في السنوات الأخيرة بات البحث عن الدواء عمل روتيني لمعظم المرضى اللبنانيين ومحيطهم ومن يعنى بهم، فقطاع الادوية الشرعي سجل تراجعا ملحوظا في عملية الاستيراد، بينما تجارة الادوية المهربة وغير الموثوق بها مزدهرة.     
ويتداول الأطباء بين بعضهم البعض أخبارا حول الأدوية وفعاليتها، وعن عدم تجاوب الكثير من المرضى معها، وخاصة بعد أن تبين في إحدى مستشفيات بيروت أن دواء السرطان لم يعط أية نتيجة على الأطفال، اضافة الى ذلك الأدوية المضادة للالتهابات والمسكنات وأدوية الأعصاب وغيرها ليست ذات فعالية كافية، فالوصفات التي كانت ناجعة أصبحت "غير فعالة"، الأمر الذي ينبئ بكارثة صحيّة خطيرة.

 
في سؤال موجه من "لبنان 24" لنقيب الصيادلة جو سلّوم عن مدى صحة الاخبار المتداولة عن الادوية وجودتها، يقول: "يجب التركيز على أهمية دخول وتسجيل الأدوية المفيدة والجيدة، والأهم هو انشاء مؤسسة تحت اسم الوكالة الوطنية المستقلة التي صدر قانون عن مجلس النواب بتشكيلها منذ ثلاث سنوات، وهي لم تُفَعَّل الى اليوم، والتي من المفترض أن توكل اليها مهام تسجيل الادوية ومراقبة نوعيتها وجودتها واسعارها في الاسواق، بالاضافة الى متابعة ومراقبة الادوية المصنعة محليا، بالتالي الرد على موضوع الادوية "غير الفعالة" يكون  بالاعتماد على تلك الوكالة الوطنية المستقلة".  
ويشير سلوم الى أن "الأدوية "غير الفعالة" قد تكون ذات نوعية متدنية أو مهربة أو مزورة، وما يتوجب علينا عمله هو اعادة النظر والبحث عن حل للمشكلة وليس البحث عن المشكلة".  
وأكدت مصادر طبية أنّ عدداً من أدوية الأمراض المستعصية لم تفد في علاج الكثير من المرضى مما أدى إلى تراجع تدريجي في صحتهم. واشار سلّوم الى أنه "للاسف ما يجري اليوم هو استبدال ادوية الامراض المستعصية بأدوية أخرى تعتبر أقل جودة ومختلفة بتركيبتها عن تلك الأصلية، بالتالي المرضى اللبنانيين أصبحوا تجارب حية على تلك الادوية".  
ويضيف: "علينا دائما البحث عن نوعية جيدة للادوية السرطانية التي تعطى من وزارة الصحة وعن المصدر الموثوق". وعن مصادر تلك الادوية، يقول النقيب: "الأدوية المهربة والمزورة بمجملها تأتي من سوريا وتركيا ومصر وايران وبلدان أخرى".  
ويتابع: "أي صيدلية تتعاطى بأدوية غير مسجلة من وزارة الصحة تتخذ بحقها اجراءات صارمة، اما المستوصفات فهي خارج نطاق مسؤولية الصيدليات، ونحن نتعاون مع النيابة العامة المالية وأمن الدولة، لاجل ملاحقة كافة المخالفات، وبالنسبة لمخالفات المستوصفات فقد يتطلب الامر قرارا سياسيا من الدولة، فهي المسؤولة عن متابعته".  
وفي سؤال لسلوم عمّا اذا كانت الادوية المهرّبة تشكل منافسة حقيقية للصيدليات، أجاب: "بالتأكيد هي منافسة وخصوصا الصيدليات غير الشرعية والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تقوم ببيع الادوية المزوّرة علنا، وهذا أمر خطير قد يؤدي الى الفشل في علاج المريض".   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

من مرضاكم من هم أولياء وصالحون

في مسيرتي الطبية، وخاصة خلال عملي في مستشفى الشعب التعليمي بالخرطوم، تعلمت من أستاذي بروفيسور داوود مصطفى – رحمه الله – أن علاقة الطبيب بالمريض لا تقتصر على التشخيص والعلاج فحسب، بل هي علاقة إنسانية وإيمانية قد تصلك بأبواب الرحمة وأسرار القبول عند الله.

