقرير لوكالة "رويترز" أشار إلى أن الولايات المتحدة لم تعد تشترط تطبيع العلاقات بين السعودية والاحتلال الإسرائيلي للمضي في اتفاقات التعاون النووي المدني مع الرياض، في دلالة على تغير المقاربة الأمريكية.
ومما يزيد الطين بلة، بحسب فريدمان، أن نتنياهو يستعد لشن هجوم عسكري واسع على قطاع غزة، في خطة ترمي إلى حشر سكان القطاع في مساحة ضيقة جداً بين البحر والحدود المصرية، بالتزامن مع تسريع ضم الضفة الغربية.
ويحذر الكاتب من أن هذه الحملة قد تقود إلى مزيد من اتهامات جرائم الحرب ضد الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً في ظل التوقعات باستخدام الجيش الإسرائيلي لقوة مفرطة قد تدمر ما تبقى من البنية التحتية المدنية، وتؤدي إلى موجات نزوح ومجاعات، بما يعرّض قادة إسرائيل للملاحقة القانونية، وعلى رأسهم رئيس الأركان إيال زامير.
ويضيف أن تداعيات هذه السياسات قد تمتد إلى خارج حدود فلسطين، مهددة استقرار دول حليفة لأميركا مثل الأردن ومصر، اللتين تخشيان من أن تؤدي سياسات نتنياهو إلى تهجير الفلسطينيين باتجاه أراضيهما، ما قد يشعل اضطرابات إقليمية خطيرة.
وينقل فريدمان عن هانز ويكسل، المستشار السياسي السابق للقيادة المركزية الأميركية، قوله إن "اليأس الفلسطيني المتزايد يُضعف الرغبة الإقليمية في المضي قدماً في مشروع التكامل الأمني بين واشنطن والعرب وإسرائيل، وهو المشروع الذي كان يمكن أن يمنح الولايات المتحدة مزايا استراتيجية طويلة الأمد دون الحاجة لوجود عسكري كبير".
ويختتم فريدمان مقاله بنداء موجه لترامب يحثه فيه على الإصغاء لحدسه المستقل، محذراً من أن مستقبل إسرائيل كدولة طبيعية بين الأمم مهدد، مشيراً إلى أن أحفاده اليهود قد ينشؤون في دولة منبوذة دولياً، إن استمرت السياسات الحالية.