تشهد المنطقة تطورات لافتة على صعيد العلاقات بين سوريا والاحتلال الإسرائيلي، مع بروز تقارير  تتحدث عن محادثات تمهيدية يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بهدف التوصل إلى اتفاق بين الجانبين، قد يشكل مدخلاً لاتفاق سلام شامل لاحقاً. 

وبينما يصر الاحتلال الإسرائيلي على بقاء سيادته على الجولان كشرط أساسي، تتحدث دمشق عن التزامها باتفاقية فصل القوات لعام 1974، ورفضها للاعتداءات الإسرائيلية على أراضيها.



وتتزامن هذه التقارير مع رفع وزارة الخزانة الأمريكية، العقوبات عن 518 شخصية وكياناً سورياً، وُصفوا بأنهم "بالغو الأهمية لتنمية البلاد وإعادة بناء النسيج الاجتماعي"، وذلك بموجب أمر تنفيذي وقعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنهى بموجبه العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا منذ سنوات. 

محادثات أولية.. دون إعلان رسمي
بحسب تقرير نشره موقع "أكسيوس" الإخباري، فإن إدارة ترامب شرعت بالفعل في إجراء محادثات تمهيدية بين الاحتلال الإسرائيلي وسوريا بهدف التوصل إلى اتفاق أمني، على أن يتم ذلك بصورة تدريجية.
 
ونقل الموقع عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين قولهم إن الغرض من هذه المحادثات لا يتمثل في التطبيع المباشر، بل في خفض التصعيد وضمان أمن الحدود، لا سيما في منطقة الجولان.

ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن الهدف الأولي للاحتلال الإسرائيلي يتمثل في تحديث اتفاقية فصل القوات الموقعة عام 1974، والتي ترسم حدود منطقة عازلة ومنزوعة السلاح بين الطرفين. 

كما أشارت التقارير إلى أن الحكومة الإسرائيلية تستخدم الأراضي التي احتلتها بعد سقوط نظام الأسد كورقة ضغط خلال المفاوضات، بما في ذلك جبل الشيخ، وتطالب بعدم الانسحاب منها إلا مقابل اتفاق سلام كامل.

الاحتلال يضع الجولان شرطاً للتطبيع
في تصريحات رسمية، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن أي تطبيع مع سوريا يجب أن يضمن بقاء الاحتلال الإسرائيلي في الجولان. 

وقال خلال مؤتمر صحفي بالقدس المحتلة إن بلاده "فرضت قوانينها على الجولان منذ أكثر من 40 عاماً، وإن الهضبة ستبقى جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل في أي اتفاق سلام مستقبلي".

كما أشار ساعر إلى أن الاحتلال يسعى لتوسيع دائرة التطبيع لتشمل سوريا ولبنان، لكنها تشدد في المقابل على حماية "مصالحها الأمنية الحيوية"، في إشارة إلى التمسك بالجولان ورفض الانسحاب منها.

ويذكر أن الرئيس الأمريكي الذي قاد عملية "اتفاقات أبراهام" عام 2020 بين الاحتلال الإسرائيلي وعدة دول عربية، عبّر عن دعمه لمحادثات السلام مع دمشق. 

وفي مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، أشار ترامب إلى أنه لا يعلم موقف الحكومة السورية الحالية من الانضمام إلى اتفاقيات التطبيع، لكنه يدعم أي مساعٍ لتحقيق السلام الإقليمي، خاصة في ظل الحرب المستمرة في غزة.

During a recent Fox News interview, Trump said they are "loading up" more countries into the Abraham Accords, stating that "Iran was the primary problem."

However, he did not confirm whether Syria would be among those acclaimed countries. pic.twitter.com/UoWzYTalsG — Quds News Network (@QudsNen) June 29, 2025
في 26 آذار/ مارس 2019، أعلن ترامب٬ الاعتراف رسميا، بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على  الجولان. وجاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك جمعه مع  رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن. قال ترامب إن قرار الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان "كان لابد اتخاذه من خلال عدة رؤساء سابقين للولايات المتحدة".

وبحسب قناة "آي 24 نيوز" الإسرائيلية، فإن ترامب يمارس ضغوطاً على نتنياهو للمضي قدماً في الاتفاق مع دمشق، معتبراً أن ذلك سيكون خطوة إضافية في توسيع دائرة اتفاقات أبراهام.


اتفاقيات مرحلية واستراتيجية متدرجة
نقلت القناة 12 العبرية عن مصادر سورية قولها إن المحادثات الجارية تهدف إلى التوصل أولاً إلى اتفاق أمني وعسكري، يتضمن الالتزام باتفاقية فصل القوات لعام 1974. 

