تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
للعام الرابع على التوالي، وفي وسط الزخم الدرامي والفني في شهر رمضان، حرصت الدراما المصرية على تواجد عمل فني وطني في إطار ترفيهي تشويقي يجذب المشاهد المصري خصوصًا والعربي بشكل عام. وبدا ذلك وكأنه "خطة" منظمة من الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لتشكيل الوعي وتصحيحه خلال فترة سياسية حرجة مسَّت الداخل المصري في عديد من القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية والمجتمعية.
ولكن هذا العام، تخطت السياق المحلي لتأخذ الشركة المتحدة مهمة التوعية بالقضية الفلسطينية وسط سياقها التاريخي وتداعياتها الإنسانية على الأسر الفلسطينية، فوسط "المهرجان الدرامي" المعتاد في رمضان، لم تغب القضية الفلسطينية عن وجدان المصريين ولا عن فنّهم.
الفن السياسي
يرى المتخصصون في مجال الإعلام السياسي أن كل إعلام -أيًا كان أداته وشكله- هو إعلام موجًّه، حتى نشرة الأخبار المجردة من الرأي هي إعلام موجه من حيث زاوية تناول الخبر والألفاظ المستخدمة في نقله، ولا يغفل عن أي منّا أننا أصبحنا وسط سيل من الأفكار التي يتم بثها والتي منها الإيجابي الهادف ومنها السلبي المسموم المغلًّف في عدة أطر وأشكال تؤثر على أجيالنا وأفكارهم ومعتقداتهم.
لا اختلاف على أن الفن – بكافة أشكاله- مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالسياسة، وللفن السياسي نوعان: الفن الملتزم وهو الفن الذي يعبر عن أيديولوجية ما ويرتبط بمناسبات وطنية، والفن الغير ملتزم المتجرد من الأيديولوجية حيث يتعامل مع القضايا الوطنية بوصفها أداة لنيل الخلاص والحرية؛ لا أنها قضايا مكتملة البناء والأركان.
ويعد الفن النواة الثقافية لكافة الشعوب، فهو الأداة الإبداعية التي تعكس العادات والتقاليد ونمط الحياة الاجتماعية والأيديولوجيات السياسية، وفي أحلك الظروف وأشد الأزمات يأتي الفن بأنواعه كمخرج تلجأ إليه الشعوب للتعبير عن نفسها.
"مليحة" المصرية و"فوضى" الإسرائيلية:
لكل صاحب رأي واتجاه حرية طرح رأيه من زاوية التناول التي يراها صحيحة سواء المراد بها تخليد قصص أبطال وطنيين أو تصحيح مفاهيم ما أو التعبير عن وجهة النظر تجاه قضايا معينة، أو حتى رسم صورة ذهنية مضللة في شكل جذاب يقنع به جمهوره المستهدف، وهو ما تجلى في مسلسل "فوضى" الإسرائيلي، الذي تم عرض الجزء الأول له عام 2015 على أحد منصات المشاهدة.
والمسلسل يعد دراما عسكرية إنسانية عرضت بشكل مؤثر وحبكة درامية مُصاغة بإتقان وإنتاج ضخم بهدف عرض رسائل سياسية تخدم وجهة النظر الإسرائيلية وتوضح نظرتها تجاه حزب الله وإيران وحركة الجهاد الإسلامي، وسط سياق خادع لإبراز "إنسانية" و"نُبل" المقاتلين الإسرائليين المنتمين للوحدة العسكرية السرية "مستعرفيم/ المستعربون" ومدى لا أخلاقية الفلسطينيين، واستخدم القائمون على المسلسل كل ما آتاهم من قدرات إقناعية لتحويل صاحب الحق إلى "السيء في رواية احدهم"!.
بينما في مسلسل "مليحة" الذي يُعرض حاليًا، تم عرض قصة درامية إنسانية في ضوء أحداث حقيقية عاصرها "أصحاب الأرض" من معاناتهم في ظل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وعمليات تدمير منازلهم وتهجيرهم. فجاءت قصة "مليحة" الفتاة الفلسطينية التي رحلت عن أرضها ووطنها مع عائلتها إبان أحداث الانتفاضة عام 2000 وسط الحلم الدائم لكل صاحب حق بالعودة للمنزل والوطن.
