على الرغم من الدوران في حلقة مفرغة من الفقر والجوع لعقود على الرغم مما يزخر به باطن أرضها وظهرها من خيرات إلا أن القارة الإفريقية تحاول مؤخرا باستماتة أن تقطع ما يشدها للخلف.
إقرأ المزيديظهر نشاط القارة الإفريقية المتزايد في بحثها عن شركاء موثوقين في مختلف القارات وبمختلف المجالات، وذلك للاستفادة من تجارب الآخرين، وفي هذا الإطار تأني قمة "روسيا – إفريقيا" الحالية المنعقدة في مدينة سان بطرسبوغ.
من الضروري في هذا السياق التذكير بأن القارة السمراء، مهد البشرية قاطبة، تحتل المرتبة الأولى بين القارات الأخرى في احتياطيات الماس والذهب والبلاتين والمنغنيز والكروميت والبوكسيت والفوسفوريت، علاوة على وجود احتياطيات كبيرة من الفحم والنفط والغاز الطبيعي والنحاس والحديد واليورانيوم وخامات الكوبالت. كما تتميز المواد الخام في القارة الإفريقية عادة بجودة عالية وتكاليف إنتاج منخفضة.
ومن الناحية التفصيلية، يوجد في إفريقيا 89 ٪ من احتياطيات البلاتين في العالم، و60 ٪ من الماس، و53 ٪ من الكوبالت، و37 ٪ من الزركونيوم ، و34 ٪ من الكروم.
النافس الخارجي على الاراضي الزراعية الإفريقية:
علاوة على كل ذلك تتمتع القارة في العديد من دولها بتوفر سهول شاسعة بظروف مناخية ومائية صالحة للزراعة، ومع ذلك تعاني بلدان في القارة من أزمات جوع مزمن، وتعيش عدة دول على مساعدات الأمم المتحدة الغذائية.
اللافت أن دولا كبرى من مختلف القارات منذ عام 2008، بدأت في تأجير وشراء أراض في القارة الإفريقية لتأمين احتياجاتها من منتجات محددة.
وتعد القارة السمراء في الوقت الحالي الأكثر جاذبية في مجال معاملات بيع الأراضي بسبب انخفاض التكلفة وسهولة الإجراءات المحلية، وانخفاض انخفاض تكاليف الإنتاج.
المساحة الإجمالية للأراضي المشتراة أو المؤجرة في إفريقيا من قبل الشركات الأجنبية تقدر بأكثر من 60 مليون هكتار.
على سبيل المثال تمتلك الصين في الكونغو وحدها حوالي 3 ملايين هكتار من الأراضي التي تم شراؤها لإنتاج زيت النخيل، وبغرض مماثل، اشترت بكين 2 مليون هكتار من الاراضي في زامبيا، وما يقرب من 1 مليون هكتار في موزمبيق وتنزانيان بهدف زراعة الأرز.
الهند هي الأخرى دخلت هذا الميدان، وتمتلك الشركات الهندية حاليا عدة ملايين من هكتارات الأراضي الزراعية، لتأمين احتياجاتها من سلع زراعية ضرورية.
الشركات الأوروبية والأمريكية دخلت هي الأخرى على خط، وهي تمتلك حاليا مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية تقدر بمئات الآلاف من الهكتارات في عدة دول مثل الموزمبيق وتنزانيا ومناطق أخرى.
وهكذا تظهر الصورة المتناقضة للقارة الإفريقية فهي على الرغم من مواردها الطبيعية والبشرية الضخمة تعد متخلفة عن المستويات الاجتماعية والاقتصادية العالمية، ولا يتجاوز نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في أكثر دولها فقرا 300 دولار أمريكي.
هذه الحالة المزمنة من التخلف والفقر تعزى إلى أزمات موروثة من العهد الاستعماري، إضافة إلى هيمنة العمل اليدوي والتعليم الضعيف والهجرة بحثا عن حياة أفضل.
روسيا تقدم حلولا عملية للقارة الإفريقية:
بهذه المناسبة من سان بطرسبوغ، لخص أوليغ شينديريوك وهو مدير الاستشارات في شركة "ياكوف" الروسية فرادة الدور الروسي في ثلاثة عوامل، مشيرا إلى وجود "عوامل تجعل روسيا شريكا فريدا، فعليا، الضامن الوحيد للأمن الغذائي لأفريقيا. أولاً وقبل كل شيء، تجربتنا الخاصة، قبل 15 عاما، لم يكن لدى روسيا أمن غذائي، ولكن خلال هذه السنوات الـ 15 قمنا ببنائه، وبالنسبة لمعظم المحاصيل الزراعية، بالنسبة لمعظم المؤشرات، نحن بلد مكتف ذاتيا. علاوة على ذلك، نحن نؤمن احتياجات قسم كبير من العالم".