وأضافت أن المرحلة التالية قد تشمل بحث مستقبل الجولان، مع استعداد سوري لإظهار "مرونة مشروطة".

ووفق نفس المصادر، فإن الرئيس السوري أحمد الشرع أبدى خلال لقاءاته مع ترامب والمبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك، رغبة واضحة في التوصل إلى اتفاق سلام، لكنه ربط ذلك بتسوية إقليمية شاملة تتضمن ضمانات دولية واحترام سيادة سوريا ووحدتها.

مطالب سورية وشروط سياسية
وبحسب تقارير القناة العبرية، فإن الموقف السوري الرسمي  يشمل مطالب واضحة تتضمن انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي التي احتلتها بعد كانون الأول/ديسمبر 2024، ووقف الغارات الجوية على مناطق جنوب سوريا، خصوصاً في القنيطرة، إضافة إلى وقف التدخل في شؤون الطوائف والمكونات السورية.

كما طالبت دمشق بعدم تهديد حكم الرئيس الشرع، والاعتراف بوحدة الأراضي السورية، ووقف أي محاولات لإعادة ترسيم النفوذ في الجنوب.

الحاخام كوبر في دمشق
من اللافت في هذا المسار بروز دور شخصيات دينية يهودية ومسيحية في لعب أدوار خلفية تمهيدية. فقد زار الحاخام اليهودي أبراهام كوبر، برفقة القس الأمريكي جوني مور، دمشق منتصف حزيران/يونيو الماضي، والتقيا الرئيس الشرع ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، بعد لقاء سابق في نيويورك.

وفي مقابلة مع مجلة "المجلة"، قال كوبر إن الرئيس الشرع "يمتلك رؤية استراتيجية لسوريا الجديدة، تقوم على الانفتاح والتعددية، وإنه يسعى لإخراج بلاده من دائرة الدول المعادية".

وأكد كوبر أن الرئيس ترامب قد يكون الطرف الوحيد القادر على دفع الطرفين إلى توقيع اتفاق سلام، وقال: "إذا دعا ترامب الزعيمين إلى واشنطن واحتضنهما، يمكن توقيع اتفاق أبراهام جديد في وقت قريب".

الاحتلال لا يكف عن التوغل 
رغم المسار السياسي، تتواصل الانتهاكات الإسرائيلية في جنوب سوريا، خاصة في محافظة القنيطرة، حيث أفادت تقارير محلية بتوغلات إسرائيلية يومية في قرى المنطقة. 

وشهدت بلدة الرويحينية توغلاً لقوات الاحتلال مساء أمس الإثنين، تخلله اقتحام لمنازل مدنيين، في وقت لم تصدر فيه السلطات السورية أي بيان رسمي.

كما دخلت دورية إسرائيلية إلى مدينة السلام (البعث سابقاً)، وتمركزت مؤقتاً قرب مبنى المحافظة قبل الانسحاب باتجاه نقطة عسكرية إسرائيلية قرب بلدة الحميدية، من دون أي اشتباك مع الأهالي.


قوة "أوندوف" تحت المجهر
وفي ظل هذه التطورات، قرر مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك بين سوريا والاحتلال الإسرائيلي (أوندوف) لمدة ستة أشهر إضافية. 

مجلس الأمن يمدد ولاية قوة #الأمم_المتحدة في #الجولان السوري “أوندوف”

???? https://t.co/2afn4mw1bT#سانا pic.twitter.com/A4NkDEXI7Q — الوكالة العربية السورية للأنباء - سانا (@Sana__gov) June 30, 2025
إلا أن سكان المناطق الحدودية أبدوا استياءهم من أداء القوة الأممية، واتهموها بالتقصير، خصوصاً بعد انسحابها من مواقع عديدة.

وبين التطلعات الإسرائيلية للتطبيع والتمسك السوري بالشروط السياسية، تبدو الطريق نحو اتفاق محفوفة بالعقبات. وإذا كان التوصل إلى اتفاق أمني أولي ممكناً خلال العام الجاري، فإن مستقبل الجولان لا يزال نقطة خلاف رئيسية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سوريا ترامب التطبيع نتنياهو الشرع سوريا نتنياهو تطبيع الشرع ترامب المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی التوصل إلى اتفاق اتفاق سلام

إقرأ أيضاً:

خبير سياسي: سوريا وإسرائيل.. توتر مستمر وضربات متفرقة دون إعلان حرب

في ظل موجة التوتر المتصاعد بين سوريا وإسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة، تتزايد الأسئلة حول ما إذا كانت المنطقة مقبلة على مواجهة عسكرية جديدة أم أن الأمور ستتوقف عند حدود الرسائل المتبادلة والضربات المحدودة. 

