من فَرْطِ ثقتي في الجيش ، أنني في اليومين الأولين لهجوم مليشيا أولاد دقلو كنت أراهن أبنائي ، أن الجيش سيحسم أمرهم في يومين ثلاثة ومضت أسابيع وأصبحوا يتندرون عليّ ثم أصبحت ألتمس للجيش المعاذير . وقلت :
حسبي – وإن مزّق الخذلانُ أوردتي
أنّي صدقتُ ولم يظهر بِيَ الوَجَلُ .
وها نحنُ أولاءِ ندخل العام الثاني !!!
وبالأمس هجمت المليشيا على الدرادر وقتلت تسعة من شبابنا النضير وجرحت العشرات ثم نهبت ومارست كل جرم
وقبلها اجتاحت قرى ود آمنة والخور واب سير وغيرها كثير .


وقبل ثلاثة أيام رأيت صورة لأهلنا في الحلاوين وهم ينزحون ، فطافت بذهني صورة الفلسطنيين وهم ينزحون من دير ياسين في 1948 ، هلعاً من عصابات شتيرن والأرغون الصهيونية .
تكرار لنفس الصورة المأساوية ورأيت من بينهم سيدة من الحلاوين وهي تحمل وليدها :
أثوابها رَثّةٌ والرجلُ حافيةٌ
والدمعُ تذرُفُهُ في الخدِّ عيناها
قُتِلَ الذي يحميها ويُسعدُها
فالدهرُ من بعدهِ بالفقرِ أشقاها
الموتُ أفْجَعَها والفقرُ أوجعها
والهمُ أنْحَلَها والغَمُّ أضْنَاهَا
مأساةٌ موجعةٌ تُدمي القلبَ وتفطِر الفؤاد :
ماتت جميعُ أحاديثِ الهوى ومضتْ
وماتَ – في القلبِ والأسطورةِ – البطل .
ليس البليةُ في أيامنا عجباً
بل السلامةُ فيها أعجب العجبِ .
وبعد : فقد مضت سبعة أشهر والجزيرة – سُرّة السودان – تستباح كل يوم . وسمعنا منك ومن الكباشي والعطا وجابر ومن نائبك عقار مواعيد لتحريرها من النجس . ومضت الأيام والمأساة تتواصل وتتناسل ؛ فظَفِرْنَا بمواعيد عرقوب :
كانت مواعيدُ عرقوبٍ لها مثلاً
وما مواعيدها إلّا الأباطيلُ .
أصبحتم جميعكم كعرقوب .
وعجبت حين سمعت حديثكم عن الانتخابات والبلد تحتلها مليشيات ومرتزقة وأعجب العجب تهافتكم على التفاوض في كل عاصمة .
يحدث هذا والخواجات يسنون سكاكين التدخل بذرائع إنسانية ، وبقرارات من مجلس الأمن ، وعبر تفاوض ظللتم تُهرعون إليه .
أنتم يا سادتي ضباط ؛ مسؤوليتكم الأولى هي التحرير وحماية البلد من المعتدي ، وليس المفاوضات والسياسة . شوفوا شغلتكم .
ثم أنكم تَدَثّرتم بالغموض ، وتركتمونا في ظلام لا ندري ما تمخّضت عنه المنامة ، ولا تزمعونه في جدة تفعلون بنا هذا كأن الأمر لا يعنينا . علماً أننا – جماهير الشعب – أهل الجلد والراس . وما أنتم إلا خداما لشعب كريم.
ولا ندري ما قررتموه بشأن الخونة : جناح الجنجويد السياسي . وهؤلاء أشد خطراً من الجنجويد :
أُثِرَ عن أبراهام لينكولن قوله :