المسألة التالية التي تعطي أهمية خاصة للدور الروسي في تحقيق الأمن الغذائي للقارة الإفريقية تتمثل في أن "روسيا هي الدولة الوحيدة الموجودة في جميع أنحاء السلسلة المحددة للقيمة والتكلفة، لدينا الحبوب والأسمدة والآلات والتقنيات والأشخاص المؤهلين".
هكذا تمد روسيا يدها إلى القارة عارضة عليها خبرتها في تحقيق الأمن الغذائي في زمن قياسي. تنمية من الداخل إلى الداخل، في ذلك تكمن فرادتها وتميزها عن عروض الآخرين.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا أرشيف إفريقيا بطرسبورغ القارة الإفریقیة
إقرأ أيضاً:
لا تقدم في الأفق بشأن عملية السلام بين روسيا وأوكرانيا بعد رفض بوتين لقاء زيلينسكي في تركيا
إسطنبول "رويترز": تراجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم عن الذهاب إلى تركيا للقاء نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وأرسل بوتين مجموعة من المستشارين ونواب الوزراء لإجراء محادثات سلام مع أوكرانيا في إسطنبول، بينما قوّض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال جولته في الخليج، فرص تحقيق تقدم كبير عندما قال إنه لن يكون هناك تحرك في محادثات السلام إذا لم يجتمع هو مع بوتين.
وقال زيلينسكي إن قرار بوتين عدم الحضور وإرساله فريقا وصفه بأنه "شكلي" يظهر عدم جدية الرئيس الروسي في إنهاء الحرب.
وأضاف أنه لن يذهب بنفسه إلى إسطنبول وسيرسل فريقا برئاسة وزير الدفاع سيكون مكلفا بمناقشة وقف إطلاق النار. ولم يتضح بعد موعد بدء المحادثات فعليا.
وذكر زيلينسكي بعد لقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة أنه "لا يُمكننا أن نجوب العالم بحثا عن بوتين".
ويؤيد زيلينسكي وقف إطلاق نار فوريا وغير مشروط لمدة 30 يوما، لكن بوتين قال إنه يريد أولا بدء محادثات لمناقشة تفاصيل هذه الهدنة.
وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الحرب تتمتع روسيا بالتفوق في ساحة المعركة وتقول إن أوكرانيا قد تستغل وقف الحرب في استدعاء قوات إضافية والحصول على أسلحة أخرى من الغرب.
ويقول ترامب وبوتين منذ شهور إنهما حريصان على لقاء بعضهما البعض لكن لم يتحدد أي موعد للقائهما بعد.
وبعد ممارسة ضغوط شديدة على أوكرانيا ومشادة كلامية مع زيلينسكي في اجتماع بالمكتب البيضاوي في فبراير أبدى ترامب استياءه بشكل متزايد تجاه موقف بوتين في الأسابيع القليلة الماضية وهدد بفرض عقوبات إضافية على التجارة الروسية.
وقال ترامب للصحفيين على متن طائرة الرئاسة الأمريكية قبل هبوطها في دبي "لن يحدث شيء حتى نجتمع أنا وبوتين". ويبدو أن تعليقه قوّض بشكل أكبر إمكانية تحقيق تقدم دبلوماسي في تركيا.
ارتباك دبلوماسي
يُعد الارتباك الدبلوماسي دليلا على شدة العداء بين الطرفين المتحاربين وعدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب، الذي أثار تدخله منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير استياء أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين بشدة.
وفي الوقت الذي كان فيه زيلينسكي ينتظر بوتين في أنقرة دون جدوى، لم يجد فريق التفاوض الروسي في إسطنبول أي شخص يتواصل معه من الجانب الأوكراني. وتجمع نحو 200 صحفي بالقرب من قصر دولمة بهجة على مضيق البوسفور، وهو المكان الذي حدده الروس لحضور المحادثات.
ويتنازع الطرفان المتحاربان منذ أشهر على لوجستيات وقف إطلاق النار ومحادثات السلام، ويحاول كلاهما أن يظهر لترامب الجدية بشأن تحقيق السلام وإنهاء ما يصفه "بالحرب الحمقاء".
وسقط مئات الآلاف من الجانبين ما بين قتيل وجريح في أعنف صراع تشهده أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وهددت الولايات المتحدة مرارا بالانسحاب من المحادثات ما لم يتم إحراز تقدم واضح.
وقال الرئيس الأمريكي اليوم إنه سيتوجه إلى المحادثات في تركيا اليوم إذا كان ذلك "مناسبا".
وأضاف "آمل فقط أن تتمكن روسيا وأوكرانيا من فعل شيء ما. يجب أن يتوقف هذا".
واتهمت روسيا أوكرانيا "بمحاولة عمل استعراض" حول المحادثات. وقال كبير المفاوضين الروس إن موسكو مستعدة لبدء العمل الجاد ومناقشة التسويات الممكنة.