وفي قراءة تحليلية للمشهد الراهن، قدم الخبير السياسي كمال ريان رؤية شاملة للأوضاع، كاشفًا موازين القوى، وحقيقة استعداد الأطراف، وحدود ما يمكن أن يصل إليه التصعيد الحالي. 

كمال ريان: “أرض الجولان تهتز… والتصعيد يلوح في الأفق

قال الخبير السياسي كمال ريان في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد إن التطورات الأخيرة في المنطقة تشير إلى أن احتمال التصعيد بين سوريا وإسرائيل ليس مستبعدًا، لكنه شدد في الوقت نفسه على أنه لا يرى أن الأمور تتجه نحو حرب وشيكة بين الجانبين.

وأوضح ريان أن سوريا لا تبدو راغبة ولا مستعدة   في حرب في هذه المرحلة ، خاصة أنها تمر و تعبيره ـ بمرحلة إعادة بناء الدولة والجيش والاقتصاد والمجتمع، إلى جانب معالجة الملفات الداخلية والخلافات في بعض المناطق مثل مناطق سيطرة “قسد”.

وأكد أن تصريحات المسؤولين السوريين خلال الفترة الأخيرة تعكس بوضوح عدم وجود نية للدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل.

وأضاف ريان أن الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية تكررت مؤخرًا، إلى جانب استمرار الاحتلال في الجولان منذ عام 1967، مشيرًا إلى أن دمشق تكتفي بالمطالبة باستعادة أراضيها دون اللجوء إلى التصعيد العسكري.

ما وأشارع إلى أن تصريحات أحد الوزراء الإسرائيليين بأن “الحرب على سوريا باتت حتمية” جاءت في سياق التهديد والضغط السياسي الداخلي، معتبرًا أنها لا تعكس قرارًا حقيقيًا بالحرب.

ولفت ريان إلى أن العلاقات بين سوريا وإسرائيل لم تشهد هدوءًا كاملًا منذ احتلال الجولان، لكنها في الوقت ذاته لم تصل إلى مرحلة الحرب الشاملة منذ حرب 1973، موضحًا أن ما يجري هو “توتر دائم وضربات متفرقة”.

وكشف ريان أن بعض الأطراف داخل إسرائيل تربط بين التحركات المسلحة في جنوب سوريا وبين عدم الاستقرار الأمني، في محاولة لاستخدام ذلك كـ “مبرر للتصعيد أو التوسع داخل الأراضي السورية”.

 وأشار إلى تصريحات رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع الذي  في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل قبل حسم مصير الجولان، مشددًا على أن "هذه أرض محتلة ولا يمكن التطبيع قبل استعادتها”.

وقال ريان إن تحركات دبلوماسية سابقة ومفاوضات أمنية جرت بين الطرفين تعكس وجود رغبة في “تثبيت الوضع الأمني” بدلًا من التصعيد، موضحًا أن هناك حديثًا عن اتفاق أمني محتمل قبل نهاية العام لوقف الضربات الإسرائيلية داخل سوريا، لكنه أكد أنه لا توجد معلومات مؤكدة حتى الآن.

واختتم كمال ريان تصريحاته بالتأكيد على أن الوضع الحالي بين سوريا وإسرائيل يمثل “توازنًا هشًا”، يتمثل في تجاذبات أمنية وضربات إسرائيلية متفرقة وتوتر مستمر، لكنه شدد على أنه لا توجد مؤشرات حقيقية على حرب شاملة وشيكة بين الطرفين


 

طباعة شارك سوريا الضربات الإسرائيلية أحمد الشرع الأراضي السورية الضغط السياسي

مقالات مشابهة

  • روبيو يبحث مع وزير الخارجية الإسرائيلي تنفيذ خطة ترامب بشأن غزة
  • الجبهة تشتعل .. أين يقف التوتر بين سوريا وإسرائيل؟
  • خبير سياسي: سوريا وإسرائيل.. توتر مستمر وضربات متفرقة دون إعلان حرب
  • الخارجية الأمريكية: روبيو بحث مع نظيره الإسرائيلي الوضع في سوريا ولبنان
  • ساعر: نريد اتفاقًا أمنيًا مع سوريا لكن الفجوة الآن زادت
  • طائرات إسرائيلية تحلق فوق حمص وحماة وسط سوريا
  • حقيقة اقتراب رافينيا من الانتقال إلى الدوري السعودي
  • سيناريوهات ما بعد مادورو.. إدارة ترامب تضع خطة سرية عقب رحيل الرئيس الفنزويلي
  • أزمة تفاقم بين محمد صلاح وليفربول بسبب مفاوضات سرية مع أندية سعودية
  • ذا ناشيونال: إسرائيل تسعى لإبتلاع جنوب سوريا متجاهلة ضغوط ترامب للتقارب مع الشرع