وجاء السرد الروائي في بداية الحلقات للمسلسل شديد التميز والتأثير، والذي عرض لمحات "صادقة" من تاريخ القضية الفلسطينية، لذلك أصبح هناك ترقب وانتظار من وسائل الإعلام الإسرائيلية للمسلسل منذ اللحظة الأولى التي تم فيها الإعلان عنه.
أصحاب الأرض.. أبطال الرواية
أن يكون هناك عمل فني وطني يعرض قضية ما من زاوية تناول محددة لا هو بالسُبة أو الوصمة التي يمكن أن ننتقد بها صاحب أيديولوجية، بل هو ضرورة وواجب وطني أخذته الشركة المتحدة على عاتقها سواء لكي تعرض به قصص مُلهمة ونماذج مُشرفة لأبطال وطنيين، أو لتعبر عن وجهة نظر الحق لـ"أصحاب الأرض" وأن يكونوا هم أصحاب الرواية الحقيقية الصادقة مهما حاول إعلام آخر مضلل أن يثبت العكس، خاصة أننا نعيش الآن واقع وظرف سياسي خاص، وإزاء تطورات مختلفة كليًا للقضية الفلسطينية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الشركة المتحدة الدراما المصرية القضية الفلسطينية أصحاب الأرض
إقرأ أيضاً:
ورقة تحليلية: فجوة كبيرة بين الرواية الإسرائيلية وأعداد قتلى جيش الاحتلال في غزة
غزة - صفا
كشف مركز الدراسات السياسية والتنموية يوم الاثنين، في ورقة تحليلية حديثة عن وجود فجوة خطيرة بين الرواية الرسمية الإسرائيلية وأعداد القتلى الفعليين في صفوف جيش الاحتلال خلال الحرب على قطاع غزة، والتي اندلعت في 7 أكتوبر 2023.
وبحسب الورقة التي جاءت بعنوان: "مؤشرات ارتفاع قتلى جيش الاحتلال خلال 'طوفان الأقصى': تحليل وإعادة تقييم الرواية الإسرائيلية"، فإن "إسرائيل" تعتمد على سياسة إعلامية متعمدة للتعتيم على الخسائر البشرية، عبر استخدام أساليب مثل التصنيف الغامض لحالات الوفاة، وإخفاء الهويات العسكرية، وتنظيم جنازات سرية، في محاولة لاحتواء التداعيات النفسية على الجبهة الداخلية.
واستندت الورقة إلى تقارير ميدانية وشهادات جنود وتسريبات عبرية، لتقدير عدد القتلى بين 1000 و1300 جندي، مقارنة بالرقم الرسمي الذي لا يتجاوز 900 قتيل، مشيرةً إلى مؤشرات بارزة على هذا التعتيم، أبرزها:
تزايد التصنيف تحت بند "الموت غير القتالي"، ودفن الجنود دون إعلان أو تغطية إعلامية، وتسريبات عن وجود قتلى مصنّفين كمفقودين، وتغييب متعمّد للأسماء والرتب العسكرية في الإعلام الرسمي.
وأكدت الورقة أن هذه الفجوة لا تعكس فقط خللاً في المعلومات، بل تعكس أزمة هيكلية في منظومة الحرب والإعلام الإسرائيلي، مشيرة إلى أن استمرار الحرب وتزايد أعداد القتلى يهددان بتفكيك الجبهة الداخلية وتفاقم أزمة الثقة بين الجيش والمجتمع، ما ينذر بتصاعد الاحتجاجات داخل المؤسسة العسكرية.
وقدّم المركز توصيات للاستفادة من هذه المعطيات، من بينها، ضرورة إنشاء قاعدة بيانات موثوقة لرصد قتلى الاحتلال، وتوظيف الشهادات والتسريبات في بناء رواية إعلامية فلسطينية مضادة، وإنتاج محتوى إعلامي عربي ودولي يبرز كلفة الحرب البشرية، ودعم الخطاب السياسي الفلسطيني ببيانات تُبرز فشل الاحتلال رغم الخسائر.
وحذّرت الورقة من أن الأعداد الحقيقية للقتلى تمثل "قنبلة موقوتة" قد تُفجّر المشهد السياسي والأمني داخل الكيان الإسرائيلي، في ظل الانقسام الداخلي وتآكل صورة "الجيش الذي لا يُقهر".