” الذين أكثر سوءاً من الخونة الحاملين للسلاح ، هم أولئك الرجال الذين يتظاهرون بالولاء للعلم ويأكلون ويزدادون شحماً على حساب عثرات الأمة ”
Worse than traitors in arms are the men who, pretending loyalty to the flag, feast and fatten on the misfortunes of the nation.
Abraham Lincoln
نحنا في ظلام ياسعادة الفريق . فأنتم لا تنورون الشعب .نراكم تتجولون شهوراً بين معسكرات الجيش لكننا لم نَرَ طِحِنَاً .
والقيادة يا سيدي : هي الفعل الموثّر وليس المنصب Leadership is Action Not Position
وتشيع أخبار من الفرق العسكرية أنها جاهزة ، وكل ما يؤخرها هو صدور التعليمات للتحرك لتحرير الجزيرة . ولأننا في الظلام فلا ندري أحقٌ ما يُشاع أم باطل !!!
ولأن الظلام يولّد الإشاعات والكلامات : حقّها وباطلها . يشيع بين الناس أنكم تتقاعسون في تحرير الجزيرة لأن الخواجات حذروكم من شن الحرب . وأنهم ألزموكم بانتظار مفاوضات جدة !!!
لعل الذين حولكم يا سعادة الفريق لا يبلغونكم أن الناسَ طفقوا يتبرمون من قيادتكم . وقد لا يُبلغونكم أن ثقة الناس في الجيش قائمة ؛ لكنهم ينحون باللائمة عليكم ؛ واضمحلّت آمال كانوا يعلقونها عليكم جراء تباطأكم وتقاعسكم في حسم العصابة المجرمة . فلا أنتم أمرتم الجيش بالتحرك ، ولا سلحتم الناس ، ولا سمحتم للمقاومة الشعبية ان تحسمهم .
أخذ الناس يقولون في حقكم ما يماثل ما قاله الاسكندر الأكبر ، حين قال :
” إنني لا أخاف من جيش من الأسود يقوده خروف ، لكنني أخاف من جيش من الخراف يقوده أسد ”
“I am not afraid of an Army of lions lead by a sheep; I am afraid of an Army of sheep lead by a lion.”
سيدي البرهان ، ورفاقه الأربعة :
حدث لحزب أردوغان بالأمس ما فيه عبرة لأولي الألباب . علماً أن أردوغان نهض ببلاده من بلاد مدينة إلى بلد دائنه ، وبلغ بها شأواً عظيماً حتى عدّت من أقوى إقتصاديات العالم العشرين ؛ وأصبحت تنتج الطائرات الأحدث وأطلقت الأقمار الصناعية التي صنعتها . لكن كل ذلك لم يشفع له .
ولم يشفع له : لأن الشعوب تتذكر الأخطاء والإخفاقات ، وتنسى النجاحات والانجازات .
ولكم في الإنقاذ عِظة : فقد قلبَ الناس لها ظهر المِجَن في زيادة جنيه في رغيفة ونسوا بناها التحتية غير المسبوقة ، ومرافقها الخدمية التي لا تخطئها عين ، والأمن الذي نعموا به في ظِلّها .
ولتتذكّروا أنّ :
” نصف الناس أعداء للحاكم ؛ هذا إن عدل ”
فماذا سيكون قولهم إن ترك الجزيرة تئن سبعة أشهر ، وهو يرى ؟؟؟
والناصح الأمين هو :
” من صَدَقَكَ لا من صَدَّقَكَ ”