كنت معتادًا على المرور اليومي على المرضى في عنابر الباطنية والمخ والأعصاب ثلاث مرات: صباحًا في الثامنة، ظهرًا في الثانية، ثم مرور المساء بعد العيادة، ولو كان ذلك في منتصف الليل.
وذات مرة، كان من بين المرضى رجل بسيط المظهر، فقير الحال، يرافقه ابنه وزوجته، كان دائم الذكر، لا تفارق يده المسبحة، وكان كلما زرته دعاني بدعاء .

وفي أحد أيام الجمعة، بعد الصلاة، ذهبت كعادتي لزيارة المرضى، فوجدت سريره خاليًا. علمت أنه تُوفي. وبما أنني كنت أعلم أنه من سكان أمبدة، ذهبت إلى مقابر حمد النيل، القريبة من منزلي، علّي أصادف دفنه، وكانت فرصة لزيارة قبرَي والديّ رحمهما الله.

ما إن دخلت المقابر حتى رأيت جمعًا غفيرًا، يفوق الألف، يشيّعون جنازة. قلت في نفسي: هذه منازل رحمة، فأشركت نفسي في الصلاة والدفن. بعد ذلك، رأيت عددًا من الشيوخ أعرفهم، ملتفين حول صبي يواسونه. اقتربت منهم، فإذا بالصبي هو ابن ذلك المريض الذي كان يرقد عندي في المستشفى.

قرأنا الفاتحة معًا، واحتضنني الصبي وبكى بحرقة حتى تحيّر من حولي. ثم ألقى كلمة مؤثرة أمام الجموع، تحدث فيها عن والده، وشكرني على حسن معاملتي له. عندها اقترب مني شيخ جليل أعرفه، وقال لي: “بعد صلاة الجمعة، غلبني النوم، فرأيت هاتفًا يقول: إن رجلًا من الصالحين سيُدفن اليوم في مقابر حمد النيل، فجئتُ ومعي أكثر من ثلاثمائة من حفظة كتاب الله”.

وقفت لحظتها وأنا مشدوه، أحمد الله على أن شرفني بخدمة هذا الرجل، وأكرمني بحضور جنازته، بل وبأن أُدفن في ذاكرته كطبيب أحسن إليه.

رسالتي لأبنائي الأطباء:
لا تنظروا إلى المريض بعيون المهنة فقط، بل انظروا إليه بعيون القلب والنية. بين مرضاكم من هم أولياء لله لا تعلمونهم، لكن الله يعلمهم. فكونوا رحماء، مخلصين، مراعين لحالهم، فرب دعوة من مريض تُفتح بها لك أبواب السماء، ورب ابتسامة صادقة تُكتب في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون.

واعلموا أن الطب، حين يقترن بالإيمان، يصبح عبادة لا تقل عن قيام الليل، بل قد تفوقه إذا أُخلصت النية.
د.ابشر حسين

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تفاصيل غرق شاب في الرياح التي بالدقهلية والانقاذ النهري يبحث عن الجثمان
  • الرئيس اللبناني: لا تراجع عن نزع السلاح من الفصائل اللبنانية والفلسطينية
  • إجراءات جديدة في مطار بيروت.. هل تحد الحكومة اللبنانية من نفوذ حزب الله؟
  • خبير اقتصادي : خفض الفائدة يُنشّط السوق.. لكن احذروا التضخم | فيديو
  • من مرضاكم من هم أولياء وصالحون
  • أفرام التقى البخاري.. وهذا ما قيل عن العلاقات اللبنانية - السعودية
  • الجامعة اللبنانية ووزارة الاقتصاد تبحثان تعزيز التعاون في مجال الملكية الفكرية
  • الصحة العالمية: إمدادات الأدوية تنفد بسرعة مع تزايد القصف الصهيوني على غزة
  • قدماء القوى المسلحة اللبنانية: لتكثيف الجهود العربية لتطبيق القرار 1701 وإعادة إعمار لبنان
  • الهدنة اللبنانية... لئلّا تصيبها اللعنة!