وعندما سُئل عما إذا كان بوتين سينضم إلى المحادثات في وقت لاحق، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف "من السابق لأوانه الآن معرفة نوع المشاركة المطلوبة وعلى أي مستوى ستكون... الوفد الروسي جاهز، وينتظر في إسطنبول".
وأعلنت روسيا اليوم أن قواتها سيطرت على بلدتين جديدتين في منطقة دونيتسك الأوكرانية. وذكّرت المتحدثة باسم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الصحفيين بتصريحه العام الماضي بأن أوكرانيا "تتقلص" في غياب اتفاق لوقف القتال.
أول محادثات منذ ثلاث سنوات
إذا مضت المحادثات قدما، فسيتعين عليها معالجة الهوة بين الجانبين بشأن مجموعة من القضايا.
ويرأس الوفد الروسي المستشار الرئاسي فلاديمير ميدينسكي وزير الثقافة السابق الذي أشرف على إعادة صياغة كتب التاريخ المدرسية لتعكس رواية موسكو للحرب. ويضم الوفد نائب وزير الدفاع، ونائب وزير الخارجية، ورئيس المخابرات العسكرية.
وشارك أعضاء رئيسيون من الفريق، بما في ذلك ميدينسكي، في محادثات بإسطنبول في مارس عام 2022، وهو ما يشير إلى أن موسكو تريد المتابعة من حيث ما انتهت إليه المحادثات السابقة.
لكن الشروط التي كانت قيد المناقشة آنذاك، حينما كانت أوكرانيا لا تزال تعاني من آثار الغزو الروسي في بدايته، لم تكن في صالح كييف. وشملت هذه الشروط مطلبا روسيا بخفض كبير في قوام الجيش الأوكراني.
وبعد سيطرة القوات الروسية الآن على ما يقرب من خُمس مساحة أوكرانيا، تمسك بوتين بمطالبه القديمة لكييف بالتنازل عن بعض الأراضي، والتخلي عن طموحاتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، والتحول إلى دولة محايدة.
وترفض أوكرانيا هذه الشروط باعتبارها ترقى إلى الاستسلام، وتسعى للحصول على ضمانات لأمنها المستقبلي من القوى العالمية، ولا سيما من الولايات المتحدة.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إن زيلينسكي أظهر حسن نيته بزيارة تركيا، لكن هناك "كرسيا فارغا" كان ينبغي أن يجلس عليه بوتين.
وأضاف "يماطل بوتين ومن الواضح أنه لا يرغب في الدخول في مفاوضات السلام هذه، حتى عندما عبر الرئيس ترامب عن استعداده ورغبته في تسهيل هذه المفاوضات".
وفي تسليط للضوء على مستوى التوتر بين روسيا والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، قالت إستونيا إن موسكو أرسلت لفترة وجيزة طائرة عسكرية إلى المجال الجوي لحلف شمال الأطلسي فوق بحر البلطيق خلال محاولة البحرية الإستونية إيقاف ناقلة نفط متجهة إلى روسيا يعتقد أنها جزء من "أسطول ظل" يتحدى العقوبات الغربية على موسكو.
سلام طويل الأمد
قال فلاديمير ميدينسكي، رئيس الوفد الروسي في محادثات السلام مع أوكرانيا في تركيا،اليوم إن موسكو تسعى لتحقيق سلام طويل الأمد مع كييف من خلال البحث عن أرضية مشتركة وإزالة أسباب الصراع.
وأضاف ميدينسكي، الذي ساعد في قيادة محادثات جرت في 2022، أن روسيا تعتبر المحادثات في إسطنبول استمرارا لمحادثات 2022 التي باءت بالفشل.
ومضى قائلا للصحفيين في إسطنبول "نعتبر هذه المفاوضات استمرارا لعملية السلام في إسطنبول، التي أوقفها الجانب الأوكراني، للأسف، قبل ثلاث سنوات".
وتقول كييف إن الشروط التي عرضتها روسيا عليها في عام 2022 غير مقبولة، وتعتبر بمثابة استسلام.
وقال ميدينسكي "الوفد عازم على أن يكون (له موقف) بناء، وأن يبحث عن حلول ممكنة وأرضية مشتركة. مهمة المفاوضات المباشرة مع الجانب الأوكراني هي تحقيق سلام دائم، عاجلا أو آجلا، من خلال القضاء على الأسباب الجذرية للصراع".
وبعد أيام من إرسال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عشرات الآلاف من الجنود إلى أوكرانيا في فبراير شباط 2022، بدأت روسيا وأوكرانيا محادثات في روسيا البيضاء انتقلت لاحقا إلى إسطنبول. وعُرف مشروع جرت مناقشته هناك ووضع إطارا لتسوية محتملة باسم (بيان إسطنبول).
وانتهت محادثات عام 2022 في مايو أيار لكن المسؤولين الروس لطالما أشاروا إلى إمكانية التوصل إلى تسوية على غرار بيان إسطنبول. كما أشار ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى مسودة عام 2022 كدليل محتمل نحو السلام في المستقبل.