السفير عبد الله الأزرق

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

محيت من الخريطة.. حجم الدمار يصدم العائدين إلى جباليا

في شوارع جباليا التي أصبح من الصعب معرفتها، يعود سكان نزحوا بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة، وسط أنقاض هذا المخيم الواقع شمالي قطاع غزة، "مصدومين" لرؤية مكان "أزيل من الخريطة".

يقول محمد النجار (33 عاما) من مخيم جباليا "فوجئت بحجم الدمار الحاصل بالعدوان الأخير على مخيم جباليا. لا معالم للدور. كلها متداخلة وعبارة عن ركام. لا يوجد شوارع (…) كأن زلزالا حصل، كله انتقام من الناس".

ويضيف "لا مقومات حياة في جباليا، لا مياه ولا طرق ولا خدمات، حتى المستشفيات تم تخريبها وتدمير مولداتها التي تعمل عليها في كمال عدوان".

لم يسلم بيت في جباليا من التخريب (رويترز)

في الأسابيع الأخيرة، نفذ الجيش الإسرائيلي عمليات قصف كثيفة على هذه المنطقة من قطاع غزة.

وشاهد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية، الأيام الأخيرة، تدفق عدد كبير من الفلسطينيين إلى هذا المخيم الواقع في شمال القطاع، الذي تفرض عليه إسرائيل حصارا مطبقا، في محاولة للعثور على منازلهم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

كان رجال ونساء وأطفال يسيرون وسط شارع تنتشر فيه أنقاض مبان مدمرة. بعض العائلات وضعت فُرشا وألواحا من الكرتون على عربات تجرها حمير، في حين حمل آخرون لوازمهم على أكتافهم.

مدرسة تؤوي نازحين في مخيم جباليا لم تسلم من القصف الإسرائيلي (الفرنسية)

لكن رغم الدمار الواسع النطاق، يقول محمد النجار إن السكان "مصرّون" على العودة إلى ديارهم.

ويوضح "لدى الناس إصرار على العودة إلى دورهم وإقامة خيام وعرائش فوق الركام وإعادة الحياة إلى جباليا. هناك خوف من عودة الاحتلال مرة ثانية وثالثة، لكن سنبقى في أرضنا ولن نغادرها".

وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول عدوانا مدمر على قطاع غزة يترافق مع عمليات برية، مما تسبب بسقوط 36 ألفا و379 شهيدا، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة بغزة.

العيش بسلام

والشهر الماضي، قال الجيش الإسرائيلي إن القتال في جباليا "ربما هو الأعنف" منذ بدء الحرب.

وعثر على جثث 7 أسرى محتجزين في المنطقة في مايو/أيار الماضي. وتجدد القتال عندما سيطر الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر.

والجمعة، أعلن الجيش الإسرائيلي أن جنوده "أنهوا مهمتهم" في شرق جباليا.

من جهته، يؤكّد محمد النجار أنه ما زال يسمع أصوات طلقات نارية ونيران المدفعية في الشرق قائلا "نسمع في كل وقت قصفا مدفعيا ورصاصا يطلق من شرق جباليا، الناس سيظلون في المخيم".

لم يبق لها من بيتها إلا الركام (رويترز)

بدوره، يقول محمود عسلية (50 عاما) من جباليا "لم أر حجم الدمار الموجود في جباليا من قبل، فهو دمار ونسف منازل بالكامل في مربعات سكنية. في منطقة جباليا، كل بيت إما أحرق وإما قصف بالمدفعية والدبابات وصواريخ الطائرات أو نسف. ليس هناك بيت إلا تعرض لقصف جيش الاحتلال الإسرائيلي".

ويضيف "عدنا إلى البيت، فرأيناه هيكلا من أعمدة إسمنت مهشمة ومدمرة (…) رغم كل هذا سنبقى في جباليا".

ويتابع "المعارك بين المقاومة والجيش كانت عنيفة والجيش تعرض للأذى وهذا دفعه للانتقام من البيوت والناس العزل. لن نغادر جباليا مهما فعل الاحتلال الإسرائيلي".

من جهتها، تقول سعاد أبو صلاح (47 عاما) من مخيم جباليا "تعبنا من نزوح إلى نزوح. الحرب دمرت حياتنا وحياة أطفالنا. يكفي قصف وضرب وموت (…) جباليا تم محوها من الخريطة".

وتختم "نريد أن نعيش مثل الناس في العالم. نحتاج إلى حل ووقف الحرب والعيش بسلام".

مقالات مشابهة

  • البرهان يتسلم رسالة من رئيس جمهورية جنوب السودان
  • البرهان يتسلم رسالة من سلفاكير ويعلن إستعداد تنفيذ أمر بعد توقف نفط جنوب السودان جراء الحرب
  • طفل غزي يوجّه رسالة مؤثرة عبر الجزيرة مباشر (فيديو)
  • مساعد البرهان يتوعد «الدعم السريع» بضربات عنيفة ويجدد رفض المفاوضات
  • الدعم السريع في الفترة الانتقالية.. التمكين والتمدد العسكري
  • حجم الدمار يصدم الغزيّين العائدين إلى جباليا
  • محيت من الخريطة.. حجم الدمار يصدم العائدين إلى جباليا
  • إنقلاب تصحيح المسار .. بداية سفك الدماء والدمار!
  • «البرهان» يبحث مع لعمامرة حل الأزمة السودانية
  • نِقوش على جِدار الحرب السودانية (5): حكومة بورتسودان